مقالة سيمور هيرش حول فضائح أمريكا في المنطقة(3-3)

03-03-2007

مقالة سيمور هيرش حول فضائح أمريكا في المنطقة(3-3)

الجمل:    ذات ليلة دافئة، مطلع كانون الأول الماضي، وفي الضاحية الجنوبية المهجورة بفعل قصف القنابل، والواقعة على بعد بضعة أميال جنوبي وسط العاصمة اللبنانية- بيروت، كونت فكرة عامة عما ستؤول إليه الإستراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة في لبنان.
هذا وقد وافق الشيخ حسن نصر الله، زعيم حزب الله، على إجراء المقابلة –معي- ترتيبات الأمن المتعلقة باللقاء كانت تتميز بالسرية والتخطيط الفائق الدقة والعناية، فتم أخذي في سيارة مظلمة، إلى مرآب تحت الأرض في منطقة مدمرة في مكان ما ببيروت، وتم تفتيشي بجهاز حساس الكتروني محمول، ثم تم وضعي في سيارة أخرى ونُقلت إلى مرآب تحت الأرض في مكان تم تدميره بالقنابل بشكل مروع ومفزع، وبعدها تم نقلي مرة أخرى. ففي نهاية الصيف أفادت المعلومات والتقارير بأن إسرائيل تحاول اغتيال حسن نصر الله، ولكن الحرص الشديد والاحترازات غير العادية ليست فقط بسبب ذلك التهديد، إذ أخبرني مساعدو حسن نصر الله بأنهم يعتقدون بأنه –أي حسن نصر الله- هدف أول لبعض الأخوة العرب، وبشكل أساسي عملاء المخابرات الأردنية الناشطون، -وأيضاً- بنفس القدر الجهاديين السنة الذين يعتقد بانتمائهم وارتباطهم بتنظيم القاعدة  (مستشار الحكومة الأمريكية وجنرال أمريكي متقاعد بمرتبة أربعة نجوم –أي برتبة فريق أول-أخبروني بأن المخابرات الأردنية، بدعم من أمريكا وإسرائيل، ظلت تحاول التغلغل والاختراق في صفوف الجماعات الشيعية، من أجل العمل ضد حزب الله، -وأخبروني بأن- ملك الأردن عبد الله الثاني  حذر من أن وجود حكومة شيعية في العراق تكون وثيقة الصلة مع إيران سوف تشكل إلى بروز الهلال الشيعي). فمعركة نصر الله مع إسرائيل في نهاية الصيف الماضي، حولته –وهو الشيعي- إلى الشخصية الأكثر شعبية ونفوذاً – السواء- بين السنة والشيعة في سائر أنحاء المنطقة. وفي الأشهر الأخيرة، برغم ذلك أصبح ينظر إليه بقدر متزايد بين عدد من السنة ليس كرمز للوحدة العربية، وإنما كمشارك ومساهم في الحرب الطائفية.
ارتدى نصر الله كالعادة، زيه الديني، وكان ينتظرني في شقة لا تلفت الانتباه، وقال لي أحد مستشاريه بأنه سوف لن يبقى هنا إلى ما بعد منتصف الليل، وقد ظل دائم الحركة والتنقل منذ قراره في نهاية تموز باختطاف الجنديين الإسرائيليين في غارة عابرة للحدود أدت إلى نشوب حرب الثلاثة والثلاثين يوماً.
ومنذ ذلك الحين قال نصر الله صراحة وعلناً –وكرر الأمر لي- بأنه أخطأ الحكم في تقدير رد الفعل الإسرائيلي. وقد أخبرني قائلاً: (كنا نريد اعتقال الجنود فقط من أجل أغراض التبادل) –أي تبادل الأسرى- وأضاف قائلاً: (لم نكن بتاتاً نريد جر المنطقة إلى الحرب).
اتهم نصر الله إدارة بوش بالعمل مع إسرائيل عمداً على  تحريض الفتنة، الفتنة كلمة عربية تستخدم بمعنى (العصيان والهيجان والفرقة والتفكيك في الوسط المسلم). وقال نصر الله: (برأيي، هناك حملة هائلة عبر الإعلام في سائر أنحاء العالم تهدف لوضع كل طرف في مواجهة الطرف الآخر). وأضاف قائلاً: (وأعتقد بأن كل ذلك مجتمعاً يتم تسييره بوساطة المخابرات الأمريكية- الإسرائيلية). (لم يقدم أي دليل محدد لذلك). وقال بأن حرب الولايات المتحدة في العراق قد زادت التوترات الطائفية، ولكنه قال بأن حزب الله قد حاول درأ –التوترات الطائفية- من الانتشار داخل لبنان (المواجهات السنية- الشيعية تزايدات، مع العنف الذي حدث، في الأسابيع التي أعقبت حديثنا).
