«داعش» يضرب قرب بنغازي: 100 قتيل وجريح

21-02-2015

«داعش» يضرب قرب بنغازي: 100 قتيل وجريح

وسّع الفرع الليبي في تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، امس، نطاق هجماته الإرهابية، غداة العرض العسكري الذي نظمه في مدينة سرت الساحلية، إذ شن سلسلة هجمات بسيارات مفخخة استهدفت مدينة القبة قرب بنغازي، معقل الحكومة الليبية المعترف بها دولياً، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى.
وتبنى الفرع الليبي لتنظيم «داعش»، الذي يطلق على نفسه تسمية «ولاية برقة»، ثلاث هجمات هزت في وقت متزامن مدينة القبة شرق ليبيا، وراح ضحيتها 40 شخصاً على الأقل، بينما جُرح 60 آخرون.
ونشرت مواقع «جهادية» بياناً صادراً عن «ولاية برقة» جاء فيه أن «فارسين من فوارس الخلافة قاما بتنفيذ عمليتين استشهاديتين بسيارتين مفخختين استهدفتا غرفة عمليات الطاغوت حفتر في المنطقة الشرقية والجبل الأخضر في منطقة القبة»، في إشارة الى اللواء خليفة حفتر.
وأضاف البيان أن التكفيريين «قتلوا وجرحوا العشرات ثأراً لدماء أهلنا المسلمين في مدينة درنة، وانتقاماً من حكومة طبرق المتآمرة على قتلهم»، مشيرة الى ان تلك «رسالة لكل من تسوّل له نفسه الاعتداء على جند الخلافة وعامة المسلمين».
وأشار البيان الى الى أن «منفذ العملية الأولى يدعى أبو عبدالله الجزراوي، ومنفذ العملية الثانية يدعى بتار الليبي».
وكان لافتاً عدم تطرق «ولاية برقة» الى التفجير الثالث، الذي استهدف محطة لتوزيع الوقود في مدينة القبة، حيث وقع العدد الأكبر من الضحايا المدنيين.
وكان مسؤول أمني في منطقة الجبل الأخضر قد قال في وقت سابق إن «ثلاثة انفجارات متزامنة بسيارات مفخخة ربما يقودها انتحاريون استهدفت مديرية أمن مدينة القبة (30 كيلومتراً غرب درنة) ومحطة توزيع للوقود، بالإضافة إلى منزل رئيس البرلمان المعترف به دولياً عقيلة صالح عيسى».
وقال شهود عيان إن «الانفجارات كانت متزامنة وكان دويّها عالياً جداً وسُمع في مختلف أرجاء المدينة» الصغيرة التي تبعد نحو 50 كيلومتراً شرق مدينة البيضاء حيث المقر المؤقت للحكومة الليبية المعترف بها دولياً.
وقال مسعفون إن «عدد الضحايا الأكبر كان في محطة توزيع الوقود في المدينة ومعظمهم من المدنيين الذين قدموا للتزود بالوقود من هذه المحطة المزدحمة التي شح عنها الوقود خلال الأيام الماضية، ما تسبب في هذا الازدحام»، مؤكدين نجاة رئيس البرلمان من الحادثة لأنه لم يكن في المنزل.
يذكر أن جميع سكان القبة هم من قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها رئيس البرلمان الليبي، وعبد الفتاح يونس رئيس أركان الجيش الذي قاد الحرب على نظام معمر القذافي وقُتل غدراً على أيدي متطرفين إسلاميين في العام 2011، قبل انتهاء الثورة المسلحة بثلاثة أشهر.
وتأتي التفجيرات بعد أيام قليلة من الغارات المشتركة التي نفذها سلاحا الجو الليبي والمصري على أهداف لمتشددين في مدينة درنة انتقاماً لمقتل 21 قبطياً ذُبحوا على يد الفرع الليبي في تنظيم «الدولة الإسلامية» في مدينة سرت، وبعد يوم من سيطرة «داعش» على هذه المدينة الساحلية، التي ينحدر منها القذافي.
وأعلنت الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني أن من بين القتلى ستة مصريين، مشددة على ان الجيش الليبي «سيرد بكل قوة مكثفاً عملياته العسكرية ضد أوكار داعش في ليبيا».
وقالت مصادر عسكرية إن سلاح الجو الليبي نفذ ضربات جوية على مواقع لمتطرفين في سرت ودرنة وبن جواد من دون ذكر تفاصيل الغارات، فيما أعلنت مصادر حكومية بدء نقل الجرحى للعلاج في مصر والإمارات.
وهذه العمليات هي الأولى من نوعها التي تستهدف تجمعات مدنية ليس لها علاقة بالمؤسسات العسكرية، وتعد تطوراً لافتاً في مسلسل العنف الذي يسود ليبيا.
وفي موازاة اشتداد العمليات الإرهابية في ليبيا، تواصل مصر حراكها الديبلوماسي في نيويورك وواشنطن وبروكسل لحشد المجتمع الدولي ضد قوى الإرهاب في ليبيا.
ولكن يبدو ان الديبلوماسية المصرية أخفقت في إقناع الغربيين بتبني قرار في مجلس الأمن الدولي بالتدخل العسكري ضد الإرهابيين في ليبيا، ودعم حكومة بنغازي المعترف بها دولياً، عبر رفع الحظر المفروض على توريد السلاح الى ليبيا.
وينتشر السلاح انتشاراً فوضوياً في ليبيا حيث تتقاتل ميليشيات عدة للسيطرة على المدن المهمة وحقول النفط.
ولا يقتصر الأمر على الفوضى الميدانية. فعلى الصعيد السياسي، في ليبيا حكومتان الاولى مقرها طبرق ومعترف بها دوليا والثانية يسيطر عليها تحالف ميليشيات إسلامية تحت اسم «فجر ليبيا».
