أبعاد وتداعيات قمة دمشق وأوضاع الجامعة العربية

01-04-2008

أبعاد وتداعيات قمة دمشق وأوضاع الجامعة العربية

الجمل: بعد انعقاد قمة دمشق، وصدور إعلان القمة، ما هي الكيفية التي سيتأثر بها صراع شرق المتوسط وما هي أبعاد وتداعيات قمة دمشق وإعلان دمشق على توازنات ميزان الصراع.
* شرق المتوسط: بيئة الصراع عشية قمة دمشق:
كان المشهد الشرق متوسطي قبيل قمة دمشق يشير إلى وجود ثلاثة بؤر صراع ساخنة في المنطقة:
• لبنان.
• قطاع غزة.
• الضفة الغربية.
كذلك تتميز هذه المناطق الثلاثة بجملة من الخصائص أبرزها:
• تمثل إسرائيل طرفاً مؤثراً في كل واحدة منها.
• يتوقف مصير كل واحدة منها على الصراع الإسرائيلي – السوري.
• تنقسم كل واحدة من هذه البؤر إلى عدد من البؤر الثانوية المتفرعة منها.
• تجاوزت هذه البؤر الصراعية مرحلة الأقلمة ودخلت في مرحلة التدويل
• التدخل الدولي لعب وسوف يلعب دوراً كبيراً في مسار الصراع في هذه البؤر.
وتأسيساً على هذه الخصائص، يمكن أن نعيد قراءة جيوسياسية هذه البؤر على النحو الآتي:
• البؤرة اللبنانية: على أساس اعتبارات الهيكلية البنائية تتكون البؤرة اللبنانية من عدة بؤر فرعية، منها: أزمة الملف الرئاسي، أزمة شرعية حكومة السنيورة، أزمة نزع أسلحة حزب الله والمقاومة الوطنية اللبنانية، أزمة التدهور الاقتصادي، أزمة العلاقات مع سوريا، أزمة المليشيات والفصائل الأصولية الإسلامية المسلحة، أزمة المخيمات الفلسطينية، أزمة التدخل الأمريكي، أزمة الاختراق والتغلغل الاستخباري الإسرائيلي – الأمريكي – الفرنسي في الكيان المؤسسي الرسمي اللبناني... وهلمجرا.
أما على أساس الاعتبارات القيمية، فإن هذه البؤرة تتكون من عدة بؤر فرعية، منها: أزمة الخلافات الطائفية، أزمة التناقضات بين الأطر الثقافية الفرانكفونية – الأنجلوفونية والأطر الثقافية العربية المحلية، أزمة التأثيرات الإعلامية الغربية، وغير ذلك.
وعلى أساس الاعتبارات التفاعلية، فإن هذه البؤرة تتكون من عدة بؤر فرعية، منها: أزمة العلاقات مع سوريا، أزمة العلاقات مع الجامعة العربية، أزمة العلاقات بين القوى والتكتلات السياسية اللبنانية، أزمة العلاقات مع المجتمع الدولي، أزمة مصداقية القرارات الدولية وغير ذلك.
• بؤرة قطاع غزة: على أساس الاعتبارات الهيكلية البنائية تتكون بؤرة قطاع غزة من عدة بؤر فرعية، منها: أزمة حركة حماس المسيطرة، أزمة حركة فتح المعارضة، أزمة وضع القطاع في المنطقة، أزمة مؤسسات السلطة الفلسطينية في القطاع، أزمة الاكتظاظ السكاني، وغير ذلك.
وعلى أساس الاعتبارات القيمية تتكون هذه البؤرة من عدة بؤر فرعية، منها: أزمة الصراع بين مذهبية الحركات الإسلامية ومذهبية حركة فتح وبقية الحركات العلمانية، وأزمة القيم الإدراكية إزاء الوجود الإسرائيلي، وأزمة إدراك الاتفاقيات الفلسطينية – الإسرائيلية، وأزمة إدراك طبيعة الصراع العربي – الإسرائيلي والفلسطيني – الإسرائيلي، وغير ذلك.
أما على أساس الاعتبارات التفاعلية، فتتكون هذه البؤرة من عدة بؤر فرعية، منها، أزمة العلاقات مع مصر، أزمة المواجهة المسلحة مع إسرائيل، أزمة الحصار الأمريكي، وغير ذلك.
• بؤرة الضفة الغربية: على أساس الاعتبارات الهيكلية البنائية، تتكون هذه البؤرة من عدة بؤر فرعية، منها، أزمة مؤسسات السلطة الفلسطينية، أزمة سيطرة فتح على السلطة الفلسطينية، أزمة انفصام العلاقة بين السلطة الفلسطينية والمؤسسة التشريعية الفلسطينية، إضافة إلى أزمة حركة فتح المسيطرة، وأزمة حركة حماس المعارضة، وأزمة تقسيم بواسطة الإسرائيليين إلى ثلاثة مناطق، وأزمة الوجود والتغلغل العسكري داخل الضفة عن طريق الحواجز ونقاط التفتيش وغير ذلك.
وعلى أساس الاعتبارات التفاعلية تتكون هذه البؤرة من عدة بؤر فرعية، منها، أزمة العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية، أزمة العلاقات الفلسطينية – الأردنية، أزمة المسار السياسي في التعامل مع إسرائيل، أزمة انخراط السلطة الفلسطينية وحركة فتح ضمن معسكر المعتدلين العرب، أزمة العلاقات مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وغير ذلك.
