مطالبة بتنحية المحقق العدلي المكلف بقضية اغتيال الحريري

28-06-2007

مطالبة بتنحية المحقق العدلي المكلف بقضية اغتيال الحريري

برز تطور استثنائي لافت للانتباه في مجرى التحقيق العدلي اللبناني في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، أمس، تمثل في تقدم أربعة من ورثة الضحايا عبر المحامي محمد مطر بطلب تنحية المحقق العدلي القاضي الياس عيد لأسباب عدة بينها «الضن بصحته» و«الارتياب المشروع» منه و«محاباته» وكلاء الدفاع عن المدعى عليهم الضباط الاربعة جميل السيد وريمون عازار وعلي الحاج ومصطفى حمدان، فضلا عما شاع مؤخرا حول نيته «اصدار قرار تخلية سبيل المدعى عليهم الاربعة بالرغم من عدم انتهاء التحقيق الدولي ووجود ادعاء شخصي».
وقد وقع هذا الطلب بالعزل على العدلية وقع الصاعقة، وخاصة أنه يأتي عبر محام يمثل طرفا سياسيا في القضية. غير أن الأخطر من ذلك هو ما شكّله هذا الطلب من مس بصدقية القضاء اللبناني، وخاصة كبار قضاته العدليين، وعلى صورة القاضي الياس عيد الذي عمل طيلة سنتين وشهرين، في قضية لم يعالج القضاء اللبناني مثيلا لها في تاريخه.
والغريب في ذلك أن متضررين مقربين من عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، شاركوا في تقديم طلب التنحي في هذه القضية، برغم الضرر الذي يمكن أن يحدثه مثل هذا الطلب ـ الطعن في عناصر التحقيق نفسه منذ سنتين حتى الآن.
والمستغرب، ولو أنه كان مبررا، بالمعنى القانوني، أن يأتي طلب الادعاء الشخصي من عائلات الضحايا على الضباط الأربعة بعد مرور عامين ونصف عام على الجريمة، لكن المستغرب أكثر أن تبادر الجهة المدعية والمحسوبة على طرف سياسي معين، الى التقدم بطلب تنحية المحقق العدلي بعد سنتين وشهرين من امساكه بهذا الملف.
وإذا كان الاشتباك السياسي الداخلي قد سحب نفسه على العناوين السياسية والاقتصادية والأمنية، فإن المؤسسة القضائية تكاد تكون المؤسسة الأبرز، التي لم يتم، إقحامها نسبيا، بهذا التجاذب، وبالتالي صار السؤال المطروح كيف يصار الى إقحام قضية وطنية بحجم قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وهي صارت «أمانة» ليس بيد القضاء اللبناني وحده بل بيد القضاء الدولي، في «بازار» التجاذبات السياسية الداخلية وهل ان احتمال تبلور قناعة قضائية يبرر التشكيك في المحقق العدلي والتحقيق نفسه؟
وبينما كان المحامي محمد مطر بوكالته عن طارق العرب وزينة طراف وإحسان ناصر وسعد الدين درويش يقدم طلب تنحي عيد الى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي جهاد الوادي، باعتباره «خيار الضرورة»، اكتفى وزير العدل شارل رزق بالقول لـ«السفير» ردا على سؤال بأن الموضوع قانوني بامتياز وستتولى المراجع القانونية درس الأمر ومن ثم سوف تتخذ الموقف المناسب، رافضا إقحام السياسة في الملف.
بدوره، أبلغ المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، أنه ليس واردا على الإطلاق تنحية القاضي الياس عيد، مشيدا باستقامته ومهنيته، نافيا في الوقت نفسه ما اشيع في بعض وسائل الاعلام أن يكون هو شخصيا قد حقق مع أي من الذين تقدموا بدعاوى شخصية قبل نحو اسبوعين ضد الضباط الاربعة، ورفض ميرزا أيضا إقحام السياسة في أي من الملفات القضائية.
الجدير ذكره أن القاضي ميرزا كان قد طلب من القاضي عيد ملف التحقيق وأبقاه عنده لمدة أسبوعين للاطلاع عليه، وبعد ذلك قرر رده للمحقق العدلي.
