واسيني الأعرج:الهوية مشروع مفتوح واللغة تدمر نفسها عندما تنغلق

31-05-2010

واسيني الأعرج:الهوية مشروع مفتوح واللغة تدمر نفسها عندما تنغلق

واسيني الأعرج: جامعي وروائي جزائري، ولد سنة 1954 بقرية سيدي بوجنان، من ولاية تلمسان، يشغل اليوم منصب أستاذ كرسي بجامعتي الجزائر المركزية والسوربون بباريس، يعتبر أحد أهم الأصوات الروائية في الوطن العربي.

تنتمي أعمال واسيني الأعرج الروائية إلى كتاب الرواية الجديدة التي لاتستقر على شكل واحد بل تبحث دائماً عن سبلها التعبيرية الجديدة في العمل الجاد على اللغة. فاللغة عنده ليست معطى جاهزاً ولكنها بحث دائم ومستمر. ‏

لم يتوقف عن الكتابة منذ نصه الروائي الأول: البوابة الزرقاء (وقائع من أوجاع رجل غامر صوب البحر) الذي نشر لأول مرة في دمشق سنة 1981 قبل أن يعاد نشره في الجزائر بعد سنة، وقد أثار اهتماماً نقدياً معتراً. أصدر بعده روايته المعروفة نوار اللوز التي تدرس اليوم في العديد من الحلقات العلمية وفي الكثير من الجامعات العربية. ‏

لكن قوة واسيني الأعرج التجريبية تجلت أكثر في روايته الكبيرة فاجعة الليلة السابعة بعد الألف التي حاور فيها ألف ليلة وليلة لا من موقع التاريخ ولكن من هاجس الرغبة في استرداد التقاليد السردية الضائعة. ‏

ولمعرفة أكثر بتجربته الإبداعية كان لنا معه هذا الحوار: ‏

- كيف بدأت تجربتك الروائية وإلى أي المدارس تصنف نفسك كأديب؟ ‏

اعتبر نفسي من بقايا المدرسة الفرنسية أو الجيل الأخير فقد تكونت في الأصل باللغة الفرنسية لكنني تعلمت على يد أساتذة عرب في الجزائر. وكنت من طفولتي من محبي اللغة العربية وقد حصلت على ليسانس أدب عربي في وهران وقد اخترت دمشق للدراسة فيها بدل باريس للذهاب عميقاً نحو الثقافة واللغة العربية. وفي دمشق كتبت أول رواية طويلة بعنوان (وقائع من أوجاع رجل) واستقبلت الرواية بنقد غير متصور. وكنت أقول لنفسي: لقد قدمت من الجزائر وثلاثة أرباعي فرانكفوني وقوبل عملي بكل هذا الاهتمام. غير أن حبي للعربية هو الذي قادني إليها ولم أتلقها بالتعليم. ‏

وأنا أجد أن أبنائي محظوظون لأنهم تعلموا العربية والفرنسية منذ الطفولة. وأقول لهم دائماً أنتم داخل لغتين العربية والفرنسية، بينما أنا ذهبت نحو اللغة العربية ولم تأت نحوي، وتعرفين أن الإنسان عندما يبذل الجهد للذهاب نحو كائن ماسواء كان لغوياً أو كائناً مادياً فإننا نبذل جهداً كبيراً من أجله فلا أستطيع الاستغناء عنه بسهولة. حتى إنني لما ذهبت لفرنسا وكتبت بالفرنسية عند الحاجة، طبعاً باستثناء العمل الجامعي والأكاديمي الذي يفترض العمل بالفرنسية والانجليزية. فقد ظلت اللغة العربية هي منطلقي في العمل الإبداعي لأنه يأتي من الأعماق. من صلب الإنسان، وأعتقد أن هناك لغة وحيدة تعبر عن هذا العمق هي العربية كلغة عظيمة. فمن الممكن أن نستعير لغات أخرى. ولكن لن تكون بالطريقة نفسها أو التعبير والأناقة اللغوية نفسها التي تجدها باللغة العربية. ‏

- عرفنا أنه أعيدت طباعة الأعمال الكاملة لك في سورية حدّثنا عنها؟ ‏

لدي أعمال أدبية كثيرة وقد أعيدت نشر أعمالي الكاملة وهي عشرة أعمال في بيروت. كما أعيدت طباعة الأعمال الكاملة. كما أن هناك روايتين أساسيتين نشرتا في تونس هما سيدة المقام التي تتناول فترة الإرهاب في الجزائر ورواية حارثة الظلال التي أعيد طباعتها في تونس. كما صدر كتاب هو بمثابة حوار مطول لي مع كمال الرياحي بعنوان (هكذا تحدث واسيني الأعرج). وكتاب آخر عن تجربتي الأدبية الشخصية وخصوصاً منها التركيز على رواية حارثة الظلال. ‏

