أجندة الشرق الأوسط: النفط و المسلمين

04-02-2012

أجندة الشرق الأوسط: النفط و المسلمين

Image
11

الجمل ـ فرانسيس أ بويل ـ ترجمة رندة القاسم: منذ تأسيسها عام 1789  لم يتغير  سوى القليل في الاتجاهات الامبريالية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية. فقد استهلت الولايات الغرة القرن التاسع عشر بسرقة قارة أميركا الشمالية من الهنود، بينما كانت تمارس تطهيرا عرقيا بحقهم،  و أخيرا  أبعدت القلة البائسة من الناجين عن طريق مسيرات الموت  إلى بانتوستان (في جنوب إفريقيا) وكأن ذلك مثال على قدر أميركا في حكم العالم.
ثم افتتحت حكومة الولايات المتحدة الامبريالية القرن العشرين بسرقة الإمبراطورية الاستعمارية من اسبانيا في كوبا ، بورتوريكو، غوام و الفيليبين ، و أنزلت ما يشبه الحرب المبيدة ضد الشعب الفيليبيني و بنفس الوقت عملت على ضم مملكة هاواي و إخضاع السكان الهاوايين الأصليين لظروف شبه مبيدة لا يزالون يعانون منها حتى اليوم و كل ذلك تحت عنوان ضمان ما يسمى "مكان أميركا في الشمس".
و اليوم و مع بزوغ القرن الواحد و العشرين ، يشهد العالم جهودا من قبل حكومة الولايات المتحدة الامبريالية لسرقة إمبراطورية الهيدروكربون من الدول و الشعوب المسلمة، مطوقة آسيا الوسطى و الخليج الفارسي بذريعة خوض حرب ضد الإرهاب العالمي أو الخلاص من أسلحة الدمار الشامل أو دعم الديمقراطية و هذا كله هراء بكل معنى الكلمة.
فعلى مدار أكثر من مائتي  و عشرين سنة و السياسة الامبريالية الخارجية للولايات المتحدة قائمة على العنصرية و العدوانية و الإبادة و التطهير العرقي و الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب و الإبادات الجماعية الكاملة.
و مع بلوغ الوجود الإنساني المحفوف بالمخاطر الألفية الثالثة ، لم يتغير شيء حول دينامكية السياسة الامبريالية الأميركية ، و نرى ذلك اليوم في أفغانستان و العراق و فلسطين و ما يبدو أنه سيكون هجوما غير شرعي على إيران.
و الآن الموضوع الأهم هو أجندة الشرق الأوسط: النفط و الإسلام. و علينا البدء بقصة حظر النفط العربي عام 1973 . فكما نعرف عام 1967 ، شنت إسرائيل حربا وقائية غير شرعية ضد الدول العربية المحيطة، فسلبت أراض و قامت بتطهير عرقي لشعبها . و لكن في آخر الأمر عرضت مصر اتفاقية سلام على إسرائيل رفضتها الأخيرة و قررت مصر و الدول العربية استخدام القوة لاستعادة أراضيها.
و كادت إسرائيل أن تنهار، و هرعت الولايات المتحدة و أوروبا لدعمها بتزويدها بأسلحة و كرد على ذلك قطعت الدول العربية النفط عن الولايات المتحدة و أوروبا ، و أذلت  اقتصادياتها. آنذاك هدد هينري كيسينجر، الذي كان حينها وزير خارجية الولايات المتحدة، العرب و قال : (هذا لن يحدث ثانية على الإطلاق و إذا حدث سنمنعه).
و لم يكن هذا مجرد تهديد . فحينها خططت الولايات المتحدة و جهزت و تآمرت لسرقة البترول من الخليج الفارسي. وقتها لم تكن تملك القدرات العسكرية لتنفيذ تهديد كيسينجر، و الذي كررته إدارتا فورد و كارتر بقيادة هارولد براون و بريجنسكي .
لذلك خططوا لأجل قوة تدخل مصممة خصيصا لهدف سرقة حقول النفط العربية و هذا ما كان يسمى بقوة الانتشار السريع. و قد احتاجوا لعشر سنين من التدريب و التخطيط و التموضع و التزويد لبناء هذه القوة بتلك القدرات و التي سميت فيما بعد القيادة الأميركية المركزية و هدفها سرقة  منابع البترول و الغاز في الخليج الفارسي و آسيه الوسطى و السيطرة عليها. و هذا هو بالضبط ما باشرت القيادة المركزية الأميركية بعمله في حرب بوش الأب ضد العراق، التي كانت أولى عملياتها العسكرية.
و كما نعلم ، قضت هذه الحرب على حوالي مائتي ألف عراقي نصفهم مواطنين أبرياء أبيدوا ببساطة بحملات قصف و عمليات عسكرية لم يسبق لها مثيل. و لكن تذكروا، احتاج البنتاغون و ثلاث إدارات مختلفة ،ديمقراطية و جمهورية، لخمسة عشر عاما لأجل امتلاك القدرة للقيام بذلك.
