مشتى الحلو... الثقافة تُبْعَثُ من جذع مكسور

03-12-2016

مشتى الحلو... الثقافة تُبْعَثُ من جذع مكسور

في مدينة مشتى الحلو السورية التابعة لمحافظة طرطوس؛ ثمةّ شباب يستمدون قوتهم وطاقاتهم الخلّاقة من شجرة «دلب» يتجاوز عمرها الخمسمئة عام، علمتهم معاني الانتماء والتجّذر بالأرض، وأصبحت عنواناً لمدينتهم التي تبعد حوالي 220 كلم عن العاصمة دمشق، وتقع على ارتفاع 600 فوق مستوى سطح البحر.

وتحت فيء شجرتهم العتيقة، يستعدون لتزيين شجرة ميلاد اختاروا أن تكون هذا العام من مخلفّات الحرب، التي ضاعفت عدد سكان المدينة إلى عشرة أضعاف، ليبلغ نحو 300 ألف نسمة في نهاية العام 2014 (بحسب تقديراتٍ غير رسميّة)، حيث تحتضن مشتى الحلو مئات المهجرين ممّن وجدوا في دفء استقبال أهلها ملاذا آمناً، رغم شتاءاتهم الباردة.
تزيين الشجرة الذي سيستمر على مدى 15 يوماً بين (1 و15 كانون الأوّل/ ديسمبر 2016)، تحت إشراف النحّاتين وضاح سلامة، وائل دهان، علاء محمد، وعلي سليمان، وبمساهمة نحّاتين سوريين آخرين من طرطوس ودمشق؛ سيكون فاتحة لمجموعة فعالياتٍ ثقافية وفنيّة أخرى تحت عنوان «ضوّي» في مناسبة أعياد الميلاد، يختتم فيه «ملتقى مشتى الحلو العائلي الثقافي»، عاماً حافلاً بالأنشطة الثقافية، كان أحدثها عرض خاص لفيلم «رسائل الكرز» كرمت فيه مخرجة الفيلم سلاف فواخرجي، وإحدى بطلاته الفنانة جيانا عيد ابنة المشتى.
تشمل فعاليات «ضويّ» المشتاوية أيضاً حفلة DJ في مناسبة عيد البربارة في «رأس النبع» يعود ريعها لدعم مكتبة الملتقى، ويشارك فيها عازفون ومغنون من ابناء الملتقى، وافتتاح بازار المنتوجات المحلية وأغراض العيد من ٨ و لغاية ١١ كانون الاول (في صالة السيدة)، وافتتاح مشغل الطين والخزف والفسيفساء في ١٤ كانون الأول (الساعة ٦ مساءَ في الملتقى)، معرضاً لفنانين تشكيليين من مدينة «مصياف» بعنوان «حوار» في ١٦ كانون الاول (الساعة ٦ مساءَ في الملتقى)، إلى جانب كورال لأطفال الملتقى بعنوان «ضوّي بنورك المغارة» وغيرها من الفعاليات.
من «دلبة مشتى الحلو» بدأت الحكاية، فيوم 13 حزيران (يونيو) 2013 شكّل ذكرى أليمة لأهالي هذه المدينة، حين ناءت الشجرة بأعباء الزمن، وسقط غصنٌ كبير منها، لكنّهم حولوا سريعاً تلك الذكرى لبدايةٍ جديدة أوحى بها المحامي وائل صبّاغ، عبر إقامة ملتقى للنحت، صاغ فيه النحّات علاء محمد من جذع الشجرة الميت، منحوتةً «الولادة» لامرأة «تتجه بإحدى يديها إلى السماء رمزاً لانتصار الحياة على الموت وانبثاق الأمل من الألم، بينما تمد بالأخرى نحو الأرض، كرمزٍ للتمسك بالمكان والتشبث بالأرض».
هكذا ولدت فكرة «ملتقى مشتى الحلو الثقافي العائلي»، الذي أقام على مدى ثلاث سنوات، وبجهودٍ تطوعيّة يقف وراءها 30 شاباً وشابّة من أبناء المدينة؛ سلسلة فعالياتٍ ثقافية منها أمسية للشاعر السوري نزيه أبو عفش، والشاعر والصحافي اللبناني اسكندر حبش، ولقاء حواري مع الفنان بسام كوسا، وفكري استضاف الأب الدمشقي الجليل الياس زحلاوي، وأمسياتٍ موسيقية، ومعارض لفنّانين تشكيليين سوريين.
وأسس الملتقى نادياً سينمائياً وآخر للتصوير الضوئي، وكورالين للأطفال والشباب، وفرقة مسرحيّة للهواة (أقامت عروضاً بقيادة الفنانين بسام مطر وحسام الشاه)، وملتقى سنوياً للنحت.
كما نظّم أنشطة بيئية، أهمّها «مبادرة بعطيكي اسمي» حيث تم تخصيص مساحةٍ من جبل المشتى سميّ بـ «رحم الغابة»، يزرع فيه الأطفال أشجاراً يطلقون أسماءهم عليها، وأصبح هذا المكان مقصداً لأهالي المنطقة.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...