المعلم ينتقد غياب رد عربي قوي على الاعتداء الاميركي

28-10-2008

المعلم ينتقد غياب رد عربي قوي على الاعتداء الاميركي

حمّل وزير الخارجية وليد المعلم في لندن امس، الجانبين الأميركي والعراقي، مسؤولية الاعتداء الأميركي داخل الأراضي السورية، معتبرا أن الرد سيتوقف على طبيعة التفسير الذي ستقدمه الحكومتان الأميركية والعراقية لما جرى، منتقدا في الوقت ذاته تصريحات المتحدث باسم الحكومة العراقية التي قال انها »تبرر العدوان على بلد عربي انطلاقا من الأراضي العراقية«.
وعقد المعلم مؤتمرا صحافيا من دون نظيره البريطاني ديفيد مليبياند، مشيرا ان الجانبين اتفقا على ذلك بعد نهاية محادثاتهما. إلا ان مراقبين فسروا غياب ميليباند برغبة الأخير تفادي »حرج« اللهجة الحادة للوزير السوري تجاه الإدارة الأميركية، علما ان متحدثا باسم وزارة الخارجية البريطانية ذكر انه تم إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك بداعي ان هذا الامر »غير ملائم«، قائلا انه لا يعلم ما اذا كان الإلغاء متصلا بالهجوم الاميركي على الاراضي السورية.
وقد اصدر الوزيران في وقت لاحق بيانا مشتركا ذكرا فيه ان اجتماعهما تناول »العلاقات الثنائية وتطورات الوضع في الشرق الاوسط وبخاصة العدوان الأميركي على الأراضي السورية... إضافة إلى مستجدات الوضع في لبنان والعراق وعملية السلام والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب الدولي«.
واوضح البيان ان المحادثات »كانت مفيدة وبناءة حيث عبر الجانبان عن الرغبة المشتركة في العمل معاً من أجل استقرار منطقة الشرق الاوسط على أساس مصالحهما المشتركة«. كما أكد الجانبان »أهمية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان والبناء على ذلك وصولاً إلى تبادل السفراء بين البلدين في أسرع وقت ممكن... والبدء بالعمل على ترسيم الحدود المشتركة بينهما«. وأشارا الى انهما »تطلعا إلى إجراء انتخابات ناجحة وشفافة وعادلة وآمنة في لبنان في العام المقبل إلى جانب التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١«.
ولفت الوزيران الى »أهمية تحقيق تسوية سلمية عادلة وشاملة في الشرق الأوسط حيث رحب وزير الخارجية البريطاني بالتقدم الذي تحقق في المحادثات السورية الاسرائيلية غير المباشرة«. وناقشا أيضا »التحديات الماثلة في العراق ونوها بالعبء الذي تتحمله سوريا جراء العدد الكبير من اللاجئين العراقيين حيث رحب وزير الخارجية البريطانية بقرار الحكومة السورية تعيين سفير لها في العراق«. وحول الهجوم الاميركي على الاراضي السورية، أكد ميليباند ان »الموقف الثابت للحكومة البريطانية هو الأسف لسقوط الضحايا المدنيين«.
وعبر المعلم وميليباند عن »اتفاقهما على ان مواجهة المجموعات الإرهابية تشكل أولوية«. واختتم البيان بالإشارة الى »تطلع الوزيرين الى متابعة محادثاتهما خلال الفترة المقبلة لتطوير شراكة سورية بريطانية قوية مبنية على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة«.
وكان المعلم بدأ مؤتمره الصحافي في مبنى الصحافة الأجنبية في لندن، بالحديث المفصل عن حادثة البو كمال. وقال »أمس، حوالى الخامسة مساء جاءت أربع طائرات هيلكوبتر من العراق ودخلت الأراضي السورية إلى مسافة ٨ كيلومترات إلى مزرعة وحطت مروحيتان فيما تولت المروحيتان الباقيتان تغطيتهما، ونزل جنود من الطوافة وبداوا بإطلاق النار على المدنيين العاملين في المزرعة، فقتلوا الأب وثلاثة أولاد والحارس وزوجته وصياد خارج المزرعة وجرحوا عاملا آخر«. واضاف »كلهم مدنيون وغير مسلحين وعلى الأرض السورية«.
وقال الوزير السوري ان »قتل المدنيين في الأعراف الدولية هو اعتداء إرهابي والأميركيون يقومون به في وضح النهار، مما يعني أنه متعمد وليس خطأ، ولذا نعتبر هذا الاعتداء إجرامي وإرهابي ونضع المسؤولية على الحكومة الأميركية وعليهم أن يحققوا ويعودوا إلينينا بالنتائج... وطلبنا من العراقيين ان يحققوا وألا يسمحوا بالاعتداء على سوريا من الأراضي العراقية«.
