ما هو هدف إسرائيل من المحادثات مع سورية طالما أنها ترفض إعادة الجولان

27-05-2008

ما هو هدف إسرائيل من المحادثات مع سورية طالما أنها ترفض إعادة الجولان

الجمل: بالأمس لحس أولمرت تعهداته لسوريا بإعادة الجولان، ولم نستغرب الأمر، فالذي يكذب على شعبه لن يتألم ضميره إذا كذب على عدوه، والخاسر في الحرب لن يكون رابحاً في السلام، ويبدو أن المحادثات بالنسبة لأولمرت ليست أكثر من صفقة لشراء ود تركيا واستقطاب فريق السلام الإسرائيلي بعدما خسر فريق الحرب، غير أن السلام يحتاج إلى محارب شجاع أكثر مما يحتاج إلى سياسي جبان وقديماً قال الشاعر:


وغاية المفرط في حربه       كغاية المفرط في سلمه
فلا اشتكى طالب           فؤاده يخفق من رعبه


* الإدراك الإسرائيلي وإشكالية الفوبيا الاستباقية:
تقلبات المواقف السياسية الإسرائيلية ليست وليدة تقلبات الإدراك الإسرائيلي في تعامله مع بيئة الشرق الأوسط المضطربة، وتؤكد حالياً النظرة الفاحصة بأن تقلبات المواقف الإسرائيلية ناتجة بفعل الإدراك الوحيد الاتجاه الذي لا يرى بديلاً لاستخدام نظرية المؤامرة في التعامل مع الواقع الشرق أوسطي. عبر الجنرال الإسرائيلي عيدو نيهوشتان عن حالة التقلب الإسرائيلي بطريقة غير مباشرة من خلال دراسته التي حملت عنوان «كيف سيواجه الجيش الإسرائيلي التهديدات الإقليمية؟» والتي نشرها مركز أورشليم للشؤون العامة، وقد أجاب الجنرال قائلاً بالآتي:
• توجد ثلاثة مصادر لتوليد التطرف والراديكالية في الشرق الأوسط هي:
* الهلال الشيعي الذي ترعاه إيران.
* جماعة الإخوان المسلمين.
* حركة الجهاد العالمي.
• امتلاك حزب الله لأسلحة متطورة وبكميات كبيرة بما لا يتوافر للكثير من جيوش العالم.
• وجود حركات فلسطينية مسلحة تملك القدرات وتعمل بنشاط خارج مسؤولية الدولة، إضافةً إلى أن كل واحدة من هذه الحركات تعمل بمعزل عن الحركات الأخرى.
• لكي تقوم إسرائيل بحماية نفسها من خطر الصواريخ والمقذوفات ليس لها من سبيل سوى السيطرة الكاملة المطلقة على الأرض، ومن الصعب حالياً أن تسيطر على الأرض في قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان.
النقاط الأربعة التي أشارت إليها الدراسة تكشف الطبيعة اللايقينية التي يتسم بها أداء السلوك السياسي الإسرائيلي القائم على فرضية أن السلام معناه نهاية إسرائيل وبالتالي فالحرب هي السبيل الوحيد لاستمرارها وبقاءها.
* الأمن الإسرائيلي: خبرة 60 عاماً من الانكشاف والعجز المتزايد:
تعرضت ورقة بحثية تم نشرها ضمن سلسلة وجهات نظر أورشليم التي يصدرها معهد الشؤون المعاصرة الإسرائيلي إلى استعراض حالة الأمن الإسرائيلي على مدى الستين عاماً التي انقضت من عمر إسرائيل وأشارت الورقة إلى النقاط التالية:
• خلال ستين عاماً، أعطت التحليلات والدراسات إسرائيل احتمالاً ضئيلاً في البقاء والاستمرار بسبب حالة عدم تماثلها مع محيطها الإقليمي، ولكن، لكي تستمر إسرائيل في الوجود فقد ظلت تعتمد حصراً على استخدام الاستراتيجيات المتبدلة والتكنيكات المتغيرة من أجل التغلب على الواقع والحفاظ على استمرارها.
• الشعور بالوضع الحرج دفع الإسرائيليين إلى الحصول على القدرات النووية وبالفعل حصلت عليها إسرائيل منذ حقبة ستينات القرن الماضي وبرغم ذلك ظلت على مدى أربعين عاماً تواجه كل يوم من التهديدات والمخاطر ما يفوق ما تعرضت له بالأمس.
