وزراء خارجية أوروبا يفشلون في جَسْر الهوة بشأن رفع الحظر

28-05-2013

وزراء خارجية أوروبا يفشلون في جَسْر الهوة بشأن رفع الحظر

«لا اتفاق» بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بشأن تسليح السوريين. بهذه الجملة لخص وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، حصيلة اليوم الطويل لاجتماع الوزراء في بروكسل.
وأعلن ديبلوماسيون أن دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى اتفاق سياسي لتمديد جميع العقوبات المالية والاقتصادية على سوريا، لكنها فشلت في الاتفاق على تمديد حظر الأسلحة، وهو ما وصفه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بأنه باب لتسليح السوريين، بالرغم من تأكيد الديبلوماسيين أن حكومات الاتحاد الأوروبي ستمتنع في الوقت الحالي عن تسليم أي أسلحة إلى سوريا. فسترفيله خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل امس (ا ب)
وبالرغم من أنها تعلن أن دعم مؤتمر «جنيف 2» يأتي بالعمل لتحقيق توازن عسكري مع النظام وتوريد السلاح إلى المعارضة، إلا أن بريطانيا لا تجد بديلاً عن تفاوض النظام والمعارضة برغم صعوبته.
ورداً على سؤال حول أساس التفاوض، قال وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ، خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس، «ما اتفقنا عليه في جنيف العام الماضي: تشكيل حكومة انتقالية مع كامل السلطات التنفيذية عبر توافق متبادل».
يلتقط أنفاسه كما لو أنه يسمع تردد صدى جملته الأخيرة قبل أن يعلق قائلاً «هذه عملية صعبة جداً، ولكن علينا أن نحاول، لأن البدائل كلها أسوأ من ذلك بكثير. نريد أن نأخذ كل الإجراءات الممكنة التي تزيد من فرص (تحقيق) مفاوضات ناجحة في جنيف». وربطاً بذلك، ترى بريطانيا أن الإجراء الأنجع الآن لزيادة «حظوظ» نجاح التفاوض، هو توريد الأسلحة إلى المعارضة.
مصدر ديبلوماسي أوروبي حضر نقاشات الوزراء، يوضح أن المفاوضات كانت «صعبة جداً»، مشيراً إلى أن موقف هيغ كان صارماً أمام نظرائه، وهو «قال لهم إما أن نعدّل الحظر، أو ستذهب بريطانيا إلى هذا الأمر وحدها»، في إشارة إلى إرسال الأسلحة إلى المعارضة.
الشيء الواضح أن الجميع مصرّون على مؤتمر جنيف، وعلى المعارضة والنظام تدبير أمريهما للوصول إلى هناك. ولكن هل هناك بالفعل تفاهمات تنتظرهم لتفرض التسوية؟ وما الذي دفع الآن برعاة مؤتمر «جنيف 2» إلى ضرب كفيهما، والقول «هذا جيد حان الآن وقت التفاوض». ما التغيير المعتبر الذي حصل الآن مقارنة بمؤتمر «جنيف 1»؟
ورداً على تلك الأسئلة، اعتبر هيغ أن الزخم المتوفر لمؤتمر «جنيف 2» لا يعني أن إنجازاً تحقق وسيتم حمله إلى طاولة التفاوض، إذ يقول «حول ما إذا تغيّرت المواقف حقاً منذ العام الماضي، أعتقد أننا بحاجة إلى مفاوضات، ونحن بحاجة إلى مؤتمر في جنيف، أو في أي مكان، من أجل معرفة ذلك». ويضيف «فلنجمع الناس حــول طاولــة المفاوضـــات لنرى ما إذا تغــيّرت مواقفهم منذ العام الماضي».
المتفائلون سيأملون بالطبع ألا يكون جلب السوريين للتفاوض هو كل رأسمال الجهد الديبلوماسي الدولي، ولو أن كلام هيغ يشير إلى أنه «المتغيّر» الوحيد بين مؤتمري جنيف الأول والثاني.
النقاش الأوروبي حول «جنيف 2»، كما ينقل مصدر ديبلوماسي، يذهب إلى الحديث عن «عملية سلام وليس جــولة مفاوضـــات واحدة».
