الأسد: إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة والمشروع الأميركي سقط

25-03-2010

الأسد: إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة والمشروع الأميركي سقط

وجه الرئيس بشار الأسد رسائل واضحة نحو الداخل اللبناني، يُفترض ان تزيل الالتباس او الغموض الذي أحاط بحقيقة الموقف السوري من العديد من المسائل الداخلية، وإن تكن ستفتح الباب على الارجح امام انطباعات وقراءات لبنانية متباينة.
وبالنسبة الى اوضاع المنطقة، قال الأسد ان إسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة، وتدرك أن الجيش السوري يطور نفسه لخوض أي حرب تفرض على سوريا، وأكد فشل المشروع الاميركي في المنطقة، برغم إشارته الى وجود اختلافات بين الاداالأسد خلال مقابلته مع المنار أمسرة الاميركية الحالية والإدارة السابقة، مشددا في موازاة ذلك على أهمية العلاقة مع ايران، ومنتقدا غياب الدور العربي في العراق. واعتبر ان الانطلاق في عملية السلام يتطلب وجود لبنان الى جانب سوريا، مضيفا ان دمشق تدعم «المقاومة وصمود المقاومين».

هذه المواقف جاءت في مقابلة شاملة، أجراها الزميل عمرو ناصف على «قناة المنار»، مع الرئيس الأسد الذي أكد في الشق اللبناني من كلامه ان سوريا خرجت من التفاصيل اللبنانية الداخلية، لان الدخول فيها يضر بمصلحتها، مشددا على انه يدعم موقع رئاسة الجمهورية ورئيس الجمهورية. وأشار الى ان ما يهمه هو مضمون مواقف وليد جنبلاط لا الاعتذار، كاشفا عن ان استقباله في دمشق سيتم بعد القمة العربية بأيام او اسابيع قليلة، ولكنه رفض معادلة التسامح مقابل التسامح لأن القبول بها يعني القبول بالتهمة.
وقال الاسد ان «هناك بعض الاطراف اصرت على انها حققت شيئاً من سياساتها خلال السنوات الماضية. السنوات الخمس الماضية في الحقيقة لم تحقق شيئاً، بل ادخلت لبنان في متاهات. الآن تريد بعض القوى ان تقنع الآخرين بأنها حققت شيئاً حتى لو كان سفارة. السفارة انا من طرحها عام 2005 ولم تكن طرحاً لبنانياً. لا احد من حلفائنا السابقين ولا اللاحقين طرحها قبل ان اطرحها، او اعتقد كان لها من المؤيدين في ذلك الوقت الرئيس نبيه بري. لقد طرحت بوجود الرئيس بري والرئيس لحود والرئيس عمر كرامي في اجتماع اللجنة السورية المشتركة العليا لكن عندما تغيرت الظروف في لبنان باتجاه سلبي جداً قررنا غض النظر عن هذا الموضوع. موضوع السفارة طرح سوري ومن دون قناعة سورية لا يمكن ان تكون هناك سفارتان بين لبنان وسوريا».
وأضاف: قليل من الدول تحدثت بموضوع السفارة لكن كثيرا من الدول الآن تتحدث بترسيم الحدود ونحن كان جوابنا واضحا بكلمة واحدة، منذ سنوات حتى اليوم، وهو ان الموضوع موضوع ثنائي بين سوريا ولبنان يحدد بينهما وعندما يأتي بطلب من الخارج نحن لا نتحرك. الآن بدأنا بالحديث مجدداً مع زيارة الرئيس سعد الحريري الى سوريا، ولكن قبل ذلك كان الموضوع مغلقاً.
وسئل حول سبب عدم تقديم سوريا ورقة تثبت لبنانية مزارع شبعا ، فأجاب: لانك لا تمنح ورقة لا تمتلكها، تمتلك هذه الورقة بعدما تقوم بإجراءات قانونية تحدد ملكيات اصحاب الاملاك ومن منح هذه الملكية سوريا ام لبنان، قبل الاستقلال وبعده الى آخره. بعد الانتهاء من هذه الاجراءات نقوم بعملية ترسيم على الواقع وعندها يتم انهاء الموضوع. اما ان تمنح ورقة لاسباب سياسية فهذا كلام غير منطقي.