ومن المفترض أن تتخذ محكمة الاستئناف قرارها النهائي في موضوع الرد وليس التنحية «لأن التنحية تحصل عندما يطلب القاضي نفسه بينما في حالة الطلب من فريق تعتبر ردا» على حد تعبير مراجع قضائية، وأضافت أن الرد سيكون اما بالقبول أو بالرفض، وفي الحالة الأولى اما ان تعيّن بديلا له (سيحتاج الى وقت لقراءة الملف الضخم قبل أن يبت بالطلب) أو ترك أمر البديل معلقا، إلا اذا حصلت مفاجأة من نوع أن يطلب القاضي عيد نفسه التنحي في انتظار أن تبت محكمة الاستئناف الطلب، وهو أمر استبعدته مصادر قضائية، وقالت لـ«السفير» «ان القاضي عيد يتصرف بقناعته وضميره المهني ولا يمكن أن يخضع لأي ابتزاز أو تهويل».
وفيما دافع المحامي محمد مطر عن قراره، قائلا انه تمهل كثيرا قبل أن يتقدم بهذا الطلب متحدثا عن «هجمة سياسية كبيرة يتعرض لها القضاء»، فإن مصادر قانونية مقربة من فريق الأكثرية نفت أن تكون لجنة التحقيق الدولية قد سلمت القضاء اللبناني كل الأدلة التي تملكها «لأنه ليس لدينا نظام حماية للشهود وبالتالي فإن قرار اخلاء سبيل اي من المتهمين لن يكون
مفيدا للتحقيق، علما أن البروتوكول الموقع بين وزارة العدل ولجنة التحقيق يجعل السلطات اللبنانية ملزمة بأن تسلم كل ما لديها من أدلة بينما لا تكون اللجنة ملزمة بذلك».
أما مصادر وكلاء الدفاع عن الضباط الاربعة فقد اشارت الى ان جوهر الموضوع هو محاولة تكبيل القضاء وجعله غير قادر على البت بتخلية سبيل المدعى عليهم.
وأكدت المصادر نفسها ان ملف الضباط الأربعة تحرك بشكل جدي منذ نهاية نيسان الماضي، وخاصة بعد اجتماع عقده المحامي أكرم عازوري مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية نيكولا ميشال وصرح خلاله الأخير بأن الأمم المتحدة «لا يمكن أن ترضى بأن تكون لجنة التحقيق الدولية ذريعة لاستمرار توقيف أي من المتهمين ممن انتفت مبررات توقيفهم لدى لجنة التحقيق الدولية».
وبعد فترة من الوقت وإثر مراجعات بين رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي سيرج برامرتز ووكلاء الدفاع عن المتهمين، وخاصة المحامي عازوري، وجّه القاضي برامرتز أربعة كتب متتالية الى القضاء اللبناني قال فيها انه يرفض التذرع بوجود معطيات عنده غير موجودة لدى القضاء اللبناني في ما يخص ملفي الضابطين جميل السيد وريمون عازار (علي الحاج ومصطفى حمدان ظلّ أمرهما معلقا ربطا بالالتباس القائم حول دورهما في ما يخص مسرح الجريمة).
وشكّلت الكتب الموجهة من برامرتز ورقة بيد وكلاء الدفاع الذين ألحوا في ملاحقة القضية، خاصة أن كل ما تملكه اللجنة الدولية بخصوص السيد وعازار صار بحوزة القضاء ولا حجج دولية مقنعة لاستمرار توقيفهما وبالتالي صار الحرج مرفوعا عن القضاء اللبناني اذا كان يريد اتخاذ قراره (تم تثبيت الأمر نفسه بعد استجواب لجنة التحقيق الدولية رنا قليلات في البرازيل).
وأشارت مصادر وكلاء الدفاع الى أن نيكولا ميشال، وهو أعلى مرجع قانوني في الأمم المتحدة عاد وأكّد أنّه لا لزوم لسؤال لجنة التحقيق الدولية مجددا في الموضوع لأنه قد حسم «فاللجنة لا يمكن أن تغطّي توقيف الضباط الأربعة»، ليسقط بموقفه ذريعة إبقائهم موقوفين.

