اتفاقية أمريكية – تركية للتعاون النووي

04-06-2008

اتفاقية أمريكية – تركية للتعاون النووي

الجمل: نقلت صحيفة زمان اليوم التركية الصادرة يوم 3 حزيران 2008م تقريراً بعنوان «الولايات المتحدة وتركيا يتفقان حول التعاون النووي السلمي». هذا، وتجدر الإشارة إلى أن بعض التحليلات والدراسات التي تؤكد على ضرورة انخراط تركيا في المجال النووي سبق أن نشرتها صحيفة تيركش ويكلي.
* تركيا النووية: أبرز التساؤلات:
تعتبر تركيا من بلدان الشرق الأوسط التي أحرزت تقدماً علمياً وتكنولوجياً واقتصادياً معتبراً، وبسبب ضغوط عملية التطوير فإن تركيا بلا شك تحتاج أكثر فأكثر إلى مصادر الطاقة خاصةً وأن موارد الطاقة الكهرمائية التركية لا تفي بحاجتها المتزايدة إضافةً إلى أن محاولات تركيا بناء السدود العملاقة وتخزين المياه لتوليد الطاقة سيترتب عليها إلحاق المزيد من الأضرار بحقوق الآخرين الذين لهم كامل الحقوق في الاستفادة من موارد الأحواض المائية الطبيعية كحوضي دجلة والفرات وهو أمر سيضر أيضاً بعلاقات تركيا مع دول جوارها الإقليمي والتي يفترض بأن تكون علاقات قائمة على التوازن في الحقوق والواجبات على النحو الذي يؤدي إلى توازن المصالح بين تركيا وجيرانها. وتثير توجهات تركيا لأن تكون دولة نووية الكثير من التساؤلات من أبرزها:
• هل فعلاً تحتاج تركيا إلى تطوير قدراتها النووية من أجل الحصول على الكهرباء وغيرها من الأغراض السلمية أم أن ملف القدرات النووية التركية السلمية المعلن سيتضمن برنامجاً نووياً سرياً غير معلن يهدف إلى تطوير القدرات العسكرية النووية؟
• هل السعي التركي لتطوير القدرات النووية هو بسبب الحاجة الاقتصادية الناتجة بفعل ضغط الندرة في مجال الطاقة أم أن الأمر يرتبط بظاهرة سباق التسلح النووي والإدراك التركي المتزايد لحقيقة أن تركيا قد آن لها أن تكون دولة نووية شأنها شأن الدول الكبرى الأخرى كفرنسا وبريطانيا وروسيا بما يؤدي إلى إعادة نظام توازن القوى الكبرى خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين الذي كانت الإمبراطورية العثمانية (تركيا العثمانية) لاعباً أساسياً فيه إلى جانب الإمبراطورية الفرنسية وروسيا القيصرية وغيرها.
• الصراع في شبه القارة الهندية بين باكستان الإسلامية والهند الهندوسية أدى إلى سباق تسلح ترتب عليه ظهور توازن قوى جديد ضمن صيغة باكستان النووية في مواجهة الهند النووية وعلى خلفية الإدراك التركي لمعطيات خبرة المواجهة والمقابلة التاريخية بين إيران الفارسية وتركيا التركية فهل يهدف البرنامج النووي التركي القادم إلى موازنة البرنامج النووي الإيراني الذي قطع شوطاً كبيراً؟
• بدأت الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية بتقديم المساعدة منذ 15 عاماً لتركيا في المجال النووي وطوال هذه الفترة لم يسمح الأمريكيون والأوروبيون للجهود النووية التركية بتجاوز سقف الدراسات والبحوث والمنح التعليمية والمسوحات المتعلقة باستخدام التكنولوجيا النووية في مجالات الزراعة والأغراض السلمية المدنية، فإلى أي حد يتمتع اتفاق التعاون النووي التركي – الأمريكي الأخير بالمصداقية؟
• وافقت الولايات المتحدة على تقديم المساعدات لتركيا في المجال النووي فهل معنى ذلك أن أمريكا أصبحت تنظر إلى البرنامج النووي الإيراني باعتباره أمراً واقعاً، وبأن التعايش معه يتطلب بالضرورة وجود برنامج نووي تركي يعمل كموازن له على الأقل على مستوى الميزان الإقليمي.
