هل يمكن إيقاف توسع القاعدة في لبنان

27-06-2006

هل يمكن إيقاف توسع القاعدة في لبنان

الجمل : في الوقت الذي يفكر فيه الإسرائيليون بالمضاعفات المترتبة على فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطينين، فإن ثمة تهديد جديد أصبح أكثر تطوراً في لبنان، حيث أصبحت تظهر الكثير من بوادر الارتباط بشبكة القاعدة منذ حوالي عشر سنوات، وكان آخر تصريح يشير إلى ذلك ، جاء من أيمن الظواهري وأبو مصعب الزقاوي، واللذين أشارا إلى ضرورة العمل من أجل الهدف المزدوج، والذي يتمثل في : تقويض الأنظمة العربية، واستهداف إسرائيل بشكل تام، باعتبار أن ذلك من أهم أولويات القاعدة وأبرزها.
هذا، وقد قام المرتبطون بالزرقاوي في لبنان بالدخول في عمليات استهداف "منخفضة الشدة" ضد إسرائيل وبعض المصالح اللبنانية، وحالياً، فإن وجود عدد من المعوقات يمكن أن يكون السبب في الحد من قدرتهم على شن هجمات أكثر خطورة في الدخل أو في الخارج انطلاقاً من لبنان وبرغم ضعف الحكومة اللبنانية، إلا أن لها مصلحة واضحة في القيام بدرء الأنشطة التي تقوم بها أو توجهها القاعدة داخلياً أو خارجياً.
هذا، والعلاقات الديناميكية بين حزب الله، والفلسطينيين والقاعدة، سوف تظل أكثر غموضاً والتباساً، وبرغم ذلك، فهناك ثمة دلائل وعلامات مبكرة تشير إلى وجود قدر من العداء الكامن بين هذه الجامعات.
وبالتالي، فمن الممكن للإسرائيليين والأمريكيين، أن يكونوا قادرين على مساعدة لبنان- إن رغب بذلك- في احتواء التهديد الجديد بواسطة القاعدة.. أو غيرها.
العمليات ذات الصلة بالقاعدة في لبنان:
يعتبر تنظيم عصبة الأنصار من التنظيمات الشديدة الصلة بالقاعدة إن لم يكن صنيعه لها، ويعتبر تنظيم عصبة الأنصار هذا مسؤولاً عن عدد من الهجمات في لبنان، منذ منتصف حقبة التسعينات. كذلك، فأعضاء تنظيمه يبلغ عددهم بضع مئات، عدد كبيرمنهم تلقى تدريبه في أفغانستان عندما كانوا "رفاقاً" أو "أخوة" للجيل الأول من ناشطي القاعدة. وفي نوفمبر 2005م، أخبر أبو شريف – قائد عصبة الأنصار- صحيفة الـ (ديلي ستار) بأن أربعة من أعضاء التنظيم قد (استشهدوا) خلال القتال في العراق ضد القوات الأمريكية، وأن هناك أعضاء آخرين قد سافروا للعراق، من أجل الانضمام لمسيرة الجهاد.
الوقائع والأحداث بعد خريف 2005م ، أبرزت بشكل واضح روابط تنظيم القاعدة مع لبنان، وفي سبتمبر قام البوليس الفرنسي بتفكيك مجموعة سلفية في أحد ضواحي باريس تعمل في شكل خلية تابعة لشبكة الزرقاوي من أجل الانضمام لتنظيم القاعدة الذي يقوده الزرقاوي في العراق.
وقد أطلع اثنان من أعضاء المجموعة السلطات الفرنسية بأنهما قد تدربا على استخدام المتفجرات في معسكر بالقرب من طرابس في شمال لبنان، وبعد ذلك، في 27 ديسمبر تم إطلاق ثمانية صواريخ كاتيوشا إلى داخل شمال إسرائيل، وأصابت مستوطنات كريات شمونا، وشلومي. وقد أنكر كل من حزب الله والفلسطينيين مسؤولية القيام بذلك، وفي 29 ديسمبر، أعلن الزرقاوي مسؤوليته ذاكراً بأن الهجوم هو بمثابة " ضربة البداية لسلسلة طويلة من الهجمات التي سوف يتم تنفيذها ضد العدو الصهيوني" وفي 13 يناير 2006، أعلن البوليس اللبناني عن اعتقال 13 مشتبهاً بإقامة علاقات مع الزرقاوي، والذي كان مشتركين في التخطيط للهجمات الانتحارية في العراق، وربما في لبنان من بين المعتقلين كان هناك 7 سوريين، و 3 لبنانيين، وسعودي، وأردني، وفلسطيني.
