الفرات: صحيفة خارج الجغرافيا وهموم خارج التغطية!

02-08-2009

الفرات: صحيفة خارج الجغرافيا وهموم خارج التغطية!

الجمل- صبري عيسى: يتداول الديريون هذه الأيام فتوى تسمح لهم دخول الجنة دون حساب، وأن المعاناة التي يعيشونها حاليأ بسبب العجاج وتلوث مياه الشرب وغياب كامل لأبسط أنواع الخدمات غسلت ذنوبهم ومسحت أخطاءهم، وتحول ماضيهم منذ الولادة وحتى الآن إلى ماضٍ أبيض كالثلج وأصبحت ذنوبهم مغفورة وطرقهم سالكة وآمنة ولن توصلهم إلى النار ليذوقوا عذاب جهنم، إذ لا يعقل أن يدخل الناس إلى جهنم مرتين في الدنيا وفي الآخرة، وهم يلهجون بالثناء والدعاء ليل نهار لأولياء الأمر في المحافظة والحكومة بطول العمر،  شاكرين فضلهم على الحال التي وصلوا إليها والتي بسببها دخلوا الجنة!!
 اتجه شرقاً: الإحباط والإهمال!
تساؤلات كثيرة يطرحها أهالي مدينة دير الزور عن الإحباط الذي يشعرون به والذي يكبر يوماً بعد يوم في ظل الظروف المعيشية القاسية التي يعانون منها وسط تجاهل الحكومة لأوضاعهم التي تزداد سوءاً مع ازدياد معدلات البطالة وتفشي الفساد في معظم مؤسسات الدولة الخدمية والغلاء المتفاقم الذي أنهك حياة الناس وأذلهم وحول حياتهم إلى جحيم.
التصريحات التي تطلقها الحكومة عن تنمية المناطق الشرقية تؤكد الجدية في توجهاتها، وعبارة (اتجه شرقاً) التي رفعتها عنواناً لخطة التنمية تحتاج إلى سنوات طويلة حتى يلمس الناس نتائجها في وقت فقدوا فيه الأمل بالتغيير أو بتحسين أوضاعهم المعيشية والخدمية، إٍذ لا يكفي أن يعترف نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية  بأن المنطقة الشرقية من سورية لم تحصل على الاهتمام الكافي في الخطط الاقتصادية السابقة بالرغم من أنها تشكل منطقة استراتيجية هامة جداً، باعتبارها المصدر الرئيسي للثروات النفطية والزراعية والطبيعية والمائية.. ورأى الدردري:
 (أن المواطنة والتنمية صنوان لا ينفصلان، وبالتالي فاِن الاهتمام بسكان المنطقة الشرقية يعزز مفهوم المواطنة وهو ما تضعه الحكومة السورية نصب أعينها)
هذا الاعتراف من نائب رئيس مجلس الوزراء بأهمية المنطقة الشرقية يحتاج إلى آليات سريعة لتحويل هذا الكلام إلى فعل ينعكس إيجاباً على مجمل حياة الناس، ولا يكفي تعليق الآمال على زيارات سياحية متفرقة لبعض الوزراء للمحافظات الشرقية وسط أجواء احتفالية ُتطلق فيها التصريحات والوعود لإيهام الناس أن الخير قادم وعليهم أن يستبشروا بالمستقبل السعيد الذي ينتظرهم!!
يجب أن تكون هناك آليات وإجراءات لإشعار الناس في المناطق الشرقية بجدية توجهات الحكومة، وهذا ليس صعباً
إذا تم إحداث منصب نائب لرئيس مجلس الوزراء للمناطق الشرقية ويكون مقر عمله في مدينة ديرالزور، وله صلاحيات واسعة  تسمح له  باتخاذ القرارات السريعة، والإشراف على تنفيذها.
بتاريخ 29/6/2009/ نشر موقع (سيريا ستيبس) الالكتروني تصريحاً لرئيس لجنة منظمة الأغذية والزراعة التابع للامم المتحدة لدى زيارته إلى المنطقة الشرقية وهو من الهند قال فيه (إن الوضع في المناطق الشرقية أسوأ مما هو في الهند حيث يوجد 30% من السكان تحت خط الفقر).
 إجراءات محدودة الأثر!
لاشك أن الحكومة قامت بزيادة الدعم الحكومي عبر زيادة القروض الممنوحة للمزارعين وقامت بتقديم مساعدات غذائية للمتضررين لكن بقيت هذه الإجراءات محدودة التأثير تشبه الأدوية المسكنة التي تبقي على المرض، ولا تشفي المريض!