• موافقة أمريكا على مساعدة تركيا نووياً لا بد بالضرورة أن تكون قد تمت بناءً على موافقة إسرائيلية مسبقة طالما أن إسرائيل تلزم أمريكا بالتفاهم المسبق معها حول كافة الجوانب والملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية فلماذا وافق الإسرائيليون لأمريكا بتقديم المساعدة النووية لتركيا والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الإفلات من تحالفاتها مع أمريكا وإسرائيل والغرب.
• الإعلان عن المساعدة النووية الأمريكية لتركيا هل القصد منها إضعاف حزب العدالة والتنمية الإسلامي. بكلمات أخرى، برغم أن الاتفاق تم مع حكومة حزب العدالة والتنمية فهل المطلوب أمريكياً – إسرائيلياً نقل الإشارات الخبيثة بشكل متزامن وفي اتجاهين:
* إشارة لحزب العدالة والتنمية بضرورة التخلي عن توجهاته الشرق أوسطية وتغيير الاتجاه بحيث يتسنى لأمريكا وإسرائيل تقديم المزيد من المساعدات النووية لأنقرة.
* إشارة إلى الرأي العام التركي بضرورة أن يقف إلى جانب الأحزاب العلمانية لأن استمرار وجود حزب العدالة والتنمية سيشجع أمريكا وإسرائيل الراغبتان في دعم ومساعدة تركيا النووية.
* الاتفاقية الأمريكية – التركية للتعاون النووي السلمي:
تم التوقيع في أنقرة يوم 26 تموز 2000م بين الولايات المتحدة وتركيا على اتفاقية التعاون النووي من أجل الأغراض السلمية وبرغم ذلك فقد ظلت هذه الاتفاقية معلقة لعدة أسباب أبرزها:
• تقول وجهة النظر الأمريكية بأن الاتفاقية هي اتفاقية تنفيذية وافقت  عليها الإدارة الأمريكية ولكي لم تتم الموافقة عليها رسمياً بواسطة الكونغرس الأمريكي ولما كانت الاتفاقية تنسجم مع الفقرة 123 التي نص عليها قانون الطاقة الذرية الأمريكي لعام 1954م فإن مجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ لم يعقدا أي جلسة لانتقاد الاتفاقية مع تركيا أو الاعتراض عليها، وفي هذه الحالة يقول القانون الأمريكي بأن الاتفاقية تصبح ملزمة بعد انقضاء 60 يوماً طالما أن الإدارة الأمريكية لم تتراجع عنها وأن الكونغرس الأمريكي لم يعترض عليها.
• برغم سريان الاتفاقية فقد ماطلت الإدارة الأمريكية في الشروع في المساعدات النووية لتركيا وذلك لعدة أسباب من أبرزها:
* افتضاح أمر قيام بع الشركات التركية بتهريب العتاد النووي لإيران.
* افتضاح وجود تنسيق بين بعض الأطراف التركية والسودانية تم بموجبه تهريب العتاد النووي عبر السودان إلى ليبيا.
• تؤكد الاتفاقية على التزام الولايات المتحدة بتزويد تركيا بالتكنولوجيا النووية بحيث تكون تركيا بحلول عام 2015م قد أكملت بناء ثلاثة مفاعلات نووية تعمل في مجالات تخصيب اليورانيوم من أجل الحصول على الوقود النووي والبلوتونيوم إضافةً إلى الماء الثقيل والخفيف.
• تؤكد الاتفاقية على ضرورة أن يخضع التعاون النووي التركي – الأمريكي لإشراف وتدقيق وكالة الذرية العالمية وإجراءات التفتيش التي تقوم بها تطبيقاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
حتى الآن، برغم سرية الاتفاقية فإنها لم تتحول بعد إلى معاهدة أمريكية – تركية رسمية وبرغم أن الرئيس الأمريكي قد سبق أن قام بإرسال نص الاتفاقية إلى الكونغرس الأمريكي منذ عام 2000م فإنها ما تزال مدرجة ضمن بنود الكونغرس المعلقة.
وتقول التسريبات بأن أنقرة تعد العدة للقيام بطرح مناقصات المعدات التكنولوجية أمام الشركات العالمية في شهر أيلول القادم وتقول التسريبات التركية أيضاً بأن نصيب الشركات الأمريكية سيكون الأوفر حظاً خاصةً وان التصميمات المبدئية التي أعدتها تؤكد على أن المفاعلات التركية الثلاثة التي سيتم إنشاؤها يجب أن تتضمن قدراً أكبر من المكونات التكنولوجية الأمريكية طالما أن الحد الأدنى المتوقع من الطاقة الكهربائية المبدئية التي تسعى أنقرة إلى الحصول عليها هو 5 آلاف ميجاوات.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...