صعود الهوية الدينية لدى الجيل الثاني من المهاجرين (2 - 3)

19-03-2009

صعود الهوية الدينية لدى الجيل الثاني من المهاجرين (2 - 3)

ليس اليمن تفصيلاً عابراً في سير «المجاهدين» الأميركيين، مهاجرين كانوا أو معتنقين جدداً للديانة، ولا الانطلاق من الحي اليمني في بروكلين صدفة بحتة. فإذا كانت الجاليات المسلمة المهاجرة مندمجة اقتصادياً واجتماعياً إلى حد بعيد في البيئة الاميركية، إلا ان السنوات السبع الاخيرة شهدت مداً وجزراً بين هذه الجاليات والأجهزة الأمنية. هي علاقة معقدة بين طرفين يتوجس كل منهما من الآخر لكنه في الوقت نفسه مضطر للتعامل معه وإيجاد حد أدنى من الثقة به.

أول خلية «محلية المنشأ» اوقفت في الولايات المتحدة غداة أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 هي شبكة لاكوانا، شمال ولاية نيويورك، والمؤلفة من 6 شبان أميركيين من أصل يمني. تلك كانت الشرارة الاولى التي حركت مخاوف الأمن الأميركي من احتمال تشكل خلايا إرهابية بين الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين وإمكانات تجنيدهم في الداخل أو عبر شبكة الانترنت. فانطلق مصطلح «محلي المنشأ» من تلك الخلية وصار يشمل الظاهرة عموماً.

كذلك فإن أول «طالباني أميركي»، جون ولكر ليند أو كما أطلق على نفسه اسم سليمان الفارسي بدأ رحلته «الجهادية» الطويلة من صنعاء تحديداً. رحلة أوصلته إلى ساحات القتال في أفغانستان وجعلته من أبرز رموز 11 أيلول في الإعلام الأميركي والثقافة الشعبية متفوقاً لفترة غير قليلة من الزمن على أسامة بن لادن والملا عمر من حيث التغطية الإعلامية. وأثار ليند جدلاً واسعاً في المجتمع الاميركي بين من اعتبره خائناً يستحق الاعدام ومجرد مراهق طائش وقع ضحية مجتمع قذف به إلى التطرف الإسلامي. وهذا رأي يتشاطره بعض دارسي ظاهرة المعتنقين الجدد للاسلام الذين برزت بينهم على سبيل المثال لا الحصر، أسماء مثل «خوسيه باديلا» المعروف بـ «عبد الله المهاجر» المتهم بتحضير القنبلة القذرة، و «آدم بيرلمان» المعروف بـ «عزام الأميركي» أو «أبو صهيب الاميركي» الذي صار أشبه بناطق رسمي لتنظيم «القاعدة» بالانكليزية في أشرطة شركة «السحاب».

ولعل أكثر ما ترجم هذا الرأي في الثقافة الشعبية أغنية كتبها وأداها مغني البوب ستيف إيرل عنوانها «جون ليند بلوز» (أو كآبة جون ليند) ويقول مطلعها «ذهبنا للجهاد وقلوبنا طاهرة وشجاعة» فيما يردد الكورس «أشهد ان لا إله إلا الله».

ويمنح مسار ليند رحلات «الجهاد» على الطريقة الاميركية ملمحاً إضافياً، حيث يشكل الانتقال من دين إلى الآخر، منعطفاً أساسياً في مسيرة التطرف بدءاً بالتحول من المسيحية إلى الإسلام ثم اعتناق مبادئ متطرفة والإقامة فترة من الزمن في اليمن وصولاً إلى افغانستان واللقاء بأسامة بن لادن.