إن حجم الخطر الكارثي الذي تواجهه المناطق الشرقية لن يقف عند حدودها فقط؛ بل سيشمل المحافظات السورية كافة في حال استمر تدهور الأوضاع الاقتصادية، لأن المناطق الشرقية وباعتراف خبراء الاقتصاد هي الضمان الأكبر للأمن الغذائي وتشكل الاحتياطي الاستراتيجي الداعم للمستقبل في  سورية كلها.
من أجل ذلك يجب أن تكون هناك عملية مقاربة بين واقع الحياة اليومية للناس في المناطق الشرقية ، وبين التوجه الحكومي الجديد الذي جاء متأخراً أكثر من خمسة عقود من الزمن، وهذا يحتاج إلى مزيد من الشفافية والصدق من قبل الحكومة حتى لا تكون وعودها مثل مطر الصيف الذي لا يأتي!
إن استعادة ثقة الناس يجب أن يكون حواراً باتجاهين:
الأول: اقتناع الناس بجدية الحكومة في معالجة مشاكل المناطق الشرقية والإعلان عن خطواتها التنفيذية.
الثاني: هو الاستماع إلى رغبات الناس والاطلاع على مشاكلهم عن قرب ، وهذا لا يتحقق إلا عبر وسائل الإعلام الممثلة بمكاتب الصحف المركزية وبصحيفة  (الفرات) اليومية التابعة لمؤسسة الوحدة للصحافة والنشر والتوزيع بدمشق.


ونظراً للدور المفترض لصحيفة الفرات في التعبير عن واقع الحياة اليومية لمحافظات:  ديرالزور- الحسكة- الرقة.. وهل استطاعت القيام بدورها كما يريد الناس أو أنها وجدت من أجل تسليط الضوء على ما تقوم به الدولة من إيجابيات لمصلحة المواطن كما يقول رئيس تحريرها؟
 صحيفة الفرات: السؤال والجواب!
للإجابة عن هذا السؤال لابد من استعراض مسيرة الصحيفة التي بدأ صدورها عام 2004، ورغم مرور هذه السنوات لم تستطع تكريس تقاليد مهنية صحيحة، وتكاد تتشابه مع صحف المحافظات الأخرى إلى حد الاستنساخ من حيث التوجه والخطاب، ويتمثل ذلك بمحاولة تقليد الصحف المركزية بدمشق، من جهة التركيز على أحداث العاصمة السياسية والعامة أو الوقوع بفخ سوء التقدير المهني والمبالغة في تغطية النشاط الرسمي للمسؤولين وقيادة الحزب في محافظات دير الزور، الرقة، الحسكة، مع إهمال غير مبرر لاحتياجات الناس وأوضاعهم المعيشية وتعاطيهم مع الأجهزة الخدمية في المحافظات الثلاث كان من نتائجه حدوث أزمة ثقة بين الصحيفة والناس وهبوط معدلات التوزيع إلى أدنى مستوياتها، وأدى ذلك إلى تدخل الإدارة العامة لمؤسسة الوحدة أكثر من مرة بهدف رفع مستوى الأداء المهني للصحيفة ورفع معدلات توزيعها، حتى وصل الأمر إلى التهديد بتحويل إصدار الصحيفة من يومية إلى أسبوعية وهذا يعني خسارة سكان المحافظات الثلاث إلى منبر هام يساعد في إيصال صوتهم إلى أصحاب القرار في المحافظة والحكومة، وقد أدى هذا التهديد إلى قيام إدارة الصحيفة بدير الزور إلزام العاملين بتأمين اشتراكات إجبارية على نفقتهم الخاصة، والتلويح بإنهاء خدمات من لا يستجيب حتى وصل الخوف ببعضهم إلى القيام  بتأمين أكثر من / 50 / اشتراكاً على نفقته هو وعائلته ومعارفه، مما أشاع  حالة من القلق لدى العاملين الذين يعملون وفق نظام الفاتورة الذي يسمح للإدارة بالاستغناء عن أي فرد وصرفه من الخدمة.
السجالات التي حصلت بنهاية شهر حزيران الماضي بين الأستاذ فؤاد بلاط والأستاذ عدنان عويد رئيس تحرير صحيفة الفرات على موقع (آزورا الفرات) الالكتروني سلطت الأضواء على واقع الصحيفة والمشاكل التي تعاني منها وحملت عدداً من المفارقات:
يقول الأستاذ عدنان في رده المؤرخ في /23/6/2009 على المقال الذي كتبه الأستاذ فؤاد بعنوان (إغلاق جريدة الفرات مجرد شائعة.. ببساطة لا تنمية بدون إعلام):
 (منذ شهر زار السيد المدير العام لمؤسسة الوحدة مع كل من السيدين المدير الإداري والمدير المالي جريدة الفرات في إطار جولة تفقدية اطلع من خلالها على واقع الجريدة وأهم الصعوبات والمعوقات التي تعانيها حيث كان اللقاء على درجة عالية من الشفافية والموضوعية تمخض عن تلبية ما أمكن من متطلبات الجريدة، الأمر الذي ساعد على زيادة توزيع أعدادها ومشتركيها من 4800 إلى 8000 نسخة، هذا إضافة إلى التطور الملموس في واقع صفحات الجريدة وتركيزها على الجوانب الحيوية التي تهم المواطن )، طبعاً هذا يعني زيادة في توزيع الجريدة بمعدل 3200 نسخة يومياً، لذا أرى أن أسباب التقصير يتحملها المدير العام نفسه، فلو تكرم وقام بزيارة شهرية لجريدة الفرات لوصل التوزيع في عام واحد إلى أرقام فلكية  3200×12 =38400 نسخة وبهذا تتجاوز معدلا ت توزيع صحيفة الثورة نفسها!
 الغرق وسط بحر الوصايات!
هناك مسألة هامة وردت في سياق رد الأستاذ عدنان وهي إشادته بالوصاية الكاملة على الجريدة ممثلة في إدارة مؤسسة الوحدة التي تصدر عنها جريدة الفرات والقيادة السياسية ومحافظي دير الزور، الرقة، الحسكة.. فكيف يمكن لصحيفة محلية تبحث عن النجاح والانتشار أن تعمل وسط هذا البحر من الوصايات المتعددة؟ وماذا يفعل رئيس التحرير إذا حصل خلاف بين هذه الجهات حول أي موضوع تنشره الجريدة ولمن ينحاز؟
أعتقد أن هناك خطأ لم ينتبه له الأستاذ عدنان وهي أن صحيفة الفرات وصحف المحافظات الأخرى تتبع مباشرة للإدارة العامة لمؤسسة الوحدة، وهي الجهة  الوحيدة التي تمتلك حق الوصاية والإشراف والتوجيه وتحديد سياسات الصحيفة وكل ما يتعلق بأمورها.
صحيفة الفرات صحيفة علنية توزع للناس، وليست منشوراً سرياً، ومهمتها معالجة أمور الناس في المحافظات الثلاث،
وليس من حق أحد أن يمنع أي كان من إبداء أي ملاحظة تتعلق بأداء الصحيفة، وكان من المفترض أن يتسع صدر رئيس التحرير والطاقم القيادي في الصحيفة للاستماع للجميع، والترحيب بكل الآراء وتبني ما هو مفيد منها للنهوض بمستوى الصحيفة، أما تعبير (أهل مكة أدرى بشعابها)  فقد جاء في غير مكانه، لأن المثقفين والصحفيين في المحافظات الثلاث أيضاً من أهل مكة، أليس كذلك؟!
أعود إلى توصيف مهمة صحيفة الفرات كما جاءت في رد الأستاذ عدنان بأنها (وَجدت من أجل تسليط الضوء على ما تقوم به الدولة من ايجابيات لمصلحة المواطن!) أقول وماذا عن السلبيات، أليست مهمة الصحيفة تسليط الضوء على حياة الناس، ومعاناتهم والدفاع عن مصالحهم، وفضح آليات الفساد المنتشر في معظم المؤسسات الحكومية، وخاصة الخدمية منها.
إذا كانت هذه هي السياسات المعتمدة في صحيفة الفرات، فلا يمكن استغراب مقاطعة الناس لها، رغم أن سعرها المحدد بليرتين سوريتين لا يكلف المواطن أكثر من عشرة ليرات أسبوعياً باعتبار أن الصحيفة تصدر خمسة أعداد في الأسبوع، ومع ذلك لم تستطع الصحيفة أن تخلق عادة القراءة لدى مواطني المحافظات الثلاث البالغ عددهم حوالي ثلاثة ملايين ونصف، وإذا اعتبرنا أن الصحيفة توزع 8000 نسخة يومياً كما يقول رئيس تحريرها، فيكون لدينا في هذه الحالة نسخة واحدة من الصحيفة لكل 4375 مواطناً. أليس هذا الرقم مفجعاً وكارثياً!!
 أعداد تحت المجهر!