ولفت الانتباه الى ان «الرئيس سعد الحريري هو الآن رئيس حكومة الوفاق الوطني ونحن نتمنى لهذه الحكومة ورئيسها التوفيق في مهامه الصعبة، وفي الوقت ذاته نحاول أن نبني علاقة جيدة، أنا والرئيس الحريري، بشكل مباشر وشخصي كي تؤدي الى دفع الجانب المؤسساتي في العلاقة بين سوريا ولبنان».
وتابع معلقا على الفارق في اللهجة حيال سوريا بين الحريري وجنبلاط من جهة وفريقهما من جهة اخرى: عندما اقول كلاما ويقوم فريقي بتصريح بكلام معاكس او التصرف بسياسة معاكسة لسياستي فهذا يعني أنني فاقد المصداقية وهذا يضرني أنا، لذلك اعتبر هذا الموضوع جزءا من التفاصيل اللبنانية – اللبنانية التي لا تؤثر على سوريا، والاهم منها ان القوى التي وقفت ضد سوريا في تلك المرحلة كانت متعلقة بما تعتبره قضيبا فولاذيا لا يسقط لانه مشروع كبير، عندما سقط المشروع سقط معه الفولاذ. هم الآن يتمسكون بقشة تكون احيانا عبارة عن تصريح من هنا او استفزاز لسوريا من هناك، لكن بالنسبة الينا هذه القوى لم تكن موجودة على الخريطة السياسية السورية.
- وعن حقيقة الموقف السوري من الحملة على الرئيس ميشال سليمان ومدى علاقة دمشق بها، قال الأسد: انا شخصياً منذ التسعينيات كنت أعتقد بأن دخول سوريا في التفاصيل اللبنانية مضر بسوريا، واليوم أؤكد بعد ان خرجت سوريا من لبنان أن الدخول في هذه التفاصيل ليس من مصلحتنا، نحن نقول بشكل واضح اننا ندعم موقع رئاسة الجمهورية وبالتالي ندعم رئيس الجمهورية. دعمنا الرئيس الهراوي والرئيس لحود وندعم بالمقدار ذاته الرئيس ميشال سليمان وندعم الرئاسات الاخرى من خلال كونها مؤسسات تمثل الدولة اللبنانية. اذا كان لدينا انتقاد او ملاحظة تجاه اي شخص او رئيس او مسؤول، لدينا جرأة ومقدرة والطريقة للتواصل المباشر معه وقول اي شيء. يقال بأن شخصا ذم رئيساً او مدحه، لا سوريا تقف وراء الذم او الهجوم ولا وراء المديح. اتمنى على اللبنانيين الآن وفي المستقبل ان يخرجوا سوريا من هذه التفاصيل، وأتمنى ان يكون جوابي قاطعا.
وردا على سؤال عما إذا كان يعتبر ان ما قاله النائب وليد جنبلاط بمثابة الاعتذار الكافي، أجاب: لو قال شخص لآخر انا اعتذر منك، ماذا يقصد؟ هو يقصد أنه اخطأ بحقه، هذا المضمون قاله وليد جنبلاط في اكثر من مقابلة، نحن يهمنا المضمون. سوريا لا تبحث عن اعتذار وليس لدينا عقدة القوة او التفوق ونحن لسنا من هذا النوع ولسنا بحاجة لنثبت انفسنا. عندما يطرح سلاح المقاومة على انه سلاح غدر ثم يصبح سلاحا يجب الوقوف معه، وعندما تكون سوريا دولة احتلال ثم يصبح الجيش السوري هو الجيش الذي دافع عن لبنان في مراحل مختلفة، هذا بحد ذاته المضمون الذي نريده، ما نريده هو العودة الى الطريق الصحيح وأنا لا أتحدث فقط عن وليد جنبلاط بل عن الاسس التي تستخدمها سوريا في علاقتها مع القوى المختلفة. هو خرج باتجاه آخر والآن يريد ان يعود. بالنسبة لنا هذا هو المضمون الذي يسميه البعض اعتذارا كمصطلح.