أما صنعاء إحدى أقدم المدن في العالم، فشكلت محطة أساسية في خروج هؤلاء إلى «ارض اسلامية» باحثين عن مكان يمارسون فيه شعائر دينهم. ذاك أن مفهوم الإسلام المتعدد المشارب في أميركا، والذي تختلط فيه الشعائر الدينية بالتقاليد الاجتماعية للبلدان الاصلية والمكونات الثقافية الاميركية ما عاد يشبع عطش شبان حالمين ومثاليين يريدون دفع الأمور إلى حدودها القصوى. واليمن أيضاً يحاكي في مخيلتهم الدينية صورة المكان الأثري الذي حافظ على نقائه وطهارته الأولى، فلم تلوثه الحضارة والثراء وبقي خارج روح هذا العصر الذي يمقتون. وبين تقصي سير الشبكات أو المجموعات من جهة، والأفراد الذين انطلقوا لوحدهم من جهة أخرى، تتجلى قواسم مشتركة كثيرة أولها توجيه سهام «الجهاد» إلى الخارج وليس إلى الداخل واعتماد مبدأ قتال العدو البعيد.

< كانوا مجموعة شبان في مطلع العشرينات من مدينة لاكوانا الصناعية شمال نيويورك، تربطهم شوارع مدينتهم ومحالها وانتماؤهم إلى بلد آبائهم اليمن. كأي أبناء حي، قضوا أوقاتاً طويلة مع بعضهم، وارتادوا المدرسة الرسمية في المقاطعة ولبوا رغبة الأهل بزيارة الأجداد والأعمام في البلد الأم صيفاً. كانوا «شلة» تهتم بالثياب والموسيقى والفتيات، وارتدوا فوق سراويل الجينز الهابطة عند خصورهم، سترات واسعة كتب عليها «الفرسان العرب» ومارسوا الرياضات الأميركية التقليدية من كرة قدم وهوكي. شكلهم كان أقرب إلى فريق «راب» منه إلى خلية متشددين إسلاميين. لكنهم في ذلك الوقت لم يكونوا قد تدينوا بعد.

ياسين طاهر انتخب «الأكثر شعبية» بين رفاق صفه في العام 1996. كان كابتن فريق كرة القدم، وتزوج لاحقاً حبيبته من أيام الدراسة التي كانت مشجعة الفريق. هي قصة أميركية تقليدية تنسج شاشات التلفزة حولها مسلسلات «سيتكوم» يومية. فيصل جلاب كان شريكاً في محطة وقود، يحب السهر والحفلات، وهو مشجع متحمس لفريق «بافالو» في لعبة الهوكي. بالكاد كان يتحدث العربية عندما تم تجنيده، ولم تبد عليه أمارات التدين إلا عندما بلغ منتصف العشرينات وكان قد تزوج. شفال مسعد وبحسب تقارير الشرطة عنه، كان يرتاد نوادي القمار عند الحدود الكندية - الأميركية و «له جانبه الجامح» كما وصفه رفاق حيه السابقون. ساهم علوان خريج جامعة ومتزوج وأب لثلاثة أولاد. عمل مستشاراً في شركة في وسط نيويورك وكان ناشطاً بين أبناء الجالية اليمنية. وهو أول أميركي يلتقي شخصياً أسامة بن لادن، ويتحدث في مقابلة رسمية عن تجربته تلك. مختار البكري الذي لم تخرج حياته كثيراً عن خط الآخرين اعتقل ليلة زفافه في غرفة فندق في العاصمة البحرينية المنامة بناء على مذكرة تقدمت بها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي أي»، واعترافاته بأن المجموعة تدربت على السلاح في معسكر في أفغانستان ولم تذهب لدراسة الدين في باكستان، ساعدت الـ «أف بي آي» في الوصول إلى بقية أعضاء المجموعة في لاكوانا بعد مضي نحو عام على عودتهم من أفغانستان.

يحيى جوبع هو الوحيد الذي لم ينشأ في لاكوانا، وكان الوسيط بين هؤلاء الشبان ومجندهم. ولد في منطقة برونكس أعلى نيويورك ثم حمله والداه إلى اليمن حيث قضى بضع سنوات عاد بعدها في أواسط التسعينات من القرن الماضي إلى نيويورك. وحده جابر البنا أقر مراراً لأصدقائه في المعسكر بأنه يريد أن «يستشهد». اعتقدت السلطات الاميركية طويلاً أنه موجود في اليمن، وخصصت جائزة قيمتها 5 ملايين دولار لمن يدلها عليه. في 2004 أعلنت الأجهزة الأمنية اليمنية أنه موقوف لديها، قبل أن تعود وتعلن لاحقاً أنه هرب في 2006 مع مجموعة من 23 سجيناً نجحوا في الفرار من سجن قرب صنعاء.