و ماذا حدث بعد انتهاء هذه الإبادة أو الصراع؟ قسمت الولايات المتحدة العراق لثلاثة  أقسام بقواتها الجوية عن طريق ما يسمى مناطق حظر جوي، منطقة للأكراد في الشمال و أخرى للشيعة في الجنوب و ثالثة للسنة في الوسط .و لماذا ؟ لتدمير العراق كدولة مؤثرة قابلة للنمو.
في كتابه صراع الحضارات، نبه هانتينغتون من هارفارد البنتاغون و الإدارة الأميركية إلى أن الدولة العربية الوحيدة التي تملك القدرة على قيادة العالم العربي  و تحدي الولايات المتحدة و إسرائيل هي العراق.  لذا يجب تدميره للاحتفاظ بسيطرة أميركا و وكيلتها إسرائيل. و تذكروا انه بعد عام 1973 لم تكن إسرائيل سوى تابع للولايات المتحدة ، فكانت تقوم بما تمليه عليها الأخيرة، و إلا فان  إسرائيل ليست سوى دولة فاشلة.
و إضافة لتدمير العراق كدولة ، بتحويلها إلى ثلاث مناطق، كان القرار بإضعاف و تحطيم الشعب العراقي . و بذلك مضوا في العقوبات الاقتصادية المبيدة ضد الشعب العراقي ، و التي انتقدها بشجاعة زميلاي دينيس هوليداي و هانس فون سبونيك و انتهيا إلى تقديم استقالتيهما كموقف مبدئي. و قد وصفا الأمر بالإبادة الجماعية . و قد فرضت الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا بحقد و إجرام عقوبات قاتلة على الشعب العراقي أودت بحياتي ما يقارب المليون و النصف مليون عراقي معظمهم مدنيين أبرياء.
و حين سألت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مادلين أولبرايت عن موت خمسمائة ألف طفل عراقي، قالت أنها تعتقد بان الأمر يستحق . و كان بإمكاني عرض هذه العبارة أمام محكمة العدل الدولية ضد الولايات المتحدة على أساس أنها دليل على نية بإبادة الشعب العراقي في انتهاك لميثاق 1948 حول الإبادة الجماعية. و بالتأكيد عرضت الأمر على من كان حينها رئيس العراق، و لكن لسبب ما قرر عدم عرض هذا الأمر أمام محكمة العدل الدولية.
إذن، مات مليون و نصف مليون عراقي كنتيجة للعقوبات . ثم أتى الحادي عشر من أيلول ، و نعلم بأن إدارة بوش الابن كانت على اطلاع بأن هجمة إرهابية أساسية ستشن في الولايات المتحدة، و تركوا الأمر يحدث عمدا و عن سابق تصميم ، لماذا؟؟ لأنهم أرادوا حجة للحرب, و ليست حربا واحدة بل حروبا طويلة يتحدثون عنها اليوم.
و بالتأكيد، و من خلال أبحاثي أقول أن خططا وضعت من قبل البنتاغون منذ عام 1997 لأجل حرب ضد أفغانستان. و تم field قوى عسكرية ضخمة  من قبل القيادة المركزية الأميركية ذاتها بحيث كانت محيطة بالخليج الفارسي و المحيط الهندي قبل الحادي عشر من أيلول.فهذه الحرب كانت مخططة ضد أفغانستان و بقيت الحاجة لذريعة فكان الحادي عشر من أيلول، و لماذا؟ لأن الولايات المتحدة تريد الوصول إلى النفط و الغاز الطبيعي في وسط آسية.
لقد كان هذا هدف البنتاغون قبل انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991. و الحادي عشر من أيلول منحهم الذريعة لأجل نزع النفط و الغاز من آسية الوسطى. و هاهم هناك اليوم بقواعدهم و جنودهم في دول الطوق وسط آسية و بالتأكيد خلال هذا تتم عملية إبادة، فنحن لا نعرف رقما تقديريا للمسلمين الأفغان الذين قتلوا بالقصف الجوي، أهم عشرون ألف أو خمسة و عشرون ألفا و ربما أكثر ،إضافة لعشرات الآلاف من الذين عانوا من الجوع لدرجة الموت و لا يزالون يعانون حتى اليوم.
و لكن و كما علمنا من الوثائق، لم يكن هذا سوى الخطوة الأولى في العملية. إذ أرادوا أن ينهوا العمل في العراق، و لهذا سريعا بعد الحادي عشر من أيلول ، أمر بوش رامسفيلد بتعديل و تجهيز الخطط لمهاجمة و غزو العراق الذي لم يكن له أية علاقة بأسلحة الدمار الشامل، الأمر الذي طالما قلناه في  حركة السلام في أميركا.
