جيمس زغبي : التعامل مع إيران

05-02-2012

جيمس زغبي : التعامل مع إيران

الجمل ـ جيمس زغبي ـ ترجمة عاصم مظلوم : الولايات المتحدة مشلولة نتيجة أوضاعها الداخلية. لا أحد على عتبة الانتخابات الرئاسية يريد أن يظهر بمظهر المنتقد لإسرائيل، ومع وجود مخاوف من توجيه اسرائيل ضربة عسكرية من جهة واحدة تتراوح تصريحات المسؤولين الأمريكيين ومرشحي الرئاسة بين التحذير الخجول والدعم اللامحدود لأي تحرك قد تقوم به اسرائيل.

صحيفة نيويرك تايمز نشرت الأسبوع الماضي تحقيقا يناقش الحسابات الاسرائيلية حول توجيه ضربة عسكرية لإيران أم لا، والجواب يتعلق بالأجوبة على سلسلة من الأسئلة، هل اسرائيل قادرة على تحمل رد الفعل الايراني، هل يمكنها الاعتماد على تفويض ضمني أمريكي، والعديد من الأسئلة الأخرى. قد تلجأ اسرائيل إلى هذا الخيار عندما تكون كافة الأجوبة إيجابية. أما إيران، التي يبدو أنها تستمتع بالاهتمام الذي تناله، فقد لجأت إلى سلسلة من التحركات الاستفزازية ولهجة متصاعدة بشكل كبير. مفاعل بوشهر النووي

في خضم هذه اللعبة المميتة هناك العديد من المسائل الهامة التي يجب أخذها بعين الاعتبار، لكن في النتيجة، يبدو أن لا أحد يهتم بها.
أولا، هل إيران فعلا تسير باتجاه صناعة القنبلة؟ تقرير وكالة الطاقة الذرية الأخير وبالرغم من الجهود التي بذلت لتحريف نتائجه لم يكن قاطعا من ناحية تأكيد ذلك.

ثانيا، دراسة الطبيعة الفعلية للتهديد الذي تشكله إيران النووية. في حين تقوم اسرائيل بتصوير نفسها تتعرض لخطر الإبادة من إيران، هذا التصوير هو مجرد هراء. فالهجمة الإيرانية على اسرائيل قد تعني قيام إيران بتوقيع شهادة موتها. مجرد التفكير بالأمر شيء مرعب، لكن الواقع يقول أن هجمة نووية من هذا النوع على أي بقعة من اسرائيل تعني هلاك عشرات الألوف من الأبرياء العرب واليهود، بالإضافة إلى نشر الموت والتشوه في دائرة كبيرة تطال مئات الآلاف من الأشخاص الآخرين في البلدان المجاورة (حسب اتجاه الريح، مصر، لبنان، سورية، الأردن أو الأراضي الفلسطينية المحتلة). بكلمات أخرى، في المحصلة النهائية لهكذا هجمة لن تتدمر إيران وحدها، بل سيصبح مصيرها محتوما في العالمين العربي والاسلامي إلى الأبد وهذا أمر يستحيل أن يغيب عن تفكير القيادة الإيرانية، إذا، الجواب هو: لن تكون إيران البادئة بتوجيه هكذا ضربة!

المساعي الايرانية الحقيقية ترتبط بلعبة خطيرة أساسها التبجح والتباهي. هذه المساعي تستهدف جمهور دول الخليج كافة، ففي مساعيها الأخيرة لتصوير "الربيع العربي" على أنه نوع من "الصحوة الاسلامية" التي تقودها الجمهورية الاسلامية الإيرانية مثال على ذلك، ومازال الإيرانيين يسعون للاستفادة من الغضب العربي الموجه إلى الغرب عبر تصوير أنفسهم كحماة للغضب العربي الموجه ضد محاور الامبريالية والصهيونية.