 وحتى لا يكون الحديث عن صحيفة الفرات مجرد ملاحظات عامة أو اجتهادات بعيدة عن الواقع، سأستعرض صفحات بعض الأعداد الصادرة في أسبوع واحد بتواريخ متسلسلة من شهر حزيران 2009.
أولاً – العدد الصادر بتاريخ 7/6/ 2009
معظم المواضيع المنشورة في الصفحة الأولى مواد إخبارية تستهدف إبراز وتسويق النشاط الحكومي، باستثناء قطعة إخبارية على عمودين عن (غياب كامل للأجهزة والعناصر في المركز الصحي في البو بدران) وأخرى عن (محاضرة وليلة رصد فلكي لجمعية هواة الفلك السورية في طلائع دير الزور) كان يمكن نشرها في الصفحة الأخيرة بدلاً من أخبار مكررة منشورة مثل (كلب يقطع 50 كيلومتراً لزيارة طبيب..  و158 مليون  شخص يحتاجون لنظارات..الخ)
-القطع الإخبارية السياسية العربية والدولية لا مبرر لها في الصفحة الأولى، وكان يمكن الاستعاضة عنها بمواد وأخبار محلية أكثر فائدة.
-الصفحتان الثانية والثالثة مخصصتان للشؤون المحلية ومعظم المواد المنشورة اهتمت بتغطية النشاط المحلي لمدينة
ديرالزور فضلاً عن مادتين إخباريتين عن محافظة الرقة مع غياب كامل لأي نشاط عن محافظة الحسكة.. وخلت الصفحتان من أي تحقيق، وما نشر عن مخالفات جمعية الرواد للسياحة والسكن لا تنطبق عليه مواصفات التحقيق الصحفي، وجاء مشوشاً وبصياغة ركيكة، وقد بنى المحرر معلوماته عن مخالفات الجمعية خلال انعقاد مؤتمر الاتحاد التعاوني السكني ليقول: (ومن خلال تصريح السيد محافظ دير الزور فلا حاجة للإجابة عن الأسئلة المطروحة ويظهر للجميع الخروقات والمخالفات الحاصلة في هذه الجمعية)، ويركز التحقيق على ضياع حوالي 100 مليون ليرة سورية على الدولة ، دون أن يوجه اهتمامه للبحث في مصير المخصصين من أعضاء الجمعية  والضرر الذي أصابهم، ومن الواضح أن المحرر كان يستهدف مدح مجلس الإدارة الجديد أكثر من إدانة المجلس السابق!
- الصفحتان الرابعة والخامسة مخصصتان للشؤون الثقافية  وعلى امتداد الصفحتين وعلى 16 عموداً جاء العنوان التالي: (دير الزور تكرم الفنان نبيل أغا) وتضمنت تغطية لوقائع الاحتفال بتكريم الفنان مع شهادات لفعاليات ثقافية وفنية!
لاشك أن هناك مبالغة من الجريدة وكان يمكن اقتصار التغطية على صفحة واحدة لأن معظم ما قيل في الفنان جاء مكرراً وإنشائيا باستثناء الحوار الممتع الذي أجراه الزميل بشير العاني مع الفنان. عدا عن تخصيص زاوية (وقال النهر) على الصفحة الأخيرة عن الفنان بقلم مصطفى عبد القادر.
أنا لا أقلل من أهمية الفنان ولا حقه في التكريم الذي يستحقه بعد سنوات طويلة من العطاء المتميز، وكان يمكن أن يكون هذا مقبولاً وبحماس لو كان عدد صفحات الجريدة  24 صفحة  على سبيل المثال.
- الطباعة الرديئة والإخراج السيئ، وتوزيع كتل اللون الأزرق بطريقة فجة في الصفحة الأخيرة  تحالفا معاً في تكوين صفحة منفرة وغير مريحة لعين القارئ.
ثانياً – العدد الصادر بتاريخ 8/6/2009
ورد في رأس الصفحة الأولى قطعة إخبارية على ثلاثة أعمدة ورد فيها (انتشال جثة شاب وغرق طفل ونجاة شقيقه اثر سقوطهما في نهر الفرات) وفي متن الخبر جاء ما يلي (ولاتزال عمليات البحث عن الغريق عبر غواصي فوج الإطفاء وعناصر الدفاع المدني تؤازرهم زوارق الثروة السمكية ودائرة الحراج بطواقمهما التابعة لمديرية الزراعة، وقد تم تسليم الجثة إلى ذويها أصولاً من قبل القضاء المختص وسجلت الواقعة قضاء وقدراً).
