زيارة مبارك المرتقبة إلى واشنطن والدور المصري في لعبة السلام القادمة

13-08-2009

زيارة مبارك المرتقبة إلى واشنطن والدور المصري في لعبة السلام القادمة

الجمل: سوف يقوم الرئيس المصري محمد حسني مبارك في يوم 18 آب 2009 الحالي بزيارة رسمية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، وتقول المعلومات، بأن هذه أول زيارة للرئيس مبارك لواشنطن، بعد فترة انقطاع امتدت لحوالي ست سنوات من آخر زيارة له.
* ماذا يحمل جدول أعمال الزيارة؟
أكدت التقارير بأن الرئيس حسني مبارك سوف يتضمن جدول أعمال زيارة العاصمة الأمريكية واشنطن، لقاء في البيت الأبيض الأميركي، يتفاهم خلاله مع الرئيس الأميركي أوباما، على جملة من المسائل، وسوف يكون مطروحاً على طاولة لقاء مبارك-أوباما، الآتي:
• ملف عملية سلام الشرق الأوسط.
• ملف الخطر الإيراني.
• ملف الوضع الداخلي المصري.
• ملف الأزمات الإقليمية.
• ملف المساعدات الأمريكية لمصر.
نلاحظ أن جدول أعمال زيارة الرئيس مبارك إلى البيت الأبيض الأمريكي، هي أجندة، يمكن تصنيفها على أساس اعتبارات بنود معادلة حسابات المصالح إلى نوعين:
• بنود تخدم المصالح المصرية وتتمثل حصراً في ملف المساعدات الأمريكية لمصر، وملف الوضع الداخلي المصري.
• بنود تخدم المصالح الأمريكية، وتتمثل في ملف عملية سلام الشرق الأوسط، وملف الخطر الإيراني، وملف الأزمات الإقليمية.
هذا، ولما كانت المصالح الأمريكية هي بالأساس مجرد غطاء للمصالح الإسرائيلية، فإن لقاء أوباما-مبارك وإن كان من الناحية المعلنة-الشكلية سوف يناقش المصالح الأمريكية–المصرية، فإن من غير المعلنة-الحقيقية سوف يناقش المصالح الإسرائيلية-المصرية.
* التطورات الدبلوماسية على خط القاهرة-واشنطن:
سعت إدارة بوش الجمهورية السابقة، خلال الفترة التي أعقبت مباشرةً أحداث الحادي عشر من أيلول 2001م، إلى إحداث تغييرات جذرية في خارطة التحالفات الأمريكية-الشرق أوسطية. وتمثلت مساعي واشنطن المتعلقة بذلك في الآتي:
• سعي إدارة بوش إلى إنقاذ مشروع نشر الديمقراطية.
• سعي إدارة بوش إلى فتح ملفات قضايا حقوق الإنسان.
• سعي إدارة بوش إلى المطالبة بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية.
وتأكيداً لذلك، فقد تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس عام2005 في القاهرة قائلة بأن الولايات المتحدة ظلت على مدى سنتين تماماً تتبع إستراتيجية تحقيق استقرار الشرق الأوسط على حساب الديمقراطية.
لم تجد واشنطن فرصة للضغط على خصومها الشرق أوسطيين، وكان أن بدأت بالضغط على حلفائها الشرق أوسطيين، من خلال قيام الرئيس السابق جورج دبليو بوش، في خطابه عن حالة الاتحاد (2005-2006)، بمطالبة الرئيس المصري حسني مبارك صراحة، بضرورة أن يثبت عملياً بأنه يمضي قُدماً باتجاه تنفيذ مشروع نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط.. هذا، ولم تكتفِ واشنطن بالضغط على القاهرة عن طريق التصريحات السياسية وحسب، وإنما لجأت إلى تشديد ضغطها عن طريق الآتي:
• إعادة هيكلة برامج المعونات والمساعدات الأمريكية المقدمة إلى مصر بما يتيحُ لواشنطن تطبيق مبدأ... كلما قام الرئيس حسني مبارك بتطبيق الاصطلاحات الديمقراطية.. كلما أعطته واشنطن بالمقابل جزءاً من المساعدات والمعونات..