في هذه اللعبة، فإن اسرائيل عبر قرعها لطبول الحرب، والهيجان الأمريكي المعلن يصبان في مصلحة إيران. عبر المبالغة في التهديد الذي تمثله إيران، وعبر التظاهر بأنها خطر يوازي خطر ألمانيا النازية على الاتحاد السوفيتي، نجح الغرب فقط في منح الإيرانيين ما يريدونه أكثر من أي شيء آخر، المبالغة في تصويرهم كقوة حقيقية على الجميع أن يخاف منها.

بالطبع الجمهورية الإيرانية قوة خطرة، لكن القلق هو من الخطاب الناري المتصاعد من كافة الأطراف، وهو يشكل خطرا بحد ذاته، فالمنطقة برميل من البارود، والجميع منشغل بإشعال أعواد الثقاب ولا أحد يفكر بعواقب ما يقوم به!

الأفضل الابتعاد عن لغة التهديد التي تزيد من تصلب إيران، والتوجه نحو إجراءات أكثر مباشرة (تم اللجوء إلى القليل منها)، كعقوبات مستمرة وموجهة(ولهذا تأثير حقيقي) والتقليل من السخرية. لم لا يسأل أحدهم قادة إيران، ما فائدة برنامجكم النووي واستفزازاتكم المتواصلة؟ هل ستطعم شعبكم، أو تعيد بناء البنية التحتية المتداعية والمهملة، أو تمنح الأمل للعاطلين عن العمل، أو تأمين دور لكم بين الأمم؟ وبدلا من أن نلعب معهم بلعبة يتقنوها إلى حد بعيد، من الأفضل أن نعيدهم إلى حجمهم الطبيعي.

هناك دروس يجب أن نتعلمها كي نتمكن من تفادي مواجهة الجميع خاسر فيها. هناك يطالب في الولايات المتحدة بتوجيه ضربة مذكرا بالضربة التي وجهتها اسرئيل إلى العراق عام 1981، متناسيا عن عمد خدمة لأهداف سرية أن الضربة لم تردع صدام حسين. في العقدين التاليين للضربة دخل العراق وإيران في حرب دموية انهكت الطرفين، وكان غزو الكويت من نتائج تلك الحرب وكذلك كل التداعيات التي تلت ذلك. وكان هناك أيضا الغزو الاسرئيلي المتكرر للبنان وحملات القصف التي لاتنتهي والتي أدت إلى تدمير البلد، وهذا أدى إلى نشوء حزب الله وتصاعد قوته. أو الحرب التي شنتها اسرئيل على غزة والحصار الخانق التي فرضته عليها والذي إدى إلى نشر الموت والخراب، مما زاد من الحقد والضغينة وعمق الخلافات الفلسطينية، والنتيجة أصبح البحث عن السلام أكثر صعوبة.

الخلاصة: الحكمة تقتضي وقف التهديدات المتصاعدة بمهاجمة إيران، الاعتراف بالخطر الحقيقي الذي تمثله إيران على شعبها وجيرانها، عدم صب الزيت على نار لعبة عض الأصابع الإيرانية-الاسرائيلية لأن عواقب رقصة الموت التي تؤديانها لن تؤثر عليهما فقط، بل على الآخرين أيضا، ووضع خطة عاقلة للتعامل مع المشكلة التي يجب أن يتم التعامل معها وهي مشكلة لا تحل أو تختفي بالقصف أو التهديد!

الجمل: قسم الترجمة




التعليقات

كثير من السذاجة وضعها الكاتب في مقال واحد. لا علاقة للنوايا الخبيثة أو الطيبة بالأمور السياسية, و لو كان الإيرانيون ملائكة بأجنحة ولو سجدوا للأمريكيين لن ينفعهم ذلك.. لأنهم ينامون على بحر غاز و بحر بترول و يملكون نصف نفط بحر قزوين الأغـــــــــلى في العالم... و يقعون على بوابة تغلق هرمز و تغلق الطريق إلى وسط آسيا و الأسوء أنهم يبيعون النفط للصين..... و الله لن تتركهم أمريكا لو ضحت بكل جنود الجيش الأمريكي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...