المسيحيون الصهيونيون بين النبوءة والسياسة

23-10-2012

المسيحيون الصهيونيون بين النبوءة والسياسة

الجمل ـ تريستان ستورم ـ ترجمة رندة القاسم: بشكل متزيد يتصرف المسيحيون الصهيونيون و كأنهم يهود متدينون إلى أقصى حد. فهم  يشيرون إلى السنة العبرية 5773، و غير الكثير منهم يوم عبادته و راحته من الأحد إلى السبت، و البعض هاجر إلى إسرائيل مستخدما نسبا يهوديا مشبوها أو عن طريق تجديد تأشيرات دخول سياحية بشكل غامض، و يهبون ملايين الدولارات بشكل غير مباشر لنشاط المستوطنات و لتزويد جيش الدفاع الإسرائيلي بمعدات حربية متنوعة. أما ولاؤهم القومي فهو لإسرائيل أكثر منه لأميركا، كما تبين في شجب سياسة الولايات المتحدة التي تنتقد إسرائيل، فسياسة إسرائيل تفهم على أنها تعليمات الرب و لذا فهي معصومة. و يقومون بالحج إلى إسرائيل لا  لأجل الاحتفال  بالمسيح بل ل "شهود دخول" اليهود إلى إسرائيل.
و أكثر فأكثر يحتفل المسيحيون الصهيونيون بالأعياد اليهودية، كما حدث في  عيد سكوت* نهاية شهر أيلول، و ذلك من خلال مؤتمر (Feast of *Tabernacles) (وليمة تابيرناكليز) التي أقامتها السفارة المسيحية الدولية في القدس ( ICEJ). و عادة ينزل حوالي 7000 مسيحي صهيوني إلى القدس لأجل المؤتمر المقام في مركز المؤتمرات الدولية في القدس . و (وليمة تابيرناكيلز) أكبر حدث سياحي غير يهودي في إسرائيل. و كل سنة يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بإلقاء كلمة هناك. و كما في العام الماضي، يتوق نيتينياهو لمخاطبة هؤلاء الحجاج المسيحيين الصهيونيين للفوز بالدعم لأجل ضرب إيران.
منذ بدايته في الثمانينات، عمد المنظمون على جعل المؤتمر متمركزا حول خطر يهدد وجود إسرائيل: في التسعينات كانت اتفاقية أوسلو هي ما يهدد سلامة الأراضي الإسرائيلية، و في 2008 و 2009 كانت الصورايخ المنطلقة من غزة جنوب إسرائيل، وذلك في محاولة لإثارة القلق حول وعد معركة أرمجدون و عودة المسيح إلى الأرض.
و هذه السنة سلاح إيران النووي هو التهديد. و لكن هذا القلق لن يكون ببساطة بناءا على تهديد إسرائيل بضرب إيران، و لكن سيحاكي نبوءة ترى أن الأسلحة النووية ستؤدي إلى نهاية العالم. وبالطبع، بعد الحرب البارد مباشرة، حلت إيران عوضا عن الاتحاد السوفييتي كسبب لحرب ذرية عالمية.
عام 1970 اعتبرت نيويورك تايمز كتاب "كوكب الأرض العظيم الراحل"  بقلم الصهيوني المسيحي هال ليندسي أكثر الكتب غير الأدبية مبيعا على الإطلاق، و فيه حول إشارة الإنجيل  ل "النار و الكبريت"( وفقا لبول بوير الدارس البارز  لنهاية العالم) إلى كتاب عن معركة العصر الذري. فادعى ليندسي أن الموت و الكرب في "سفر الرؤيا" نبوءات قديمة عن الحرب الذرية. فرؤية المصيبة، و بأن ثلث سكان العالم ستبتلعهم النار أمر يغدو ممكنا فقط بسلاح نووي. و خلال الحرب الباردة انتشر القلق المسيحي الصهيوني من أرمجدون نووية، و فسرت النبوءة على أن الإتحاد السوفييتي سيبدأ الحرب التي تنهي كل الحروب.
و لكن مع نهاية الحرب الباردة لم تعد روسيا تعتبر "الشيطان" أو "يأجوج و مأجوج"، كما اعتبرها المسيحيون الصهيونيون، و هما قومان يظهرا مع نهاية العالم. و خلال الإرباك الجيوسياسي ما بعد الحرب الباردة و المتعلق بتمييز العدو من الصديق، تحولت جغرافية الأعداء الى العراق و إيران. و أضحت هاتان الدولتان يأجوج و مأجوج لمعلمي مدارس الأحد و القسيسين و كتاب النبوءات.
فعلى سبيل المثال، نال القس مارك هيتشكوك من أوكلاهوما شهرة بين المسيحيين الصهيونيين لنبوئته الجيوسياسية  لما بعد الحرب الباردة. و قد شجع على تحول الشيطان من الإتحاد السوفييتي الى إيران، و في  كتابه (المملكة الفضية: إيران التاريخ و النبوءة)(1993) ورد: (تكدس إيران أسلحة تقليدية بمعدل يدعو للحذر، و هي الآن في طريق امتلاك أسلحة نووية). و بالطبع النقاش ذاته استخدم لتبرير حرب مع العراق بعد عقد من الزمان.و في كتابه الأحدث (إيران الأزمة القادمة)(2006) شرح هيتشكوك كيف أن أحمدي نجاد هو المسيح الدجال و سيأخذ العرش في الهيكل الثالث تحت تهديد ذخيرة نووية.
و قد لاقت فكرة هيتشكوك القائلة بأن إيران هي جغرافية الشر الجديدة ترحيبا بين المسيحيين الصهيونيين، قبل وقت طويل من مأزق إسرائيل النووي الحالي، و لم يكن المسيحيون الصهيونيون وحيدين ، فنيتنياهو كان يتشوق  لقصف برنامج إيران النووي من تموز 1996. و هذا السيناريو ليس بالأمر الذي يخشاه المسيحيون الصهيونيون ، بل يرحبون به. إذ يؤمنون أن حربا نووية أمرا محتوما مرتبطا بإرادة الرب، و أنه حتى و لو ضربت إسرائيل برنامج إيران النووي فإن جيوش أرمجدون ستبدأ الزحف نحو إسرائيل.
بلا شك يتم النحيب على هذه الأحداث النبوئية من قبل الوفود في مؤتمر (وليمة تابيرناكليز) و  لكن يحتفى بها أيضا. فحرب نووية بين إسرائيل و إيران تعني الخلاص في النهاية على يد مسيحهم المنتظر. سوف ينجون من الشرور و يعيشون في نعيم الجنة قبل الحرب العالمية الثالثة و سيراقبون ما يحدث و هم جالسون في  مقاعدهم هناك. سينقذون بينما يموت معظم ما عداهم  (باستثناء 144 ألف يهودي تحولوا إلى المسيحية وذلك وفقا لبعض الرؤيا الغيبية). و يجد المسيحيون الصهيونيون الحماية وسط هذه الفظائع.
و يقول تيموثي ويبير المختص بدراسة الصهيونية المسيحية بأنه و عند قصف منشآت العراق النووية عام 1981، قام مناحيم بيغن باتصال هاتفي مع القس جيري فالويل* في محاولة لكسب تأييد المسيحيين الأميركيين. و بشكل مشابه، عندما زار بينيامين نيتيناهو واشنطن في كانون الثاني 1998 كان لقاؤه الأول مع فالويل و "الائتلاف الوطني الموحد لأجل إسرائيل" و الذي أسسه 5000 زعيم مسيحي أصولي.  و الائتلاف الذي يضم أكثر  من مليون عضوا، نظم لأجل الضغط على حكومة الولايات المتحدة في القضايا الداعمة لإسرائيل. و النقطة الأساسية هنا أن المسيحيين الصهيونيين عملوا كسفراء لإسرائيل و هم أكبر المؤيدين لقرارات السياسة الخارجية الخطيرة المتعلقة بإسرائيل.
مؤتمر (وليمة تابيرناكليز) يبدأ عادة في الثلاثين من أيلول و ينتهي في الرابع من تشرين الأول. و الحضور مجاني كل ليلة لأجل اليهود الذين يعيشون في إسرائيل. و أنا أتمنى لو توجه أحد بالسؤال الى احد المشتركين حول رأي اليهود بفكرة المسيحيين الصهيونيين المتعلقة بنهاية الزمان. و دعوني أشير الى  أن الجواب سيكون: في النهاية ستموتون.
*سكوت، مهرجان الحصاد في ذكرى الأربعين عاما التي قضاها اليهود في مقصورات في البرية كما جاء في الإسرائيليات.
*Tabernacles: خيمة اتخذ منها اليهود هيكلا نقالا.