قال نصر الله بأن الرئيس بوش يهدف إلى (رسم خارطة جديدة للمنطقة، فهم يريدون تقسيم وتجزئة العراق، والعراق ليس على حافة حرب أهلية –بل- توجد حرب أهلية، وهناك تطهير اثني وطائفي. والتقتيل والنزوح اليومي الذي يحدث في العراق يهدف إلى إقامة ثلاثة أجزاء عراقية، بحيث تصبح خالصة طائفياً واثنياً –بما يشكل- قائمة ومقدمة تمهد لتقسيم العراق. وخلال عام أو عامين على الأغلب، سوف تكون هناك مناطق سنية بالكامل، مناطق شيعية بالكامل، ومناطق كردية بالكامل. وحتى في بغداد، هناك مخاوف من احتمال أن تنقسم إلى منطقتين: واحدة سنية وواحدة شيعية).
واستمر في حديثه قائلأ: (أستطيع أن أقول بأن الرئيس بوش يكذب عندما يقول بأنه لا يريد أن يصبح العراق منقسماً، فكل الحقائق التي تحدث الآن على الأرض تجعلك تقسم بأنه يجر العراق نحو التقسيم، وسوف يأتي يوم يقول لنا فيه: (ليس بإمكاني أن أفعل أي شيء طالما أن العراقيون يريدون تقسيم بلدهم وأنا أقدّر وأرحّب برغبات وأماني شعب العراق).
ويعتقد نصر الله بأن أمريكا ترغب أيضاً في تنفيذ تقسيم لبنان وسوريا –ففي سوريا- قال –نصر الله-: النتيجة سوف تكون دفع البلد (إلى هاوية العراق والنزاع الداخلي كما في العراق)، وفي لبنان، سوف تكون هناك دولة سنية، ودولة علوية، ودولة مسيحية، ودولة درزية. ولكن –وفقاً لحديثه- (لا أعرف عما إذا كان هناك دولة شيعية). وأخبرني نصر الله بأنه يشك في أن أحد أهداف القصف الإسرائيلي للبنان في الصيف الماضي كان (تدمير مناطق الشيعة ودفع الشيعة للنزوح من لبنان، والفكرة تتمثل في جعل شيعة لبنان وسوريا يفرون وينزحون إلى جنوب العراق) الذي يغلب عليه الشيعة، وعلى قوله: (أنا لست متأكداً، ولكنني أشتمّ رائحة ذلك).
التقسيم سوف يترك إسرائيل محاطة ومطوقة (بدول وديعة هادئة مستكينة صغيرة) على حد تعبير نصر الله، وقال: (أستطيع أن أؤكد لك بأن المملكة السعودية سوف يتم تقسيمها أيضاً) وقال: (وبكلمات أخرى، فإن إسرائيل ستكون الدولة الأكثر أهمية والأقوى في المنطقة التي سيتم تقسيمها إلى دويلات اثنية ودينية طائفية صغيرة معترفاً بها وتكون متفقة بين بعضها البعض. هذا هو الشرق الأوسط الجديد).
في الحقيقة، لقد قاومت إدارة بوش بعناد، الحديث حول تقسيم العراق، وخطواتها المعلنة تشير إلى أن البيت الأبيض يرى لبنان المستقبل سليماً ومعافى، مع حزب الله المجرد من السلاح، والذي يلعب في أقصى الأحوال دوراً سياسياً صغيراً. كذلك لا يوجد دليل يؤيد اعتقاد نصر الله بأن الإسرائيليين يسعون إلى دفع الشيعة نحو جنوب العراق. وبرغم ذلك، فرؤية نصر الله لصراع طائفي أكبر تكون الولايات المتحدة متورطة فيه هي رؤية تشير إلى المضاعفات والتداعيات المحتملة الممكنة لاستراتيجية البيت الأبيض الجديدة.
