الكنيست و انغلاق العقل السياسي الإسرائيلي

10-12-2009

الكنيست و انغلاق العقل السياسي الإسرائيلي

الجمل: أكدت التقارير قيام الكنيست الإسرائيلي بإجازة القراءة الأولى لمشروع يلزم الحكومة الإسرائيلية الحالية, وأي حكومة إسرائيلية قادمة, بعدم القيام بإجراء أي انسحاب من الأراضي المحتلة, إلا بعد إجراء استفتاء عام أو تمرير القرار داخل الكنيست بأغلبية ثلثي الأعضاء, فما هي أبعاد هذا القانون, وما هي خلفياته, وتداعياته الحالية والمؤجلة, والمعلنة وغير المعلنة؟
* تحليل بيئة القرار الإسرائيلي:
جاء قرار الكنيست الإسرائيلي بإجازة القراءة الأولى لمشروع قانون تقييد الانسحاب من الأراضي المحتلة ضمن الآتي:

       معطيات البيئة السياسية الدولية:
  _ التغييرات والتعديلات الجديدة التي سوف يشهدها مجلس الأمن الدولي بدءاً من مطلع كانون الثاني (يناير) 2010 م القادم سوف يترتب عليها تغيير موازين القوى داخل المجلس في غير مصلحة محور واشنطن-تل أبيب, وذلك لأن الدول الخمس غير دائمة العضوية, والتي سوف تخرج من عضوية المجلس, سوف تحل محلها خمس دول جديدة غير دائمة العضوية, وجميعها ليست على وفاق مع إسرائيل.
    _ حدوث المزيد من الخلافات والتوترات في علاقات خط تل أبيب-واشنطن وذلك بما دفع ليس إلى قيام الإسرائيليين ورموز اللوبي الإسرائيلي بتوجيه الانتقادات ضد مواقف الإدارة الأمريكية الحالية وحسب, وإنما إلى المطالبة بضرورة الإسراع بترتيب الأوضاع الإسرائيلية الداخلية, بما يؤدي إلى "تحصين" إسرائيل تحسباً لاحتمالات تزايد التدهور والتوترات في علاقات خط واشنطن-تل أبيب.
    _ اعتماد الاتحاد الأوروبي لقرار يقضي بمساندة خيار تقسيم القدس إلى شرقية تمثل عاصمة الفلسطينيين, وغربية تمثل عاصمة الإسرائيليين.
       معطيات البيئة السياسية الإقليمية:
  _ تزايدت التوترات في العلاقة التركية-الإسرائيلية, بشكل صاحبه تزايد التعاون في العلاقات التركية-السورية.
  _ بدأت دول تجمع المعتدلين العرب(مصر-السعودية الأردن)في حالة اصطفاف أكبر لجهة استهداف إيران.
  _ بدا واضحاً عدم نجاح محاولة دول الـ(5+1) في القضاء على البرنامج النووي الإيراني, إضافة إلى صعود قوة النظام الإيراني.
  _ بدأت سوريا أكثر تماسكاً في تنظيم وترتيب المسرح الإقليمي على النحو الذي قضى على محاولات إسرائيل تجاوز الواقع القائم, واختراق الواقع العربي, بالدخول إلى مرحلة التطبيع المباشر مع الدول العربية, والسبب الرئيسي الذي أعاق إسرائيل, هو "قوة سوريا الناعمة" التي منحتها النفوذ والتأثير الكبير على الرأي العام العربي, حتى في دول المعتدلين العرب.
  _ تزايدت قوة نفوذ حركة حماس الفلسطينية, وحزب الله اللبناني.
  _ فوز قوى 14 آذار اللبنانية في الانتخابات العامة اللبنانية الأخيرة, لم تترتب عليه أي نتائج إيجابية بالنسبة لإسرائيل, إضافةً إلى أن الحكومة اللبنانية الجديدة, لن تستطيع القيام بما كانت تقوم به الحكومة اللبنانية السابقة من خدمات وجهود داعمة لمحور تل أبيب-واشنطن.
·       معطيات البيئة السياسية المحلية:
  _ برزت في داخل إسرائيل المزيد من القوى والحركات اليمينية-الدينية والمتطرفة, إضافةً إلى حدوث صعود كبير في تيار اليمين الإسرائيلي الذي يعتمد مذهبية الليكود الإسرائيلي.
  _ سيطر تحالف الليكود-إسرائيل بيتنا بزعامة بنيامين نتنياهو على الحكومة الإسرائيلية (السلطة التنفيذية)وعلى الكنيست الإسرائيلي (السلطة التشريعية).
  _ توترت العلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية, بما أصبح ينذر بحدوث تقارب على خط حماس-حركة فتح من جهة, ومن الجهة الأخرى تباعد بين أطراف خط تل أبيب-رام الله التي تسيطر عليها حركة فتح.
جاء قرار الكنيست الإسرائيلي, ضمن معطيات البيئات السياسية الثلاث الدولية والإقليمية , والمحلية, بشكل يفيد لجهة أن قوى الليكود الإسرائيلي, تسعى إلى تقييد مسار عمليات السلام المحتملة, وبكلمات أخرى, تحديد خارطة طريق تل أبيب الاستباقية إزاء السلام, بشكل يجعل الأطراف الدولية والإقليمية تدرك إشارة تل أبيب القائلة بأن صيغة السلام مقابل السلام هي الممكنة بالنسبة للحكومة الإسرائيلية.
* سوريا وقرار الكنيست: فرصة الاستثمار الدبلوماسي لانغلاق العقل السياسي الإسرائيلي.
تقول المعلومات والتقارير, بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد عن رغبته"الزاعمة" لجهة العمل من أجل السلام, وما هو مثير للانتباه, يتمثل في أن رغبة تل أبيب في السلام هي رغبة يتم التأكيد عليها, برغم انغلاق العقل السياسي الإسرائيلي إزاء السلام.
من الواضح, أن قرار الكنيست الإسرائيلي الذي سعى للتقييد الاستباقي لمشروطيات عملية السلام, وتحديداً فالاعتبارات المتعلقة بالانسحاب الإسرائيلي من الجولان, هي بالأساس مشروطيات, تتميز بالآتي:
  _ ليست جديدة, فقد سبق و أعلنت إسرائيل ضم الجولان.
  _ تقوم على التكرارية, فقد سبق وأصدر الكنيست قرار بفرض القيود على أي عملية لسحب القوات الإسرائيلية من الجولان مقابل السلام مع سوريا.
هذا وعلى أساس اعتبارات بنود المواثيق الدولية والتفاهمات الإقليمية, فإن القرار الجائر الذي أصدره مؤخراً الكنيست الإسرائيلي, سوف يتيح لسوريا وحلفاءها, المزيد من الفرص الجديدة في البيئة الإقليمية والدولية, وذلك لأن قرار الكنيست في حد ذاته يقدم ذريعة جديدة لحث دول العالم على القيام بالضغط على إسرائيل وعزلها, وبالتالي, فإن الاستثمار الدبلوماسي لهذا القرار سوف يترتب عليه جعل إسرائيل تدفع ثمناً باهظاً في الساحة الإقليمية والدولية, ولما كان الاتحاد الأوروبي, قد بادر هذه المرة وأصدر قراره باعتماد فكرة تقسيم القدس إلى عاصمتين شرقية فلسطينية, وغربية إسرائيلية, فإن إمكانية أن يتم استخدام معطيات قرار الكنيست الجديد, كمحفزات تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف تصعيدي أكبر لجهة مطالبة إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة وفقاً لمبدأ الأرض مقابل السلام, هو تصعيد ممكن, وسوف يؤدي حدوثه إلى جعل إسرائيل تتكبد المزيد من الخسائر الدبلوماسية في الساحة الأوروبية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...