ضغوط أميركية تلتف على مجلس الأمن لتحصين الجريمة الإسرائيلية

02-06-2010

ضغوط أميركية تلتف على مجلس الأمن لتحصين الجريمة الإسرائيلية

بعد عشر ساعات من المشاورات المغلقة، أقر مجلس الأمن الدولي بيانا رئاسيا فجر أمس، عبر فيه «عن الأسف العميق لخسارة الأرواح والإصابات التي ترتبت على استخدام القوة خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في المياه الدولية ضد القافلة المبحرة إلى غزة». كما أعرب عن «إدانته في هذا السياق لهذه الأعمال التي ترتب عليها خسارة أرواح 10 مدنيين على الأقل وجرح العديدين».
وردا على البيان الصادر في نيويورك، قال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري إن «المطلوب من مجلس الأمن هو إصدار قرار دولي ملزم للاحتلال برفع الحصار عن قطاع غزة، لان جوهر المشكلة هو الحصار»، موضحا انه «إذا لم يتم هذا الأمر فان التوتر سيستمر والأزمة ستتفاقم لأن شعوب العالم الحر لن تتحمل استمرار الحصار أكثر من ذلك وستستمر جهودها لكسر الحصار»، مضيفا أن الموقف الأميركي «يبرهن مجددا على انحياز الإدارة الأميركية لصالح الاحتلال الإسرائيلي على حساب القانون الدولي والحقوق الإنسانية».
وبينما كان لبنان وتركيا طالبا بأن يضم البيان دعوة للأمم المتحدة للقيام بتحقيق مستقل في الاعتداء الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، رفضت الولايات المتحدة ذلك بقوة. واكتفى البيان بالدعوة إلى «تحقيق فوري وغير منحاز وذي مصداقية وشفاف يتسق مع المعايير الدولية».
واضطر لبنان وتركيا إلى التخلي عن جملة أخرى كانت تدعو إسرائيل للتقيد بالتزاماتها وفقا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، أيضا لرفض واشنطن لها. ورفض الوفد الأميركي كذلك الإشارة إلى الحصار المفروض على غزة بأنه «غير مقبول»، واكتفى البيان بالقول ان الموقف «لا يمكن استمراره»، داعيا إسرائيل إلى «الإفراج الفوري عن السفينة والمدنيين الذين تحتجزهم».
وكانت المفاوضات قد تواصلت طوال بعد ظهر أمس الأول في نيويورك، وهو اليوم الأخير لرئاسة لبنان مجلس الأمن في أيار. ومع تواصل المشاورات حتى ما بعد منتصف الليل، تسلمت المكسيك رئاسة المجلس من لبنان لشهر حزيران، وكان المندوب المكسيكي كلود هيلر هو الذي قرأ نص البيان الرسمي بعد إقراره من قبل كل الدول الأعضاء كما تقتضي قواعد المجلس.
وأكد القائم بأعمال المندوب الأميركي اليخاندرو وولف أن البيان لا يدعو لتحقيق مستقل في الهجوم. وأعرب عن ثقته بقدرة الإسرائيليين على القيام بتحقيق مستقل. وقال «إذا قرأت النص بعناية، فإنه يوضح ما يعنيه وما لا يعنيه. نحن مقتنعون وندعم تحقيقا إسرائيليا، كما دعوت لذلك في بياني من قبل. ولدي الثقة الكاملة بأن لدى إسرائيل القدرة على القيام بتحقيق ذي مصداقية وغير منحاز وشفاف فوري بشكل داخلي».
وأشار مندوب فلسطين رياض منصور إلى أن وفود تركيا ولبنان وفلسطين كانت ترغب بصدور بيان أكثر قوة ووضوحا في إدانة الهجوم الإسرائيلي. وأكد أن الوفود العربية وتلك المؤيدة لها ستقوم بالضغط على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لدفعه للقيام بتحقيق مستقل. وأضاف «لقد قال لكم مندوب المكسيك إنه يتوقع أن يقوم الأمين العام بالتحقيق. وأنا أعدكم بأن فلسطين والمجموعة العربية وكل أعضاء مجلس الأمن الذين يتفقون مع فهمنا للأمر، مثل منظمة عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي، سنقوم جميعا بالتوافد على مكتب الأمين العام لمطالبته بتنفيذ البيان الرئاسي من هذه الناحية، وان يقوم بتعيين أفراد قادرين على القيام بتحقيق مستقل. هذه المسؤولية ستقع على عاتق الأمين العام الذي طالب بتحقيق مستقل، وأن يتولى هو قيادته كي تكون النتيجة تحقيقا مستقلا بالفعل». وقال منصور لـ «السفير» إن المجموعة العربية ستطلب لقاء بان كي مون فور عودته اليوم «وستطالبه بتحمل مسؤوليته في القيام بالتحقيق الذي دعا له هو شخصيا في بيان أصدره بعد الحادث.»
