ما هو المغزى من تضخيم حجم العملية الإسرائيلية فوق الأجواء السورية؟

17-09-2007

ما هو المغزى من تضخيم حجم العملية الإسرائيلية فوق الأجواء السورية؟

الجمل:     أوردت صحيفة الصنداي تايمز البريطانية أن التفاصيل والمعلومات غير المؤكدة للمزاعم الإسرائيلية، حول قيام الطائرات الإسرائيلية بانتهاك المجال الجوي السوري، هي مزاعم ماتزال مستمرة التداول بشكل يتجدد يومياً.

·       آخر المزاعم الإسرائيلية:

نشرت صحيفة أورشليم الإسرائيلية تقريراً يقول بأن مجموعة من عناصر القوات البرية الإسرائيلية كانوا ينتظرون داخل الأراضي السورية قدوم الطائرات الإسرائيلية بحسب الموعد المحدد. ويقول التقرير بأن فريقاً من قوات الكوماندوس المحمولة جواً (شالداق)، كان يقوم بعملية التوجيه الليزري للطائرات الإسرائيلية لكي تقوم بإصابة أهدافها. وأشار التقرير أيضاً إلى أن فريق الكوماندوس الإسرائيلي قد وصل قبل يوم من حدوث العملية. واتخذ موقعه في مخبأ كبير تحت الأرض بالقرب من الهدف المحدد.

أشارت الصحيفة إلى أن المزاعم الإسرائيلية تقول بأن التحضيرات (للعملية الإسرائيلية) قد بدأت منذ نهاية الربيع الماضي، عندما قام مائير داغان رئيس جهاز الموساد بإطلاع رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن سورية تسعى إلى شراء المعدات النووية من كوريا الشمالية، وأبدى مائير داغان مخاوفه من أن ينجح السوريون في الحصول على القدرات النووية، على النحو الذي يشكل خطراً ومفاجأة قاتلة لإسرائيل.

المزاعم الإسرائيلية -كما تقول الصحيفة البريطانية- لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أشارت صحيفة التايمز البريطانية إلى أن مصدراً في القوات الجوية الإسرائيلية أفاد زاعماً بأن القمر الصناعي الإسرائيلي (أوفيك-7) الذي تم إطلاقه في حزيران الماضي، قد تم تحويله من التركيز على رصد إيران إلى التركيز على رصد سورية، وحالياً يقوم هذا القمر الصناعي بإرسال صور للمنطقة الواقعة شمال شرق إسرائيل (أي سورية) كل ساعة ونصف. وذلك بما يؤدي إلى تسهيل تحديد القوات الجوية الإسرائيلية لأهدافها.

أشار التقرير الذي تحدثت عنه صحيفة التايمز البريطانية، وكتبت عنه صحيفة أورشليم بوست الإسرائيلية، بأنه في وقت مبكر من هذا الصيف، قام وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك بإعطاء الأمر بمضاعفة وجود القوات الإسرائيلية على طول حدود مرتفعات الجولان مع سورية، وذلك في محاولة تهدف إلى الاستعداد لمواجهة القصاص والانتقام الذي قد تقوم به دمشق بعد حدوث (العملية الجوية).

وتحدثت الصحيفة قائلة بأن مصادر المخابرات الإسرائيلية أفادت بأن القوات الخاصة السورية قد تحركت باتجاه الموقع الإسرائيلي الموجود في جبل حرمون بمرتفعات الجولان. وتقول الصحيفة بأنه في هذه النقطة بالذات خاف ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي من احتمال خروج الأمر عن دائرة السيطرة، على النحو الذي يؤدي إلى اندلاع الحرب، وبالفعل أصدر أوامره بتقليل عدد القوات الإسرائيلية الموجودة في مرتفعات الجولان، في إشارة إلى دمشق بأن التوتر قد انتهى.

وتقول الصحيفة بالاستناد إلى المصدر الإسرائيلي بأن دمشق قد استرخت بعد ذلك، وقللت من حذرها وتأهبها، ثم كانت عملية قيام الطائرات الإسرائيلية بانتهاك الأجواء السورية وتنفيذ مهمتها.

تقول الصحيفة أيضاً بأن العملية الجوية الإسرائيلية، تم إطلاع ثلاثة فقط من أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي بها، وهم: ايهود اولمرت رئيس الوزراء، ايهود باراك وزير الدفاع، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية.