في المقابلة، قام نصر الله بإشارات وتلميحات استرضائية، ووعود من النوع الذي يمكن أن يقابل بالشكوك من جانب خصومه. وقال: (إذا قالت الولايات المتحدة بأن المناقشات مع من هم مثلنا يمكن أن تكون مفيدة وحاسمة وضرورية في تقرير وتحديد السياسية الأمريكية في المنطقة، فليس لدينا اعتراض على المحادثات أو اللقاءات). وأضاف قائلاً: (ولكن إذا كان هدفهم من هذه اللقاءات أن يفرضوا سياستهم علينا، فسوف يكون ذلك مضيعة للوقت). وقال بأن ميليشيا حزب الله، إذا لم تتم مهاجمتها، فإنها تعمل فقط داخل وضمن حدود لبنان. وتعهد ملتزماً بنزع وتجريد سلاحها عندما يصبح الجيش اللبناني قادراً على الوقوف بنفسه. وقال نصر الله بأنه ليس لديه مصلحة في إشعال حرب أخرى مع إسرائيل. وبرغم ذلك، فقد أضاف بأنه يتحسب ويتوقع ويستعد من أجل عدوان إسرائيلي آخر، لاحقاً هذا العام.
شدد نصر الله بقدر أكبر على أن مظاهرات الشارع في بيروت سوف تستمر وتتواصل حتى تسقط حكومة السنيورة أو تستجيب للمطالب السياسية المتحالفة. وأخبرني قائلا: (فلنتحدث عملياً، إن هذه الحكومة لا تستطيع أن تحكم). وقال: (من الممكن أن تصدر الأوامر، ولكن أغلبية اللبنانيين لم تعد تتحمل، وسوف لن تعترف بشرعية هذه الحكومة، وسوف يبقى السنيورة في منصبه بسبب الدعم الدولي، ولكن هذا ليس معناه أن السنيورة يمكن أن يحكم لبنان).
يقول نصر الله: (إن الثناء المتكرر على حكومة السنيورة بواسطة الرئيس بوش، يمثل أفضل خدمة يمكن أن يقدمها للمعارضة اللبنانية، وذلك لأنه يضعف موقفها –أي موقف حكومة السنيورة- وجهاً لوجه أمام الشعب اللبناني والسكان العرب والمسلمين، إنهم يراهنون على أننا سوف نُصاب بالتعب، ونحن لم نصاب بالتعب خلال الحرب، فكيف يمكن أن نصاب بالتعب من المظاهرات؟).
هناك انقسام حاد داخل وخارج إدارة بوش حول الكيفية المثلى للتعامل مع نصر الله، وإلى أي مدى يمكن في الحقيقة أن يكون شريكاً في الحل السياسي. المدير –المغادر- السابق للمخابرات الوطنية، جون نيغروبونتي، في كانون الأول، وفي خطاب الوداع المختصر أمام لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ، قال: (إن حزب الله يقبع ضمن مركز الاستراتيجية الإرهابية الإيرانية.. ويمكن أن يقرر القيام بهجمات ضد المصالح الأمريكية إذا أحس بأن بقاءه أو بقاء إيران قد أصبح مهدداً.. وحزب الله اللبناني ينظر إلى نفسه كشريك لطهران).
في عام 2002م، وصف ريتشارد أرميتاج، والذي كان حينها نائب وزير الخارجية، وصف حزب الله بأنه يمثل (الفريق الأول  للإرهابيين، وفي لقاء حدث مؤخراً، اعترف موضحاً بأن المسألة أصبحت على نحو ما أكثر تعقيداً، فنصر الله، كما أخبرني أرميتاج، قد برز "كقوة سياسية ذات شأن وشهرة وصيت، وله دور سياسي –سوف- يلعبه في لبنان، إذا اختار أن يفعل ذلك"). وعلى أساس اعتبارات العلاقات العامة وقدرة اللعب السياسي، قال أرميتاج: إن نصر الله هو الرجل الأكثر ذكاء في الشرق الأوسط. ولكنه أضاف قائلاً: إن نصر الله قد أظهر بوضوح بأنه يرغب ويريد أن يلعب دوراً مناسباً ولائقاً كمعارض مخلص وفي. وبالنسبة لي، ماتزال توجد بشكل قائم مديونية دماء يتوجب دفعها. وهي إشارة إلى مقتل كولونيل- الأمريكي، وتفجير ثكنات المارينز.