وكانت المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة ماري أوكابي، قد أفادت بأن بان كي مون اتصل هاتفيا قبل مغادرته العاصمة الأوغندية كمبالا، حيث كان يحضر مؤتمرا للاحتفال بالذكرى العاشرة لانشاء المحكمة الجنائية الدولية، برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان والمفوضة العليا لحقوق الإنسان نافيه بيليه لمناقشة حادثة الهجوم على السفن. واضافت ان المنسق الخاص للأمم المتحدة في فلسطين روبرت سيري يقوم بالاتصال مع أطراف الرباعية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، من أجل تنفيذ النقاط التي وردت في البيان الرئاسي لمجلس الأمن، «والتي تتضمن ضمان توصيل المساعدات الإنسانية من القافلة إلى هدفها كما دعا لذلك مجلس الأمن.»
وأشارت أوكابي أنه «كما هو واضح، فإن أكثر الأمور أولوية هي الإفراج عن المعتقلين وعودة المتوفين وتوفير الرعاية للجرحى. هذا أمر يجب القيام به على الفور. أما القضية التالية أمامنا فهي تنفيذ الدعوة التي أطلقها مجلس الأمن للقيام بتحقيق فوري وغير منحاز وذي مصداقية. ولقد قام الأمين العام بمناقشة هذا الأمر اليوم، ويأمل أن يقرر ما هو مطلوب فور عودته. إن الأمين العام يتحمل مسؤولياته بجدية كبيرة في هذا الشأن وسيتشاور عن قرب مع أعضاء مجلس الأمن مع مضينا قدما.»
وقال مصدر دبلوماسي عربي مطلع إن التعنت الأميركي في مجلس الأمن كان واضحا، مقابل مواقف اوروبية «أفضل»، أبرزها البريطانية والفرنسية. وأكد المصدر ان التجاذب حول فقرة البيان الرئاسي المتعلقة بإدانة إسرائيل، تواصل مدة ساعات طويلة، فيما كان التركيز الاميركي منصبا على مستقبل المفاوضات غير المباشرة بين السلطة الفلسطينية والدولة العبرية.
كما نقل المصدر عن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، تذكيره بعضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، وتشديده على ان الجريمة الإسرائيلية تعتبر بذلك اعتداء على دولة من الحلف، بما يستدعي ردا من الأخير.
نص البيان
وفي الآتي نص البيان الرئاسي حول الحادثة الأخيرة في شرق المتوسط الذي اعتمده المجلس
1- إن مجلس الأمن يعبر عن الأسف العميق لخسارة الأرواح والإصابات التي ترتبت على استخدام القوة خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في المياه الدولية ضد القافلة المبحرة إلى غزة. والمجلس في هذا السياق يدين الأعمال التي ترتبت عليها خسارة أرواح 10 مدنيين على الأقل وجرح العديد، ويعبر عن تعازيه لأسرهم.
2- إن مجلس الأمن يطلب الإفراج الفوري عن السفن وكذلك المدنيين الذين تحتجزهم إسرائيل. والمجلس يحث إسرائيل على السماح بالحرية الكامل لوصول الخدمات القنصلية، وأن يسمح للدول المعنية باستعادة المتوفين والجرحى على الفور وضمان وصول المساعدات الإنسانية من القافلة إلى هدفها.
3- إن مجلس الأمن يضع في الاعتبار البيان الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة حول الحاجة للقيام بتحقيق كامل في الأمر، ويدعو لتحقيق عاجل وغير منحاز وذي مصداقية وشفاف يتسق مع المعايير الدولية.
4- إن مجلس الأمن يؤكد أن الموقف في غزة لا يمكن استمراره. ويعيد التأكيد على أهمية التنفيذ الكامل للقرارين 1850 و1860. وفي هذا السياق، فإن المجلس يكرر قلقه الكبير من الموقف الإنساني في غزة ويؤكد الحاجة للسماح بالتدفق المنتظم والمتواصل للبضائع والأفراد إلى غزة، وكذلك توفير المساعدات الإنسانية وتوزيعها في غزة من دون معوقات.
5- إن المجلس يؤكد أن الحل الوحيد المتاح للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي هو اتفاق يتم التفاوض عليه بين الأطراف، ويعيد التأكيد على أنه فقط حل قائم على دولتين، بوجود دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل وجيرانها الآخرين، يمكن أن يحقق السلام في المنطقة.
6- إن مجلس الأمن يعبر عن دعمه للمباحثات غير المباشرة، ويعبر عن القلق من أن هذه الحادثة قد جرت بينما تتواصل المباحثات غير المباشرة، ويحث الأطراف على التمتع بضبط النفس وتجنب أي أعمال انفرادية واستفزازية، وكذلك كل الشركاء الدوليين على القيام بدعم جو من التعاون بين الأطراف في كافة أرجاء المنطقة.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...