مجموعة الـ8 تتجه نحو التراجع عن التزاماتها إزاء الدول الفقيرة

26-06-2010

مجموعة الـ8 تتجه نحو التراجع عن التزاماتها إزاء الدول الفقيرة

بينما حاصرت الشرطة مدينة هانتزفيل الصغيرة في منتجع موسكوكا الهادئ بمقاطعة اونتاريو، استقبل رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر قيادات مجموعة الثماني في قمة تتجه الى التراجع عن التزاماتها الى البلدان النامية، ولا سيما الأفريقية، واستبدالها بمساعدات ترضية. وعلى مسافة ساعات في مقاطعة اونتاريو تعقد مجموعة العشرين اليوم قمتها الرابعة منذ بداية الركود الاقتصادي العالمي بدون وجود إجماع بين اركانها حول مقاربة التحديات المالية.
ومع توقع صندوق النقد الدولي ان تتقلص بين عامي 2010 و2015 حصة البلدان المتقدمة في السوق العالمية الى 58,1 في المئة، تواجه قمة مجموعة العشرين، التي تمثل 83 في المئة من الانتاج الاقتصادي العالمي و85 في المئة من تلوثه البيئي، تساؤلات حول جدواها وآلية عملها واحتمال توسيعها، وهو المنتدى الدولي الذي ولد من رحم الأزمة الآسيوية في بداية التسعينيات وتعزز دوره على مستوى الملوك والرؤساء بعد بدء الركود الاقتصادي في ايلول 2008.
يلتقي القادة العشرون في مدينة مغلقة في تورونتو على وقع اتساع الازمة المالية الاوروبية الى أبعد من اليونان واسبانيا، إضافة الى احتمال بروز موجة ثانية من الركود الاقتصادي العالمي، وبعيد قرار المصرف المركزي الصيني ابداء مرونة في سعر صرف اليوان الذي تعتبر واشنطن انه يؤدي الى «افضلية تجارية غير عادلة» لصالح الصين.
ويتجدد في الخلفية التباين الاميركي الاوروبي حول اولويات الحلول الاقتصادية في المرحلة المقبلة. بعدما وجه الرئيس الأميركي باراك اوباما الاسبوع الماضي رسالة الى القادة المشاركين في القمة يحذر فيها من أي وقف سريع للإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد، لأنه يؤدي الى كارثة اقتصادية جديدة، رفضت اليابان وألمانيا والصين اقتراح اوباما بأن تزيد الدول التي تتمتع بفائض تجاري من إنفاقها الداخلي، وردت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عليه في مقابلة مع «وول ستريت جورنال» اكدت فيها ان «تقليص تنافسية المانيا بشكل اصطناعي لن تكون مفيدة لأحد».
ولم تستمع كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان الى نصائح اوباما بحيث كشفت هذه الحكومات عن خطط لتقليص عجزها المالي. وقد خفف اوباما من لهجته في تصريح قبل توجهه الى كندا حيث جدد وجهة نظره بأن الاقتصاد العالمي مترابط والانهيار في مكان سيؤثر على الجميع، داعياً الى «تشجيع النمو الاقتصادي العالمي مع ضمان ان كل بلد يمكنه السعي الى طريق مستدام خاص به لأمواله العامة». وهناك أيضاً نزاع حول الضوابط المالية على رؤوس اموال المصارف لحمايتها من الانهيار، حيث يدعو الاتحاد الاوروبي الى ضرائب على المعاملات المالية والمصارف لإعادة اموال خطة الإنقاذ المالية التي أنفقها دافعو الضرائب، وهذا ينال اعتراض كندا واليابان ومن الصعب إقراره.
في الصورة الأشمل، فإن البرازيل تؤيد تعزيز الضوابط على الاسواق المالية وروسيا تؤيد إنشاء آلية لمجموعة العشرين والصين تريد مناقشة الأزمة المالية الأوروبية وإصلاح المؤسسات المالية الدولية وكندا تطرح خطة مالية عالمية على مدى ثلاث سنوات لتخفيض العجز. لكن المفاوض الكندي الرئيسي في القمتين لين ادواردز، أكد خلال مؤتمر صحافي في المركز الاعلامي في تورونتو ان هناك فارقاً بسيطاً في وجهات النظر وليس اختلافات بين الدول الأعضاء وأنه يجب إيجاد «توازن دقيق» بين ضرورة نمو الاقتصاد العالمي والاصلاحات المالية الضرورية، وأن مجموعة العشرين تبقى «المنتدى الرئيسي لمناقشة الاقتصاد العالمي».
كما يتوقع، بحسب مصادر كندية تحدثت اليها «السفير»، ان يصف البيان الختامي الانتعاش الاقتصادي الذي حصل مؤخرا بأنه «هش وغير متساو والبطالة تبقى في مستويات غير مقبولة».
لكن الخلافات الرئيسية بين هذه البلدان تتجاوز الاقتصاد، لا سيما مع اللقاء المرتقب بين اوباما ورئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون حيث التباين بينهما علني حول أفغانستان والتسرب النفطي لشركة «بي بي» البريطانية في خليج المكسيك. كاميرون ميّز نفسه عن حليفه الاميركي داعياً الى سياسة تقشف مالي «لا مفر منها»، ووصف هذه القمة بأنها «هدر لأموال دافعي الضرائب» وتابع قائلاً «نيات جيدة تُشاطر في محادثات منتجة. ثم على نحو ما يبدو، نادراً ما تؤتي هذه النيات ثمارها في إجراء عالمي حقيقي ملموس...وبعدها نلتقي بعد عام لنجد ان الامور لم تتقدم فعلاً».
ويتوقع ان تستثمر كندا اكثر من ملياري دولار في مبادرتها الخاصة التي طرحتها على مجموعة الثماني لصحة الأطفال الرضع والأمهات. ويعتبر البعض ان المبادرة التي خرجت بها كندا هي لتغطية فشل قمة مجموعة الثماني في الوفاء بالتزاماتها بتوفير 50 مليار دولار من المساعدات التي اقرتها في تموز 2005 وكان متوقعاً ان يذهب نصفها الى أفريقيا بحلول عام 2010.
تحتاج القمة الى 18 مليار دولار للوفاء بهذه الالتزامات، في وقت يحذر البنك الدولي من أن وقف وتيرة هذه المساعدات قد يؤدي الى نكسات اقتصادية إضافية لا سيما في القارة الأفريقية. وقال المتحدث باسم منظمة «اوكسفام» مارك فرايد «عندما تكتب شيكاً...عليك تغطيته نوعاً ما. نحث مجموعة الثماني على إعلان خطة طوارئ لتوفير مبلغ الـ20 مليار دولار الناقص بحلول عام 2012».

جو معكرون

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...