الجولاني يستبق الهدنة بالانتقادات والتهديد المرتبك و«أحرار الشام» توافق ولاتوافق

27-02-2016

الجولاني يستبق الهدنة بالانتقادات والتهديد المرتبك و«أحرار الشام» توافق ولاتوافق

لم تحمل الساعات الأخيرة التي سبقت دخول الهدنة حيز التنفيذ، منذ منتصف الليلة الماضية، أية تطورات ميدانية بارزة، برغم أن الاشتباكات استمرت على وتيرتها المعتادة على عدد من الجبهات والمحاور حتى وقت متأخر من مساء أمس.
كذلك استمر الغموض حول الفصائل التي وافقت على الانضمام إلى ركب الهدنة، إذ لم يعلن عن أسماء هذه الفصائل، التي قيل إن عددها بلغ مئة فصيل، من دون معرفة سبب هذا التكتم. كما لم يتضح على نحو دقيق ما هي المناطق التي سيشملها «وقف العمليات العدائية» أو تلك التي سيستمر القتال فيها من دون أن يعتبر خرقاً.مسلح من «فيلق الرحمن» في عربين في غوطة دمشق امس (ا ف ب)
وفيما استمرت «حركة أحرار الشام الإسلامية» في صمتها، ولم تعلن عن موقفها من الهدنة، برغم أن كل المؤشرات تؤكد أنها منحت موافقتها عليها، خرج زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، قبل ساعات من سريان الهدنة، ليعلن رفضه لها، ويطالب بمواصلة القتال وتكثيفه.
ولم يخرج الجولاني، في حديثه الذي استمر حوالى 22 دقيقة، عن إطار التوصيف والتحليل، مكتفياً بكيل الانتقادات والاتهامات وتوزيعها على المشاركين في الهدنة، من دون اتخاذ أي موقف صلب حيال ما وصفه بأنه «مرحلة تاريخية تمر بها الشام». بينما كان في حديث سابق، قبل انعقاد «جنيف 3»، قد هدد بإفشال أي هدنة مع النظام. فهل اكتشف اليوم أنه لا يملك القدرة على ذلك، وأن الظروف لم تعد تصب في مصلحته؟.
واعتبر الجولاني أن الهدنة «مؤامرة وخديعة من الغرب»، متوقعاً أن تنتهي إلى حل سياسي قد يبقى فيه الرئيس السوري بشار الأسد في سدة الحكم، حتى بعد المرحلة الانتقالية. وقد رأى العديد من المراقبين أن حديث الجولاني يدل على مدى حالة العزلة التي بات يشعر بها، خصوصاً بعد أن تخلّى عنه أقرب حلفائه، تاركين إياه يلاقي نفس المصير الذي يهدد خصمه اللدود، زعيم تنظيم «داعش» أبا بكر البغدادي، وهو الذي فعل ما فعل ليقنع الناس أنه «حكيم الشام»، وأنه سيقود «جبهة النصرة» بشكل مختلف عما حدث في التجربة العراقية، ليجد نفسه حبيس تلك التجربة وغير قادر على تجاوز ما تعلمه في مدارسها.
وحتى عندما أراد الجولاني أن يرفع نبرة صوته ويهدد بالويلات التي يمكن أن تلحق بالمنطقة جراء ما يخطط لها من قبل من يسميهم بـ«الرافضة»، وقع في تناقض فادح مع قيادته العامة في خراسان، خصوصاً عندما قال إن «لم يكن حسم لهذه المعركة فستطال تبعتها أهل السنة في المنطقة بما فيها الجزيرة العربية»، لأنه تناسى أن «أميره» أيمن الظواهري، وقيادة فرع «القاعدة في الجزيرة العربية» سبق أن دعوَا إلى «انتفاضة عارمة ضد آل سعود» واستهداف الجيش ورجال الأمن والشرطة في السعودية.
وجاء كلام الجولاني بالتزامن مع استمرار «جبهة النصرة» في استكمال عملية إعادة الانتشار التي تقوم بها، تحسباً لاحتمال تعرضها للقصف. وبعد إخلاء مقارها وحواجزها في مدينة سرمدا في وقت سابق، قام عناصر «النصرة»، أمس، بإخلاء المقار والمراكز التابعة لهم في جبل الزاوية، الذي يعتبر من أهم معاقلهم في ريف إدلب وأكثرها تحصيناً.
وتحاول «جبهة النصرة» تصوير أن إخلاء مقارها من المراكز السكنية بشكل خاص يهدف إلى حماية المدنيين لئلا يطالهم القصف، غير أن بعض النشطاء في إدلب ينفون ذلك، ويقولون إن «جبهة النصرة» تخاف من استغلال المواطنين لمظلة القصف للقيام بانتفاضة شعبية ضدها، مشيرين إلى أن العديد من مدن إدلب شهدت تظاهرات كثيرة خلال العام الماضي ضد تجاوزات «جبهة النصرة».
وبالعودة إلى موقف «أحرار الشام» من الهدنة، فقد كان لافتاً إصرار التيار «القاعدي» فيها على التعبير عن موقفه الرافض للهدنة، من دون مراعاة للموقف الرسمي للحركة، وربطه هذا الرفض باستثناء «جبهة النصرة» منها، وذلك في أوضح إشارة إلى مدى العمق الذي وصلت إليه هوة الخلافات بين أجنحة الحركة.
وجاء الموقف الرافض هذه المرة من قبل أبي صالح طحان، الذي يشغل منصب القائد العسكري العام في «أحرار الشام» والمعروف بميوله «القاعدية» لدرجة أنه كان على وشك مبايعة «جبهة النصرة» بعد المقتلة الجماعية لقادة الحركة أواخر العام 2014. وقال طحان «لأن تزهق أنفسنا جميعاً خير لنا من أن نُسلِم أخاً نصرنا حين عز النصير» في إشارة إلى استثناء «النصرة» من الهدنة واحتمال استهدافها. ويأتي موقف طحان بعد مواقف مماثلة صدرت عن بعض قادة «أحرار الشام» مثل أبو البراء معرشمارين عضو «مجلس الشورى» وممثل الحركة في قيادة ‏»جيش الفتح‬»، وأبو محمد الصادق «المسؤول الشرعي العام» السابق للحركة وآخرين من رموز التيار «القاعدي» فيها.
مع ذلك، تشير مصادر متقاطعة إلى أن القيادة العامة لحركة «أحرار الشام» برئاسة مهند المصري (أبو يحيى الحموي) الذي يتولى أيضاً رئاسة الجناح السياسي، قد وافقت بالفعل على الهدنة، وهو ما تم تبليغه رسمياً إلى «هيئة التفاوض العليا»، التي أكدت في بيان جديد لها على «موافقة فصائل الجيش الحر والمعارضة المسلحة على الالتزام بالهدنة»، مشيرة إلى أن موافقتها تأتي بعد حصولها على تفويض من 97 فصيلاً باتخاذ القرار بخصوص الهدنة.
وكان الجولاني قد انتقد في حديثه السابق، «هيئة التفاوض» معتبراً «أنه لمن الخزي والعار أن يتحول من كان بالأمس ضمن منظومة الخزي والعار، بين عشية وضحاها إلى ممثل لمن ضحوا بالآلاف من الشهداء»، متهماً إياها «ببيع الشام بثمن بخس».

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...