«قيصر» أميركا لمحاربة «داعش»: قريب من دمشق.. مكروه من آخرين؟

23-01-2016

«قيصر» أميركا لمحاربة «داعش»: قريب من دمشق.. مكروه من آخرين؟

عين الرئيس الأميركي باراك أوباما، في شهر تشرين الثاني الماضي، رئيس قسم الشرق الأوسط في «مجلس الأمن القومي»، روبرت سيمون مالي، «قيصرا» للحرب على «داعش»، وذلك إثر الانتقادات الشديدة التي وجهت إلى البيت الأبيض والإدارة الأميركية في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب. ولكن من هو هذا الرجل الذي يقع على عاتقه إعادة السلام إلى بلد له فيه جذور؟ وما سر كراهية إسرائيل له؟ وما علاقته بالإنعطافة الأميركية بالنسبة لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد؟
 تخرج مالي، وهو إبن صحافي فرانكوفوني سوري ـ يهودي ولد في القاهرة ومدافع عن حركات التحرر الوطنية، من جامعة «هارفارد» الأميركية، تماماً كأوباما، غير أن الرجلين لم يتواصلا في ذلك الوقت. عمل لاحقاً موظفاً في المحكمة الأميركية العليا، وانضم إلى إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وذلك خصوصاً من خلال مستشار الأمن القومي حينها ساندي بيرغر.
في العام 2000، شارك روبرت مالي، أو «روب»، في مفاوضات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية في كامب ديفيد. خلال عهدي جورج بوش الابن، انضم إلى «مجموعة الأزمات الدولية»، وظل على تواصل مع معظم قادة الشرق الأوسط، من بينهم الرئيس السوري بشار الأسد. في العام 2008، عمل كمستشار في حملة أوباما الانتخابية، لكن العلاقة بينهما انتهت بطريقة سيئة، بعدما اضطر أوباما إلى قطع علاقته به نتيجة ضغوطٍ من اللوبي اليهودي، الذي نشر تقارير حول لقاء مالي بأعضاء من حركة «حماس»، وتحدث عن مواقفه «المعادية لإسرائيل». في الواقع، لم ينضم روبرت مالي فعلياً إلى إدارة أوباما، سوى في العام الماضي، عندما عينه الرئيس الأميركي مديراً لقسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.
في الوقت الذي أمسك فيه مالي واحدةً من أهم الوظائف في البيت الأبيض، والتي مكنته من وضع اليد على أهم الملفات التي تشغل الولايات المتحدة، ابتداءً من الملف النووي الإيراني، إلى الحرب على تنظيم «داعش»، حصل مالي في شهر تشرين الثاني الماضي، على منصب آخر، وهو «كبير المستشارين في الحملة الأميركية ضد داعش»، أي «قيصر الحرب الأميركية على داعش».
ويقول مقربون من مالي إن «عودته من المنفى» لم تكن مستغربة، نظراً إلى خبرته وتشاركه مع أوباما في أفكار وتوجهات رئيسية، ومنها براغماتية، والرغبة في إيجاد «أرضية مشتركة» للحوار مع «العدو».
من هذا المنطلق، نصح «روب» الرئيس الأميركي بأنه، مهما كان (الرئيس السوري) الأسد «مكروهاً»، فإن امام واشنطن أهدافاً لإنجازها، أكثر إلحاحاً من تعهد أوباما بإزاحة الرئيس السوري من السلطة. وبحسب مقربين منه، «لا يؤمن مالي بالشراكة المباشرة والصريحة مع الأسد لمحاربة داعش»، ولكنه «أكثر ليونة من الآخرين حول مسألة استمرارية الرئيس السوري في الحكم».
وفي الحقيقة، بدأت إدارة أوباما تُظهر ليونةً حول مصير الأسد، وإمكانية بقائه في السلطة ـ ربما إلى منتصف 2017 ـ منذ أن أدار مالي ملفات الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض في آذار الماضي. وبالمقارنة مع «روب»، يبدو وزير الخارجية الأميركي أكثر استعجالاً لرؤية الأسد مغادراً.
في مقالة مشتركة له مع كاتب آخر في مجلة «فورين أفيرز» في العام 2010، كتب مالي أن «واشنطن، في الأساس، لا تزال ترى الشرق الأوسط منطقةً منقسمةً بين معتدلين ومتشددين، وهو تصورٌ يجعلها عمياء بالنسبة للكثير من الأمور التي تغذي حالياً دينامية المنطقة»، مضيفاً أن «حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط غالباً ما يواصلون أجندة تختلف عن أهداف الولايات المتحدة».
في عهد كلينتون، ألقى معظم المسؤولين الأميركيين باللوم على الفلسطينيين بعد انهيار «مفاوضات السلام» مع اسرائيل في كامب ديفيد في العام 2000، وقالوا إن الفلسطينيين رفضوا «عرضاً اسرائيلياً سخياً». لكن مالي، الذي كان ضمن الفريق الأميركي في كامب ديفيد، أغضب المؤيدين لإسرائيل عندما أكد في مقالات له أن «ما قدمه الإسرائيليون للفلسطينيين كان قليلاً جداً».
وفي عهد بوش، وحينما انضم إلى «مجموعة الأزمات الدولية»، أنجز «روب» الكثير من الأبحاث المعمقة حول دول الشرق الأوسط، بما فيها سوريا. وبحسب جوشوا لانديس، الأستاذ في جامعة أوكلاهوما والمتابع للملف السوري، فإن «مالي كان من الأميركيين القلائل الذين سخروا جهداً ووقتاً لفهم وجهة النظر السورية، وبناء علاقات في دمشق في الوقت الذي كان ذلك صعباً». وآمن مالي في وقت من الأوقات بأن الأسد قد يكون بالإمكان إقناعه بإبرام اتفاق مع إسرائيل يساعد في إخراج سوريا من المحور الإيراني.
يقول أصدقاء مالي إنه «ليس من المستغرب أنه، فيما فضل مسؤولون وموظفون وناشطون ديموقراطيون مساندة هيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية في 2008، اختار مالي أن يكون مع المرشح غير التقليدي، باراك أوباما».. وذلك إلى أن نشرت صحيفة بريطانية تواصله مع مسؤولين من «حماس».


السفير نقلاً   (عن «فولتير»، «بوليتيكو»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...