خلال فترة الاعتقال، اكتشف البوليس اللبناني قارباً محملاً بالأسلحة، والتي من بينها صواريخ طويلة المدى، على مقربة من شاطئ طرابلس، وذلك في طريقها إلى غزة، واعتقدت السلطات اللبنانية، بأن الشاحنة قد تم إعدادها بواسطة  الخلية نفسها التي قامت من قبل بشن الهجوم الصاروخي على إسرائيل في ديسمبر. وبعد ذلك في 24 يناير ظهرت مجموعة تطلق على نفسها تسمية (النمور السوداء) الجناح العسكري للقاعدة في لبنان. ببث بيان على الانترنت يدعو إلى تأييد ودعمها الهجمات الانتحارية في العراق، ويهدد بالهجوم على أفراد الأمم المتحدة، والزعماء الفلسطينيين، وقوى الأمن اللبنانية.
وفي 2 فبراير، هناك اعتقاد بأن أحد ناشطي القاعدة قد هدد بتفجير قنبلة في مقر إحدى الصحف اللبنانية، وحدث بعد عدة ساعات أن أدى الانفجار إلى جرح أحد الجنود بثكنات فخر الدين العسكرية في بيروت.
وقد صدر نداء يقول بأن هذا الهجوم قد تم قصاصاً وانتقاماً لاعتقالات يناير التي طالت المشبوهين بالعلاقة مع تنظيم القاعدة في لبنان.
المعوقات التي يمكن أن تقف أمام القاعدة في لبنان:
التأييد والدعم للقاعدة بقدر كبير ينحصر فقط  في المناطق السنية بشمال لبنان وجنوبه، وبالذات مخيم اللاجئين الفلسطينيين في منطقة نهر البارد، والمنطقة حول طرابلس، ومخيم عين الحلوة ، والقرى السنية الواقعة على امتداد الحدود بين لبنان وإسرائيل، مثل : العباسية، ضاهرة ، بارين ، عرقوب. وقد حاولت الحكومة اللبنانية أن تمنع هجمات القاعدة و توقفها وتفكك خلاياها عن طريق البوليس وقوى الأمن اللبنانية. وفي 30 يناير أعلنت قوى الأمن اللبنانية، عن إقامة وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب، والتي سوف يكون لها عدة فروع في سائر أنحاء لبنان، وسوف يتلقى أفرادها تدريباً دولياً في مكافحة الإرهاب. وحيث أن البوليس اللبناني هو الأكثر كفاءة في القضاء المبكر الاستباقي للأنشطة الإرهابية في شمال لبنان و وسطه، إلا أن أفراد البوليس اللبناني يترددون كثيراً من عملية التدخل في معسكرات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، والتي أصبح عدداً من أعضاء عصبة الأنصار يستخدمونها كملاذات آمنة.
فقد ناشطي القاعدة في العراق بعضاً من مؤيديهم بسبب تكتيكاتهم الوحشية غير العادية، وبرغم أنه مايزال التكهن حول هل سيطبقون هذه التكتيكات في لبنان أم لا مبكراً ، كذلك فقد أبدى الفلسطينيون رغبة في العمل والتعاون ضد ناشطي القاعدة.
في أبريل 2004م، قامت قوات منظمة فتح في لبنان باعتقال سعودي مرتبط بالقاعدة، كان قد جاء إلى معسكر عين الحلوة عابراً إلى لبنان عن طريق سوريا. والجدير بالذكر أن قوات منظمة فتح الفلسطينية قد سبق أن دخلت في مناوشات مع أعضاء عصبة الأنصار وتنظيم جند الشام (المنشق عن العصبة) وذلك في عين الحلوة، مطلع يناير 2006م. وقد أصدر تنظيم القاعدة في يناير تحذيراً للفلسطينيين من أجل أن (يعودوا إلى الإسلام) وهدد بالقضاء على الزعماء الفلسطينيين واستئصالهم.
