ارتفاع تكاليف الزواج زادت ظاهرة العزوبية بين الشباب

22-12-2009

ارتفاع تكاليف الزواج زادت ظاهرة العزوبية بين الشباب

تعد ظاهرة تأخر سن الزواج من الظواهر الاجتماعية السلبية والخطيرة، إذ تفوق في خطورتها الكثير من الظواهر الأخرى، ومن اللافت أنها بدأت تتزايد وتتسع يوماً بعد يوم مترافقة مع ازدياد معوقات الحياة التي أفرزتها العوامل التكنولوجية الهائلة التي نأت به بعيداً عن الحياة الطبيعية البسيطة في كل حيثياتها، إن الإنسان له حاجة غريزية يجب إشباعها بشكل سليم عن طريق الزواج وإن عدم إشباع هذه الغريزة يعني ظهور الكثير من المضاعفات النفسية والاجتماعية. وللزواج في ريف دمشق نكهة خاصة واختلاف كبير في عاداته وتقاليده بين الماضي والحاضر، وإن بقيت متمسكة بالكثير من العادات الإيجابية إلا أن بعضاً من تلك العادات تغير. 
 وربما ما تقوم به الجمعيات الخيرية من مساعدة على الزواج عبر الأعراس الجماعية التي يقدم فيها بعض لوازم المنزل للعرسان إضافة إلى تكاليف العرس الجماعي هو خير دليل على تكافل اجتماعي بين المواطنين لمساعدة غير القادرين منهم على الزواج.
وقالت المرشدة النفسية سلاف.ح «موظفة»: نسبة الزواج المبكر تبقى في هذا العصر قليلة جداً مقارنة بالأجيال الماضية، حيث كانت أمهاتنا سابقاً يتزوجن في أعمار مبكرة، فمنهن من تزوجت وهي لم تبلغ سن الثالثة عشرة، ومنهن من أنجبت وهي لم تكمل السابعة عشرة، فما أسباب هذا التغيير؟
نجد الآن الفتاة تصل إلى سن الثلاثين وهي لا تزال تبحث عن الشخص المناسب لها، فهل الأسباب تعود إلى الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من الشعوب أم لأن الحياة أصبحت تتطور بسرعة ومتطلباتها كثيرة؟ أم بسبب عزوف الشباب عن الزواج وذلك هروباً من المسؤولية حتى لا تقيد حريتهم بسبب كثرة وسائل الترفيه التي شغلتهم وأصبحت بالنسبة إليهم روتيناً يومياً تعودوا عليه؟ ولم تعد ترى كما كان في السابق جيلاً طموحاً مسؤولاً وبإمكانه تولي بيت وأسرة كاملة.
الشاب اليوم يصل إلى سن الثلاثين وهو غير مسؤول وغير قادر على بناء أسرة وعائلة.
ورأى خالد.ع أن ارتفاع تكاليف الزواج كالمهور وغيرها وأسعار السكن وتزايد معدلات البطالة أدت إلى تفشي ظاهرة العزوبية بين أوساط الشباب، إضافة إلى انعكاسات اجتماعية ونفسية غير مرغوبة في المجتمع.

وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة العزوبية بين الشباب وصلت إلى نحو 65% أما الباقي فهم من المتزوجين عدا 1% كانوا مطلقين أو أرامل، وهذا أمر طبيعي لأن 60% من الذكور تقل أعمارهم عن 25 سنة مقابل 37% من الإناث تقل أعمارهن عن 20 سنة.
وتبين الإحصائيات أن ظاهرة الزواج المبكر منتشرة بين الشباب وخاصة الإناث حيث تراوح متوسط السن عند الزواج للشباب بين 20 سنة للإناث و26 سنة عند الذكور، ما يدل على أن العادات والتقاليد الاجتماعية حيال تزويج الفتيات في سن مبكرة ما زالت سائدة في المجتمع وتوضح الإحصائيات أن أهم مشكلات تأخر الزواج عند الشباب عدم كفاية دخل الأسرة ونسبتهم تتجاوز 20% وضيق المسكن وتتجاوز أيضاً 15% والخلافات المستمرة بين الوالدين نسبتهم 11% والتفرقة بين الأخوة 5% إضافة إلى أن بعض أهالي الشباب يتدخلون في شؤونهم الشخصية مثل متابعة التعليم واختيار الأصدقاء والعمل.
وتحدث رئيس الجمعية الخيرية بداريا محمد دلعين أن الجمعيات الخيرية تلعب دوراً مهماً في مساعدة الشباب غير القادرين على الزواج من خلال تأمين بعض مستلزمات ومتطلبات الزواج، مبيناً أن أهم الصعوبات التي يعاني منها الشباب اليوم هو تدني مستوى الأجور وعدم وجود فرصة عمل إضافة إلى مشكلة السن وارتفاع تكاليف الزواج وموافقة الأسرة.
ورأى الشاب الجامعي عماد الرفاعي أن العامل الاقتصادي له دور كبير في تأخر الشباب عن الزواج حيث إنه في الريف لا توجد هناك ما يسمى ظاهرة تأخر سن الزواج بل هي مقتصرة على المدينة والسبب يعود إلى طبيعة الحياة التي تختلف كثيراً عن تلك التي يعيشها الناس في الأرياف حيث البساطة في كل شيء، فالزواج كونه من أهم الطقوس الاجتماعية في المجتمع الريفي الذي يمتاز ببساطة الأمور سواء أكانت المادية أم المعنوية من خلال توفير السكن والقناعة بالأشياء البسيطة إضافة إلى استمرارية وجود ظاهرة العائلة المركبة في الريف التي تضفي نوعاً من اليسر والتسهيلات وتذليل الكثير من العقبات التي تقف حائلاً أمام الشباب.
ويقول الشاب عمر إن تأخر سن الزواج له صلة بالجانب الاقتصادي فأكثر الشباب الطامح أو الراغب في الزواج يعاني من البطالة المنتشرة وإن عدم إيجاد الحلول لها يعني تفاقم الكثير من المشكلات والظواهر الاجتماعية والنفسية الخطيرة على أفراد المجتمع.
وأضاف: إن حفلات الزفاف الجماعي التي تقيمها الجمعيات الخيرية في الآونة الأخيرة ساهمت في ارتفاع نسبة الزواج في ريف دمشق ومن المتوقع أن يساهم مشروع السكن الشبابي ومشروع مكافحة البطالة في تذليل أغلب الصعوبات التي تقف وراء عنوسة الشباب.

أسعد المقداد

 

عش الزوجية... أم قفص التكاليف...إنفاق «الفشخرة» على الأعراس يصعب القصة

بعد عشرات السنين من اندثار عرف «مهر العروس» عند بعض الفئات الاجتماعية في سورية يعتبر بعض الشبان بفئاتهم الاجتماعية المتراوحة بين الفقر المدقع والغنى الفاحش الزواج العقبة الأكبر والأكثر كلفة في الحياة، حيث تفرض الأعراف الاجتماعية الكثير من الضغوط المادية على الشاب الأمر الذي أدى في السنوات الأخيرة إلى ارتفاع نسبة العنوسة لدى الشباب والفتيات معا. 
 التقينا العروسين «س. ر» و« ن. خ» في إحدى قرى درعا فتحدثا عن تكاليف زواجهما التي لم تتجاوز الخمسين ألف ليرة.
وبيّن العريس أنه انفصل عن خطيبته السابقة بعد ثلاث سنوات من الخطوبة لأنه لم يتمكن من تلبية شرطها الأهم وهو شراء المنزل قبل الزواج فتزوج من ابنة عمه التي تكبره بسنة واحدة والتي ساعدته ماديا مقدمة المال الذي ادخرته خلال سنوات من الوظيفة.
وبيّنت العروس أنها لم تكترث لكلام الناس الذين سيتكلمون وينتقدون مهما بذل العروسان من مال على العرس، فاكتفت وعريسها بتوزيع الشوكولا بعد الإكليل الذي تم من دون بطاقات دعوة، وأضافت إن مصاغها الذهبي لم يتجاوز خاتم الزواج وإنها استأجرت فستان العرس بدلا من شرائه وإن العرس لم يتطلب وجود سيارات لقرب منزل العروسين من الكنيسة، أما شريط الفيديو فكان عبارة عن هدية مقدمة لهما من صديق، وفوق هذا استغنت العروس عن شهر العسل وانتقلت مع زوجها مباشرة إلى المنزل الذي استأجره في جرمانا بسبعة آلاف ليرة شهريا ليباشرا حياتهما الجديدة ونضالهما لتحقيق الأحلام التي يبدو أن منزل العمر أكبرها.
ولفتت العروس إلى أن هذه الطريقة لاقت قبولا نوعا ما لدى أهل القرية الذين أثنوا على شجاعة العروسين وخصوصاً أنه قبل أيام من زواجهما أقام أحد أغنياء القرية عرسا كبيرا لابنه الطبيب ذبح خلاله أكثر من مئة رأس من الغنم ليقيم الولائم الكبيرة التي دعا إليها القريب والغريب معا.