* إعلان دمشق واحتمالات التأثير على بيئة الصراع الشرق متوسطي:
تتميز الجامعة العربية كتكتل إقليمي بالحماس والرغبة والنوايا الحسنة من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، ولكنها من الناحية المؤسسية ما تزال تمثل تكتلاً شديد الضعف والهشاشة لجهة:
• عدم القدرة على فرض القرارات.
• الطبيعة السائلة لمواثيقها.
• دخول بعض أعضائها في تحالفات خارجية تتنافى وتتعاكس مع مواثيق الجامعة.
• سيطرة مصر على القوام المؤسسي للجامعة العربية.
وفي حال المقارنة بين تكتل الجامعة العربية والتكتلات الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة تعاون شنغهاي وغيرها، لوجدنا أن الجامعة العربية تأخذ شكلاً أقرب إلى "منتدى الحوار" العربي – العربي، أما التكتلات الأخرى، فإنها تتميز بالقوة المؤسسية لجهة وجود الهياكل والمؤسسات القوية، إضافة إلى وجود الإرادة لفرض وإنفاذ القرارات على الأعضاء الراغبين في التقيد والقيام عملاً بما يتم إقراره بواسطة الاتحاد الأوروبي. وهو الأمر الذي تفتقر إليه الجامعة العربية وأبرز مثال لانكشاف قدرة الجامعة على إنفاذ قراراتها، ما حدث خلال محاولة الجامعة العربية إخراج القوات العراقية من الكويت، فقد رفض النظام العراقي السابق بكل بساطة ليس عدم الانسحاب فقط، وإنما عدم قبول قرار الجامعة العربية من أساسه، ولكن هذا النظام قام بكل بساطة وعلى وجه السرعة بسحب قواته من الكويت عندما جاءت القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة.
إعلان دمشق الذي أصدرته قمة دمشق 2008م، من الممكن أن يؤدي إلى المزيد من التأثيرات النوعية والكمية في بنية الصراع الشرق متوسطي، لسببين:
• شمول محتوى الإعلان لجهة تقديم الرؤية السليمة والمعالجات الصحيحة والمقبولة والممكنة للأزمات العالقة.
• وحول قيادة الرئيس بشار الأسد لقمة الجامعة، وما يترتب على ذلك من وجود للدبلوماسية السورية القائمة على التمسك بالثوابت العربية والحلول القائمة على استرداد الحقوق العادلة المشروعة.
ولما كانت الجامعة العربية لا تتوافر أمامها القدرة على القيام بحشد وتعبئة الموارد العسكرية والأمنية العربية اللازمة لحماية الأمن السياسي العربي، وذلك بسبب قيام حلفاء أمريكا في المنطقة العربية بإعاقة مثل هذه التوجهات التي تهدد المصالح الأمريكية التي يحرصون على حمايتها حتى لو كان ذلك على حساب مصالحهم الشخصية والوطنية، فإن السبيل أمام الجامعة العربية في ظل قيادتها الجديدة، هو استخدام الوسائل الدبلوماسية تمهيداً لاستخدام الوسائل السياسية والاقتصادية.
من مزايا استخدام الوسائل الدبلوماسية في الوقت الحالي نجد:
• تعزيز وانفتاح قيادة الجامعة العربية على كل الأنظمة العربية. توسيع مجالات وآفاق التفاهم والحوار مع الأطراف العربية.
• توفير قناة إضافية أمام قيادة الجامعة العربية لجهة أن الحوار السوري – المصري، والحوار السوري – السعودي، والحوار السوري – المغربي، يمكن أن يندمج ضمن حوار قيادة الجامعة العربية مع مصر والسعودية والمغرب وغيرها، باعتباره يندرج ضمن إطار الحوار العربي – العربي.
تعتبر سوريا والقيادة السورية الأكثر تأهيلاً في الوقت الحالي لجهة القيام بتعزيز التفاهم والحوار العربي – العربي، بسبب عدم انخراط سوريا والدبلوماسية السورية في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية وغيرها، وذلك بعكس الأطراف العربية التي انخرطت في مثل هذه الأجندة وأصبحت عاجزة ليس عن تبني أجندة دبلوماسية عربية خالية من النفوذ الأمريكي وإنما عاجزة حتى عن حضور الاجتماعات واللقاءات العربية – العربية.
إن تحويل محتوى إعلان دمشق إلى برنامج عمل يقوم على أجندة وبنود فعلية، يمكن على خلفية الحراك الدبلوماسي أن يؤدي إلى إحداث المزيد من التغييرات الإيجابية في بيئة الصراع الشرق متوسطي والخلافات العربية – العربية، ويخلص القوام الجيوسياسي العربي من بعض، إن لم يكن كل، التشوهات والأورام السرطانية التي نشأت بفعل تأثير الأجندة الأمريكية التي تم إعدادها سلفاً في مطبخ السياسة الإسرائيلية.

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...