وعلى الطرف الآخر، كانت النمسا تتقدّم مناوئي رفع الحظر، وتبذل جهـــوداً يائسة لصقل حججها. لم تتحدث عن القلق على جنودها، وهم أكثر من ثلث قوة الأمم المتحدة المرابطة في الجولان السوري المحتل.
وزير خارجية النمسا ميخائيل شبندليغر اعتبر، في حديث لنا ، أن المسألة تتعلّق بمبادئ الاتحاد الأوروبي. وقال «في الصراعات كنا دائماً لا نؤيد أياً من الجانبين بشأن إيصال أسلحة. نحن مجتمع سلمي ونودّ أن نبقى مجتمعاً سلمياً».
وبالنسبة لشبندليغر فثمة قاعدة أوروبية ثابتة، وهي استمرار الضغط «ضد نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد». ومن ثم يوضح أنه «لكن من ناحية أخرى يجب ألا نتورط في هذا الصراع لمجرد تسليم الأسلحة، وبرأيي سيكون ذلك تحـــوّلاً في سياستـــنا في الاتحاد الأوروبـــي المتبـــعة مـــنذ سنـــوات عدة».
استحقاق جنيف يبدو «حاسماً»، كما توحي جميع المواقف بما فيها صعوبة المفاوضات الأوروبية التي طالت أكثر من المتوقع. ولهذا، فإن البديل الذي يقدمه الوزير النمساوي عن رفع حظر الأسلحة لم يكن حتى قريباً من تقليل التصلب البريطاني، بقدر ما كان مبرراً لتقويته. بديل شبندليغر كما قال «هو بطبيعة الحال تجديد عقوباتنا ضد نظام الأسد، ولكن ليس رفع حظر الأسلحة لمصلحة المعارضة». وأضاف «يمكننا أن نناقش المزيد من الإجراءات لحماية المدنيين في هذا الصراع. ويمكننا إجراء نقاش حول كيفية دعم المعارضة السورية وعدم فرض عقوبات مدنية ضدهم».
مصدر ديبلوماسي حضر النقاشات، بيّن أن المسألة برمّتها بنيت على حكم سياسي، «من جهة البعض كان يقول إن رفع الحظر قد يعرض مسيرة جنيف كلها للخطر، وطرف آخر يقول إن عدم خلق التوازن العسكري بين النظام والمعارضة هو الذي يجلب هذا الخطر».
ألمانيا كانت في مجموعة «الجسر» بين الموقفين، كما قال وزير خارجيتها غيدو فسترفيله. وهو أصرّ على ضرورة الخروج بموقف أوروبي «مشترك»، فهو الشيء الوحيد القادر على «زيادة نفوذ» الأوروبيين لتحقيق التأثير الذي يريدونه في الصراع السوري ومحطة جنيف المقبلة.
ولكن حتى بين المجموعة الوسط، وهي الغالبية، كان هناك من يميل إلى الموقف البريطاني. ورداً على سؤال «السفير» حول موقف بلاده من التباين الحاصل، قال وزير خارجية هولندا فرانس تمرمانس «برأيي من الواضح تماماً أنه إذا كان أي من الطرفين يعتقد أنه يستطيع الحصول على النصر العسكري، فهذا لن يحفزهما على الذهاب إلى طاولة المفاوضات في جنيف».
ويشدد تمرمانس على أنه يقصد بكلامه النظام بشكل خاص، ويقول «لأننا نعرف أن هذا الرجل (الأسد) سيفعل أي شيء حتى يربح، وأكثر الأفعال وحشية وإرهـــاباً»، مضيفاً إنه «إذا كان تعديل حظر الأسلحـــة يمكن أن يرسل رسالة واضحة إلى الأسد، تقول إن الأطراف الأخرى ستتـــمكن أيضاً من الحصول على أسلحة، فأنا أعتـــقد أنه في هذا السيــاق يمكــن أن يكـــون مفـــيداً جــداً أيضـــاً».
وفي النهاية، لا بد من الحل الوسط كما يقول الوزير الهولندي «لأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى بذل كل ما في وسعه للتأكد من أن الأطراف تذهب إلى طاولة المفاوضات في جنيف».
وكان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو دعا الاتحاد الأوروبي إلى «رفع الحظر عن الشعب السوري». وقال «إنْ عجزنا عن ذلك في مجلس الأمن فعلينا على الأقل دعم حق السوريين في الدفاع عن النفس».

وسيم إبراهيم

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...