روبرت باير، عميل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) السابق، الذي عمل لفترة طويلة في لبنان، والذي كان أكثر تشدداً وقسوة في انتقاد حزب الله وظل يحذر من ارتباطاته مع الإرهاب الذي ترعاه إيران. وقال لي: (لقد تمكّنا من جعل العرب السنة يحضرون ويستعدون من أجل صراع طائفي، وسوف نحتاج لأحد ما كي يقوم بحماية المسيحيين في لبنان. ومن العادة أن تكون فرنسا أو الولايات المتحدة هي التي تقوم بذلك، والآن سوف يكون من يقوم بذلك هو نصر الله والشيعة.
وقال باير: (القصة الأكثر أهمية في الشرق الأوسط هي تطور وصعود نصر الله من مجرد صبي شارع إلى زعيم، من إرهابي إلى رجل دولة). وأضاف باير قائلاً: (إن الكلب الذي لم ينبح هذا الصيف) –خلال الحرب مع إسرائيل- (هو الإرهاب الشيعي). وكان باير يشير إلى مخاوف بأن نصر الله، إضافة إلى إطلاق الصواريخ داخل إسرائيل واختطاف جنودها، يمكن أن يطلق ويضع موضع التنفيذ موجة من الهجمات الإرهابية على الأهداف الإسرائيلية والأمريكية حول العالم. وقال باير: (كان بإمكانه  –أي نصر الله- أن يضغط على الزناد، ولكنه لم يفعل ذلك).
معظم أعضاء الجماعات الاستخبارية والدبلوماسية يقرون بصحة روابط حزب الله الجارية حالياً مع إيران، ولكن هناك عدم اتفاق حول المدى الذي بالنسبة إليه يمكن لحسن نصر الله أن يضع مصالح حزب الله جانباً من أجل –مصلحة- إيران. وهناك ضابط سابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)  سبق أن عمل في لبنان، أطلق على نصر الله –عبارة- الـ(الظاهرة اللبنانية)، وأضاف قائلاً: (نعم، تساعده إيران وسوريا، ولكن حزب الله يمضي ويمتد إلى ما وراء وما بعد ذلك). وقد أخبرني بأنه كانت هناك فترة –تمتد- خلال نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات، كانت فيها محطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في بيروت قادرة على الرصد والتجسس سراً على محادثات نصر الله. ووصف –هذا الضابط- نصر الله باعتباره (زعيم عصابة) يتمتع بقدرة عقد الصفقات مع العصابات الأخرى. وله اتصالات وروابط مع كل شخص.

تبيليغ وإخطار الكونغرس:
إن اعتماد إدارة بوش على العمليات السرية التي لا يتم تبليغ الكونغرس بها، وصفقات وتعاملات –هذه الإدارة- مع الوسطاء ذوي الأجندة المريبة والمشكوك فيها، قد أعاد لأذهان البعض في واشنطن، فصلاً مبكراً ماضياً وسابقاً من التاريخ. فقبل حقبتان، حاولت إدارة ريغان تمويل الكونترا النيكاراغوية، بشكل غير قانوني، اعتماداً على مبيعات السلاح السرية لإيران، وقد تورط فيها المال السعودي فيما أصبح يعرف بفضيحة إيران- كونترا. وعدد قليل من اللاعبين الذين ساعدوا على ذلك آنذاك أبرزهم الأمير بندر بن سلطان، وإليوت ابراهام، أصبحوا مشتركين ومنخرطين في الصفقات الجارية حالياً.
لقد كانت إيران- كونترا، موضوعاً لنقاش وحوار غير رسمي حول (الدروس المستفادة) خلال العامين الماضيين في أوساط ابطال الفضيحة المتمرسين. وكان إليوت أبراهام قائد الحوار، وأحد الاستنتاجات تتمثل في أنه برغم افتضاح أمر برنامج –العملية- فقد كان ممكناً تنفيذه دون إطلاع الكونغرس. واستناداً إلى ما علمتهم  الخبرة، وعلى أساس اعتبارات العمليات السرية المستقبلية، فقد توصل المشاركون، على حد قول المسؤول الاستخباراتي الكبير السابق في إشارته إلى دور ديك تشيني (أولاً: لا يمكن الثقة بأصدقائنا. ثانياً: وكالة المخابرات المركزية الأمريكية استطاعت أن تبقى خارج الموضوع. ثالثاً: لن نستطيع الوثوق في العسكريين الذين في الخدمة. ورابعاً: تم تنفيذ الأمر خارج مكتب نائب الرئيس).