- أنتم عضو في مؤسسة جائزة الشيخ زايد للترجمة، ماهو دوركم فيها؟ ‏

سأحدثكِ أولاً عن ظروف عضويتي في هذه المؤسسة التي تعنى بالترجمة. فأنا عندما فزت بجائزة الأدب منذ سنتين اقترحوا علي أن أكون عضواً في الهيئة التي تشرف عليها المؤسسة، والترجمة هي جزء من هذه الجوائز لأن المؤسسة لديها سبع جوائز مثل جائزة أدب الأطفال، وجائزة الدراسات الفكرية، وجائزة الكاتب الشاب وجائزة الترجمة وغيرها. ‏

- هناك العديد من جوائز الترجمة في العالم العربي الآن، منها جائزة الملك عبد الله وجائزة الشيخ زايد وغيرها هل هناك حركة جادة في الترجمة الآن وماهي آفاقها؟ ‏

في الحقيقة أن الأهم والأقرب هو ترجمة الكتاب العربي نحو اللغات الأجنبية، لأنني أعتقد أن الحاجة الماسة الأولية هي في هذا السياق والجوائز عادة تتجه نحو هذا. وجائزة الملك عبد الله تتجه في هذا السياق. وهناك ترجمات من العربية إلى اللغات الأخرى، ولكن أعتقد أن الترجمة من اللغات الأخرى إلى العربية هي الأهم لأننا بحاجة ماسة أن نعرف الآخر. ‏

- ترجمت أعمالك إلى العديد من اللغات كالانجليزية والألمانية الفرنسية، الإيطالية، السويدية، والإسبانية. كيف ترى هذا الإنجاز في حياتك الأدبية؟ ‏

أولاً على الكاتب أن يكتب بلغته الأصلية. وترجمة أعماله إلى اللغات الأخرى تعطيه مساحة أوسع وتوصله إلى عالم أوسع ربما قد لايعرفه. وربما القارئ الآخر قد يحكم عليه حكما غير عادل والترجمة مفيدة جداً لتغيير الصورة السلبية الموجودة في ذهن القارئ الغربي عن عالمنا العربي. ‏

- الأدب العربي المكتوب بالفرنسية هل يمتلك هويته العربية وخصوصيته المحلية؟ ‏

أنا يقلقني هذا التساؤل هل الكتابة بالفرنسية كتابة مضادة للهوية العربية أم مناهضة لها. أم هي إغناء للممارسة الكتابية؟ أنا أعتقد أن الهوية مشروع مفتوح بشكل دائم وقابل لاستخدام كل العناصر الثقافية والحضارية الجديدة التي تغنيه. وعندما تنغلق الهوية تصبح مدمرة لذاتها وللآخرين، ولذلك يجب أن ننظر إلى الكتابة العربية باللغة الفرنسية من هذا الاتجاه، وليس فقط من الموقع اللغوي البسيط، وللأسف هناك العديد ممن يكتب باللغة العربية ويسيء إليها، وهناك الكثير ممن يكتب بالفرنسية ويرتبط بالهوية ارتباطاً عميقاً وعضوياً مثل محمد ديب وكاتب ياسين من المشهد الروائي العربي وفي هذا المجال تصبح اللغة مادة للإيصال والتقاطع وربط الصلة مع الآخر. ‏

- ماهي أهم الجوائز التي تسلمتها في حياتك الأدبية؟ وماهو أثر الجائزة في الحياة الإبداعية للكاتب؟ ‏

أشعر أن أهم جائزة هي جائزة الشيخ زايد لأنها أعطتني اعترافاً عربياً مهماً بي خاصة وأن الجائزة تمتلك حيادية في الاختيار، كما أن التكريم الذي حصلت عليه جاء لأعظم رجل في الجزائر هو عبد القادر الجزائري المناضل الجزائري الكبير ما جعل الجائزة تأخذ المعنى الرمزي والمادي. كما أنه عندما أصنف في الجائزة مع إبراهيم الكوني وجمال الغيطاني فأشعر أنني أصنف مع الكبار من الكتاب العرب.

حوار: هدى الزين

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...