البيئة الإقليمية الجديدة في القفقاس و الصراع الإيراني- الأمريكي

22-05-2007

البيئة الإقليمية الجديدة في القفقاس و الصراع الإيراني- الأمريكي

الجمل:      الصراع الإيراني- الأمريكي، الدائر حالياً إذا وصل إلى مرحلة المواجهة، فإن نطاقه الأولي سوف يكون ضمن الأراضي الإيرانية، ونطاقه المصاحب الثانوي سوف يكون ضمن الحيز الجيو-سياسي المحيط بإيران، وقد ركزت التحليلات على تداعيات الصراع التي يمكن أن تحدث في منطقة الخليج، والعراق، وباكستان، وأفغانستان، وآسيا الوسطى، وشرق المتوسط، ولكن لم تتم الإشارة بالقدر الكافي إلى منطقة القفقاس، الواقعة مباشرة شمال إيران.
·       تركيب منطقة القفقاس:
تضم منطقة القفقاس: أذربيجان، إرمينيا، جورجيا.. وترتبط كل من أذربيجان وأرمينيا بحدود مع إيران، كذلك وتقع منطقة القفقاس في منطقة تشكل المثلث الذي يربط بين روسيا وأوروبا والشرق الأدنى.
·       اللعبة القفقاسية:
تتميز دول القفقاس بصغر الحجم، وحدة الفوارق الاثنية والمذهبية، الأمر الذي عمق تناقضاتها وصراعاتها السياسية، منذ أيام الاتحاد السوفييتي السابق، على النحو الذي دفع جوزيف ستالين إلى تطبيق مخطط سياسي متشدد إزاء هذه المنطقة، وذلك عن طريق توطين الأرمن المتعصبين مسيحياً أرثوذكسياً  في أذربيجان المتعصبة إسلامياً سنياً، وذلك ضمن أراضي إقليم ناغورنو كرباخ الأذربيجاني.. هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى عمد ستالين أيضاً إلى توطين عدد كبير من الأذربيجانيين المسلمين المتشددين سنياً في إقليم ناختشيفان الموجود ضمن أراضي أرمينيا المسيحية.
بعد انفصال إرمينيا وأذربيجان عن الاتحاد السوفييتي، اعتبرت أرمينيا أن إقليم ناغورنو كرباخ تابعاً لها، وطالبت بفصله عن أذربيجان وضمه لإرمينيا، وبالمقابل اعتبرت أذربيجان إقليم ناختشيغان تابعاً لها وطالبت بفصله عن أرمينيا وضمه لأذربيجان.
إزاء هذا الوضع المعقد، قامت أمريكا بوضع قواتها في جورجيا، وأصبحت تحرض على النيران بين الطرفين.
·       البيئة الإقليمية الجديدة في القفقاس:
الصراع الإيراني- الأمريكي، والأمريكي- الروسي، وضع منطقة القفقاس ضمن مثلث الأطراف الساخنة الثلاثة، وهي روسيا من الشمال، إيران من الجنوب، وأمريكا الموجودة في المنطقة.
وافقت أذربيجان على إمداد خط أنابيب النفط الذي ينقل نفط بحر قزوين إلى تركيا ولاحقاً إلى إسرائيل، ولكن بشرط أن لا يمر خط الأنابيب بإرمينيا.. وبالفعل تم تمديد الخط عن طريق تحريكه إلى جهة الشمال عبر الأراضي الجورجية ثم التوجه جنوباً في الأراضي التركية، وهكذا تم إخراج إرمينيا من مشروع تمديد أنابيب نفط بحر قزوين.
·       التوازنات الجديدة:
وثقت أمريكا علاقاتها مع حكومات أذربيجان وجورجيا، والمعارضة الأرمنية، وحالياً تعمل أمريكا من أجل تفجير (ثورة ملونة) جديدة في أرمينيا عن طريق دعم المعارضة الإرمنية لكي تقوم بثورة على غرار ثورة  أوكرانيا البرتقالية.
أما إيران فقد تحالفت مع المعارضة الأذربيجانية من أجل تفجير ثورة إسلامية تطيح بالمصالح الغربية والأمريكية، وأيضاً تتعاون مع المعارضة الجورجية اليسارية من أجل القضاء على النظام الذي تدعمه أمريكا، وتتواطأ روسيا مع إيران في الملف الجورجي.
أما في إرمينيا فقد عمدت إيران إلى دعم النظام الأرمني القائم حالياً، حتى لا يسقط في مواجهة المعارضة المدعومة أمريكياً.. وحالياً تقوم إيران بتمديد خط لنقل النفط والغاز إلى إرمينيا التي تآمرت عليها أذربيجان مع أمريكا وإسرائيل وتركيا بما أدى لحرمانها من النفط القزويني.
وعموماً، إن نجاح إيران في توطيد علاقاتها وروابطها مع إرمينيا سوف يشكل اختراقاً خطيراً لمستقبل الاستراتيجية الامريكية في منطقة القفقاسن وذلك لأن إرمينيا في هذه الحالة لن تستطيع الانخراط في مشروع الحصار الأمريكي الاقتصادي الذي تنوي أمريكا فرضه ضد إيران، وسوف يؤثر سلباً على أذربيجان والتي مازالت عاجزة عن حسم خلافاتها مع إرمينيا بالوسائل العسكرية.. كذلك في حالة تعزيز قوة إرمينيا فإن الأوضاع في جورجيا لن تستقر لمصلحة أمريكا وحلفائها الجورجيين، على النحو الذي قد يؤدي إلى الإضرار بمشروعات حلف الناتو، وحلف غوام العسكري الذي تحاول إسرائيل الآن توقيع اتفاقية شراكة عسكرية معه تتيح لإسرائيل استخدام قواتها في التدخل بمنطقة القفقاس وحماية خطوط أنابيب نفط بحر قزوين.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...