أنقرة واحتمالات إعادة إشعال الملف القبرصي

26-09-2009

أنقرة واحتمالات إعادة إشعال الملف القبرصي

الجمل: أطلق رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تحذيراً غير مسبوق موجهاً للمجتمع الدولي إزاء ضرورة الاعتراف رسمياً ودولياً بجمهورية شمال قبرص إذا فشلت جولة محادثات إعادة توحيد الجزيرة القبرصية الجارية حالياً، ويكتسب تصريح أردوغان أهميته من خلال التسريبات الجارية القائلة بأن جولة محادثات إعادة التوحيد قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الفشل.
* أنقرة واحتمالات إعادة إشعال الملف القبرصي:
صرّح أردوغان معلقاً على جولة محادثات إعادة توحيد شطري الجزيرة القبرصية قائلاً أن المحادثات سوف لن تستمر للأبد وأن نافذة الفرصة المفتوحة المتاحة حالياً سوف لن تبقى كذلك إلى الأبد وبأن هناك ضرورة ماسة لإنجاح هذه المفاوضات، لكن كيف؟ هذا ما لم يتطرق له أردوغان.
تضمنت التحذيرات التركية الحالية طرحاً صريحاً يقول أن أنقرة أعدت الخطة "ب" وستسعى لتطبيقها إذا فشلت المحادثات، إضافة إلى تصريحات أردوغان فقد جاءت تصريحات الدبلوماسي التركي السابق يتميل إزغيت التي تضمنت الإشارة إلى النقاط الآتية:
• الفرصة المتاحة الحالية ستكون الأخيرة لإعادة التوحيد وستنتهي بنهاية العام الحالي.
• إذا صوّت القبارصة اليونان في الاستفتاء على رفض الحل المطروح فإن القبارصة اليونان سيكونون هم وحدهم المسؤولين عن إدخال ملف الأزمة القبرصية في نفق اللاحل.
• المساعي الدولية لإعادة توحيد الجزيرة ستتضمن لقاء أردوغان – ميلباند وزير الخارجية البريطاني، وأردوغان – كارل بلديت وزير الخارجية السويدي، وأردوغان – بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.
التحذيرات والتحركات التركية تشير على خلفية توقعات انهيار محادثات توحيد قبرص إلى أن أنقرة أعدت العدة لمواجهة جديدة في هذا الملف.
* سيناريو المواجهة القبرصية: أبرز الخطوط والملامح:
من الواضح أن أنقرة لم تكن تلجأ إلى تصعيد ملف الأزمة القبرصية بهذه الطريقة خاصة أنها ظلت طوال الأعوام الماضية أكثر اهتماماً للحفاظ على هذه الأزمة في صيغة "الصراع الجامد".
تشير معطيات خبرة جمود الأزمة القبرصية إلى أن جولة المحادثات الأولى انهارت عام 2004 عندما رفض القبارصة اليونان مخطط التسوية الذي تم وضعه بواسطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان وهو المخطط الذي وافق عليه آنذاك القبارصة الأتراك.
تعود بدايات جولة المحادثات الحالية إلى آذار 2005 عندما دخل الزعيم القبرصي التركي محمد علي طلعت في مفاوضات مباشرة مع الزعيم القبرصي اليوناني ديمتريس كريستوفانيس.
تقول المعلومات أن من الصعب التوصل إلى معالجة جوهر الأزمة القبرصية الذي يعود إلى احتقانات تراكمات العنف الهيكلي الداخلي التي تمثلت مفاعيلها عملياً في وجود مجتمعين، القبارصة اليونان الذين يتميزون بالنزعة القومية اليونانية والقبارصة الأتراك الذين يتميزون بالنزعة القومية التركية.
عشية استقلال قبرص من بريطانيا سعى القبارصة اليونان إلى ضم الجزيرة إلى اليونان وسعى القبارصة الأتراك إلى ضمها لتركيا، ولكن الأزمة سويّت وقتها بصعود الأسقف مكاريوس كزعيم للجزيرة، والذي سعى للحفاظ على توازن القوى التركي – اليوناني ضمن الإطار الوطني القبرصي.
تصاعدت النزعة القومية اليونانية وأدت إلى احتقانات أخذت طابع ظهور منظمات إرهابية سرية يونانية أبرزها منظمة «إيوكا» التي قامت بعمليات تطهير عرقي واسعة ضد القبارصة الأتراك بما يتيح تأمين النقاء العرقي اليوناني في الجزيرة.
نجحت مجموعة من الضباط القبارصة اليونان المتطرفين بالقيام بانقلاب عسكري أطاح بالزعيم مكاريوس وهدف إلى إعلان انضمام الجزيرة رسمياً لليونان.
تدخلت القوات التركية وقامت بغزو الجزيرة ولكنها لم تنجح في السيطرة على الجزيرة بكاملها واكتفت بالجزء الشمالي منها، بعدها سعت الدول الأوروبية إلى الوقوف بجانب اليونان عن طريق مطالبة تركيا بسحب قواتها.
لكن تداعيات انقسام الجزيرة إلى جزء يوناني وآخر تركي أدت إلى الإضرار بموقف تركيا في مسألة انضمامها للاتحاد الأوروبي.
أدت جولة الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي عقدت في قبرص إلى صعود التيار القومي اليوناني في قبرص اليونانية وصعود التيار القومي التركي في قبرص التركية، ويعتبر صعود هذين التيارين بمثابة مؤشر بارز لجهة انفلات عقال كل طرف ورفضه القاطع تقديم أي تنازلات.
* دبلوماسية أنقرة: هل من ضربة استباقية قادمة:
تشير المعطيات إلى أن التحول في أنقرة من موقف دبلوماسية الدفاع إلى دبلوماسية الهجوم هو أمر يرتبط بتحول آخر حدث مؤخراً في معطيات مكانة وأهمية تركيا بالنسبة للاتحاد الأوروبي:
• أمسكت أنقرة بكل خيوط لعبة تمديد أنابيب النفط والغاز.
• استطاعت أنقرة أن تكسب إيطاليا وبعض دول الاتحاد الأوروبي إلى جانبها.
• أصبحت أنقرة أكثر قدرة على المناورة على خط موسكو – واشنطن.
على هذه الخلفية أصبحت أنقرة أكثر ثقة بالنفس لجهة إدراك مدى أهميتها بالنسبة للغرب في إدارة الأزمة الإيرانية، وبكلمات أخرى فإن أنقرة لن تلتزم كثيراً بالعقوبات ضد إيران طالما أن وجهة نظرها إزاء ملف الأزمة القبرصية لم تحترم، كما أنها أصبحت تدرك أن مستقبل المصالح الأمريكية في العراق بات قاب قوسين أو أدنى من أن يقع في يدها بسبب الدور التركي المتزايد في العراق إضافة إلى رغبة واشنطن في جعل أنقرة تقوم بدور البروكسي الأمريكي في العراق مستقبلاً.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...