برنامج مكافحة البطالة:سقوط 244ألف فرصة عمل وخسارة74ألف فرصة

28-02-2008

برنامج مكافحة البطالة:سقوط 244ألف فرصة عمل وخسارة74ألف فرصة

قيل إن «اصلاحيا» ما طرح فكرة فنضجت لاحقا عبر خطوات حكومية تجسدت بتجربة هيئة مؤقتة لمكافحة البطالة، وللتذكير بدأت الهيئة المذكورة العمل عام 2001.

وتم التخطيط بأن ينتهي عملها في العام 2006 على أن تكون أمنت 440 ألف فرصة خلال خمس سنوات، ولكن أمنت مع نهاية عملها ووفق ارقامها (196 ألف فرصة عمل) فقط، ويصل الفارق بين المخطط والمنفذ الى 244 ألف فرصة عمل غير محققة بين بداية 2001 وحتى نهاية 2006، وحتى اليوم لم يصدر أي تفسير حكومي عن الاسباب الحقيقية لعدم تنفيذ برنامج مكافحة البطالة سوى أقل من نصف خطته.. ‏

ومع التذكير بأنه استطال التحضير لآلية عمل هيئة مكافحة البطالة طوال عام 2001، فها هو يضيع أكثر من ذلك في ا لتحضير لعمل الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات التي تم احداثها منذ 14/9/2006، وحلت محل برنامج مكافحة البطالة، وبلغة الارقام يوجد ثمن لذلك يمكن حسابه وفق التالي: ما أمنته هيئة مكافحة البطالة بعدما انتظم عملها الفعلي أي خلال اربع سنوات 49 ألف فرصة عمل سنويا، إذاً على الأقل كل سنة بلا هيئة مكافحة البطالة تعني خسارة 49 ألف فرصة عمل، ووفق هذا المنطق خسر الاقتصاد الوطني حوالي 74ألف فرصة عمل خلال عام ونصف تم استهلاكها حتى الآن في التحضير لعمل الهيئة العامة للتشغيل، مع أنها هيئة لم تنطلق من فراغ، بل ورثت برنامجا لمكافحة البطالة غنيا بدلالات ثغراته وايجابياته..؟! ‏

‏ لاتزال الهيئة العامة للتشغيل تنتظر مرسوم ملاكها العددي.. وهي بفروع مستأجرة وامكانات هزيلة، وتستعين بجهات أخرى عندما تحتاج الى اقامة الدورات التدريبية وأي نشاط يتطلب قاعات، ويمكن اجمال توضيحات الهيئة جوابا على اسئلة «تشرين» بأنه يوجد حسنات في ارتباط الهيئة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وانه ارتباط واقعي باعتبار الجهتين معنيتين بشؤون العمل، وأن التنسيق ضروري، والهيئة وفق مرسوم احداثها تحتاج الى اشراف وزارة،وهي امتداد لبرنامج مكافحة البطالة برؤية جديدة، وتميزت برفع سقوف القروض، وتقديم ضمانات للأشخاص غير القادرين على تقديم ضمانات كافية للمصارف، واعتمدت النافذة الواحدة لتراخيص المشروعات... ‏

وبررت الهيئة التأخر في الاقلاع بعملها بسبب التحضير لنظام الاقراض وللملاك العددي والنظام الداخلي، واشار المهندس عبيد السالم، معاون المدير العام للهيئة الى باكورة عمل الهيئة عبر دورة رواد الاعمال التي اقامتها مؤخرا وبالتالي تنتظر تقديم الذين ادّوا الدورة لدراساتهم الخاصة بعشرين مشروعاً هي مشروعاتهم من أجل الاقراض لاحقا، وتوجد حاليا دورة أخرى لرواد الاعمال في حلب، واعتبر ان برنامج التدريب عالمي ومتطور فنيا وماليا وتسويقيا، كما بات العديد من الاتفاقيات مع المصارف في طور اللمسات النهائية لتمويل مشروعات رواد الاعمال.. ‏

