%75من الأمريكيين يطالبون إدارتهم بالتحاور والتفاوض مع سوريا

الجمل:   وسط عاصفة الانتقادات المسعورة التي قامت بها الإدارة الأمريكية ضد رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوزي بسبب زيارتها لسوريا، انبرى نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ليصف زيارتها لسوريا بأنها تندرج في إطار (سوء السلوك).
إن أبرز الملاحظات حول الانتقادات التي تم توجيهها إلى نانسي بيلوزي بسبب زيارتها لسوريا، يتمثل في الآتي:
• ما وراء الانتقادات هو رغبة الإدارة الأمريكية في قطع الطريق أمام نانسي بيلوزي، وبقية أعضاء مجلس النواب والشيوخ من القيام بزيارات مماثلة لإيران، خاصة وأن رئيس لجنة العلاقات الخارجية الديمقراطي توم لانتوس، طالب بإجراء زيارات مماثلة لإيران.
• الأسلوب الذي تحدث به نائب الرئيس ديك تشيني، وأيضاً الرئيس بوش نفسه، يشير إلى رغبة البيت الأبيض الهادفة إلى وضع الكونغرس (السلطة التشريعية) في مرتبة أدنى من البيت الأبيض والإدارة الأمريكية (السلطة التنفيذية) بحيث يتم ردع ومنع أعضاء الكونغرس من التحركات المستقلة، إلا بما ينسجم مع رغبات وتوجهات السلطة التنفيذية الممثلة في البيت الأبيض والإدارة الأمريكية.
• رغبة جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي في إطباق السيطرة التامة على أجندة السياسة الخارجية الأمريكية وبالذات إزاء منطقة الشرق الأوسط، بحيث يتم تخطيطها والإشراف على تنفيذها ومتابعتها حصراً بواسطة نخبة محددة داخل البيت الأبيض الأمريكي ووزارة الخارجية الأمريكية، والبنتاغون، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
سياسة الإدارة الأمريكية القائمة على مبدأ عدم الحوار مع الخصوم في منطقة الشرق الأوسط، برغم توصيات لجنة بيكر- هاميلتون الواضحة، تعتبر سابقة غير مسبوقة، طوال تاريخ الإدارات التي تعاقبت على البيت الأبيض، بل وعلى العكس من إدارة بوش، فقد كانت الإدارات الأمريكية تحرص كل الحرص على الحوار والتفاهم مع الخصوم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
- قيام الرئيس الأمريكي دوايت ايزنهاور بدعوة الرئيس السوفييتي (الشيوعي) نيكيتا خروتشوف، وبرغم معارضة الكثير من المسؤولين الأمريكيين، فقد أدت هذه الزيارة إلى تذويب الجليد في العلاقات بين واشنطن وموسكو.
- قام الرئيس الأمريكي نيكسون بزيارة الصين (الشيوعية)، وبرغم معارضة البعض، فقد أدت هذه الزيارة إلى خفض حدة التوتر بين الصين والولايات المتحدة.
على خلفية هذه الوقائع، أصبح الكثيرون في أمريكا يطالبون الرئيس الأمريكي الحالي جورج دبليو بوش بضرورة التفاهم مع القيادة السورية. وإضافة إلى جيمس بيكر ولي هاميلتون وغيرهم من دهاقنة السياسة الخارجية الأمريكية، فقد أصبح الكثير من خبراء السياسة الخارجية الأمريكية، وبالذات دينيس روس، برنت سكوكروفت، وريتشارد هاس أكثر قناعة بضرورة التفاهم والحوار المباشر مع سوريا، وذلك على خلفية أن الحوار غير المباشر مع سوريا حول الملف العراقي، قد أدى إلى بعض النتائج المبشرة، فإن الحوار المباشر وجهاً لوجه بين سوريا والإدارة الأمريكية سوف يكون أكثر فائدة من حيث النتائج التي يمكن التوصل إليها إزاء الملفات الشرق أوسطية العالقة.
بالنسبة لموقف الشعب الأمريكي من سوريا، يقول مركز العلاقات الخارجية في التقرير الذي نشره يوم 27 نيسان 2007م:
إذا نظرنا إلى ما يقوله الأمريكيون إزاء سوريا، فقد كشف استطلاع للرأي العام الأمريكي، أجراه برنامج اتجاه السياسة الدولية، التابع لجامعة ميريلاند الأمريكية، بأن 75% من الأمريكيين يعتقدون بأن الولايات المتحدة يجب أن تتفاهم وتتحاور مع سوريا، كذلك أجرى مركز بو لاستطلاع الرأي العام، استطلاعاً حول نفس الموضوع، وكانت النتيجة مماثلة، ومفادها أن 69% من الأمريكيين يقفون إلى جانب ضرورة قيام الإدارة الأمريكية بمحادثات ومفاوضات مباشرة مع سوريا.
وعموماً، فإن زيارة بيلوزي لدمشق، هي زيارة تندرج ضمن إطار الدبلوماسية الأمريكية العامة، وهي لا تشكل خرقاً ينتهك نطاق اختصاص وزارة الخارجية الأمريكية أو الإدارة الأمريكية، وذلك لأن نانسي بيلوزي لم تقم بتوقيع اتفاقية ولا معاهدة، ولا جدول عمل، أو ما يشبه ذلك مع سوريا.
وطالما أن 75% من الأمريكيين يرون أن على أمريكا التفاهم والتفاوض مباشرة مع سوريا، فإن ما قامت به نانسي بيلوزي وغيرها من أعضاء الكونغرس الذين زاروا سوريا، يندرج ضمن إطار أنهم فعلوا ذلك نيابة عن 75%  من الناخبين الأمريكيين الذين دعموا فوزهم وصعودهم إلى عضوية الكونغرس، كذلك الكونغرس الأمريكي لا يمكن حصره فقط ضمن الاعتبارات التشريعية المجردة المعزولة عن الجوانب التنفيذية، وذلك لأن الكونغرس الأمريكي يتضمن الكثير من اللجان المسؤولة عن السياسة الخارجية والعلاقات الخارجية، وهو حق دستوري لا يمكن للبيت الأبيض مصادرته من أعضاء الكونغرس.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة