مستقبل تحالف البرزاني مع أنقرة: حسابات الربح والخسارة

14-10-2008

مستقبل تحالف البرزاني مع أنقرة: حسابات الربح والخسارة

الجمل: نشطت في الآونة الأخيرة عمليات حزب العمال الكردستاني ضد الدولة التركية وبالمقابل تزايدت تحركات تركيا للقضاء عليه باعتباره يمثل الخطر الراهن الأكثر تهديداً للأمن التركي.
* التطورات الجديدة في مسرح الأزمة الكردية:
نقل حزب العمال الكردستاني عملياته إلى وسط وشمال تركيا، بسبب الضغوط العسكرية التركية على قواعده شمال العراق إضافة إلى تحالف أربيل مع أنقرة ضده، هذا على الصعيد العسكري، أما السياسي فقد أدت سياسة الترغيب والترهيب التي استخدمتها أنقرة إلى دفع تحالف أربيل الكردي إلى التخلي عن التعاون مع الحزب واللجوء إلى التعاون مع أنقرة لاستثمار الترغيب الذي قدمته تركيا إلى أربيل.
التطورات الجديدة الجارية على مسرح الأزمة الكردية تثير العديد من التساؤلات التي يأتي في مقدمتها:
• ما هي أهداف حزب العمال الكردستاني المعلنة وغير المعلنة من لجوئه إلى نقل عملياته إلى شمال ووسط تركيا؟
• ما هي أهداف تحالف أربيل الكردي المعلنة وغير المعلنة إزاء اللجوء إلى التخلي عن التعاون مع حزب العمال الكردستاني واللجوء إلى التعاون مع أنقرة؟
• يرتبط محور واشنطن – تل أبيب بروابط قوية مع الأطراف الكردية فهل أصبح هذا المحور يركز على التعاون مع تحالف أربيل الكردي من جهة ومعاداة حزب العمال الكردستاني من جهة أخرى أم أن موقف هذا المحور هو مجرد موقف ينطوي على جانبين أحدهما معلن يهدف لتضليل أنقرة والآخر غير معلن يهدف لاستثمار حزب العمال الكردستاني في منطقة أخرى بخلاف شمال العراق؟
• بدأت أنقرة حملة تعاون مكثف مع أربيل في الوقت نفسه الذي بدأت فيه حملة صراع مكثف مع حزب العمال الكردستاني فهل تحاول أنقرة أن تلعب نفس اللعبة المزدوجة التي يلعبها محور واشنطن – تل أبيب أم أن أنقرة تحاول القيام بشيء آخر؟
على خلفية هذه التطورات العسكرية – الميدانية والسياسية – الدبلوماسية توجد العديد من المتغيرات التي يتوقع لها أن تلعب دوراً كبيراً في توجيه مسار الصراع في الأزمة الكردية ومن أبرز هذه المتغيرات:
• اتجاهات الرأي العام الكردي في شمال العراق وجنوب تركيا إزاء المناورات الخطرة التي أصبحت تقوم بها النخب السياسية الكردية.
• تبلور المزيد من الاستقطابات في أوساط النخب السياسية الكردية.
وعلى ما يبدو فإن تفاعل هذه المتغيرات ضمن البيئة السياسية الداخلية المحلية والبيئة الخارجية الإقليمية والدولية سيترتب عليه احتمالات ظهور العديد من الانقسامات المصحوبة بالعديد من التحالفات بين الأطراف الكردية المختلفة، وحالياً توجد قوة سياسية كردية صغيرة الحجم ولكنها مرشحة للنمو والحلول محل القوى الكردية الكبيرة مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني اللذان أصبحا أمام احتمالات التقلص والاضمحلال بسبب الخلافات الداخلية والتورط في فضائح الفساد التي أزكمت روائحها أنوف الرأي العام الكردي.
* دبلوماسية أنقرة الجديدة: "خيار أوجلان" في مواجهة "خيار البرزاني":
تقول التسريبات الواردة بأن أنقرة تقوم حالياً بعملية المفاضلة لجهة تحديد أيهما أفضل بالنسبة لها خيار أوجلان أم خيار البرزاني، وبرغم قلة المعلومات فمن الممكن استعراض توجهات أنقرة على النحو الآتي:
• أصبحت أنقرة بعد صعود حزب العدالة والتنمية أكثر استعداداً للتخلي عن المواقف المتشددة إزاء ملف الصاع التركي – الكردي.
• الأسباب التي دفعت أنقرة إلى إعادة النظر في موقفها المتشدد يتمثل أبرزها في:
- رغبة تركيا في الاستجابة لضغوط الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالملف الكردي ومخاوف أنقرة من أن يؤدي استمرار موقفها المتشدد إلى الإضرار بملف عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
- رغبة حزب العدالة والتنمية في الحفاظ على تحالفه مع حزب المجتمع الديمقراطي الذي يدعمه الأكراد ومخاوف حزب العدالة من احتمالات أن يؤدي تخلي حزب المجتمع الديمقراطي عن تحالفه معه إلى الإخلال بتوازنات القوى داخل البرلمان التركي الحالي على النحو الذي يؤدي إلى تعزيز قوة حزب الشعب الجمهوري وحلفائه الذين يتزعمون المعارضة العلمانية الساعية للقضاء على حزب العدالة والتنمية وحكومته.