قررت الأمم المتحدة أن ما من أسلحة دمار شامل في العراق. كانت هذه أكاذيب صممت لأجل ترويع الشعب الأميركي و  الكونغرس لأجل دعم حرب عدوانية غير شرعية، إنها جريمة نورمبرغ ضد السلام و ضد العراق، و كانوا يلفقون أية كذبة و ينتهكون أي قانون دولي لأجل مهاجمة العراق. و ثانية لا ندري لليوم الرقم التقديري لعدد من قتلوا في العراق على يد الولايات المتحدة و بريطانيا و حلفائها. و مرة أخرى كان أغلبهم مدنيين ،وعليك أن تضيف إليهم ضحايا الحظر الاقتصادي المبيد الذي طبق على العراق منذ آب 1990.لقد أنزلت الولايات المتحدة و بريطانيا إبادة جماعية على المسلمين و المسيحيين في العراق و كما نعلم كان الأغلبية  من المسلمين.
و الآن حان دور الخطوة الثالثة من خطة البنتاغون، ألا و هي السيطرة على منابع النفط و الغاز في الخليج الفارسي و آسيا الوسطى. إذن، أولا أفغانستان ، ثم العراق، و الآن إيران إذ ستكون الضحية التالية لهذه الجرائم الصريحة إلى أن نوقفها أنا و أنت.
و حاليا   توجد ثلاث حاملات طائرات في الخليج الفارس, وهذا يعني أنه تحضير لهجوم. و وفقا لسيمور هيرش ،الحائز على جائزة الصحافة، من المحتمل أن يكون هناك قصف جوي مثلما حدث في يوغسلافيا عام 1999. و كما تذكرون، قامت الولايات المتحدة و الناتو بقصف جوي على مدار ثمانية أيام من دون موافقة مجلس الأمن.
إذن ، هذا ما يخططون له ، هجوم على إيران. باستخدام طائرات مقاتلة، و قاذفات مقاتلة، و صواريخ كروز و بالطبع سيكون لإسرائيل دور تلعبه، منفذة بالتفصيل ما تأمرها به أميركا.
و إذا هاجمت الولايات المتحدة إيران، فإنها على الأرجح ستهاجم سورية أيضا بالقوات الجوية الإسرائيلية و ستهاجم لبنان للتخلص من حركة المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، حزب الله. و ستندلع الحرب في المنطقة بأسرها، و من هم الضحايا الرئيسيون؟ المسلمون. فالولايات المتحدة غير معنية بأرواحهم.
انظر إلى عملية شيطنة المسلمين و إيذائهم من قبل الولايات المتحدة و وكيلتها إسرائيل. انظر إلى غوانتانامو حيث يعامل مئات المسلمين و كأنهم كلاب. انظر إلى أبو غريب و القسوة و الاستغلال الجنسي الذي تعرض له المسلمون عل يد آسريهم الأميركيين. و نفس الشيء حدث في باغران في أفغانستان.
و عندما قام البروفيسور شريف بسيوني، المكلف كتابة تقارير ميدانية للأمم المتحدة، بتقديم  تقرير إلى مجلس الأمن ضد الممارسات الأميركية في أفغانستان، اجبر الأميركيون كوفي أنان على طرده، تماما مثلما أجبروه على طرد ماري روبينسون ، المبعوثة العليا للأمم المتحدة لأجل حقوق الإنسان، عندما احتجت على ما يحدث في غوانتانامو.
و لن تتردد الولايات المتحدة في إظهار ازدراء أكثر لحياة المسلمين، و الأمر ينطبق على الحكومة العنصرية في إسرائيل، و سيسعدهم استخدام أسلحة ذرية ضد إيران. و يسعدهم أيضا خرق تابو هيروشيما و ناكازاكي ضد مسلمي إيران. و هذا لا يشكل أية مشكلة بالنسبة لهم.و أنا لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستقوم في البدء بقصف إيران بأسلحة نووية . و لكن أعتقد أنه في حال خروج الأمور عن السيطرة سيكونوا جاهزين تماما لاستخدام أسلحة نووية تكتيكية. و في منشور البنتاغون رقم 12-3 المرتبط بالموضوع و الذي يمكنك الحصول عليه في الانترنيت ستقرأ و بتاريخ الخامس عشر من آذار 2005 بأنه تم دمج أسلحة نووية تكتيكية بشكل كامل في قوات الولايات المتحدة الأميركية.
إذن في حال أرادت إيران الدفاع عن نفسها، بأي شكل كان، فسيسر الولايات المتحدة استخدام أسلحة نووية تكتيكية ضدها. و تذكر بأن المحافظين الجدد  يريدون خرق تابو هيروشيما و ناكازاكي . إنهم يريدون استخدام أسلحة نووية تكتيكية ليكونوا قادرين على القول لبقية العالم بأن عليهم الانصياع لأوامرهم   و إلا لينظروا ماذا حدث للإيرانيين. انه وضع جدي جدا ، و ربما خرج بشكل أكبر عن السيطرة. و تذكر أنه قبل قيام بوش بغزو العراق، قال الرئيس الروسي بوتين بأنه إذا فعل  عندها سيفجر حربا عالمية ثالثة . حسنا ، أنا فسرت الأمر بأنه تهديد ضمني.


المصدر: Oriental Review
الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...