قبل تلك الرحلة إلى أفغانستان والتي تمت على دفعتين في 28 نيسان (أبريل) وأيار (مايو) 2001، كانوا مجرد شبان أميركيين يمرون بما يمر به أقرانهم من فورات شغب حيناً ولحظات تعقل حيناً آخر. زيارتهم الصيفية إلى اليمن جاءت بداية تلبية لرغبة الاهل في الحفاظ على رابط مع الجذور والدين والثقافة المحلية، وهو ما نجح به الشبان إلى حد بعيد. فهم حاولوا دائماً التوفيق بين عالمين. المراهقة التقليدية نسبياً التي عاشوها على مقاعد المدرسة الثانوية، اتخذت بعد تخرجهم منحى تقليدياً بدوره. فعملوا في مهن موقتة، وغير مستقرة أحياناً، وتحولوا «شلة» «لها جانبها السيئ» كما تصفها التقارير الأمنية، التي كشفت أيضاً أنهم تورطوا في جنح صغيرة هنا وهناك. لم يطل بهم الأمر على هذه الحال، ففي هذا الوقت بالذات تم تجنيدهم على يد شخص يدعى كمال درويش، سبق أن استضافه يحيى القوبة في شقته في نيويورك. نظم الاثنان حلقات ودروساً دينية في المنزل، تتبعها سهرات نقاش تدور غالباً حول «الجهاد» والاستشهاد ويحتل درويش الجزء الأكبر منها. أقنع درويش الشبان بأن المسلم الحقيقي هو المجاهد الذي يدافع عن دينه وإخوانه. بدا قريباً منهم ودوداً، وضليعاً في شؤون الدين من دون أن يكون واعظاً يحدثهم في جلسات «شبابية» يأكلون خلالها شطائر البيتزا ويتسامرون، وهو يخبرهم عن تلك البلدان البعيدة والبطولات والأشخاص الذين لم يحلموا بمقابلتهم يوماً.

حتى الآن تبدو القفزة التي قفزوها بين الحياة المدنية غير الدينية والتدين، عادية وتقليدية، وهي تشبه إلى حد بعيد الطريق التي سلكتها لاحقاً المجموعات المشابهة في أوروبا. فهم يطابقون الجيل الثالث من «القاعديين» الذين يعرّفهم مارك ساجمان في كتابه «جهاد بلا قيادة» بأنهم أبناء الطبقات الوسطى - الدنيا، الذين لا يكملون تعليمهم الثانوي وتربطهم في ما بينهم شللية قوية حتى إذا اقدم الواحد منهم على عمل ما لحق به الآخرون. هم «عصاميون» في الدين تعلموه باجتهاد شخصي، فلم ينشأوا بالضرورة في عائلات أو بيئات متدينة، وذلك القليل الذي اكتسبوه لم يمدهم بثقافة دينية نظرية بقدر ما أثار فضولهم وحماستهم وجعلهم يتحمسون لتلقي المزيد.