- رغبة أنقرة في عدم خوض الصراع ضد الحركات الكردية ضمن جبهتين بحيث تخوض:
* مواجهة ضد حزب العمال الكردستاني الذي نقل عملياته إلى الداخل التركي.
* مواجهة ضد الحركات الكردية المتمركزة في شمال العراق.
هذا، وتشير المعلومات المتعلقة بتحليل الأداء السلوكي والدبلوماسي الكردي إلى أن أنقرة تفضل في الوقت الحالي اللجوء إلى التفاهم والتقارب مع مسعود البرزاني الزعيم الكردي العراقي المسيطر على تحالف أربيل، وكما هو واضح فإن لجوء أنقرة إلى التقارب والتفاهم مع البرزاني لم يعد سراً خافياً على أحد فقد نشر الموقع الإلكتروني الخاص بصحيفة تيركيش ديلي نيوز تقريراً أشار فيه إلى النقاط الآتية:
• أصبحت توجهات أنقرة الهادفة إلى تعزيز العلاقات مع تحالف أربيل تمثل سياسة الدولة التركية تجاه إقليم كردستان العراقي.
• ارتفعت حرارة العلاقات على خط أنقرة – أربيل والمؤشرات الدالة على ذلك تتمثل في:
- تخفيف أنقرة لانتقاداتها ضد تحالف أربيل
- تخفيف زعماء تحالف أربيل انتقاداتهم لأنقرة.
هذا، وعلى خلفية دفء العلاقات على خط أنقرة – أربيل فقد أوردت التسريبات التركية التي أوردتها صحيفة تيركيش ديلي نيوز أن نيخرفان البرزاني رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق سيقوم بزيارة لتركيا في الفترة القادمة للتفاهم مع كبار المسؤولين الأتراك حول سياسة تعزيز العلاقات والروابط على خط أربيل – أنقرة. أما بالنسبة لما يتعلق بسردية المفاضلة بين خيار البرزاني وخيار أوجلان فإن أنقرة تهدف أولاً إلى محاولة استخدام خيار البرزاني باعتباره الأفضل لجملة من الأسباب:
• لا يؤدي للتوترات على خط أنقرة – واشنطن – تل أبيب لأن استهدافات أنقرة السابقة للبرزاني أدت إلى توتير علاقات أنقرة مع واشنطن وتل أبيب.
• إن البرزاني مؤهل للقبول بأي صفقة تؤمن ظهره من المواجهات مع الجيش التركي حتى لو كان ثمن الصفقة على حساب إحدى الفصائل الكردية.,
• إن البرزاني يسعى بالأساس إلى الانفراد بالزعامة على الأكراد والخطر الوحيد الذي يهدد طموحاته هو حزب العمال الكردستاني وامتداداته داخل شمال العراق وغرب إيران لذا فإن البرزاني سوف لن يتردد في استغلال فرصة الصفقة مع أنقرة طالما أنها تؤدي إلى القضاء على حزب العمال الكردستاني.
• إن واشنطن وإسرائيل تفضلان الصفقة على خط أنقرة – أربيل لأن إنجاز هذه الصفقة سيقضي على الكثير من الخلافات القائمة على خط أربيل – تل أبيب – واشنطن وعلى خط أنقرة – تل أبيب – واشنطن.
أما بالنسبة لخيار أوجلان الذي تستخدمه أنقرة حالياً للضغط على البرزاني وتحالف أربيل الكردي، بما يؤدي إلى حصول أنقرة على المزيد من التنازلات التي لن يكون أقلها:
• تخلي أربيل عن ملف ضم كركوك.
• تخلي أربيل عن سياسة التطهير العرقي ضد العرب والتركمان والآشوريين الموجودين في كردستان العراق.
• تخلي أربيل عن التوجهات الانفصالية والقبول بمبدأ وحدة العراق.
• التزام أربيل بتوفير الضمانات اللازمة لحماية أمن تركيا من خطر حزب العمال الكردستاني.
• التزام أربيل بضمانة خطوط التجارة وأنابيب نقل النفط المارة عبر أراضي إقليم كردستان.
• التزام أربيل بتوقيع اتفاق تعاون أمني مع أنقرة وعلى وجه الخصوص في الجوانب المتعلقة بالتعاون مع أنقرة في مكافحة الإرهاب.
إضافة لذلك، توجد الكثير من البنود والخفايا التي لم تتضح بعد على خط أنقرة – أربيل وعلى ما يبدو تواجه أربيل حالياً المزيد من الضغوط عن طريق محور تل أبيب – واشنطن للقبول بالصفقة التركية التي سيترتب عليها حصول البرزاني على الـ"جزرة" أما في حالة رفضه فإنه سيواجه "العصا" المزدوجة، الجيش التركي من جهة والمحاولة التركية للتفاوض مع الحركات الكردية التركية التي تعدل خطابها السياسي للقبول بصفقة مع تركيا، وفي حالة حدوث صفقة بين أكراد تركيا وأنقرة فإن الضحية الأولى ستتمثل في أن البرزاني سيواجه المعارضة الكردية وحيداً وهو الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تقويض نفوذ البرزاني لأن امتدادات حزب العمال الكردستاني ونفوذه السياسي والاجتماعي داخل المناطق الكردية هو أمر بالنسبة له يمثل تحالف أربيل الحالي مجرد "لعب عيال"!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...