صفقة باتريوت الأمريكية إلى تركيا وتأثيرها على توازن القوى في المنطقة

17-09-2009

صفقة باتريوت الأمريكية إلى تركيا وتأثيرها على توازن القوى في المنطقة

الجمل: تقول التسريبات التي أوردتها صحيفة حريات ديلي نيوز التركية اليوم الصادرة بأن إدارة أوباما أعلنت عزمها على تزويد تركيا بصواريخ الدفاع الجوي الأمريكية المتطورة من طراز باتريوت، وتشير تحليلات الخبراء العسكريين إلى أن نشر أنظمة بطاريات باتريوت في تركيا سيكون له تداعياته الكبيرة على توازن القوى العسكري في شرق المتوسط.
* ماذا تقول المعلومات؟
أرسل البنتاغون تقريراً إلى الكونغرس الأمريكي يبلغه فيه عزمه وضع الخطط والترتيبات المتعلقة بتزويد تركيا ببطاريات صواريخ باتريوت من طراز (PAC-3) المضادة للصواريخ، وأضافت المعلومات أن تكلفة الصفقة ستكون في حدود 7.8 مليار دولار الأمر الذي يجعلها واحدة من أكبر صفقات السلاح في العالم خلال هذا العام.
من المتوقع أن يتم عرض مذكرة البنتاغون على مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكي ثم المصادقة النهائية على القرار في جلسة الكونغرس وحالياً تقول المعلومات والتسريبات أن لجان الكونغرس المعنية بشؤون الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية والشرق الأوسط تقوم بدراسة مذكرة البنتاغون تمهيداً لوضع التوصية التي سيتم تقديمها للكونغرس.
* لماذا بطاريات باتريوت لتركيا؟
لم تتحدث السلطات التركية حتى الآن عن الأسباب التي دفعتها إلى الدخول في صفقة بطاريات باتريوت الأمريكية ودفع مبلغ 7.8 مليار دولار أمريكيي في الوقت الذي ما زال فيه الاقتصاد التركي قاب قوسين أو أدنى للخروج من تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، ولكن على الجانب الأمريكي برزت التسريبات والتصريحات لتوضيح الأسباب التي دفعت واشنطن لتزويد تركيا بصواريخ باتريوت:
• التفسير الأول: رغبة واشنطن في الحفاظ على توازن القوى الإيراني – التركي بما يعطي أنقرة اليد العليا في المنطقة، لأن نجاح طهران في تطوير الصواريخ البالستية الهجومية أدى إلى الإخلال بالتوازن بين الطرفين لمصلحة إيران ولكن بحصول أنقرة على الصواريخ الجديدة فإن التفوق العسكري التقليدي سيكون لمصلحة تركيا.
• التفسير الثاني: رغبة واشنطن في قطع الطريق أمام أي احتمالات لحدوث تعاون عسكري تركي – روسي خاصة أن تركيا بدأت منذ فترة مساعي الحصول على الأسلحة الروسية المتطورة.
• التفسير الثالث: رغبة واشنطن في تعزيز وجودها العسكري في تركيا بما يتيح لها دعم حلفاءها داخل الساحة السياسية التركية ويعزز فرصهم في إقصاء حكومة حزب العدالة والتنمية بعد الانتخابات التركية العامة القادمة.
• التفسير الرابع: تأهيل تركيا عسكرياً لتستطيع القيام بدور الوكيل الأمريكي الأول في مناطق القوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأدنى.
• التفسير الخامس: لا توجد بطاريات باتريوت إلا لدى الإسرائيليين وبالتالي فإن تزويد تركيا بها معناه كسر الاحتكار الإسرائيلي وتحقيق التوازن بين الحليفين تركيا وإسرائيل طالما أن التفوق العسكري الإسرائيلي المتزايد قد بدأ يثير حساسية أنقرة في علاقاتها مع تل أبيب.
