واشنطن تفتتح سيناريوالتهويل من أسلحة الدمار الشامل السورية

27-02-2012

واشنطن تفتتح سيناريوالتهويل من أسلحة الدمار الشامل السورية

كشفت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين أميركيين في إدارة أوباما، أن وزارة الخارجية الأميركية قد أطلقت مساراً دبلوماسياً للتنسيق مع جيران سوريا من أجل الاستعداد للتعامل مع أسلحة الدمار الشامل السورية في مرحلة ما بعد انهيار نظام الأسد.
وأكد المسؤولون الثلاثة، في تقرير حصري للمجلة، أن الخارجية الأميركية بعثت الأسبوع الماضي برسائل دبلوماسية إلى الدول المجاورة لسوريا، العراق والأردن ولبنان والسعودية، لتحذرها من إمكانية أن تنتقل أسلحة الدمار الشامل السورية عبر حدودها، في وقت عرضت أن تساعد الحكومة الأميركية هذه الدول في التعامل مع «المشكلة المحدقة».
ولفتت «فورين بوليسي» إلى أن ما تحمله الرسائل، بحسب ما توضح الأطراف المعنية سواء من داخل الحكومة الأميركية أو خارجها، يؤكد أن «الولايات المتحدة تجهد في وضع خطط استباقية للتعامل مع المخاطر التي تحملها مرحلة سوريا ما بعد الأسد، فيما تفتقر إلى خطط لإسقاط الأسد بشكل مباشر». سوريون يشاركون في الاستفتاء على الدستور الجديد في دمشق أمس (أ ب أ)
وتقول المجلة «هناك اعتقاد غربي مفاده أن سوريا تملك برنامجاً ضخماً للأسلحة الكيميائية، يضم غاز الخردل وغازات أعصاب متطورة مثل غاز السارين فضلاً عن الأسلحة البيولوجية».
من جانبها، رفضت وزارة الخارجية، والكلام للمجلة، أي إمكانية لمناقشة المراسلات الدبلوماسية الرسمية الخاصة مع أي من مسؤوليها، مثل كاتب المذكرة ومساعد وزيرة الخارجية للأمن الدولي ومنع الانتشار النووي توم كانتريمان، الذي كان قد أعلن في لقاء مع الصحافيين في وقت سابق من العام، عن ثقته بأن واشنطن تعرف مواقع مخازن أسلحة الدمار الشامل السورية، لكنه حذر حينها من أنها قد تتحول إلى قضية أمنية خطيرة بالنسبة لسوريا وللمنطقة.
كانتريمان قال حينها إن»لدينا توقعات بشأن الكمية الموجودة من هذه الأسلحة ومكان مستودعات التخزين»، معبراً عن رغبته في «أن تعي دول الجوار حول سوريا أنه عندما يتغير النظام السوري سيكون مهماً الأخذ بالاعتبار الحالة التي ستؤول إليها البلاد، هل هي الفوضى أم النظام».
وفي رد على استفسارات «فورين بوليسي»، والكلام لكاتب التقرير في المجلة جوش روجن، أصدر مسؤولو وزارة الخارجية بياناً توضيحياً جاء فيه «تراقب الولايات المتحدة إلى جانب حلفائها مخزون الأسلحة الكيميائية السورية. إن وجود تلك الأسلحة في سوريا يهدّد السلام والأمن في الشرق الأوسط، علماً بأننا كنا قد طالبنا الحكومة السورية في السابق مراراً بالتخلص من أسلحتها الكيميائية والانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية. نعتقد أن الحكومة السورية ما زالت تسيطر على مخزون الأسلحة، لذا سنواصل التعاون بشكل حثيث مع الدول الحليفة لمنع انتشار برنامج الأسلحة الكيميائية السورية».
وبحسب «الرواية الكاملة» التي قدمها مسؤولون أميركيون للمجلة الأميركية، فقد تضمّن المسار الدبلوماسي أربع نقاط محدّدة. الأولى تمثلت باعتراف الحكومة الأميركية بوجود برنامج أسلحة كيميائية ناشط في سوريا، يستفيد النظام من إمكانية استخدامه عبر الصواريخ البالستية التي يملكها. الثانية هو تأكيدها أن أي تغيير متوقع في الخريطة السياسية في سوريا قد يثير شكوكا جدية بشأن سيطرة النظام على انتشار المواد الحساسة.