 السؤال كيف تم تسليم الجثة وعمليات البحث عن الغريق مستمرة ولم تنته؟!
 - في منتصف الصفحة تم نشر خبر على عمودين بعنوان (قرى عين عيسى تموت عطشاً)، ويتناول الخبر انقطاع مياه الشرب عن مجموعة  قرى تابعة لناحية عين عيسى التابعة لمحافظة الرقة، وحاء الخبر مختصراً في أقل من80 كلمة وكان يمكن التوسع فيه مع التركيز على خطورة انقطاع المياه لأكثر من 25 يوماً!
أكرر ملاحظتي السابقة حول نشر المواد السياسية في الصفحة الأولى واستبدالها بمواد محلية تهم أبناء المحافظات الثلاثة - إبراز لقاء رئيس مجلس الوزراء مع رئيس مجلس إدارة الشركة الكويتية السورية القابضة برأس الصفحة الأولى وعلى أربعة أعمدة لا مبرر له وتمت تغطيته في الصحف المركزية الصادرة في دمشق باهتمام أقل!
-على الصفحة الخامسة تم نشر موضوع عن الأديب والباحث الكبير عبد القادر عياش بمناسبة مرور 35 عاماً على رحيله كتبه الزميل مازن يوسف صباغ ، وكان يمكن اعتبار إحياء ذكرى الراحل إنجازاً لولا أن الموضوع سبق نشره في اليوم السابق بتاريخ 7/6/2009/ وفي الصفحة 29 من صحيفة (بلدنا).
بالتـأكيد إن إحياء ذكرى الأستاذ عبد القادر عياش يستحق أكثر من ذلك ولن ُتتهم الصحيفة بالمبالغة إذا تم تخصيص نصف صفحات العدد اليومي للحديث عنه وعن دوره في توثيق تاريخ مدينة دير الزور وفي إحياء التراث الشعبي إضافة إلى تأسيسه لمتحف التقاليد الشعبية عل نفقته الخاصة، ولايزال أبناء جيلي يتذكرون وبعرفان كبير فضل هذا الرجل في إغناء ثقافتنا عن مدينة ديرالزور، حيث كان يزودنا بكتبه وأبحاثه ومجلته الشهرية (صوت الفرات) ونحن طلبة في ثانوية الفرات أوفي رابطة الوعي العربي، وحتى بعد عملنا في الصحافة  حيث كان يزورنا باستمرار في مبنى صحيفة
(الثورة) القديم مصطحباً معه أخر أبحاثه ومؤلفاته.
-تخصيص صفحتين وزاوية عن مطرب حتى لو كان بحجم الفنان الكبير صباح فخري ليس أكثر أهمية من إحياء ذكرى
الباحث الموسوعي عبد القادر عياش الذي لم يتذكره صحفيو جريدة الفرات ولا القيادات المسؤولة في محافظة دير الزور
-في الصفحة الأخيرة وتحت عنوان (المقال... وإشكالية الكتابة) للكاتب خالد جمعة ينتقد طريقة كتابة الزوايا الصحفية، ويرى أن معظم النتاجات والمقالات لا تلامس الشعور معدومة الهدف فارغة المحتوى، وأن أغلب المقالات يغلب عليها الطابع الإنشائي وأن بعض تلك الأسماء تكتب من أجل أن تنشر أسماؤها وتدرج صورها فلا يهم الموضوع ولا يهم ماهيته وطرحه، المهم هو الاسم والصورة، ويخلص الكاتب إلى نتيجة وهي (أننا أضعنا وقتاً في قراءتها) ونسي أنه أوقع نفسه في نفس المأزق عندما كتب زاوية غير جديرة بالقراءة لم تقدم أي معلومة أو فائدة مرفقة باسمه وبصورته الشخصية!!
-في نفس الصفحة وفي زاوية (وقال النهر) ُنشرت زاوية للمدير العام لمؤسسة الوحدة الأستاذ خلف المفتاح عن الخامس من حزيران وهي تكرار لنفس الزاوية المنشورة بنفس اليوم في الصفحة الأخيرة من صحيفة الثورة تحت عنوان (إضاءات) مع فارق أن صحيفة الفرات كانت أكثر حذراً من تحمل أي تبعات سياسية لذا أضافت سطراً بنهاية الزاوية لإخلاء مسؤوليتها السياسية يتضمن ما يلي (ليس كل ما ينشر في هذه الزاوية يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الجريدة)!؟ وللعلم أن ما يكتبه المدير العام هو جزء من الخطاب السياسي للمؤسسة التي تصدر عنها صحيفة الفرات.
