مؤتمر أطفال العرب في عمان

19-07-2007

مؤتمر أطفال العرب في عمان

خيّمت على مركز الفنون الأدائية في عمّان على مدى أسبوع، نفحة من النشاط المتميّز حمله معهم الأطفال المشاركون في مؤتمر أطفال العرب في دورته السابعة والعشرين. ملونين أرجاء المركز بورشات عمل تطبيقية مخصّصة للرسم والموسيقى والمسرح والرقص والغناء والأفلام والشعر. أطفال من مختلف الأقطار احتشدوا، ليطلقوا نداء للتعايش، وليقدموا برهاناً دامغاً على إمكان تحقيقه.

شكّل المشاركون الصغار تكتلات تجمعها هواية، تتفاعل في ما بينها لإخراج أفضل منتج تمهيداً لعرضه أمام الحضور في ردهات مركز الفنون الأدائية التابع لمؤسسة نور الحسين. وأظهر الجميع التزاماً كبيراً بما يفعلون.

تركت رهف الخطيب التي لم تتجاوز السنوات العشر لوحة جماعية رسمتها لتتحدث عن مشاركتها في المؤتمر، «عزز وجودي هنا مهارات تواصلي مع الآخرين، وأكسبني معرفة بثقافات 17 دولة عربية وأجنبية».

ويشرح محمد شعبان (16 سنة) القادم من مصر، وهو منهمك بتدريبات رقص الباليه ليشارك في عرض مسرحي يجابه الحرب ويفضح تبعاتها على حياة الشعوب، «العرض المسرحي يتكون من شقين حركي ونصي، فبينما نعبر نحن بأجسادنا عن معاناة الحروب، يروي أصدقاؤنا قصتهم معها بحوار درامي يخلط بين اللغتين العربية والإنكليزية». ويزيد محمد الذي اكتشف أن الأردن ليست بلداً جبلياً كما كان يعتقد قبل مجيئة إليها، «استمتعت كثيراً بالرحلات الترفيهية خصوصاً زيارتنا لمدينة البتراء الخارقة».

المؤتمر لم يقتصر على ورشات العمل والمحاضرات التي قد ترهق المراهقين والأطفال، بل تعدّاها إلى رحلات ترفيه إلى المناطق الأثرية وخليج العقبة وغيرها. كما أصرّ القيّمون على المؤتمر على عقد جلسات حوارية تجمع بين الفنانين. وتعلم الليبي عاصم أبو حلالة من خلال مشاركته في ورشة عمل الأفلام أن «جودة الفيلم ليست رهنا بطوله ولا بالإمكانات التقنية»، مبيناً أنه «بصدد تنفيذ فيلم مدته لا تتجاوز ستين ثانية محوره الصداقة بين الشعوب المختلفة». ويكشف عاصم (16 سنة) عن سعادة غامرة لمنحه فرصة المشاركة في مؤتمر فتح قنوات حوار بين الدول، بعيداً من جلسات السياسيين المغلقة وأجنداتهم الخاصة.

ولم تبتعد السياسة عن الأطفال فجواد السلمان المشارك من فلسطين اعتبر نفسه «سفيراً لقضية بلاده»، ويشير إلى أنه «سعى إلى شرح معاناة أبناء شعبه الرازحين تحت الاحتلال منذ أكثر من نصف قرن لا سيما للمشاركين الأجانب».

وليس بعيداً من الجرح الفلسطيني هناك حضر اللبناني الطائفي الذي عبّر عنه حسين شعبان الذي كتب «لمست في الأردن تقبلا للآخر(...) أخبرت الجميع أنني شيعي ولم يتجنبني أحد». ويوضح حسين أنه والمشاركين تحدثوا بأمور سياسية، منها ما يحدث في لبنان. كما ناقشوا الصورة النمطية للمرأة اللبنانية التي تكرسها الفضائيات. ولشعبان رأي في هذا المجال، كونه عبّر عن استيائه من الفنانات اللبنانيات اللواتي يظهرن بشكل مبتذل على الشاشة ولا يتمتّعن بأصوات رخيمة. ويصرّ أن يشرح لزملائه أنهن «أعطين صورة مغلوطة عن النساء اللبنانيات».

ستنقضي أيام المؤتمر الذي غص جدول أعماله بفاعليات ثقافية وتعليمية وترفيهية، بيد أن المشاركين الأطفال والمراهقين فيه عقدوا العزم على التواصل في ما بينهم، وكل منهم سيغادر أرض المملكة حاملاً في ذهنه ذكرى وربما تغييراً. وليس غريباً أن تُحدث المشاركة في المؤتمر نقلة نوعية في حياة المشاركين، فهذه سناء برقان التي كانت شاركت في مؤتمر أطفال العرب الأول الذي عقد عام 1981 تخرجت من كلية الطب. وعلى رغم مرور السنين على مشاركتها إلا أنها ما زالت تذكر تلك التجربة بحنين. وتؤكد: «المؤتمر غيّر في الكثير، كنت خجولة جداً عند التعامل مع الآخرين، غير أن مشاركتي طورت شخصيتي (...) كنت أجلس مع مشاركين وأتحدث وأتبادل الأفكار والآراء، وما أن انتهت أيام المؤتمر حتى تخلصت من خجلي في شكل تدريجي وشاركت بجرأة في أغنية المؤتمر بعنوان «وطن واحد»». وسناء واحدة من بين ألفي مشترك انتسبوا لمؤتمر أطفال العرب الدولي، الذي انطلق عام 1980 بمبادرة من الملكة نور الحسين، إثر مؤتمر القمة العربية الذي عقد في تلك السنة.

ومنذ ذلك التاريخ، أصبح عقد هذا المؤتمر، تقليداً سنوياً يعكس في أنشطته وفاعلياته، حقيقة الروابط القومية والثقافية والتاريخية المشتركة التي توحد بين الأطفال كأبناء أمة عربية واحدة والتواصل والانفتاح على الثقافات العالمية. والأهم من ذلك أنهم يتمرّنون على مهارات تطوّر قدراتهم على الإبداع كل بحسب هوايته...

ليلى خليفة

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...