وتساءل المعلم »هل هذا نتاج المعاهدة بين العراقيين والأميركيين حيث يقول الكثير من العراقيين ان سيادة العراق مهددة وان هذا سيسمح بالاعتداء من الأراضي العراقية على جيران العراق؟«. وتابع »الإدارة الأميركية تعرف جيدا ان سوريا تقف ضــد القاعدة وندين نشاطاتهم ضد الشعب العراقي ويعرفون أننا نعمل ما في وسعنا لتشديد الرقابة على حدودنا فالسؤال لماذا قاموا بالاعتداء علينا؟«، معتبرا في الوقت ذاته ان سوريا ليست موظفة لدى الولايات المتحدة لتقوم بحماية »الاحتلال«.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يتوقع أحداثا مشابهة، قال المعلم »يجب أن نتوقع مثل هذا الاعتداء طالما اننا مستقلون نقف في وجه المخطط الأميركي في المنطقة«. وأضاف »طالما تستخدمون صيغة الشرطية، أقول لكم انه اذا ما أعادوا الكرة، فاننا سندافع عن أراضينا«. كما اعتبر ان التفجير الذي وقع في منطقة القزاز في دمشق »انتقام لما قمنا به على الحدود« مع العراق، مشيرا الى ان »العديد من الجنرالات الأميركيين وأشير للجنرال (القائد السابق للقوات الاميركية في العراق ديفيد) بترايوس يعترفون ان سوريا عملت أقصى جهدها للسيطرة على الحدود«.
وانتقد المعلم بشدة تصريحات المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ حول الحادثة. وقال ردا على سؤال »استغرب ان يدعي شخص انه مسؤول في الحكومة العراقية ومتحدث باسم رئيس وزرائها ويقول ان فيه قطرة دم عربية، ويبرر هذا العدوان الإرهابي على مدنيين عزل من الشعب السوري. استهجن ما قاله إذا كان قال ما قاله لتبرير هذا العدوان«.
كما انتقد المعلم بشكل مبطن غياب رد عربي قوي على ما جرى. وقال »هذا عدوان سافر قامت به قوات الاحتلال على بلد شقيق هو سوريا وذهب ضحيته مدنيون أبرياء. أما كيف تنظر الدول العربية؟ من في دمه عرق عربي، يجب ان يكون لديه رد فعل عربي ومسموع لا يهاب لا الإدارة الأميركية ولا غيرها«.
ورفض الوزير السوري ان يكون الهجوم ناتج عن حسابات انتخابية أميركية سائلا »هل تعتقدون ان التضحية بأرواح مدنية أداة للانتخابات؟«. وحين سئل حول ما إذا كانت سورية ستلجأ لمجلس الأمن الدولي، استبعد ذلك معتبرا انه »طالما هناك فيتو أميركي في مجلس الأمن، ليس هناك ديموقراطية في العلاقات الدولية«.
من جهة اخرى، وصف المعلم المحادثات مع الجانب البريطاني »بالبناءة والمثمرة«. واضاف »طرحنا كل أوجه العلاقات الثنائية والوضع الراهن في المنطقة وشرحت ظروف العدوان الأميركي وتحدثنا عن العلاقات بين سوريا والاتحاد الأوروبي والأمور الأخرى التي تؤدي إلى أمن واستقرار المنطقة«. وذكر انه وجه دعوة لنظيره البريطاني لزيارة سوريا.
وردا على سؤال لـ»السفير« حول ما إذا كانت دمشق ترى ان شرط المظلة السياسية قد تحقق للتعاون الأمني مع لندن، قال المعلم »لدينا هذا النمط من التعاون مع العديد من الدول الأوروبية وأؤكد اننا نمتلك المظلة السياسية وان الطريق معبد لمثل هذا التعاون«. ورأى ان »الانفتاح الأخير (على سوريا) يعكس نظرة قادة الاتحاد الأوروبي لأهمية دور سوريا المركزي في المنطقة... وسوريا أكدت دوما أنها جزء من الحل وأدت دورا مهما من أجل استقرار المنطقة انعكس على الوضع في العراق ولبنان وعلى مستقبل عملية السلام«. وشدد على ان علاقات سوريا مع إيران لن تتأثر بهذا الانفتاح.
كما أكد المعلم ان سوريا بدأت بإجراءات البحث عن مكان للسفارة السورية في لبنان، وعن اسم سفير لها في بيروت. وقال حول التفاوض مع إسرائيل، ان »هذه العملية لا يمكن استــئنافها قبل تسوية الأزمة السياسية في إسرائيل«. وعلق على تصريحات وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل حول عدم الحاجة لوساطة بين البلدين قائلا »سؤال يوجه لسمو الأمير: هل الكلام موجه لسوريا أم لمن يريد القيام بالوساطة؟«.
وحول الانتخابات الرئاسية الاميركية، قال المعلم »امل ان ينتخب الشعب الاميركي رئيسا يمكنه ان يؤمن سمعة جيدة للولايات المتحدة في العالم، بخلاف السمعة التي نشهدها من الإدارة الحالية«. واضاف »نأمل ان تتعلم الإدارة المقبلة من أخطاء الإدارة الحالية وتعمل على حماية أرواح الأميركيين«.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إقرأ أيضاً:

حقيقة النوايا الأمريكية من العملية العسكرية داخل الأراضي السورية
هل أفلست السياسات الأمريكية في محاصرة سورية أم أن الهجوم متعلق بالانتخابات الرئاسية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...