الكشف عن خارطة طريق إيهود باراك للعودة إلى رئاسة مجلس الوزراء

27-12-2007

الكشف عن خارطة طريق إيهود باراك للعودة إلى رئاسة مجلس الوزراء

الجمل: التقى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالرئيس المصري حسني مبارك وتناقلت التقارير الإعلامية والإخبارية المعلومات حول الزيارة والتي تضمنت: السلام مع سوريا، ضغوط اللوبي الإسرائيلي ضد مصر، انتقاد توجهات وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني لمصر، ولكن ماذا يكمن وراء الحدث؟
* ما وراء الحدث: الأبعاد والتداعيات غير المعلنة:
تشهد التوازنات الداخلية بين محاور النفوذ الأربعة، مرحلة انقلاب دراماتيكي يتوقف نجاحه على نجاح وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في الإمساك بقواعد اللعبة الإسرائيلية المزدوجة والتي تتمثل في "لعبة" الملف السوري و"لعبة" الملف الفلسطيني.
صراع السيطرة على النفوذ السياسي داخل إسرائيل أصبح –على أساس اعتبارات الهياكل السياسية- ينحصر بين ثلاثة قوى رئيسية هي: كاديما، العمل، الليكود.
ولكن –على أساس الاعتبارات الكاريزمية- هناك صراع آخر يدور بين رموز السياسة الإسرائيلية المتمثلة في إيهود أولمرت (كاديما) وتسيبي ليفني (كاديما) وبنيامين نتينياهو (الليكود) وإيهود باراك (العمل).. هذا ويستند إيهود أولمرت إلى كبار زعماء الصف الأول في كاديما بينما تسيطر تسيبي ليفني على قطاع الشباب في الحزب، أما بالنسبة لبنيامين نتينياهو فيجد دعمه الأساسي من جماعات الحرس القديم في الليكود والمؤسسة الدينية اليهودية، أما إيهود باراك فيجد الدعم الواسع في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
* خارطة طريق الجنرال إيهود باراك لمنصب رئاسة الوزارة:
زيارة الجنرال إيهود باراك لمصر تأتي ضمن مخطط "خارطة طريق إيهود باراك" للعودة إلى رئاسة مجلس الوزراء الإسرائيلي وقد بدأت تتضح المعالم الأولى لهذه الخارطة عندما قام إيهود باراك بزيارة واشنطن خلال الشهرين الماضيين وأجرى لقاءات واسعة مع جورج بوش وديك تشيني وكوندوليزا رايس وروبرت غيتز إضافة إلى عناصر اللوبي الإسرائيلي.
سيطرة إيهود باراك على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية واستحواذه على تأييد معظم الجنرالات الذين تتلمذ معظمهم على يده عندما كان في القوات الخاصة وقوات الكوماندوز ورئاسة هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هي سيطرة ترتبط بأسلوب إيهود باراك الذي يجمع بين احترافية الجنرال ومهارة الزعيم السياسي.
ظل إيهود باراك على هامش الأحداث مكتفياً بالبقاء في الظل خلال حرب إسرائيل – حزب الله، وبعد أن تيقن من هزيمة الجيش الإسرائيلي اقتنص الفرصة ليصعد إلى السطح ضمن موجات "الفيضان" السياسي العارم الذي أحدثه تقرير فينوغراد وقد تفادى باراك خوض الصراع غير المباشر والذي حملت موجاته باراك لمنصب وزير الدفاع الإسرائيلي بدلاً عن عامير بيريتس الذي استخدمه أولمرت كـ"كبش" فداء قدمه كاديما قرباناً لهزيمة الجيش الإسرائيلي وتقرير فينوغراد.
* الجنرال باراك: ناقوس الخطر:
نشرت صحيفة آنتي وار الإلكترونية الأمريكية المناهضة لإدارة بوش وإسرائيل واللوبي الإسرائيلي اليوم 27 كانون الأول تحليلاً أعده الكاتب السياسي الأمريكي ران كوهين وقد حذر التحليل من الجنرال إيهود باراك قائلاً من بين جملة أشياء:
• إن إيهود باراك هو المسؤول عن تدمير اتفاقية أوسلو.
• إن ضغوط باراك على الفلسطينيين هي التي أدت إلى إشعال الانتفاضة.
• إن إيهود باراك الذي تجتمع في شخصيته خبرة دراسة الفيزياء وعسكري الكوماندوز والسياسي، هو الذي بدأ عملية برمجة الاقتراحات التي تهدف إلى الحصول على رفض الفلسطينيين ثم استخدام هذا الرفض في مزاعم عدم وجود شريك فلسطيني مناسب لصنع السلام.
• إن باراك هو واضع اللبنات الأساسية لمشروع "صعود تيار حماس" و"هبوط تيار فتح" عن طريق تحميل ياسر عرفات و"فتح" المسؤولية عن الهجمات التي تشنها حركة حماس ضد إسرائيل.
• إن باراك هو المهندس الرئيسي، منذ أن كان رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي، لتكتيكات الجيش الإسرائيلي في:
* محاصرة المخيمات الفلسطينية.