• إعادة هيكلة مفهوم العلاقات الثنائية الأمريكية-المصرية، بحيث يتضمن إدماج مفهوم حماية أمن إسرائيل كمتغير رئيسي في العلاقات المصرية-الأمريكية.
• إعادة هيكلة مفهوم المصالح المشتركة الأمريكية-الإسرائيلية، بحيث يتضمن مشروع نشر الديمقراطية، ومشروع إدماج إسرائيل في المنطقة، ومشروع الحرب ضد الإرهاب.
ولم تكتفِ إدارة بوش بمجرد التفاهمات المشتركة مع كبار مسئولي نظام الرئيس حسني مبارك، وإنما سعت إلى إرغام النظام المصري على توقيع مذكرة تفاهم في العام 2004م، تتضمن إقرار القاهرة بالموافقة على المساعدات والمعونات الأمريكية بالإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية في مصر، والتي من بينها التزام النظام المصري بإنقاذ مشروع نشر الديمقراطية، ونشر مشروع إزالة القيود على الحقوق والحريات، إضافة إلى الالتزام بعدم انتهاك حقوق الإنسان المصري.
ولم تكتفِ إدارة بوش بمجرد توقيع نظام الرئيس المصري حسني مبارك على مذكرة التفاهم، وإنما سعت واشنطن بعد ذلك إلى تحديد قائمةٍ أو بالأحرى إلى جدولة الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوب من القاهرة تنفيذها..
ولم تكتفِ إدارة بوش بجدولة الإصلاحات السياسية والاقتصادية... وإنما سعت بعد ذلك إلى تكثيف الرقابة والتدقيق في مدى التزام نظام الرئيس حسني مبارك بوضع هذه الإصلاحات موضع التنفيذ.
* اللوبي الإسرائيلي ولعبة علاقات خط القاهرة-واشنطن:
تلقفت منظمات اللوبي الإسرائيلي مذكرة التفاهم الأمريكية-المصرية التي أقرها ووقعها النظام المصري، ووجدت فيها فرصةً سانحة للاستغلال لجهة إعادة ترويض وتطويع السياسة المصرية أكثر فأكثر بما يخدم ويعزز المصالح الإسرائيلية، ومن أبرز الشواهد على ذلك:
• قيام منظمة "بيت الحرية" ومنظمة "الدفاع عن الديمقراطية" بشن حملة ضارية تتهم نظام حسني مبارك بانتهاكه حقوق الإنسان وعدم الالتزام بنشر الديمقراطية.
• قيام منظمات اللوبي الإسرائيلي –ومن سخرية القدر- بمطالبة الرئيس المصري باحترام حقوق جماعة الإخوان المسلمين المصرية.. وعدم القيام بتقديم عناصر الجماعات الإسلامية المصرية للمحاكمات الجائرة.
• قيام منظمات اللوبي الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومعهد المسعى الأمريكي، إضافةً إلى المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي باتهام نظام الرئيس حسني مبارك، بعدم مساعدة أمريكا في مجال مكافحة الإرهاب، ومحاربة التطرف، إضافة إلى عدم المصداقية والتردد إزاء التعاون مع إسرائيل...
هذا، وتقول المعلومات، بأن منظمة الإيباك (كبرى منظمات اللوبي الإسرائيلي) والناشطة في مجال دعم إسرائيل من خلال ضبط إيقاع إدارة الكونغرس الأمريكي (مجلس الشيوخ ومجلس النواب)، وقد استطاعت أن تقوم بدور "المايسترو" الذي يمسك بدقة إدارة العلاقات المصرية-الأمريكية، وقد سعت منظمة الإيباك بتوجيه المزيد من الضربات الاستباقية الهادفة إلى ردع نظام الرئيس حسني مبارك من مغبة الخروج عن دائرة التنسيق الإسرائيلي، وقد واجهت القاهرة ضربةً موجعةً عندما نجحت منظمة الإيباك في تجميع توقيعات معظم أعضاء الكونغرس الأمريكي، لجمعه المطالبة بتجميد المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر.. وربط تقديم هذه المساعدات حصراً بقيام القاهرة بمنع تهريب الأسلحة لقطاع غزة.. إضافةً إلى فرض قيود الحركة بين القطاع والأراضي المصرية... هذا وبسبب موافقة الكونغرس على ذلك، فقد أصبح نظام الرئيس حسني مبارك لا يحصل على المساعدات الأمريكية "إلا شُحَّاً بمقدار..." على حد قول الشاعر..