ثالثاً – العدد الصادر بتاريخ 9/6/2009
حملت الصفحة الأولى مجموعة من القطع الإخبارية المحلية، وتحت عنوان (محافظ دير الزور يكرم الطبيبين النجم والفناد لقيامهما بعمليات جراحية طوعية ناجحة) جاء في بداية الخبر اسم المحرر يسبق مقدمة من حوالي 12 سطراً نكتشف بعدها أنها عبارات الترحيب التي قالها المحافظ، وكان من المفترض أن يسبق الترحيب اسم قائله حتى لا يحدث خلط ينسب النص للمحرر، وهذه الملاحظة وردت في معظم التغطيات الإخبارية للنشاطات التي تقام في المحافظة.
-في الصفحة الثالثة من نفس العدد جاء العنوان التالي: (في حوار مع السيد عبد الرزاق الجاسم عضو اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي أمين فرع الرقة)، طبعاً هذا العنوان جاء ناقصاً، وكان من المفترض أن يأتي بعده عنوان أو أكثر يؤخذ من الحوار لإبراز أهميته، وهنا يبدو التقصير واضحاً يتحمل مسؤوليته رئيس وأمناء التحرير!
زاوية (وقال النهر) في الصفحة الأخيرة  للأديب فاضل سفان جاءت أقصر من نصف حجم الزاوية بفراغات كبيرة بين الأسطر مع صورة للكاتب غير صالحة طباعياً.
لا مبرر لنشر الأخبار المنوعة وكان يمكن الاستعاضة عنها بمواد منوعة مصورة تسلط الضوء على مواقع تاريخية وجمالية تعكس الطبيعة الجميلة لمحافظات دير الزور، الحسكة، الرقة.
 رابعاً - العدد الصادر بتاريخ 10 /6/ 2009
إبراز معاناة قرية الدحلة الأشد فقراً بدير الزور على ستة أعمدة مع صورة من القرية نقطة أسجلها لصالح الجريدة وكان يمكن التوسع بها مع مراجعة دقيقة تجنباً لأخطاء وردت في الصياغة مثل (فيما وصل معدل عدم الالتحاق من عمر12- 14 سنة 94,71 %)، ويبدو واضحاً أن عبارة (التعليم) سقطت سهواً!
-الصفحة الرابعة المخصصة للسياحة والآثار جاءت متميزة بالمعلومات عن منطقة الفرات.
-الصفحة الخامسة المخصصة للثقافة حملت مفارقات غير معقولة ، فمن غير المعقول نشر زاوية على ثمانية أعمدة في رأس الصفحة بعنوان أماني باسم (أماني عصام المانع) وتحتها زاوية على عمودين باسم (عصام المانع).
-بتاريخ نفس اليوم 10 /6/2009/ نشرت الصحف المركزية بدمشق (تشرين – الوطن) أخباراً مفصلة عن اجتماع عقده محافظ ديرالزور للجهات المسؤولة عن تنفيذ المشروعات في المحافظة حيث أدان التقصير، وأبدى عدم رضاه عن البطء في تنفيذ هذه المشروعات، وأكد على أهمية انجازها في وقتها المحدد  كما لوح بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
هناك تساؤل عن تجاهل صحيفة الفرات لهذا الاجتماع ، وكان يمكن اعتبار ملاحظات المحافظ حول التقصير والبطء في تنفيذ مشاريع المحافظة بمثابة الضوء الأخضر للبدء بحملة صحفية تسلط الضوء على مواقع التقصير والخلل والتحريض على تسريع العمل في تلك المشاريع!
 خامساً - العدد الصادر بتاريخ 11/6/2009
يمكن اعتبار الصفحة الأولى في هذا العدد من أفضل الصفحات وأقربها للوظيفة المطلوبة للتنوع في تغطية النشاط المحلي في المحافظات الثلاث مع تميز واضح في إبراز مشكلة أهالي قرية تل عثمان بالرقة على ستة أعمدة مع صورة لا تتناسب مع العنوان (أكثر من 50 منزلاً مهدداً بالانهيار) وكان من الممكن التقاط صور أفضل وأكثر تعبيراً عن مشكلة المنازل المهددة بالانهيار!
-في الصفحة الثانية تم نشر تحقيق عن المشافي العامة والخاصة في دير الزور وهو من التحقيقات المتميزة، وكان من الممكن أن يكون أكثر تميزاً بصور عن المشافي نفسها ويبدو أن الحرص على عدم إثارة أي حساسية مع إدارات المشافي تم استبدال الصور بكاريكاتير ساخر!  وهناك ملاحظة حول التوزيع الرديء للعناوين مما أساء للتحقيق!
