قتيل كل أربع ساعات... في سورية

27-09-2008

قتيل كل أربع ساعات... في سورية

«لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا»، عبارة يستقبلك بها معظم سائقي سيارات الأجرة والباصات العامة في سورية. عبارة يرددها السائقون كلما حاولت ردعهم عن السرعة الهوجاء... الأمر ليس بيدك أو بيد أي زبون آخر، «شوفير» التاكسي أو الباص هو ذلك الخيّال المغامر الذي لا يتوانى لحظة، عن إظهار براعته وقدرته على «التشفيط» في أضيق الزواريب، وتحدي أحدث السيارات وأسرعها، بمركبته الهرمة الصدئة التي أكل عليها الدهر وشرب!

هذه ليست حال سائقي المركبات العامة، فحسب بل، حالة عامة، اذ وصل عدد ضحايا حوادث السير في سورية إلى 2818 قتيلاً في العام الماضي، بحسب إحصاءات صدرت في جريدة «تشرين».

«معظم ضحايا حوادث السير من الشبان الطائشين، سَوق السيارة خبرة وحكمة»، يقول أبو محمود، وهو سائق تاكسي في الخمسين من العمر، أمضى أكثر من عشرين عاماً في هذه المهنة. ويضيف: «لا يقدّر هؤلاء الشبان الى اي حد ثمن السرعة باهظ». ولهشام (22 سنة)، رأي آخر، إذ يجد أن أسباب حوادث السير تعود، في معظمها، إلى سوء تعبيد الطرقات وإنارتها. ويروي بحسرة وامتعاض عن صديق له «توفي، منذ مدة قصيرة، في قرية صيدنايا، إثر حادث مؤلم سببه الظلام الدامس الذي منعه من رؤية الحاجز الاسمنتي في منتصف الطريق، فاصطدم به وكان الثمن سنوات حياته العشرين».

يختلف تقويم الجهات المختصة لهذا الواقع، فهناك من يضع اللوم على الزيادة الكبيرة في عدد المركبات المسجلة لدى مديرية النقل، والتي تقدر بنحو 140 ألفاً حتى بداية العام الحالي. وتعزى هذه الزيادة إلى الانفتاح الاقتصادي والتسهيلات التي تقدّمها وكالات بيع السيارات المصارف الخاصة. وهناك من يُرجع مأساة حوادث السير إلى سهولة الحصول على إجازة قيادة، بالاعتماد على الرشاوى و «المحسوبيات». وقد بلغ عدد إجازات السوق الممنوحة للمواطنين السوريين 276309 في العام الماضي، بحسب الصحف المحلية.

ويُعتبر قانون السير الجديد، الصادر وفق المرسوم التشريعي الرقم 11، الذي دخل حيز التنفيذ في أيار (مايو) الماضي، أهم إجراء رسمي جاد وفاعل، لمحاولة تفادي المأساة اليومية الناتجة من حوادث المرور. ويشدد القانون الجديد على دفع غرامات المخـــالفات، ويطبّق نظام «الأرصدة» المتعلّق برخصة السَوق، وبموجبه يفقد السائق جزءاً من رصيده، وقدْره 16 نقطة، وتُسحب منه الرخصة عندما يخسر كل الرصيد.

وتتضارب الآراء حول صرامة قانون السير الجديد، في حين تشير الإحصاءات إلى فاعلية التطبيق، اذ يظهر تقرير حوادث المرور لشهر حزيران (يونيو) الماضي، انخفاضاً في معدّل الحوادث (328 حادثاً) بالمـــقارنة مع الشهر نفسه من العام الفائت. وضم التقرير أسباباً متعددة لهذه الحوادث، بين سرعة زائدة، توقــــف غير نظامي، وضع الأطفال في أماكن غير مخصصة لهم، واستخـــدام الهاتف النـــقال أثناء القيادة... وعلى ما يبدو، فإن الغرامات المالية الكبيرة التي ينص علـــيــها القانون الجديد، جعلت سائقين كثراً يعيدون النظر بـ «بداهتهم المكتسبة» في القيادة.

«لا تستعمل الهاتف النقال أثناء القيادة»، هو عنوان الحملة التي أطلقت في سورية شهر حزيران الماضي، بمشــــاركة 500 متطوع وإدارة المرور.

وقد شملت مدن دمشق والـــلاذقية وحلب. وهدفت الحملة إلى زيادة وعي المواطنــــين بأهمية الالتزام بقانون السير، للحد من الحوادث والحفاظ على الأرواح. ووزع المتطوعون قانون السير الجديد على المشاركين، بهدف زيادة وعيهم بضرورة التقيد بقوانين السير، واتباع إجراءات السلامة، علّ العبرة تكون لمن اعتبر.

بيسان البني

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...