الثالثة يمكن اختصارها بأن وزارة الخارجية الأميركية أوعزت لجيران سوريا بأنه في حال سقوط نظام الأسد، فسيثير أمن مخزونه من أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن سيطرته على الأسلحة التقليدية (مثل قاذفات الصواريخ المحمولة على الكتف) الشكوك، وقد يفرض تهديدا خطيرا لأمن المنطقة. أما في النقطة الأخيرة فقد أكدت المذكرة أن الحكومة الأميركية مستعدة لمدّ دول الجوار بالدعم اللازم في سبيل التعاون الأمني الحدودي.
ونقلت المجلة عن أحد المسؤولين قوله إنه «بات ضرورياً الاعتراف بخطر مخزون الأسد من الأسلحة على المجتمع الإقليمي والدولي، كما على أهمية التعاون مع الدول المجاورة على ضوء السقوط المتوقع للنظام، وذلك للوقوف دون انتشار هذه الأسلحة الحساسة للغاية عبر الحدود».
ويلفت المسؤول محذراً إلى أن «البرنامج السوري يتفوق على البرنامج الليبي بمرات مضاعفة. فنحن نتحدث هنا عن أسلحة دمار شامل مشروعة، وهذه ليست العراق. الإدارة الأميركية قلقة للغاية بشأن انتشار الأسلحة. وهذه المسألة هي أحد الأمور القليلة التي يمكنك وضعها على الأجندة والتحرك لمعالجتها خارج إطار التخطيط لإسقاط النظام».
وكشفت المجلة أن الإدارة الأميركية تنسّق عن كثب مع الأردن في هذا الصدد، حيث «زار وفد عسكري أردني البنتاغون الخميس الماضي للقاء وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا».
وأضافت «إلى جانب الخطر من انتشار أسلحة الدمار الشامل، هناك تخوّف واضح من إمكانية أن يستخدمه الأسد للدفاع عن موقفه في حال شعر بالخطر يداهمه».
ولفت احد المسؤولين من الإدارة الأميركية إلى أن «إدارته مقتنعة بأن برنامج أسلحة الدمار الشامل في وضع ناشط الآن، ما يسلّط الضوء على الخطر الذي يشكله النظام على أمن الولايات المتحدة ومصالحها الإقليمية»، مضيفاً «تعمل رسائل إدارة أوباما الدبلوماسية بشكل أساسي على إبقاء دول الجوار على اطلاع».
ورأى بعض المسؤولين من داخل الحكومة وخارجها أن «إثارة الموضوع حول نشاط برنامج أسلحة الدمار الشامل قد يشكل عنصراً مساعداً»، لكنهم «أسفوا» ألا ينجح مثل «هذا المشروع المصمم على درجة عالية من التخطيط» في المساهمة في إسقاط الأسد بأقرب وقت وأقل خسائر ممكنة.
وكان «مؤتمر أصدقاء سوريا» في تونس الجمعة الماضي، بحسب الصحيفة، قد شهد مغادرة الوفد السعودي الاجتماع وهو يشكو من التقاعس وحث المجتمع الدولي على تسليح المعارضة السورية، في وقت قال مسؤول آخر في الإدارة الأميركية إن واشنطن أصرت على رفض دعوة المجلس الوطني السوري ومجموعات أخرى للتحضير لتدخل عسكري في سوريا، في وقت لم تطرح أي استراتيجية حقيقية كبديل لإجبار الأسد على التخلي عن منصبه.
«لا يمكن أن نبني استراتيجيتنا على مرحلة ما بعد الأسد من دون أن ندرس بشكل جدي كيفية إسقاط الأسد بأقل أضرار ممكنة»، علّق المسؤول مضيفاً «الحقيقة هي أنه، في مرحلة ما، سيكون على واشنطن الاعتراف بأنها لا تستطيع التخطيط لسيناريو ما بعد الأسد فيما تغفل التخطيط لكيفية تحديد شكل السقوط نفسه. لا يمكن فصل الاثنين».
في المقابل، لفتت المجلة إلى وجود العديد من أعضاء الكونغرس «القلقين» بشأن وجود نقص في التخطيط لسيناريو إسقاط الأسد، ومن بينهم السيناتور جون ماكين وجو ليبرمان وليندسي غراهام الذين أصدروا بياناً حثوا فيه الإدارة الأميركية على البدء مباشرة بـ«مساعدة المسلحين السوريين ».
                                                                                                                                            المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...