الحديث عن الصفحات الأخرى لم يعد مبرراً لتشابه الملاحظات وتكرار التبويب المعتاد في كل الأعداد التي تصدر يومياً!
 غياب التأهيل وتغييب هموم الناس
لاشك أن هناك قصوراً واضحاً في الأداء المهني لمحرري الصحيفة، ومن يتابع مسيرة الصحيفة منذ أعدادها الأولى، ومن الأحاديث المتداولة في أوساط المؤسسة والصحيفة أن محرري الصحيفة لم يخضعوا لدورات مهنية، وكان يمكنهم تعويض ذلك من خلال الاطلاع على تجارب صحفية ناجحة ومن خلال مواقع الانترنت المتخصصة بالدراسات الصحفية وهي كثيرة وفي متناول الجميع.
-قبل مئة عام قال جوزيف بوليتزر ناشر صحيفة النيويورك ورلد، ورئيس تحريرها: (إن الصحفيين الذين لم يؤهلوا إنما يتعلمون مهنتهم على حساب الجمهور، ويضيف أن الصحافة هي أكثر المهن بحاجة  إلى أوسع المعارف وأعمقها، ويتسائل: هل يصح أن تترك هذه المهنة، ذات المسؤوليات الكبيرة تُمارس من دون تأهيل منظم).
الكادر التحريري بدأ عمله لأول مرة عملاً بالمثل القائل (إذا أردت أن تتعلم السباحة  يجب أن تنزل إلى البحر)، ويبدو أن صحفيي الفرات نزلوا إلى النهر ولم يتعلموا السباحة فغرقوا وأغرقوا جريدتهم معهم، وهذا يفسر كثرة الأخطاء التي لا تخلو منها  معظم صفحات الجريدة!
- يجب أن يدرك الجميع أن وظيفة الصحيفة المحلية  هي التعبير عن نبض الشارع  ومعرفة احتياجات الناس ومتطلباتهم ونقلها بأمانة عبر الكلمة المكتوبة إلى الجهات المسؤولة لإيجاد الحلول ومعالجة المشاكل التي يعاني منها أهالي المحافظات الثلاث.
 بحثاً عن الحل... ملاحظات ومقترحات!
في ظل هذه الأوضاع التي تعيشها الصحيفة لا يمكن معالجة مسألة قلة الانتشار عن طريق الضغط على كادر الجريدة لزيادة عدد المشتركين، كما أن الحديث عن تأمين عشرة آلاف اشتراك أو التهديد بتحويل الإصدار اليومي إلى أسبوعي لا يحل المشكلة، مما يعني الهروب من استحقاقات مطلوبة يفترض أخذها بعين الاعتبار وهي:
أولاً- العمل وبشكل عاجل على تثبيت الكادر العامل في الصحيفة، وهذا سيساعد بالتأكيد في توفير الضمان المادي للعاملين ويلغي حالة الخوف والقلق على المستقبل خاصة أن غياب أي منهم حتى لو كان مشروعاً بسبب ذهابه للقيام بواجبه الوطني سيفقده إمكانية العودة العمل.
ثانياً- من المعروف أن صحيفة الفرات صدرت باسم محافظات دير الزور، الرقة، الحسكة، بينما الصحف المحلية الأخرى تصدر كل واحدة  منها باسم محافظتها، ومن غير المعقول أن تصدر صحيفة الفرات بثماني صفحات وباسم ثلاثة محافظات، لذا لابد من العمل على زيادة صفحاتها  لتصبح اثنتي عشرة صفحة، ويكون لكل محافظة أربع صفحات، وتعتمد في تحريرها على كوادر صحفية من المحافظة نفسها بإشراف أمين تحرير مقيم في نفس المحافظة ويتم تخصيص الأربع صفحات الأولى من العدد اليومي بالتناوب يومياً بين المحافظات الثلاث.
 ثالثاً- يجب تحقيق مصالحة بين مثقفي المحافظات الثلاث والصحيفة وتوزيع زوايا الصحيفة بالتساوي وبالتناوب وإفساح المجال للجميع في التعبير والنشر والابتعاد عن الشللية الضيقة لأن الصحيفة ملك الجميع، خاصة أن هناك عشرات من الكتاب والمثقفين على مستوى عال من الحرفية والإبداع تزخر بهم المحافظات الثلاث.