وسبق انجاز اتفاقيتي عمل بين الهيئة والمصرف الصناعي، وبنك عودة سورية، بهدف التعاون في تأسيس وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ممن تتوفر لديهم قدرات ومهارات ريادة الاعمال للراغبين بالاستفادة من خدمات الهيئة، وبما يخفف من المخاطر التمويلية ومخاطر انفاق مشروعاتهم أو تعثرها..! ‏

وتقضي الاتفاقية مع المصرف الصناعي بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة القائمة والمحدثة التي تعمل في القطاع الصناعي، أما الاتفاقية مع بنك عودة سورية فتقضي بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في القطاع السياحي وقطاعات الاطباء والصيدليات والمختبرات الطبية والمهندسين ومحلات التجميل والحلاقة ومختبرات واستديوهات التصوير والحرف اليدوية والورش والصناعات الصغيرة.. ‏ وستصل الاتفاقات مع المصارف لتمويل المشروعات الى عشر اتفاقات بينها ستة مصارف من القطاع الخاص، وستكون التجربة الأولى في سورية، علما ان تجربة العديد من الدول حتى العربية منها ثرية في هذا المجال.. ‏

‏ ضمن الاهداف العامة التي تركزت عليها الخطة الخمسية التاسعة (معالجة بطء الانتعاش الاقتصادي والبطالة وتشجيع اقامة المشروعات المتوسطة والصغيرة المولدة للدخل وكثيفة الاستخدام لقوة العمل..)، وتأتي الخطة الخمسية امتدادا للخطة السابقة، ولكن مع هدر في الوقت تجاه تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع أن هيئة مكافحة البطالة وضعت بصمات واضحة في اقتصاد تلك المشروعات..؟! ‏

وتعد الهيئة العامة للتشغيل احدى المؤسسات الرئيسة التي ستتكفل بالمشروعات متناهيةالصغر والصغيرة والمتوسطة، لذلك يجب وضعها في الاطار الحقيقي من نشاطها الرئيس المنتظر والذي تواجهه تحديات يفترض ان تكون متوقعة.. ‏

ويمكن الاستعانة هنا بما ورد في مرسوم احداثها الذي حدد اهدافها الاساسية منها (تفعيل مناخ التشغيل وتنشيطه بما يساعد على خلق فرص عمل جديدة ـ مواجهة التغيرات الطارئة المتعلقة بنسب البطالة ـ تقديم الدعم للاشخاص الراغبين والقادرين على العمل لحسابهم الخاص بتأسيس مشروعات جديدة في المناطق الأكثر فقراً بالاستعانة بالجمعيات الأهلية والمؤسسات غير الحكومية..». وأن تمارس الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها (تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالغة الصغر.. وتمويل هذه المشروعات، ودعم وتشجيع المشروعات الرائدة.. وتنفيذ برامج تمويل المشروعات بالغة الصغر والمشروعات الأسرية عبر الجمعيات الأهلية غير الربحية..». ‏

وتشير وثائق المؤتمر الوطني الأول للتمويل الصغير الذي انعقد منذ ثلاثة أشهر الى أهمية تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الحد من الفقر وتداعياته، وتعمل تلك المشروعات على تخفيض معدلات البطالة وزيادة فرص العمل أكثر من المشاريع الكبرى بسبب اعتمادها على العمالة أكثر من التكنولوجيا، ويعدّ الإقراض الصغير أداة تنموية قوية.. وجاء ضمن توصيات المؤتمر دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة، وتأمين البيئة المناسبة لذلك. ‏

ولكن يمكن فهم أنّ بعض متطلبات التمويل الصغير ناضجة نظرياً في سورية، فمتى تحدث تطبيقاتها العملية بالنضج المنتظر؟! واعتماداً على وثائق المؤتمر الوطني للتمويل الصغير المشار إليه آنفاً فإنه توجد قناعة عالمية بأن مفتاح النمو والتطوير لصناعة الإقراض الصغير هو إنشاء البنوك المتخصصة في الإقراض الصغير و(بنوك الفقراء)، فمتى تشهد سورية مثل هذه التجارب؟! وما هي الميزات التفضيلية لدول مثل الأردن واليمن والبحرين ومصر.. حتى تسبق سورية في هذا المجال؟! ‏