سياسيا، وفي ظل استمرار المراوحة الداخلية بعد انتهاء مهمة الوفد العربي الى لا فشل ولا نجاح، ظلّ موضوع استهداف الدورية الاسبانية في سهل الخيام محور تفاعل سياسي، داخليا وخارجيا، فيما كشفت مصادر في الأمم المتحدة أن قيادة «اليونيفيل» كانت قد تقدمت قبل عبوة الخيام بطلب تعديل قواعد الاشتباك بينها وبين الجيش اللبناني بما يتيح لها توفير غطاء جوي استكشافي في منطقة جنوب الليطاني (طائرات من دون طيّار) وأن هذا الطلب تجدد بعد التفجير الأخير وأن الجانب اللبناني أعطى جوابا أوليا برفض أي تعديل أو تغيير في هذا القواعد.
وفيما عبّرت جهات في «اليونيفيل» عن انزعاجها من قيام الجانب الاسباني بكشف مسألة عدم تزويد الآليات الدولية بأجهزة تعطل الموجات اللاسلكية، علم أن معظم الوحدات غير المزودة بمثل هذه الأجهزة قررت تجميد دورياتها بانتظار اكتمال التجهيز.
وقال رئيس الاركان الاسباني فيليكس صانز انه تقرر ارسال اربع برمائيات (بي ام آر) مزودة بأجهزة استشعار للموجات الحرارية واللاسلكية بصورة طارئة وسريعة، بينما سيتم ارسال ثلاث من الطراز نفسه خلال اسبوع من تاريخه، على أن تتوجه وحدة عسكرية اسبانية فنية الى بيروت قريبا ومعها ثلاثون جهازا لتركيبها في الآليات الموجودة في الجنوب والتي لم تكن قد زودت بالجهاز المذكور.
خبراء فنيون عرب إلى الحدود مع سوريا؟
وعلى صعيد موضوع التوصية التي قدمتها اللجنة الدولية المكلفة تقصي واقع الحدود اللبنانية السورية الى الأمم المتحدة وتقضي بنشر خبراء دوليين، فإن مصادر مواكبة لزيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى باريس وروما قالت إن الجامعة العربية قد اقترحت على لبنان إرسال خبراء عرب لمراقبة الحدود اللبنانية ـ السورية، ومنع تسريب الأسلحة والمسلحين عبرها، وأن الأمين العام للجامعة تسلح لاطلاق فكرته بالبيان الوزاري العربي الأخير، غير أن الرئيس السنيورة رفض نفي أو تأكيد هذا الأمر.
وفي دمشق، قالت مصادر سورية ان موضوع الخبراء محصور بلبنان واللبنانيين ويخصهم وحدهم وليس لسوريا أية علاقة بالأمر طالما أنه ترتيب من الجهة اللبنانية، «أما اذا تطور الموقف الى حدود نشر قوات بين البلدين، فإن الموقف يصبح مختلفا».
الجدير ذكره أن الرئيس السنيورة، انتقل، مساء أمس، من باريس الى روما والتقى هناك نظيره الايطالي رومانو برودي لشكر بلاده على جهودها ودعمها للبنان ومشاركتها في قوة «اليونيفيل»، على أن ينتقل، اليوم، الى اسبانيا للتعزية بالجنود الستة الذين سقطوا في التفجير الارهابي الذي استهدف دوريتهم في الجنوب، بعدما أنهى زيارة الى فرنسا مساء، بلقاء ثانٍ مع وزير الخارجية برنار كوشنير ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ والسفراء العرب المعتمدين في باريس كما اجرى اتصالا بالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك شكره فيه على كل ما فعله من اجل لبنان. وأكد السنيورة عدم تغيير السياسة الفرنسية حيال «قوى 14 آذار»، مقللا من اهمية اللقاء التشاوري الحواري في باريس. وكرر اتهام سوريا بتسهيل دخول السلاح والمسلحين الى لبنان.
وقالت مصادر لبنانية مشاركة في الوفد اللبناني ان الاحتمال المرجح، بعد زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس الى باريس، هو الغاء الملتقى الحواري اللبناني في الشهر المقبل.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...