تم أخباري لاحقاً بواسطة اثنين من مستشاري بالحكومة، والمسؤول الاستخباري الكبير السابق، بأن عواقب –فضيحة- إيران كونترا كانت عاملاً في قرار نيغروبونتي بالاستقالة من –منصب- مدير المخابرات الوطني وقبوله بالمنصب الوزاري الفرعي: نائب وزير الخارجية (تجنب نيغروبونتي التعليق).
المسؤول الاستخباراتي الكبير السابق أخبرني أيضاً بأن نيغروبونتي لم يكن يريد أن يكرر تجربته في إدارة ريغان، عندما كان يعمل سفيراً في هندوراس. وقد قال لي هذا المسؤول: (لقد قال نيغروبونتي: "لا مجال، فأنا لن أمض في تلك الطريق مرة أخرى، طالما أن المخابرات الوطنية تتعهد القيام بعمليات غير مدونة رسمياً، وبلا قرار مثبت")، في حالة عمليات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)  يتوجب على الرئيس أن يصدر قرارا مثبتاً مكتوباً، ويخطر الكونغرس). وقد بقي نيغروبونتي كنائب لوزير الخارجية، وأضاف المسؤول الاستخباراتي، بأن نيغروبونتي بسبب " اعتقاده بأن بإمكانه التأثير وممارسة النفوذ على الحكومة في الاتجاه الإيجابي".
قال مستشار الحكومة بأن نيغروبونتي قد تقاسم الأهداف مع البيت الأبيض ولكنه "يريد القيام بذلك استناداً إلى الإثباتات المكتوبة". وكما قال لي مستشار البنتاغون: " هناك شعور على مستوى الرتب العليا، بأنه لم يكن على رأس عمله مزوداً بالكامل بالمبادرات السرية ذات الطابع المغامر". وقد كان ذلك صحيحاً. وقال بأن نيغروبونتي: "كانت له مشاكلاً مع تدابير روبي غولدبيرغ الذرائعية لتثبيت الشرق الأوسط".
أضاف مستشار البنتاغون قائلاً بأن أحد الصعاب على أساس اعتبارات المراقبة والإشراف، تتمثل في تقديم التفسير والتعليل للأموال السرية. وعلى حد تعبير المستشار "هناك العديد من جرار المال الأسود التي تتوزع وتتشتت في أماكن عديدة، وتستخدم في سائر أنحاء العالم في العديد من المهمات). ففوضى الميزانية في العراق، حيث مليارات الدولارات التي لا يعرف عن مصيرها شيء، قد جعلت من هذه –الجرار- آلة لهذا النوع من التحويلات –المالية- وذلك على حد تعبير المسؤول الاستخباراتي الكبير السابق وجنرال الأربع نجوم –أي فريق أول- المتقاعد.
أخبرني مساعد سابق في مجلس الأمن القومي بأن "هذا يرجع إلى إيران- كونترا" وأضاف قائلاً: (وأكبر ما قاموا به هو تركهم لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية خارج الموضوع) وقال بان الكونغرس لم يتم إطلاعه حول النطاق الكامل للعمليات الأمريكية- السعودية. وقال لي أيضاً بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) كانت تسأل: ما الذي حدث؟. فهم معنيون، من جراء كونهم يعتقدون بوجود ساعة للتطفل والمتعة غير المفيدة.
لقد بدأت مسألة الإشراف والرقابة تأخذ انتباهاً أكبر من الكونغرس، وفي تشرين الثاني الماضي، أصدرت وحدة خدمات بحوث الكونغرس تقريراً للكونغرس حول ما أشير إليه باعتباره طمس الإدارة الأمريكية للخط –الفاصل- بين أنشطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والأنشطة العسكرية الخالصة، والتي تستلتزم متطلبات الاخطار والتبليغ للكونغرس. وقد قامت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، والتي يترأسها السناتور جاي روكفيلر، بإعداد جدول لسماع الإفادات خلال الثامن من آذار، حول أنشطة مخابرات وزارة الدفاع.
السيناتور رون وايدين، من ولاية أورفون، والديمقراطي، العضو في لجنة الاستخبارات، أخبرني قائلاً: (لقد فشلت إدارة بوش مراراً وتكراراً في الحفاظ على التزاماتها القانونية المتعلقة بإبقاء لجنة الاستخبارات في حالة العلم والمعرفة الكاملة بشكل ثابت ودوري. ومرة تلو الأخرى، تكون الإجابة هي "ثقوا بنا"). وأضاف وايدين قائلاً: (كم هو صعب عليّ أن أثق في الإدارة الأمريكية).

الجمل: قسم الدراسات والترجمة


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...