وغير مسموح للحكومة الليبية استيراد الأسلحة إلا بموافقة لجنة في مجلس الأمن تشرف على حظر السلاح الذي فُرض في بداية الثورة على العقيد معمر القذافي العام 2011، فيما اعتبر مصدر في الامم المتحدة ان من شأن رفع الحظر على السلاح أن يصبّ الزيت على النار.
ويرى الغربيون ان أي رفع للحظر على السلاح من شأنه ان يعزز قدرات قوات اللواء خليفة حفتر قائد «عملية الكرامة» ضد المجموعات الإسلامية التي باتت تملك برلماناً وحكومة وقوات مسلحة رديفة.
ونقلت صحيفة «الشروق» المصرية عن مصادر ديبلوماسية غربية في نيويورك قولها ان وزير الخارجية سامح شكري تلقى موقفاً واضحاً من معظم من التقاهم في أروقة واجتماعات الأمم المتحدة خلال اليومين الماضيين، بأن المجتمع الدولي ليس بصدد التحرك «في أي وقت قريب نحو تحقيق أي من المطالب المصرية بخصوص ليبيا».
وبينما كانت القاهرة تحاول التأكيد أن التحرك على الأرض لمواجهة انتشار «داعش» سيكون محفزاً للحل السياسي، كان الموقف الدولي ينطلق من أن التحرك العسكري يجهض تحرك الأمم المتحدة.
ونقلت «الشروق» عن مصادر أوروبية في القاهرة قولها إن أقصى ما يمكن أن تحصل عليه مصر حالياً هو بدايات توافق ثنائي مع بعض الدول الأوروبية نحو صياغات للتعاطي العسكري البحري مع ليبيا، وليس أكثر من ذلك.
ومن جهة ثانية، ذكرت المصادر الديبلوماسية في نيويورك ان «الموقف الروسي كان حاسماً وقاطعاً في استخدام حق النقض ضد أي تحرك داخل ليبيا لا يضمن موطئ قدم لموسكو، التي تشعر أنها خُدعت في تهميشها بتحرك الناتو في ليبيا في صيف العام 2011، ما تسبب في خسارتها ثقلاً استراتيجياً في دولة متوسطية مهمة بالنسبة إليها».
وحتى الآن، يصر الغربيون على أن الحل في ليبيا يتمثل حصراً في حوار سياسي يفضي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وفي معرض إدانتها للهجمات امس، قالت المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الأميركية جين ساكي ان «هذا الهجوم الإرهابي يؤكد حاجة الأطراف الليبية للمشاركة في الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة بدعوة من برناردينو ليون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية».
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ان «الشرط الأول يجب ان يكون إنشاء حكومة وحدة وطنية... ثم يجب ان يتكاتف المجتمع الدولي على وجه السرعة حول تلك الحكومة وتضمن ان يكون لديها الوسائل للتعامل مع الإرهاب».
وخلال جلسة مجلس الامن يوم الاربعاء الماضي، قال ليون ان الحل الوحيد في ليبيا سياسي.
ولكن منذ انطلاق جهود الحوار في ايلول الماضي، لم يستطع ليون جمع اللاعبين الاساسيين على طاولة واحدة. أما إنجازه الاكبر حتى اللحظة فهو البدء في محادثات «غير مباشرة» الاسبوع الماضي بين الحكومة المعترف بها دولياً والمؤتمر الوطني العام بقيادة ميليشيا «فجر ليبيا» التي تسيطر حاليا على العاصمة طرابلس.
ويعتقد مراقبون أن جهود مد الجسور بين الطرفين ستفشل ما لم تجلس فصائلها المسلحة، أي قوات حفتر وميليشيا «فجر ليبيا»، الى طاولة واحدة.
وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة الحوار المنبثقة عن مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق) ابو بكرة بعيرة إن جلسة الحوار بين الأطراف الليبيين حول المستقبل السياسي ستعقد برعاية الأمم المتحدة منتصف الأسبوع المقبل في المغرب، لكن عضو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته (برلمان طرابلس) الشريف الوافي قال إنه لم تتم دعوته حتى الآن إلى الحوار.
والى جانب ذلك، فإن ليون يصطدم بموقف مصري من شخصه، بحكم سعيه السابق كمبعوث أوروبي الى إيجاد حل سياسي بين «الإخوان» والنظام المصري المنبثق من «ثورة 30 يونيو».
من جهتها، قالت كلوديا غازيني من «مجموعة الازمات الدولية» ان الحل السياسي قد يكون «صعباً ولكنه ليس مستحيلاً»، مؤكدة ان «على المجتمع الدولي ان يبقي تركيزه موجهاً على جهود الحوار ويقاوم الدعوات الى رفع الحظر».
وفي هذا الصدد يقول المحلل الليبي خالد الهتاش ان الحل السياسي «صعب جدا ولكن كل شيء يبقى ممكناً بالحوار»، ويرى حلاً واحداً يتمثل في «إعطاء حفتر المنصب الذي يريده» أي القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، في مقابل تشكيل حكومة وحدة مؤلفة من ممثلين عن الطرفين.
والاسبوع الحالي، قال النائب طارق الجروشي ان القادة الدوليين يريدون من برلمان طبرق إخراج حفتر من المشهد.
ويؤيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة طرابلس ابراهيم الكراز تلك الرؤية اذ انه يرى ان حفتر «عقبة» في طريق الحل السياسي.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...