• حالياً انخفضت الهجمات التقليدية ضد إسرائيل ولكن بالمقابل تزايدت الهجمات اللامتماثلة التي تعتمد على استخدام الانتحاريين والقنابل وإطلاق الصواريخ والمقذوفات وبالتالي لن تستطيع إسرائيل الحصول على أية وسيلة تحميها في الوقت الحاضر من خطر الانتحاريين والصواريخ وانفجارات القنابل المزروعة.
• خلال الستين عاماً الماضية ظلت إسرائيل موجودة ضمن بيئة المجتمع الدولي وحتى الآن لم تستطع تجاوز وتخطي المخاطر المهددة لها سواء بابتكار أساليب وقائية لازمة لدرء الهجمات ضدها أو الأساليب العلاجية التي تتضمن إما الحسم العسكري النهائي أو التوصل إلى اتفق سلام حقيقي نهائي.
* مراحل الانكشاف الأمني الإسرائيلي:
مرت مسيرة الأمن الإسرائيلي بالمراحل الآتية:
• المرحلة الأولى: المواجهات الحربية التقليدية في حروب 48، 56، 97، 73.
• المرحلة الثانية: التصدي لخطر الإنهاك حتى معاهدة السلام مع مصر.
• المرحلة الثالثة: تصاعد المواجهات المنخفضة الشدة مع منظمة التحرير الفلسطينية.
• المرحلة الرابعة: انخفاض قوة الردع الإسرائيلي.
• المرحلة الخامسة: عدم فعالية الردع الإسرائيلي في التصدي للردع السوري والإيراني.
أكدت تل أبيب عن قيامها بإجراء محادثات غير مباشرة برعاية تركية مع سوريا في مدينة اسطنبول وقد لاحظ المراقبون:
• عدم تأكيد إسرائيل على القبول النهائي بالجلوس على طاولة المفاوضات المباشرة مع سوريا.
• عدم تأكيد إسرائيل على القبول بمبدأ إعادة الجولان كاملاً مقابل السلام مع سوريا.
وعلى ما يبدو، فقد نفذ صبر الوسيط التركي حيث تحدث اليوم رئيس الوزراء التركي أمام الإسرائيليين قائلاً بأن دمشق لم تطلب من تركيا إجراء المحادثات وإنما الذي طلب كان تل أبيب.
يقول المحلل السياسي الأمريكي سي هارت في مقاله الذي حمل عنوان «التقارب الدبلوماسي أم التباعد» بأن أفضل طريقة لإدراك حقيقة النوايا الإسرائيلية هي إثارة الأسئلة التي تتضمن قدراً كبيراً من الاحتمالات ثم اختيار كل ما هو غير واقعي وينطوي على الانتهاك الساخر لكل الأعراف والمواثيق، وعلى سبيل المثال، هل طلب الإسرائيليون للمحادثات مع سوريا هو طلب يهدف إلى السلام أم أنه يهدف إلى شيء آخر؟ وإذا كان يهدف للسلام فما هو السلام ومعنى السلام بالنسبة للإسرائيليين؟ هل يوجد فرق بين الحرب والسلام بنظر الإسرائيليين خاصةً وأن الرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيريز ورئيس الوزراء أولمرت وأعضاء الكنيست وبقية النخبة السياسية الإسرائيلية تفهم جميعها السلام بمعنى الحرب. الرأي العام العالمي مهتم بوقائع ما جرى بوساطة تركية بين السوريين والإسرائيليين أما الرأي العام الإسرائيلي فيهتم هذه الأيام بالتسريبات الإسرائيلية التي تزعم بأن:
• حزب الله قد نشر أسلحته في مناطق جنوب لبنان غير الواقعة تحت سيطرة قوات اليونيفيل.
• تمضي دمشق قدماً في عقد صفقة تمكنها من الحصول على العتاد العسكري الأكثر تطوراً من روسيا.
• التوافق بين حزب الله وحركة حماس حول شروط عقد أي صفقة مع إسرائيل تتعلق بإطلاق سراح جنودها المعتقلين لدى حزب الله وحركة حماس.
• أكملت إيران إعداد مخطط أو رأس حربي نووي خاص بها.
وهكذا، بينما دفع الإسرائيليون باتجاه إقناع تركيا لكي تقوم بدور الوسيط في المحدثات غير المباشرة السورية – الإسرائيلية، فإن الإسرائيليين وما أن تزايدت أخبار المحادثات مع سوريا، قاموا في الوقت نفسه بالترويج للمعلومات والتسريبات التي تدفع الرأي العام إلى تبني صورة مشوهة لسوريا وحلفائها في المنطقة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...