جدول أعمال دبلوماسية خط لندن-موسكو في لقاء لافروف-ميلباند

03-11-2009

جدول أعمال دبلوماسية خط لندن-موسكو في لقاء لافروف-ميلباند

الجمل: شهد يوم أمس الاثنين 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 تطوراً دبلوماسياً فائق الأهمية، تمثل في انعقاد لقاء وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميلباند، وتشير المعطيات والوقائع الجارية إلى أن هذا اللقاء سوف تكون له دلالاته العميقة في مجرى التطورات الحالية.
* جدول أعمال دبلوماسية خط لندن-موسكو:ميلباند ولافروف في موسكو
تقول المعلومات بأن لقاء لافروف-ميلباند الذي تمّ في موسكو قد تعرض بالنقاش والحوار إزاء جملة من القضايا والمسائل وكان من أبرزها:
• التطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط.
• قضايا تبادل تسليم المجرمين والمتهمين.
وأضافت المعلومات، بأن لقاء لافروف-ميلباند قد أصدر بياناً مشتركاً طالب فيه الطرفان إيران بالاستجابة لاقتراح وكالة الطاقة الذرية العلمية القائل بقيام إيران بتسليم مخزوناتها من اليورانيوم المنخفض التخصيب (بنسبة نقاء 5%) إلى البلدان الأخرى المعنية دولياً بتخصيب اليورانيوم، لكي تقوم بتطوير مستوى تخصيبه ضمن مستويات أعلى، وبعد ذلك يتم تسليم إيران ما يكفي لحاجتها من اليورانيوم المرتفع التخصيب (بنسبة نقاء 20%) لكي تستخدمه كوقودٍ نووي في مفاعلاتها النووية المخصصة للأغراض السلمية-المدنية.
* القيمة الاستراتيجية للقاء لافروف-ميلباند:
خلال الفترات والمراحل الماضية، لم تكن علاقات موسكو-لندن تسير على وتيرةٍ واحدة، وكانت في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية تشهد المزيد من فترات التعاون والصراع، ولكن خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت مسيرة علاقات موسكو-لندن تسير على نسق خطوط المواجهة في الحرب الباردة، ضمن مرحليتها الأولى المرتفعة الشدة، والثانية المنخفضة الشدة.
ظلّت لندن تقف دائماً إلى جانب واشنطن في الصراع ضد موسكو، وإضافةً لذلك، فقد ظلت لندن تلعب دور حصان طروادة الأمريكي داخل القارة الأوروبية، وذلك بحجة قيام لندن بعمليات قطع الطريق أمام احتمالات قيام العواصم الأوروبية الأخرى بتطوير العلاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف مع موسكو.
على أساس اعتبارات القيمة الاستراتيجية، يمكن النظر إلى لقاء لافروف-ميلباند وفقاً للنقاط الآتية:
• بدأت دول الاتحاد الأوروبي أكثر ميلاً وسعياً لجهة الاعتماد على إمدادات النفط والغاز القادمة من روسيا.
• تزايدت وتائر العلاقات الروسية-الألمانية، ولما كانت ألمانيا تمثل الدولة الأقوى اقتصادياً في أوروبا، والتي في نفس الوقت، تسيطر اقتصادياً على دول شرق ووسط أوروبا، فإن بقاء لندن بعيداً عن تطورات علاقات خط موسكو-برلين سوف يترتب عليه عملية عزل اقتصاد بريطانيا عن اقتصاديات ألمانيا ووسط وشرق أوروبا.
• إن اعتماد الاقتصاد البريطاني على الاقتصاد الأمريكي أصبح ينطوي على قدرٍ كبيرٍ من الشكوك واللايقين، فبسبب الأزمة الاقتصادية المالية الزاحفة، إضافةً إلى عزوف واشنطن –على غير العادة هذه المرة- عن تقديم أي مساعدات حقيقية لبريطانيا في مواجهة الأزمة. هي أمور جعلت لندن تشعر باحتمالات الانكشاف أمام الخطر الاقتصادي القادم من خلال نافذة علاقات عبر الأطلنطي مع واشنطن.
• الاقتصاد الروسي، تجاوز المرحلة الانتقالية من الاقتصاد المركزي إلى الاقتصاد الحر، وبالتالي، فإن روسيا أصبحت مرشحة لجهة القيام بدور الدولة الغربية القوية اقتصادياً بجانب ألمانيا في الساحة الأوروبية.
التعاون الذي بدأ باجتماع لافروف-ميلباند من المتوقع أن يمضِ بوتائرَ أكبر، وعلى وجه الخصوص من الاعتبارات المتعلقة بالمبادلات التجارية-الاقتصادية بين روسيا وبريطانيا، فبريطانيا تستطيع الحصول على النفط والغاز والمواد الأساسية من روسيا، وبالمقابل تستطيع روسيا الحصول على تدفقات رأس المال الاستثماري المباشرة وغير المباشرة من بريطانيا.