                        *جيري فالويل(1933-2007) قس أميركي مسيحي كانت له مواقف مؤيدة لإسرائيل و معادية للإسلام.


*بقلم تريستان ستورم بروفيسور مساعد في قسم الجغرافيا في جامعة يورك ، تورنتو، كندا
عن Information Cleaning House

الجمل: قسم الترجمة

التعليقات

لاأدري ماذا أقول عن اليهود الاسرائيليين ،هل أقول أنهم مبدعون شديدو الذكاء ام أغبياء ناقصي عقل. إنهم يكتبون تاريخهم بأيديهم ثم يصدقونه ويعملون لأجله ويرتبون سلسلة أحداث العالم كما يريدونها، بشكل يتوافق مع مايتمنونه لأنفسهم من غنى فاحش وسيادة مطلقة على العالم. وهم بذلك يتحدون القدر رغم ايمانهم به فهم على ذلك أغبياء؟ ولكن نرى أن مايخططون له من تحدي للقدر ينجح وكل شيء يسير في اتجاه مصلحتهم إنهم إذاً مبدعين شديدي الذكاء!!! لكن أعتقد أن العامل الأكبر المساعدلهم هو غباء العرب المسلمين ؟ (الأعراب: الذين هم أشد كفراً ). اللهم جنبنا الفتنة ونور بصائرنا واهدنا سبيل الرشد والصواب آمين آمين آمين يارب العالمين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...