كليوبترا «المظلومة» تستنجد بالدراما السورية!

29-03-2010

كليوبترا «المظلومة» تستنجد بالدراما السورية!

أمام الواقع العربي المأزوم والهزائم والانكسارات، وجدت الدراما طريقها لتقديم صورة مختلفة، ملأى بالانتصارات: إنّه التاريخ البعيد... البعيد جداً. وقد انطوت أغلب الأعمال التاريخية على كثير من العاطفة، المبالغ فيها، في محاولة لإعادة إحياء أمجاد عربية غابرة. ورغم أن بعض المسلسلات حاولت الخروج من دفّتَي كتاب التاريخ الناصع البياض، إلا أنها ظلت منحازة لمراجع تاريخية تخدم سياقها الدرامي.سلاف فواخرجي في مشهد من «ملوك الطوائف
بعد هدوء موجة الدراما التاريخية السورية، لمصلحة الأعمال الاجتماعية المعاصرة، ها هي تعود بثلاثة مسلسلات (حتى الآن) تنتج هذا العام. بعد «القعقاع»، و«رايات الحق»، انطلق تصوير مسلسل «كليوبترا» الأربعاء الماضي، في قلعة الحصن في مدينة حمص، في ظلّ إجماع فريق العمل على أن المسلسل محاولة لإنصاف الملكة العربية التي ظلمها التاريخ، فانتفضت الدراما لتصحِّح الخطأ!
كتب سيناريو العمل، السوري قمر الزمان علوش ويخرجه الممثل والمخرج وائل رمضان، ليكون من بطولة زوجته النجمة سلاف فواخرجي في دور كليوبترا، والنجم المصري محمد صبحي في دور يوليوس قيصر، ومعهما مجموعة من النجوم السوريين والعرب منهم: طلحت حمدي، ونضال سيجري، وفرح بسيسو، وأيمن رضا، وعبير شمس الدين، إضافة للمخرجَين علاء الدين كوكش، ومظهر الحكيم.
«كل الكتابات التي تناولت شخصية كليوبترا كانت ذات طابع خيالي بحت وفيها الكثير من التناقضات،. لذا لم تستطع إنصافها، فكان لا بد من رد الاعتبار إلى هذه الشخصية» يقول قمر الزمن علوش مضيفاً: «كتب التاريخ من دون استثناء غيّبت العنصر الوطني المصري في مرحلة كليوبترا والمراحل التي تلتها. لذا كان هدفي أيضاً رد الاعتبار إلى الشعب المصري الذي وقع تحت ظلم المؤرخين، الذين لم يوضحوا الجوانب الوطنية لتلك الحقبة». إذاً، ستصلح الدراما ما أفسدته كتب التاريخ، وستأخذ الدراما السورية على عاتقها إيضاح دور القادة المصريين الذي غُيِّب في المراجع التاريخية!

من جهته، يقول المخرج وائل رمضان: «نجسّد في «كليوبترا» شخصية تاريخية معروفة، لكننا نتناولها بأسلوب مختلف لم يطرح سابقاً. وهذا العمل هو مشروع شخصي بالنسبة إليّ». ويضيف: «أتناول في المسلسل الجانب الشعبي من حياة الملكة، وحالة التأثر والتأثير بينها وبين الشعب الذي أحبها وأحبته، ما جعلها تأخذ قراراً بالانتحار قبل أن ترى شعبها يُذلّ». أما بطلة العمل سلاف فواخرجي فأكّدت أن دراسة شخصية الملكة المصرية، استغرقت حوالى عامين. ووصفت شركة «عرب سكرين» المنتجة للمسلسل بالمغامِرة بسبب صعوبة هذا العمل وخطورته على أكثر من مستوى. وتقول: «تكمن أهمية العمل في محاولته الاقتراب من المشاهد العادي». وتدخل النجمة السورية في تفاصيل المسلسل مضيفةً: «سيعيش المشاهد تفاصيل إنسان وتفاصيل المحيطين به لتتكوّن من خلال ذلك معرفة مجتمع بكامله». مشيرةً إلى أنها في الفترة الأخيرة بدأت تحب أداء هذا النوع من الشخصيات التي تحمل الكثير من الحالات الإنسانية. ولعلّ ما يميّز العمل في نظر فواخرجي هو الروح الجماعية للفريق الذي كان همه الأول نجاح المسلسل من دون التركيز على مساحات الأدوار. هكذا، سبقت انطلاق التصوير مجموعة من الجلسات الحوارية والنقاشات. وهو ما عاد بالفائدة على معظم المشاركين في العمل.
لكن اختيار النجمة السورية لتأدية الدور، لم يمرّ من دون موجة من الانتقادات. إذ برزت أصوات مصرية عدّة في الفترة الأخيرة، تستنكر اختيار ممثلة سورية لأداء شخصية أساسية من التاريخ المصري. وهو ما استغربته فواخرجي في أكثر من مقابلة إعلامية، مؤكدة أن عدداً كبيراً من النجوم العالميين أدوا دور الملكة المصرية، فلماذا الاعتراض عليها، وهي أولاً وأخيراً ممثلة عربية.
من جانبه، كشف النجم المصري محمد صبحي أنه كان يحلم في تقديم شخصية يوليوس قيصر بعدما قدم عدداً من شخصيات الأدب اليوناني وشخصيات هامة في مسرحيات شكسبير. وقال: «كثيراً ما أحكم على الأعمال من خلال النوايا المسبقة، وهذه النوايا تنبثق من النص أولاً، وثانياً من خلال الحوار بين الماضي والحاضر وطريقة معالجة النص». وأضاف: «نوايا العمل مهمة جداً، وهذا ما جعلني أتقبله بعدما قرأت النص. ثم إن هذا العمل لن يكون غريباً عن الناس لأنهم سيجدون فيه ما يحدث على أرض الواقع حالياً على رغم أنّ العمل يتناول الماضي».
ويُتوقّع أن يعرض العمل في رمضان المقبل على أكثر من محطة عربية، ليكون رهان الدراما هذه المرة على تصويب أخطاء المؤرخين وهو الرهان الذي يبدو فضفاضاً... أكثر من اللازم.


دراما تاريخية أم تمجيدية؟

رغم الأعمال التاريخية الكثيرة التي أنجزتها الدراما السورية، ورواجها على الفضائيات العربية، إلا أن هناك مَن يرى أن لا جدوى من العودة إلى التاريخ من خلال الدراما. ويقول الكاتب السوري نجيب نصير إن النظرة إلى التاريخ من خلال الدراما هي نظرة ساذجة، لأنها قاصرة وغير نقدية، «ولو أردنا التعلّم من التاريخ، فعلينا العودة إلى أخطائه تحديداً... ثم إن مفهوم النقد لدى الناس هو الشتائم، فيما يجب أن يكون لدينا خصومة إبداعية». أما عن «كليوبترا»، فيقول «هي أكثر من أنصفها التاريخ». ويرى الكاتب السوري من جهة أخرى، أن النظرة التمجيدية إلى التاريخ لا تعني أن العرب كانوا أبطالاً بالفعل.

وسام كنعان

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...