ما يجدر ذكره أيضاً أنه وفق إحدى المؤسسات المهمة في الوطن العربي الداعمة لتجربة بنوك الفقراء والتمويل الصغير، والتي شاركت في أعمال المؤتمر الوطني الأول للتمويل، فإنه تجاوز عدد المستفيدين من البنك الوطني لتمويل المشاريع الصغيرة في الأردن الـ13000 زبون بما يعادل 56000 فقير؟. ‏

ومازالت التجربة السورية فقيرة جداً في مجال قطاع التمويل الصغير على الرغم من وجود اهتمام دولي متزايد للجهات المانحة الإقليمية والدولية ومنظمات الأمم المتحدة الإنمائية لدعم برامج ومشاريع الإقراض الصغير..؟ ‏

‏ الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات، وفق مرسوم إحداثها تعدّ المشروعات بالغة الصغر والمشروعات الأسرية تلك التي لا يتجاوز رأسمالها مليوناً وخمسمئة ألف ل.س ولايقل عن مليون وخمسمئة ألف ل.س ولا يقل عدد العاملين فيه عن ستة.. والمشروع المتوسط كل مشروع يمارس نشاطاً اقتصادياً أو إنتاجياً أو خدمياً أو تجارياً ولا يتجاوز رأسماله خمسة عشر مليون ل.س ولايقل عن خمسة ملايين ل.س، ولا يقل عدد العاملين فيه عن ستة عشر عاملاً.. ‏

وفي هذا المجال يمكن التذكير بمجموعة مشروعات اقترحها فريق هندي متخصص انجز خارطة للمشروعات الصغيرة أيام هيئة مكافحة البطالة، وهي في أرشيف الهيئة العامة للتشغيل، وكانت تلك المشروعات المقترحة لا تتوافق مع سقف التمويل المتاح ولكن حسب الهيئة العامة للتشغيل فسقف التمويل حالياً يتيح ذلك، ونشير الى أفكار بعض المشروعات التي اقترحها الفريق الهندي، وبلغت مئة وثلاثين فكرة، فهل يمكن لرواد الأعمال التشجّع والاقتناع بها؟! ‏

من تلك المشروعات (فلاتر هواء زيت ـ لمبات أتوماتيكية ـ مكابس أتوماتيكية ـ خافض صوت للسيارات ـ كبلات تحكم أتوماتيكي ـ تجميع أجهزة موسيقية ـ ناقلات كهربائية وحرارية ألمنيوم ـ تجميع مجموعة مولّد ديزل ـ أدوات زراعية ـ أقلام حبر ناشف ـ مسامير برغي وعزقات ـ قفل معدني ـ بطانة مكابح للسيارات ـ مكثّفات سيراميك ـ ألواح الكرتون المموج لوقاية السلع والأجهزة ـ ألبسة قطنية داخلية ـ واق ذكري ـ بصل وثوم مجفف ـ كاسات وفناجين ذات استعمال واحد ـ حقن الاستخدام لمرة واحدة ـ تجميع محركات ديزل ومضخات ماء ـ تجميع أدوات منزلية أفران وخلاطات ـ معجون أسنان ـ نكاشات أسنان ـ عدادات الماء ـ اكسسوارات كهربائية ـ تجهيزات مشاف وأسرة ـ ملابس نوم ـ زجاج مقوّى..). ‏

وربما بقي على رواد الأعمال أن يفتشوا عن مشروعات تصلهم بالهيئة العامة للتشغيل، أو أن تصل الهيئة إليهم، وفي كلّ الأحوال لم ترث الهيئة الحضور الإعلامي الذي حققته هيئة مكافحة البطالة، وطبعاً فإن مرتكزات ذلك الحضور الشفافية وأن تعمل وتجيد وأن يتقارب المنفّذ مع المخطط، كي لا تبقى الشؤون التي لها علاقة بسوق العمل والبطالة دائماً بلا تفسير حكومي، ولربّما تحسّن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في تجربة الهيئة من سمعتها غير العطرة المتمثلة بأنّها تاريخياً هي وزارة جمعيات «انحشرت» شؤون العمل في اسمها فقط!! ‏

ظافر أحمد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...