من الصعب تحديد تفسير واحد بعينه من هذه التفسيرات الخمسة باعتباره الصحيح، ونلاحظ أن جميع التسريبات يمكن أن تكون سارية من وجهة نظر البنتاغون ومجلس الأمن القومي.
* الأبعاد غير المعلنة لنشر بطاريات الصواريخ في تركيا؟
تشير المعطيات الجارية إلى أن واشنطن أعلنت اليوم أنها أخبرت رسمياً جمهورية التشيك وبولندا قرار تعديل خطة نشر بطاريات الدفاع الصاروخي في هذين البلدين ونلاحظ أن القرار الأمريكي الصادر اليوم ستكون له التداعيات الآتية:
• تخفيف توتر علاقات خط موسكو – واشنطن.
• إنهاء الخلافات داخل حلف الناتو فقد كانت الأطراف الأوروبية تطالب بوضع شبكة الدفاع الصاروخي تحت سقف قيادة الناتو وكانت واشنطن ترفض ذلك.
• إرضاء الرأي العام التشيكي المعارض بنشر بطاريات الدرع الصاروخي داخل أراضيه بما يترتب عليه إسقاط حكومة توبولانيك الحليف لأمريكا، الذي كان سقوطه فاجعاً لواشنطن لأن ذلك تم خلال فترة رئاسته للاتحاد الأوروبي.
• تعزيز موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي سبق أن أبدت معارضتها لنشر بطاريات الدرع الصاروخي في بولندا التي يدور حولها صراع نفوذ ألماني – روسي.
• إضفاء المصداقية على شعارات وتوجهات الحزب الديمقراطي الأمريكي التي ظلت طوال فترة حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية تتهم إدارة بوش بإنفاق الأموال الطائلة في بناء شبكة دفاع صاروخي لا طائل منها إضافة إلى التزام الديمقراطيين بإنهاء البرنامج في حال صعودهم للبيت الأبيض.
إضافة لهذه المعلومات توجد تسريبات تقول أن مخطط شبكة الدفاع الصاروخي سيتم تحويله إلى تركيا وإسرائيل وجورجيا وأذربيجان ولكن بتركيز أكبر على تركيا وإسرائيل وأضافت التسريبات أن بطاريات باتريوت التي سيتم نشرها في تركيا ستتم برمجتها بالتنسيق مع بطاريات باتريوت الموجودة في إسرائيل.
أبرز التوقعات إزاء نشر بطاريات باتريوت الأمريكية في تركيا يشير من ناحية إلى سعي واشنطن إلى تعزيز القدرة على اعتراض الصواريخ البالستية الإيرانية ولكن من ناحية أخرى فإن التوقع الأكثر حساسية يتمثل في أن الإسرائيليين يضغطون بشدة من أجل الحصول على طائرات F-35 إضافة إلى احتمالات نجاحهم في تطوير طائرات F-15 وF-18 للقيام بضرب إيران، ولما كانت تركيا قد سبق وهددت بإسقاط أي طائرة تحاول اختراق الأجواء التركية للقيام بضرب إيران فإن التهديد التركي هو تهديد نظري ذلك أن تركيا لا تملك قدرات الدفاع الجوي الكافية لاعتراض الطائرات الإسرائيلية، ولكن بعد حصول تركيا على بطاريات الصواريخ الأمريكية فإنه لن يكون بمقدور الطائرات الإسرائيلية اختراق الأجواء التركية واستهداف إيران وبالتالي فإن توجهات الإدارة الأمريكية الساعية إلى الحد من قدرة تل أبيب على القيام باختراق عسكري وضرب إيران هي توجهات تندرج ضمن تفسيرات أسباب ومحفزات القرار الأمريكي، وعلى ما يبدو فإن المحادثات الأمريكية وتفاهمات واشنطن – طهران ستأخذ وقتاً طويلاً طالما أن المهم بالنسبة لواشنطن ليس القضاء على القدرات النووية الإيرانية وإنما الحصول على تعاون طهران والذي سيتيح لها بكل تأكيد تعزيز وجودها في العراق وأفغانستان وربما آسيا الوسطى!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...