وأضافت الصحيفة بأن الأمريكيين كانوا على علم وتمت مشاورتهم حولها، وبأن شيفرة القوات الجوية الأمريكية قد تم تسليمها بموجب ذلك للإسرائيليين، عن طريق الملحق العسكري الجوي الإسرائيلي الموجود في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وذلك من أجل ضمان أن لا تخطئ طائرات إف-16 الإسرائيلية وتقوم باستهداف القوات الأمريكية الموجودة بالقرب من المنطقة، على الجانب العراقي.

تحدثت صحيفة الأوبزرفر البريطانية قائلة بأن حوالي ثمانية طائرات إسرائيلية من طراز (اف-15)، و(اف-16) مزودة بصواريخ مافيريك الثقيلة والقنابل زنة 500 رطل، شاركت في العملية. وأشارت الصحيفة الى أن هذه العملية قد تكون بمثابة مقدمة وافتتاحية تمهيدية لعدوان قادم ضد سورية أو إيران، أو ضد الاثنين معاً.

·       عملية عسكرية!! أين صور الأقمار الصناعية؟

تنوع وتصاعد المزاعم الإسرائيلية، وانزلاق التصريحات والتقارير الرسمية الإسرائيلية كل يوم في موضع جديد، جعلت العالم كله يفهم أن ما قامت به إسرائيل قبل عشرة أيام هو مجرد (عملية انتهاك جوي) وليس عملية عسكرية، ومن أبرز الدلائل على تهافت تصريحات الإسرائيليين:

-         قيام الصحف الإسرائيلية الرئيسية مثل هأرتس، أورشليم بوست، معاريف، وايديعوت احرونوت بنقل الأخبار والمعلومات من المصادر الخارجية غير الإسرائيلية، وفي هذا دليل واضح على عدم وجود دليل إسرائيلي داخلي ملموس يؤكد صحة المزاعم الإسرائيلية.

-         تضارب التصريحات –أو كما سمتها صحيفة الصنداي تايمز البريطانية بـ(المزاعم الإسرائيلية) مع بعضها البعض، فمن جهة (يزعم) المسؤلون الإسرائيليون بأنهم قاموا بتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف داخل سورية بمساعدة قوات الكوماندوس الإسرائيلية المحمولة جواً والتي تغلغلت داخل سورية ووصلت إلى مكان الهدف قبل يوم، وعند لحظة التنفيذ قامت بعملية الإرشاد الليزري للطائرات الإسرائيلية.. ومن الجهة الأخرى يزعم الإسرائيليون بأن لديهم قمراً صناعياً مخصصاً لرصد إيران، قاموا بتغيير تركيزه لكي يقوم برصد المنطقة الشمالية الشرقية والتقاط وبث الصور الفضائية كل ساعة ونصف، (أي كل 90 دقيقة) وتأسيساً على ذلك، نطرح السؤال الآتي: باستخدام تقنيات التصوير عن طريق الأقمار الصناعية أصبح من الممكن تصوير الحروب والعمليات العسكرية، فلماذا لم تقم إسرائيل ببث الصور التي التقطها القمر الصناعي الإسرائيلي، لعرضها أمام الرأي العام العالمي والإسرائيلي، وذلك على النحو الذي يعزز ثقة الرأي العام الإسرائيلي بالجيش الإسرائيلي وقدرته على القيام بـ(العمليات البطولية) خلف الحدود خاصة أن حكومة أولمرت وجنرالات إسرائيل في أمسّ الحاجة لهذه (البطولة) من أجل تحسين سمعتهم التي انهارت بعد قيام حزب الله اللبناني بعملية (تمريغ) الجيش الإسرائيلي في وحل جنوب لبنان؟.. وإذا كان القمر الصناعي الإسرائيلي (نائماً) عند وقوع العملية فأين صور الأقمار الصناعية الأمريكية طالما أن الأمريكيين قد تمت مشاورتهم وإطلاعهم وقاموا بتسليم (شيفرة القوات الجوية الأمريكية للإسرائيليين).. فهل كانت الأقمار الصناعية الأمريكية (نائمة) أيضاً وفي سبات عميق عن (البطولة) التي قام بها الإسرائيليون؟.