وعما إذا كانت سوريا تريد أن تهين وليد جنبلاط، أكد الاسد ان الإهانة هي من الصفات السيئة بالاشخاص وليست من الطباع السورية، «الحاقد يحاول إذلال وإهانة الآخرين. القوي يصبر وسوريا تصبر ولا تهين. نحن لم نكن نبحث عن مماطلة ولم نكن نبحث عن لقاء بمعنى المكان، نحن نبحث عن لقاء بمعنى المواقف. لكن عندما يخرج انسان عن عائلته الطبيعية فالمجتمع لن يقف معه وسيكون هناك إذلال وهذا الشيء ينطبق على الوطن وعلى الحالة القومية. أما عندما تعود الى عائلتك فإن كرامتك ستكون محفوظة بشكل كامل. نحن في سوريا من يأتِ الينا سواء كان صديقا او خصما حاليا او سابقا، فلا يمكن ان يأتي الا بكرامة محفوظة».
وحول مدى قبوله بمعادلة النسيان في مقابل النسيان او السماح في مقابل السماح، أشار الاسد الى انه في مرحلة ماضية قيل الكثير حول سوريا، خصوصا في ما يتعلق بالاتهامات، ونحن لم نهتم بها كثيراً لاننا كنا نعتبرها صدى للمشروع الاكبر. وتابع: لكن عندما يطرح موضوع التسامح، نحن نرفض الفكرة لان قبول التسامح يعني القبول بالتهمة. نحن نقول اي شخص في لبنان لديه اي معلومة مؤكدة بأن سوريا قامت بهذا النوع من الاعمال او الجرائم، نشجعه على القيام بالإجراءات القانونية التي توضح الامور وتكشفها وتحدد من المجرم. وهناك بازار الآن، بازار المحاكم الدولية، طبعاً هذا البازار فقد وهجه ولم يعد كما في السابق لكنه ما زال موجوداً، يستطيعون ان يذهبوا اليه ربما يصلون الى شيء ما، اما اذا كنا نريد ان نتعامل مع قصص وروايات فأنا افضل ان ينشروها في كتب. نحن لا نقبل المسامحة والأهم من ذلك لا نحتاج من يسامحنا.
- وحول المقارنة بين خصومة العماد ميشال عون وخصومة النائب جنبلاط لسوريا، لفت الاسد الانتباه الى ان هناك فارقا جذريا كبيرا، فالعماد عون عندما اختلف مع سوريا لم يكن جزءا من مشروع خارجي، اختلف مع سوريا عن قناعة ونحن نحترم قناعات الاشخاص، نختلف او نتفق هذا موضوع آخر. هو اختلف معنا من منظور شخصي او قناعة شخصية ربطها بقناعة وطنية نحن نحترم هذا الشيء، والدليل علاقتنا بالراحل ريمون اده الذي بقي يهاجم سوريا منذ دخولها الى لبنان وعندما رحل قلنا به كلاماً طيباً لانه لم يكن جزءا من مشروع خارجي، المبدأ هنا يختلف.
وعن موعد استقبال جنبلاط في دمشق، أكد الاسد ان الموضوع تُرك من بدايته حتى نهايته بيد الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، مشيرا الى ان المقاومة ممثلة بالحزب والسيد حسن هي التي تقوم بوضع كل تفاصيل هذه العملية من بدايتها حتى نهايتها. وأوضح ان تحديد الموعد النهائي مرتبط بالمواعيد في سوريا، متوقعا ان يكون بعد القمة العربية بأيام او اسابيع قليلة.
ولفت الانتباه الى ان هناك عاملين ساهما في تطور ملف العلاقة مع جنبلاط في الاتجاه الإيجابي وهما: تغير المواقف السياسية التي صبت في خانة مواقفنا السياسية تجاه المقاومة والعلاقة مع سوريا والموضوع الفلسطيني والعدو الاسرائيلي. والثاني دور السيد حسن نصر الله ومصداقية المقاومة في سوريا، ولا يخفى على احد المصداقية العالية جداً للسيد حسن وحزب الله وكل مقاوم لدينا في سوريا. طبعاً هم لم ينطلقوا في ذلك من رغبتهم في لعب دور، فهم ليسوا بحاجة لدور كي يعطيهم موقعا متميزا في لبنان لان لديهم موقعا، هم انطلقوا ونحن كنا مقتنعين بهذا المنطلق أن هذا شيء يخدم مصلحة لبنان. طبعاً عندما يتحسن الوضع في لبنان نحن نستفيد كسوريا لأننا نرتاح. 

  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...