* اقتحام التجمعات الفلسطينية.
* سياسة نشر الحواجز.
* تنفيذ الاغتيالات.
* ثنائية باراك و"لعبة" سلام سوريا وسلام فلسطين "المزدوجة":
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية تقريراً بتاريخ 10 آب يقول بأن الجنرال إيهود باراك لم يتغير فـ"زعيم حزب العمل أكثر يمينية من نتينياهو زعيم الليكود"، وحالياً تقول المعلومات التي أوردها موقع آنتي وار الإلكتروني الأمريكي بأن الجنرال إيهود باراك كان معارضاً بشدة لمؤتمر سلام أنابوليس وقد غيّر رأيه –تحديداً قبل أسبوعين من انعقاد المؤتمر- عندما تأكد بأن المؤتمر والمفاوضات التي سوف تعقبه لن تكون سوى مجرد وسيلة تستخدمها إسرائيل والإدارة الأمريكية في إدارة الصراع في المنطقة. كذلك، نسب موقع آنتي وار الأمريكي لباراك تصريحاته القائلة بأنه:
• لا فرق عندي بين حركة فتح وحركة حماس.
• لن أسمح بإزالة الحواجز الأمنية والعسكرية الموجودة في الضفة الغربية.
• لا توجد فرصة متاحة للحل مع الفلسطينيين.
وأشار تحليل صحيفة آنتي وار إلى إستراتيجية الـ"لعبة" التي يعتمدها باراك إزاء سوريا وفلسطين والتي تقوم على الآتي:
• المطالبة باستئناف المفاوضات بشكل متزامن على المسارين السوري والفلسطيني.
• الظهور بمظهر من "يعمل من أجل السلام" وفي نفس الوقت "الانخراط فعلياً وعملياً" في تدمير عملية السلام. أي الانخراط في عملية السلام من أجل تدمير عملية السلام.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة هاآرتس الإسرائيلية قد قامت في 13 كانون الأول 2007م الحالي بنشر تقرير رسمي سبق أن قام مكتب الجنرال إيهود باراك بإعداده عام 2000م عندما كان رئيساً للوزراء أشار فيه إلى أن استئناف المفاوضات مع سوريا قد أدى إلى حالة عدم الثقة والتصلب الشديدة على الجانب الفلسطيني، وفوق ذلك أن الفريق الإسرائيلي أصبح غير قادر على إدارة المفاوضات بشكل متزامن على كلا الجبهتين. بكلمات أخرى، إن استئناف المفاوضات مع سوريا هو إجراء مختبر للتأكد من إبطال فعالية المسار الفلسطيني، ويشير تحليل صحيفة آنتي وار إلى أن إيهود باراك يسعى حالياً مرة أخرى من أجل الدفع باتجاه هذه اللعبة القذرة "لعبة إفشال مسار المفاوضات مع سوريا عن طريق مسار المفاوضات مع الفلسطينيين وإفشال مسار المفاوضات مع الفلسطينيين عن طريق إفشال مسار المفاوضات مع سوريا".
* اجتماع باراك – حسني مبارك:
يتمتع باراك بالنفوذ القوي في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وعلى خلفية توازنات العلاقات المدنية – العسكرية في الشارع الإسرائيلي وتداعياتها على الرأي العام الإسرائيلي فإن باراك يستخدم حالياً منصب وزير الدفاع الإسرائيلي للقيام بمهمة إضافية هي "وزير الخارجية الإسرائيلي" عن طريق توظيف ما يعرف بـ"دبلوماسية الشؤون الدفاعية" والهدف الرئيسي لإيهود باراك هو تحويل تأييد القطاع المدني في الشارع الإسرائيلي لصالحه لأنه إذا كان دوره الدفاعي قد جعله يسيطر على العسكريين فإن دوره السياسي الخارجي سوف يتيح له إنجاز مهمة تقويض شعبية تسيبي ليفني والحلول مكانها.
تنسجم وتتطابق "خارطة طريق" إيهود باراك مع الهموم الإقليمية للشارع الإسرائيلي والتي يتمثل أبرزها في:
• الصراع مع سوريا.
• الصراع مع الفلسطينيين.
• أزمة الملف النووي الإيراني.
ومن خلال هذه القضايا الثلاثة يعمل باراك على ضوء الآتي:
• السيطرة على ملف قطاع غزة والعمل باتجاه تحويل أزمة القطاع لتأخذ شكل "اللعبة".
• النفاذ غير المباشر إلى ملف المفاوضات مع سوريا، وذلك عن طريق الدخول عبر "بوابة" حسني مبارك.
• السيطرة على التفاهم الإسرائيلي – الأمريكي حول ملف أزمة الملف النووي الإيراني عن طريق "بوابة" العلاقات الاستخبارية الإسرائيلية – الأمريكية البينية.