هناك حسابات سياسية أكثر تعقيداً، تحكم العلاقات بين حزب الله والقاعدة في لبنان. برغم أنهما قد تعاونا لوجستياً في الماضي، وقد ظل حزب الله تاريخياً يسعى إلى احتكار الجهاد ضد إسرائيل في جنوب لبنان. كذلك تبدو هناك، ثمة صراعات إيديولوجية ناشئة مؤخراًَ بين حزب الله وجناح الزرقاوي في تنظيم القاعدة. ففي مقابلة أجراها في أغسطس عام 2005م، بواسطة صحيفة كويتية هي الرأي العام ، انتقد زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بشدة المشاعر المعادية للشيعية من جانب بعض الأطراف ذات التوجهات السلفية في العراق. كذلك فقد شن الزرقاوي آنذاك حملة ضد المدنيين المسلمين في العراق، وقد أدت هجماته التي نفذها في عام 2005م إلى تعميق الصدع والخلاف بين الطوائف والمجموعات الإسلامية.
الناشطون المرتبطون بالقاعدة في لبنان، ظلوا يهيجون العداء ضد حزب الله بدلاً من التهدئة، وفي 4 يوليو 2005م، أرسل جند الشام رسالة بالفاكس يهددون فيها باغتيال عدد من زعماء حزب الله وقادتهم البارزين، من بينهم الزعيم الروحي السيد حسين فضل الله، وقد كان الفاكس موجهاً إلى مركز الفتوى الشيعية في (تيرا) وفي مقابلة مع الرأي العام، أشار السيد حسن نصر الله إلى أن تهديداً مماثلاً تعرض له، تم بثه على شبكة الانترنت في صيف عام 2005م. وبرغم أن حسن نصر الله لم يأخذ الموضوع بالجدية الكافية، فإن نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم (أحد الزعماء الذين شملهم تهديد يونيو2005م) حذر صراحة و علناً من جعل لبنان مسرحاً لتصفية الحسابات ..
برغم هذه الخلافات والنزاعات الظاهرة والواضحة، فمن الممكن أن تكون لحزب الله مصلحة في السماح لعناصر القاعدة بالعمل في المنطقة.
وإذا استطاع حزب الله السيطرة على ناشطي القاعدة، فإن أنشطتهم سوف تصبح ذات فائدة أكبر، وذلك لأنها سوف تخلق نوعاً كبيراً من الإبهام والالتباس، على النحو الذي يؤدي لإرباك إسرائيل بقدر أكبر .. وبالتالي سوف لن تستطيع القيام بعمليات الانتقام والقصاص بالطريقة الدقيقة التي كانت عملياتها تنفذ بها.
في نهاية الأمر، وبوضوح، إن التفاعل بين جماعة حزب الله وجماعة القاعدة، سوف يعتمد في جزء منه على الخطوات سيقوم السوريون والإيرانيون إزاء عمليات القاعدة في المسرح اللبناني. وحالياً تمثل إيران تهديداً وخطراً، على خلفية التشجيع الذي شكله انتصار حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية، وتبعاً لذلك فسوف تسعى إيران إلى تشديد تهديدها حول رقبة إسرائيل عن طريق المزيد من دعم نشاط القاعدة في لبنان.
الاستنتاجات:
• إن قدرة القاعدة على العمل في لبنان سوف تعتمد جزئياً على قدرة البوليس اللبناني، ومشاعر اللبنانيين بشكل عام إزاء القاعدة.
• الفلسطينيون وحزب الله يعادون تنظيم القاعدة في لبنان، وبرغم ذلك فمن الممكن أن تثبت ديناميكيات الصراع غير ذلك.
• السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن التوتر بين المجموعات والفصائل في لبنان يمكن أن يفرض حالة التوتر والنزاع بينها وبين القاعدة في لبنان كأمر واقع.
• الولايات المتحدة والغرب سوف تعمل على الأرجح باتجاه تدعيم قوة الحكومة اللبنانية وقوى الأمن التابعة لها.
ويمكن أن تعقد اتفاقاً مع الحكومة اللبنانية حول مكافحة الإرهاب.


الجمل: قسم الترجمة
الكاتب: إيمايلي هانت
المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...