نجح درويش في حملهم إلى معسكر «الفاروق» في أفغانستان ليتدربوا على السلاح، وكان شبه واثق من أن وجودهم بين المقاتلين في تلك الجبال ولقاءهم أسامة بن لادن سيسهلان عليهم ترك نمط حياتهم في نيويورك والانضمام إلى صفوف «المجاهدين». لكن عملياً، بعد فترة قصيرة من تلك الحياة العسكرية - الدينية الصارمة، بدأ الشبان يتململون ويفتعلون الحجج والذرائع لمغادرة المعسكر والعودة إلى أميركا. يقول البكري في إفادته، إنه طلب الرحيل لأن عائلته لا تعرف مكان وجوده وهي لا شك قلقة عليه. فنصحه بن لادن في أحد اللقاءات بأن يكتب رسالة يطمئنهم فيها عن حاله. وفي اعترافاته قال البكري إنه «في العمق وعلى رغم التدريب العسكري، لم يشعر يوماً أنه عضو في تنظيم القاعدة». أما علوان الذي كان من الدفعة الأولى التي توجهت إلى المعسكر، فيقول إن ما دفعه للقيام بتلك الرحلة كان فضولاً وحاجة نفسية للتعمق في الدين، أكثر منه نية واعية بأن يتدرب ليحترف العمل الإرهابي، وأنه إذا أقدم على هذه الرحلة فكمراهق يسرق سيارة والده مع علمه المسبق أنه يرتكب خطأ، لكن إدراكه هذا لا يردعه عن الإقدام على فعل السرقة بقدر ما يثير حشريته. وعندما طلب الرحيل، سمح له بذلك شرط الاجتماع ببن لادن الذي بدا بحسب أقواله مهتماً جداً بحال المسلمين في أميركا. ثم طلب منه أحد مساعدي بن لادن حمل أشرطة فيديو عن تفجير المدمرة الأميركية كول إلى بيت ضيافة في باكستان في طريق العودة، وهو ما اعترف علوان بتنفيذه. مع العلم أن بيوت الضيافة تلك، كانت مسكن «المجاهدين» ومحطة «ترانزيت» في طريقهم إلى افغانستان. وحده البنا بدا مصراً منذ اليوم الأول على البقاء والقتال والاستشهاد.

عاد بقية أعضاء المجموعة إلى أميركا واستأنفوا «حياة طبيعية» محاولين طي صفحة معسكر الفاروق، فندم منهم من ندم، وتزوج من تزوج وعاد آخر إلى نمطه «الأميركي» السابق. لم يكشف أحد منهم ما حدث في معسكرات «القاعدة» ولا ما عرفوه عن التنظيم. حتى بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) خافوا وأبقوا سرهم طي الكتمان.

فجأة، وفي أيلول 2002، في الذكرى السنوية للاعتداءات، طلب الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني شخصياً من مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) روبرت مولر اعتقال أعضاء «شبكة لاكوانا» الستة العائدين قبل نحو عام ونصف عام من أفغانستان وتم تقديمهم للإعلام بصفتهم خلية إرهابية اكتشفت حديثاً. أعلن عن العملية في مؤتمر صحافي احتفالي وصدرت الصحف واستهلت نشرات الأخبار بعناوين رنانة عن إحباط مخططات إرهابية وتوقيف أول «خلية نائمة محلية المنشأ». جاءت الصفعة التي خلفها الكشف عن «شبكة لاكوانا» مزدوجة. فهؤلاء من جهة مسلمون ذهبوا فعلاً إلى معسكرات «القاعدة» وتدربوا على السلاح لخوض الجهاد، ومن جهة أخرى يحملون جوازات سفر أميركية تمنحهم حرية حركة واسعة عبر المطارات الداخلية والعالمية.

في ذلك الوقت لم تكن هجمات لندن ومدريد قد حدثت بعد، وكان أقصى ما يمكن تصوره بعد عام على 11 أيلول تهديد جديد ومن الداخل! أما اليوم فتكاد التقارير كلها تجمع على أن ذلك لم يكن أكثر من فرقعة دعائية واستثمار سياسي احتاجت إليه الإدارة بعد مرور عام على فشلها في إلقاء القبض على بن لادن. فالتبليغ عن المجموعة جاء من داخل الجالية ذاتها وقبل وقت طويل من كشفها للإعلام وذلك ليس بالتفصيل العابر. فحين ألقي القبض على الشبان لم يكن أحد منهم متلبساً بالتحضير لأي عملية أو مخطط إرهابي، ولا حتى وُجد سلاح في حوزتهم. أودعوا السجن وقبعوا فيه عاماً من دون محاكمة ولا توجيه تهم. في 2003 نالوا أحكاماً تتراوح بين 8 و10 سنوات بتهمة «تقديم الدعم لتنظيم إرهابي خارجي». وتوالت بعدها اخبار الكشف عن خلايا وشبكات داخلية، الأبرز بينها كانت «خلية ديترويت» و «شبكة فيرجينيا الجهادية» و «شبكة جيرسي».