رابعاً- إقامة دورات تأهيل مهني متخصصة في فنون العمل الصحفي والاستعانة بخبرات مهنية وأكاديمية محلية وعربية
يتم بنهايتها فرز المواهب المتميزة  والقادرة على العطاء والاستمرار.
خامساً – يجب فصل كادر مراسلي صحيفة الفرات عن كوادر مكاتب الصحف المركزية في دمشق، بهدف خلق حالة من التنافس بين الجميع، وحتى لا يقتصر نشر المواضيع الهامة على صحف العاصمة  والمواضيع الهامشية والأخبار الثانوية من نصيب صحيفة الفرات.
سادسا – زيادة مبالغ الاستكتاب وأجور النشر بما يعادل التعرفة المعمول بها في صحيفتي الثورة وتشرين.
سابعاً- التعميم الذي أصدره المدير العام لمؤسسة الوحدة لصحف المحافظات أشار إلى مواقع الخلل في الأداء المهني وطرح أفكاراً وحلولاً ورؤية متقدمة من شأنها رفع مستوى الأداء في صحافة المحافظات، لكن هذا لا يكفي بدون إحداث تغيير في القيادات الصحفية و المفاصل المسؤولة عن النشر والتي تسببت في تدني المستوى المهني في تلك الصحف.
ثامناً – لا توجد هوية فنية  مميزة  لصحيفة الفرات، فالإخراج الرديء أساء للصحيفة، وحول صفحاتها إلى مجموعة من الصفحات المتنافرة تفتقد إلى التوافق والانسجام، مع إهمال تام للصورة الصحفية المتميزة التي يمكن أن تشكل حالة من الإبهار البصري تلفت نظر القارئ وتشده للصحيفة، خاصة أن محافظات دير الزور، الرقة، الحسكة، غنية بالمواقع السياحية والتاريخية والجمالية.
تاسعاً- معالجة مشكلة رداءة الطباعة، مع أنني أعلم صعوبة تحقيق ذلك، لسبب جوهري وأساسي يتعلق بانتهاء الصلاحية الفنية لآلة الطباعة التي تم نقلها من مبنى مطابع مؤسسة الوحدة بدمشق وهي منسقة وتعود لعام 1977، بينما تم تزويد صحف المحافظات بآلات طباعية حديثة، ويمكن ملاحظة ذلك بمقارنة المستوى الطباعي لصحف المحافظات مع الطباعة الرديئة لصحيفة الفرات.
عاشراً – هناك ظاهرة ايجابية تشهدها مدينة دير الزور، وهي انتشار عدد من مواقع الصحف الالكترونية شكل بعضها بديلاً ناجحاً ومنافساً للصحافة الورقية وخلقت مساحة واسعة للحوار الحر أكثر انتشاراً وأصبحت مصدراً للأخبار والمعلومات الخاصة بمدينة دير الزور، وأصبح من الممتع الاطلاع على صور جميلة عن المدينة، شكلت تعويضا عن تقصير صحيفة الفرات والصحف المركزية.
من خلال ما سبق أعتقد أن صحيفة (الفرات) تبقى خارج الجغرافيا تماماً، وهموم المنطقة الشرقية هي خارج التغطية!
وفي الختام أرجو أن يتقبل الجميع ملاحظاتي برحابة صدر، لأن دافعي للكتابة هو الحرص في أن تكون صحيفة الفرات هي الأفضل، وأن تكون بالمستوى اللائق مهنياً، وأن عروس الفرات تستحق صحافة متقدمة تلبي رغبات قراءها، وتعبر عن طموحاتهم وآمالهم.
حاشية:
في كل مناسبة يتحدث فيها وزير النقل عن منجزات وزارته، يتجاهل الحديث عن طريق دمشق – دير الزور، ويتساءل أهالي دير الزور: كيف تنجح حملة (اتجه شرقاً) لدعم التنمية في المناطق الشرقية التي تضعها الحكومة في رأس أولوياتها  وتهمل هذا الطريق الذي أصبح يعرف بطريق الموت؟!
أحد مواطني مدينة دير الزور تبرع بإطعام ألف جائع إذا قررت الحكومة مجتمعة أن تقوم بمبادرة تاريخية وتقرر عقد أحد اجتماعاتها الأسبوعية بديرالزور، شريطة  سفرهم عن طريق البر ليستمتعوا بسفر آمن ومريح خال من المنغصات والمطبات، مع الدعاء إلى الله  تعالى أن يترافق وصولهم السعيد في غياب عواصف العجاج أو في الاستراحة  بين الشوطين، حتى لا يتسبب العجاج في غياب الرؤية!!

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...