* السيناريو المتوقَّع على طاولة لقاء أوباما-حسني مبارك:
تقول المعلومات والتسريبات، بأن الرئيس حسني مبارك ظلَّ متذرعاً بالمرض وتدهورِ أوضاعه الصحية الماضية ليتفادى زيارةَ واشنطن وعقدِ اللقاءات مع الرئيس بوش، وذلك حتى لا يدخل في صدامٍ دبلوماسيّ مباشرةً من جراء مطالبة الرئيس بوش له بضرورة الالتزام بنشر الديمقراطية وعدم انتهاك حقوق الإنسان وتحديداً حقوق جماعة الإخوان المسلمين وبقيّة عناصر الحركات الأصولية الإسلامية المصرية الأخرى..
وحالياً.. وبعد أن أدركت القاهرة، بأن إدارة أوباما قد قررت اللجوء لخيار تهدئة حرارةِ الملفات الساخنة على خط البيت الأبيض الأمريكي-قصر القبة المصري..، فقد أعد الرئيس مبارك العدة لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس أوباما.
تقول التسريبات، بأن الرئيس أوباما سوف يغض النظر من لقائه مع الرئيس مبارك، التطرق لملفات حقوق الإنسان، ونشر الديمقراطية، وسوف يركز تفاهم أوباما-مبارك حصراً على:
• ملف الوضع السياسي الفلسطيني.. تعزيز جهود القاهرة الساعية إلى إعادة قطاع غزة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية.. إما عن طريق إنجاز مصالحة فتح-حماس.. أو القضاء على نفوذ وسيطرة حماس على قطاع غزة.
• ملف عملية سلام الشرق الأوسط: التفاهم مع القاهرة حول خطة أوباما الجديدة للسلام في الشرق الأوسط، ومعالم خطوط الدور المصري الممكن لجمعه حشد التأييد للخطة.
• ملف الخطر الإيراني: التفاهم مع القاهرة حول إبعاد الخطر الإيراني، ومدى إمكانية تعزيز الدور المصري لحشد التأييد والمساندة في المنطقة للجهود الأمريكية المتوقع في شهر تشرين الأول 2009 القادم.
وعموماً، حتى الآن لا يوجد ما يؤكد بأن طاولة لقاء أوباما-مبارك سوف تنطوي على ما يمكن أن يحفز لانقلاب حقيقي في الخارطة الشرق أوسطية..
وعلى الأغلب أن تسعى القاهرة إلى توظيفها نتائج هذا اللقاء لجهة اصطفاف الدبلوماسية السعودية في المنطقة.. بما يتيح للقاهرة القيام بدور الوكيل (البروكسي) الأمريكي في المنطقة.. وإضافةً لذلك فمن الممكن أن تسعى القاهرة إلى حث البيت الأبيض على ضرورة تشديد الضغوط على دمشق لجهة دفعها باتجاه مساندة الجهود المصرية الرامية إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية والتي تسعى القاهرة إلى تحقيقها عن طريق إرغام حركة حماس على القبول ببنود المصالحة غير المتوازية... أما بالنسبة للملفات المصرية العامة الأخرى.. مثل ملف مصير أقسام مياه النيل... فمن الواضح أن القاهرة.. لن تستطيع مطالبة الإدارة الأمريكية بمساعدتها.. لأن القاهرة تدرك سلفاً أن المشروعات التي تهدد الأمن المائي المصري والتي سوف تقام في منابع النيل.. هي بالأساس مشروعات أمريكية-إسرائيلية!!!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...