والسؤال الهام هنا، كيف يستطيع باراك تحقيق ذلك؟
بالنسبة لتحويل أزمة غزة إلى لعبة غزة، فإن الجنرال باراك يسعى جاهداً إلى الدفع باتجاه جعل مصر طرفاً في هذه الأزمة على النحو الذي يؤدي إلى وجود ستة أطراف هي حركة حماس، حركة فتح (السلطة الفلسطينية)، إسرائيل، مصر، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
تركز اللعبة على ممارسة الضغوط على مصر وتحميلها مسؤولية هجمات حركة حماس التي تنطلق من القطاع ضد إسرائيل على غرار نفس النموذج الذي كان إيهود باراك يحمل به ياسر عرفات والسلطة الفلسطينية المسؤولية عن الهجمات التي كانت تشنها حركة حماس ضد إسرائيل. وتقول المعلومات بأن جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلي يقدم حالياً الكثير من المساعدات لعمليات تهريب الأسلحة إلى داخل القطاع على النحو الذي يعزز شن الهجمات ضد إسرائيل بما يؤدي إلى تعزيز قدرة إسرائيل في توجيه اللوم والمسؤولية للمصريين!! وقد أوردت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية تقريرين في هذا الاتجاه:
• وزعت الحكومة المصرية وثيقة إلى أعضاء الكونغرس الأمريكي تشير على أن بعض الجنود الإسرائيليين يتعاونون مع المهربين في إدخال الأسلحة والعتاد العسكري إلى قطاع غزة.
• تصريح وزير الأمن العام الإسرائيلي عافي ديختر القائل بأن مصر قادرة خلال يوم واحد أن توقف كل عمليات التهريب إلى داخل القطاع.
وتأسيساً على ذلك فإن توريط مصر يهدف إلى إدخالها مرة أخرى ضمن دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي بما يتيح لإسرائيل:
• تخريب علاقات مصر مع أمريكا والاتحاد الأوروبي.
• قطع المساعدات الأمريكية والغربية عن مصر.
• توفير المبررات اللازمة لدفع الرأي العام الإسرائيلي لمساندة التوجهات الإسرائيلية القاضية باستهداف مصر.
أما بالنسبة لعملية النفاذ غير المباشر لملف المفاوضات مع سوريا عن طريق "بوابة" حسني مبارك، فتركز خطة باراك على إبعاد وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفيني عن دور الوساطة التي تقوم بها مصر بين سوريا وإسرائيل، وقد نجح باراك في ذلك بعد استخدامه للتقارير الدفاعية الاستخبارية التي رفعتها المخابرات العسكرية التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية على النحو الذي دفع ليفني إلى إطلاق تصريحات انتقدت بشدة الدور المصري في عمليات تهريب الأسلحة والعتاد إلى قطاع غزة وذلكم على النحو الذي دفع الرئيس حسني مبارك إلى أن يوجه انتقاداً شديد اللهجة قال فيه بأن "وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قد تجاوزت حدودها معي"، وينظر المراقبون إلى تصريح الرئيس المصري باعتباره قد وضع حداً لأي احتمالات لدور دبلوماسي جديد يمكن أن تقوم به الخارجية الإسرائيلية ووزيرتها ليفني مع المصريين في قضايا الصراع العربي – الإسرائيلي وسوف يكون البديل لدبلوماسية وزارة الخارجية الإسرائيلية هو دبلوماسية وزارة الدفاع الإسرائيلية، ولما كان إيهود باراك هو وزير الدفاع فمن الممكن التوقع بأنه أصبح أكثر حظاً في السيطرة على: دبلوماسية سوريا، ودبلوماسية صراع غزة.
وبالنسبة للسيطرة على التفاهم الإسرائيلي – الأمريكي إزاء ملف إيران النووي يشرف باراك حالياٌ على اللجان الفنية الاستخبارية الإسرائيلية – الأمريكية المشتركة بالنسبة للمعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها عن طريق إسرائيل وأمريكا. وتقول بعض التسريبات بأن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعمل حالياً باتجاه تقديم المزيد من المعلومات الاستخبارية التي تتيح لمجلس الأمن القومي الأمريكي والبيت الأبيض "الالتفاف" على تقرير التخمين الاستخباري الأخير الذي استبق قيام إيران بالعمل من أجل الحصول على الأسلحة النووية.
عموماً، دخل الجنرال إيهود باراك على الحكومة كوزير للدفاع ولكنه استطاع توظيف توسيع نطاق مهام وزير الدفاع على النحو الذي جعله يدخل إلى حلبة الصراع السياسي الإسرائيلي الأمر إلي يشير إلى أن قطبي الصراع السياسي الإسرائيلي المقبل هما وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، أما نتينياهو زعيم الليكود فمن المؤكد أنه سيلعب لعبة المناورة بين الاثنين. هذا، والجدير بالملاحظة حالياً، هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي أولمرت، سوف يكون قد انتهى دوره كلاعب في ساحة الصراع الداخلي الإسرائيلي، وبالتالي تحولت توقعات صراع أولمرت وتسيبي ليفني باتجاه ترجيح صراع باراك مع تسيبي ليفني، وسوف يكون الجنرال باراك الأكثر حظاً إذا استطاع حرمان ليفني من مزايا تحركات دبلوماسية إسرائيل الشرق أوسطية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...