·       ولع الحرب والعمليات النفسية:

تتميز الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1948 وحتى الآن بـ(ولع الحرب)، ولم يحدث أن جاءت حكومة إسرائيلية دون أن تنخرط –بطريقة أو بأخرى) في عمليات حربية عسكرية.. وما تقوم به الحكومات الإسرائيلية من عمليات ضد الإسرائيليين يفوق أضعاف ما تقوم به ضد خصومها في المنطقة.

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحليلاً لاتجاهات الرأي العام الإسرائيلي، قام بإعداده الخبيران الإسرائيليان: البروفيسور إيفرايم إييعار، والبروفيسور تامار هيرمان. وقد أشار التحليل إلى النقاط الآتية:

-         الرأي العام الإسرائيلي التقليدي إزاء العرب بدأ يتغير.

-         برغم أن معظم اليهود الإسرائيليين لا يتوقعون حدوث السلام مع سورية على المدى القريب المنظور، فإن هناك أغلبية إسرائيلية تعتقد بعدم إمكانية اندلاع الحرب بين سورية وإسرائيل.

-         يوجد عدد كبير من الإسرائيليين يعتقد بإمكانية بدء سورية وإسرائيل في مفاوضات السلام في المستقبل المنظور، وفي حالة عدم حدوث ذلك يتوقع هؤلاء الإسرائيليون بأن تستمر الأمور كما هي عليه الآن.

-         يعتقد عدد كبير من الإسرائيليين بأن ايهود اولمرت قد بدأ مفاوضاته السياسية مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فقط من أجل تحسين موقفه الداخلي إزاء محتويات تقرير فينوغراد، ويرى هؤلاء الإسرائيليون أيضاً بأنه ايهود أولمرت ولا محمود عباس يستطيعان التوقيع على أي اتفاق، وذلك لأن كليهما يعاني من الضعف الداخلي الشديد.

-         تطالب الأغلبية العظمى من الإسرائيليين بضرورة الإسراع في نشر تقرير فينوغراد كاملاً وفي أقرب فرصة ممكنة.

-         يطالب عدد كبير من الإسرائيليين بضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية بعمل حاسم في قطاع غزة من أجل إيقاف إطلاق الصواريخ ضد المستوطنات الإسرائيلية من داخل قطاع غزة.

وعلى ضوء معطيات تحليل استطلاع الرأي العام الإسرائيلي الذي قام به البروفيسوران الإسرائيليان، ونشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية تتضح لنا بجلاء أبعاد أن انتهاك الطائرات الإسرائيلية للأجواء السورية، هول ليس  (عملية عسكرية) كما هو معلن بواسطة (المزاعم) الإسرائيلية، بل هو (عملية نفسية) غير معلنة، تستهدف الرأي العام الإسرائيلي، وذلك من أجل تحويل توجهات هذا الرأي على النحو الآتي:

-         إيقاف التغييرات والتحولات الجارية في نظرة الرأي العام الإسرائيلية للعرب، وذلك لأنها توجهات تتناقض مع توجهات النخب الحاكمة الإسرائيلية.

-         القضاء على قناعات العدد الكبير من الإسرائيليين حول إمكانية السلام مع سورية.

-         رفع شعبية أولمرت داخل إسرائيل.

-         دفع الرأي العام الإسرائيلي إلى صرف النظر عن المطالبة بضرورة نشر تقرير فينوغراد الذي نجح ايهود اولمرت في تأجيل صدوره إلى فترة طويلة تمهيداً (للفلفة) الأمر ورميه في طي النسيان.

-         دفع الرأي العام الإسرائيلي إلى الانشغال بعمل عسكري ضد قطاع غزة، وذلك لأن إسرائيل تهدف بالأساس إلى إبقاء حالة الانقسام بين الفلسطينيين، وتفادي القيام بأي عمل عسكري ضد القطاع في الوقت الحالي لأن ذلك سوف يؤدي بالضرورة إلى توحيد الفلسطينيين ضد إسرائيل.

وعموماً، العملية النفسية التي بدأتها الحكومة الإسرائيلية، وتم الاتفاق عليها بين الثلاثي: اولمرت- باراك- ليفني، والتي تستهدف بالأساس المواطنين الإسرائيليين، سوف لن تتوقف عند هذا الحد، بل سوف تظهر يوماً بعد يوم الكير من أبعادها وفصولها الجديدة.. وكالعادة: الإسرائيليون سوف يكونون آخر من يعلم ماذا تفعله وما الذي فعلته حكومتهم بهم.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...