وإذا كانت أول خلية أميركية «محلية المنشأ» والى حد ما الخلايا الأخرى تلتقي في نقاط تشابه مع الخلايا التي نشأت لاحقاً في أوروبا ونفذت تفجيرات مدريد ولندن، يبقى أن التفصيل الأساس في تلك الشبكات الأميركية أنها لم تنتقل من طور التفكير أو النية (إن وجدت)، إلى طور الفعل. فأعضاء خلية لاكوانا لم يضعوا خبرتهم العسكرية والقتالية التي تلقوها في أفغانستان قيد التطبيق داخل الأراضي الأميركية، بل مكثوا عاماً ونصف عام لم يقدموا على أي عمل يهدد أمن البلاد. لكن اختيارها من الأجهزة الأمنية يحمل دلالات كثيرة. بداية هي رسالة واضحة للجاليات المسلمة عن طريقة التعامل التي يجب أن يتوقعوها منذ ذلك الوقت فصاعداً، وأنهم محط شبهات وعليهم أن يثبتوا براءتهم يومياً. وتم تكريس طريقة التعامل تلك لاحقاً بعدد من الإجراءات كوضع لائحة بالأسماء الممنوعة من السفر في المطارات تضمنت في بدايتها نحو مليون ونصف مليون اسم، وإجراء «مقابلات طوعية» مع المهاجرين المسلمين وإصدار قانون «باتريوت آكت» الذي يسمح للشرطة من بين ما يسمح لها، بالتنصت على الهواتف والبريد الإلكتروني والسجلات المصرفية من دون إذن مسبق من المحكمة إضافة إلى دهم المنازل من دون مذكرة توقيف والاعتقال الاعتباطي لفترة غير محددة ومن دون توجيه تهم. وبدأت حملة اعتقالات بالجملة، وتضييق وملاحقات حتى شعر المهاجرون المسلمون أنهم يعيشون تحت «قانون طوارئ» جديد سبق وهربوا منه في بلدانهم الاصليه. وفيما القوات الأميركية تخوض حروبها على الإرهاب في الخارج بقوة السلاح، خاضت الأجهزة الأمنية حربها الداخلية أيضاً وجعلتها حرباً استباقية وقائية، فشعر المسلمون والعرب خصوصاً بينهم أنهم وضعوا تحت المجهر. فإذا كانت الأجهزة الامنية معتادة على كشف الجريمة بعد حدوثها، بناء على الأدلة والدوافع والأداة... الخ. طرحت عليها العمليات الانتحارية تحدياً جديداً كونها أشبه بالجريمة الكاملة. فغالباً ما تكون الدوافع والمنفذ والأداة معروفة سلفاً. عندئذ، ينصب الجهد الفعلي على استباق جريمة مقبلة محتملة.

وإذا كان من شأن تلك الإجراءات أن حصنت أميركا ضد هجمات أخرى، فلأنها أيضاً بدأت قبل حرب العراق التي استغلتها «القاعدة» ذريعة أساسية للتجنيد في أوروبا حيث الجاليات المسلمة أكثر هشاشة وأقل اندماجاً وتديناً. فتدين المسلمين الأميركيين اجتماعي ثقافي وليس تنظيمياً، وهو جزء من منظومة عامة تميل إلى التدين والمحافظة من دون أن تتخذ شكلاً حزبياً أو ايديولوجياً كما هي الحال في أوروبا.

لكن المعضلة تبقى في الوضع القانوني لهذه الشبكات الذي يثير نقاشات بحيث جاءت المحاكمات على النيات وليس الأفعال. فبعيداً من إطلاق أحكام حول براءة عناصر تلك الشبكات او تورطهم، إلا أن الأدلة غالباً ما لم تثبت كفايتها لإدانتهم، من دون أن يكون لذلك تأثير في الأحكام التي صدرت في حقهم أو تخفيف سنوات عقوباتهم.

بيسان الشيخ

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...