* القيمة الاستخبارية للقاء لافروف-ميلباند:
تدور الكثير من الأسئلة والتساؤلات حول طبيعة وخصوصية لقاء لافروف-ميلباند:
• هل تطرق اللقاء فقط للتطورات المتعلقة بالشرق الأوسط ومسائل تبادل تسليم المتهمين والمجرمين، أم تطرق إلى جوانب وقضايا أخرى؟
• هل جاء الوزير البريطاني إلى موسكو بعد أن نسّق مع واشنطن، أم أن التحرك البريطاني قد تمّ بمعزل عن واشنطن؟
• هل توجد علاقة بين زيارة نائب الرئيس الأمريكي بايدين الأخيرة إلى بولندة وتشيكيا ورومانيا، وزيارة وزير الخارجية البريطاني ميلباند إلى موسكو؟
• توجد علاقات ثنائية روسية-ألمانية، وعلاقات ثنائية روسية-فرنسية وعلاقات ثنائية روسية-إيطالية، فهل تسعى لندن حالياً إلى بناء ملف العلاقات الثنائية الروسية-البريطانية؟
• هل سيستمر ملف علاقات موسكو-لندن بشكلٍ منخفض الشدة على المستوى الوزاري، أم أنه سوف يتحول إلى مستوى مرتفع الشدة، بحيث تشهد الفترة المعنية لقاء قمة روسية-بريطانية؟
توجد الكثير من الملفات ذات القيمة الاستخباراية في علاقات خط موسكو-لندن، ولما كان لقاء لافروف-ميلباند قد تمّ على أساس الأبعاد المُعلَنة الممثلة في مناقشة التطورات الشرق أوسطية، فإن المطلوب بريطانياً من موسكو يتمثل في الآتي:
• الالتزام بتشديد الضغط ضد إيران.
• الالتزام بفترة ضبط التسلح التقليدي في منطقة الشرق الأوسط، عن طريق القيام بعدم تزويد الشرق الأوسط بالأسلحة الروسية.
• تقديم المساعدات في ملف حرب أفغانستان وملف حرب العراق.
هذا، وعلى خلفية زيارة ميلباند السابقة لمنطقة الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن تسعى لندن إلى حث موسكو لجهة تأييد جهود عملية سلام الشرق الأوسط، إضافةً إلى اعتماد منظور جديد للسلام الشرق أوسطي، يكون أكثر انسجاماً مع المفهوم الأوروبي الغربي.
وإضافةً لذلك، هناك تسريبات تقول بأن علاقة خط موسكو-واشنطن قد توترت في الأيام الأخيرة، وتحديداً بعد زيارة السيناتور جو بايدين نائب الرئيس الأمريكي الأخيرة إلى بولندة وجمهورية التنشيك، وما اتضح بعد ذلك إزاء قيام إسرائيل بدور الطرف الدبلوماسي الذي سوف يقدم لبولندة وتشيكيا الأسلحة والصورايخ الأمريكية، التي امتنعت أمريكا مؤخراً عن تقديمها لبولندة وجمهورية التشيك. وتقول أبرز التسريبات، بأن لندن سوف تسعى خلال الفترة المقبلة لجهة القيام بدور الـ«سيتامول» الدبلوماسي الذي يخفف حرارة خط موسكو-واشنطن، إضافة إلى قيام بمهمة سرية أخرى إضافية هي: تصعيد خلافات ميدفيديف-بوتين، فقد اتضح خلال الفترة الماضية أن ميدفيديف أكثر انفتاحاً إزاء الإسرائيليين والأمريكيين، بعكس بوتين، وبالتالي فإن المطلوب هو تعزيز مكانة ونفوذ ميدفيديف، بما يتيح له تمديد نفوذه في أوساط الحزب الحاكم والرأي العام الروسي، وذلك بشكل يغلق الباب تماماً أمام احتمالات صعود بوتين لقمة الكرملين مرة أخرى.
جاء مليباند إلى موسكو وهو يحمل معه المزيد من الحوافز التي تمثل أبرزها في الوفد البريطاني الكبير المرافق له والذي ضم الأطراف الآتية:
• مندوبو البنوك والمصارف البريطانية الرئيسية مثل بنك يباركليز وناشونال ويستمنستر.
• مندوبو الشركات المالية الكبيرة مثل شركة لويدز للتأمين.
• مندوبو الشركات النفطية البريطانية الكبيرة مثل شركة بريتش بتروليوم.
• مندوبو شركات الدفاع البريطانية الرئيسية.
وتقول المعلومات أن وزير المال الروسي أليكسي كوردين سيقوم بزيارة للندن بعد غد الخميس الموافق 5 تشرين الثاني 2009 لمواصلة تفاهمات موسكو مع رجال الأعمال البريطانيين، وما هو لافت للنظر أن زيارة مليباند الحالية هي أول زيارة لوزير خارجية بريطاني لموسكو منذ خمس سنوات فقد كان الوزير السابق جاك سترو قد زار موسكو في تموز 2004 وقوبلت طلباته بالرفض آنذاك والآن جاء دور مليباند وطرح نفس الطلبات التي قوبلت هذه المرة بالقبول فهل تغير موقف موسكو أم تغيرت مواصفات الطلبات البريطانية!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...