انتقلنا إلى دمشق والتقينا الشاب «ب. غ» الذي تزوج منذ أشهر وهو مخبري تعويضات أسنان فبيّن أنه تزوج بعد قصة حب طويلة فتاة من عائلة ميسورة فكلفه العرس ما يملك من مال وأثقل كاهله بالديون.
وعلى الرغم من أنه يسكن حي القصور إلا أن أوضاع عائلته المادية سيئة للغاية حيث أصبح المنتج الوحيد بعد مرض والدته وتقاعد والده.
وأضاف العريس الذي يقيم مع عروسه في منزل أهله إن الزواج كلفه أكثر من 400 ألف ليرة وزّعها على بطاقات الدعوة والمصاغ الذهبي وأكاليل الورود وزينة الكنيسة وأجرة السيارات بما فيها سيارة الليموزين التي كلفت وحدها نحو 30 ألفا والضيافة بعد الإكليل وفستان العروس وبدلة العريس وكشف أن المصيبة كانت في السهرة الراقصة التي أقامها في إحدى صالات الأفراح داعيا إليها الأقارب والأصدقاء وقدم لهم العشاء والمشروبات الروحية ولكنه أعرب عن فرحته على الرغم من أن تلك السهرة كلفته نحو 150 ألف ليرة.
ولفت العريس إلى أنه اختصر شهر العسل إلى أسبوع أمضاه وعروسه في اللاذقية وأن أهل زوجته قدموا الكثير من المساعدات فقد جهّزوا ابنتهم بكل ما تحتاجه من ملابس واشتروا لها غرفة النوم الثمينة هدية إضافة للكثير من الحلي الذهبية.

وفي طرطوس التقينا الشاب «ل. ع» الذي تزوج منذ أشهر فكشف أن المنزل هو العقبة الأكبر التي تواجه الشاب قبل الزواج فقد اشترطت عليه عروسه منذ البداية وقبل الخطوبة أن يمتلك منزله الخاص لتعيش معه بشكل مستقل عن الأهل، أما الشرط الثاني وهو «السيارة» فلم تبال به العروس لأنه يمتلك سيارة قديمة ولكنها تفي بالمطلوب.
وأضاف العريس الذي يعمل في نجارة الموبيليا إنه بذل ما ادخره خلال سنوات طويلة من العمل لشراء المنزل واستحصل فوقه على قرض مصرفي، ولكنه أبدى سعادته إزاء هذا الإنجاز وخصوصاً أن المنزل الذي اشتراه بـ 1.5 مليون ليرة يقدر ثمنه اليوم بأكثر من ثلاثة ملايين.
وتابع «ل. ع» كلامه مبينا أن أثاث منزله لم يكلفه الكثير إذ صنع بنفسه معظم ذلك الأثاث وأشار إلى أن مراسم زواجه كلفته نحو 250 ألف ليرة.

كانت الخطيفة فيما مضى وسيلة العروسين الأخيرة للزواج رغما عن الأهل الممانعين ولكنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى وسيلة للهروب من التكاليف الباهظة التي تتطلبها مراسم الزواج وحفلاته.
وفي الخطيفة يلجأ العروسان إلى طرف ثالث يتكفل بتزويجهما مباشرة أمام الكاهن وبحسب الطقوس الدينية كما يتكفل بمصاريف الإكليل وبترتيب المصالحة فيما بعد وبحماية العروسين إلى أن تتم هذه المصالحة.
ومع اعتبار الخطيفة في كثير من الأوساط الدينية وخصوصا في الريف فعلا مشينا يسيء إلى أهل العروس، إلا أن هذا الشعور بدأ بالتلاشي منذ سنوات حتى أصبحت الخطيفة تتم في بعض الأحيان بموافقة الأهل من الطرفين وبترتيبهم بحجة أن العروسين أهمّ من العرس فليستثمرا ما معهما من مال لتأسيس مستقبلهما بدلا من إنفاقه على أجور بطاقات الدعوة والإكليل والكهنة وتكاليف التصوير وأكاليل الورود والسيارات بما فيها سيارة العروسين وولائم الطعام والشراب وقوالب الحلوى والسهرات الراقصة وفستان العروس وأجرة «الكوافير» وثمن المصاغ الذهبي إضافة إلى عشرات الأمور الصغيرة والكبيرة التي لا تكون بالحسبان.

وعدنا من جديد إلى حي القصور في دمشق لنتعرف على نموذج آخر لتكاليف الزواج ويقول الشاب «أ. أ» الذي لا يعرف كم كلف زواجه من مال ولكنه بيّن أنه اختار عروسه من عائلة ميسورة نوعا ما وأن والده اشترى له شقة بالحيّ نفسه بقيمة 13 مليون ليرة وأنه عندما رجع من شهر العسل الذي قضاه وعروسه في دولتين أوروبيتين قدم لهما والده هدية العرس وهي عبارة عن سيارة يقدر ثمنها بالملايين.

باسم الحداد

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...