تضارب المصالح الروسية- الأمريكية والصراع على أوروبا

05-08-2007

تضارب المصالح الروسية- الأمريكية والصراع على أوروبا

الجمل:      تدهورت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، هكذا تقول الوقائع الجارية، استناداً إلى تدفقات الأخبار والمعلومات التي تكشف كل يوم الدور السلبي المتزايد الذي تقوم به روسيا في مواجهة تحديات النفوذ والهيمنة الأمريكية. وبرغم ذلك فهناك من يراهنون على صفقة أمريكية- روسية، يتم تنسيقها والاتفاق حول بنودها وأجندتها بين القيادتين الروسية والأمريكية.
·       الخلافات الأمريكية- الروسية:
تتبنى القيادتان الأمريكية والروسية مواقفاً متعارضة إزاء كافة الملفات الدولية والإقليمية الساخنة وغير الساخنة، وبالذات تلك المتعلقة بالشرق الأوسط، والتوجهات الأمريكية الهادفة إلى عسكرة العالم، إضافة إلى بعض بنود التجارة العالمية، وقضايا حماية البيئة وحقوق الإنسان.
يقولون: انتهت الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية، ولكنها لم تنته في نظر البعض بسبب ظهور روسيا وكومنولث الدول المستقلة، وظهور منظمة شنغهاي للتعاون التي جمعت بين الصين وروسيا على طاولة موحدة الأجندة.
·       الإدراك الأمريكي لروسيا:
ينظر الأمريكيون إلى روسيا باعتبارها مصدراً للتهديد والخطر، وذلك لأسباب، أبرزها:
-         ماتزال خبرة العداء لأمريكا متجددة في الشارع الروسي، وتجد محفزاتها في الإرث السابق الذي خلفته الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي.
-         التماسك القومي الروسي أكثر خطراً من التكوين الاجتماعي السابق الذي كان في الاتحاد السوفييتي، خاصة في الاعتبارات المتعلقة بالعداء القومي الاجتماعي التاريخي بين القومية الروسية والغرب.
-         تتميز روسيا بالاكتفاء الذاتي وبوجود الوفرة الفائضة في كافة أنواع الموارد الطبيعية، وبالتالي يصعب التأثير عليها عن طريق العقوبات أو الحصار أو الحرب الاقتصادية والتجارية الباردة. وهو موقف يجعل روسيا أفضل من الولايات المتحدة التي تستورد كل احتياجاتها من الخارج.
-         ان روسيا قادرة على التغلغل في أوروبا الغربية عن طريق الوسائل الاقتصادية، وهو أمر سوف يترتب عليه احتمالات أن تخسر أمريكا حلفاءها الأوروبيين الذين ظلت تستند عليهم طوال فترة الـ60 عاماً الماضية.
-         ان المسافة بين روسيا وأمريكا هي بضعة كيلومترات عبر المضيق البحري الفاصل بين ولاية الاسكا وشرق روسيا.
-         تملك روسيا كماً هائلاً من أسلحة الدمار الشامل.
-         المعلومات الأمريكية الاستخبارية حول روسيا غير دقيقة بسبب قدرة الروس على التكتم والسرية.
·       الإدراك الروسي لأمريكا:
لم يتغير الإدراك الروسي لأمريكا عن ذلك الذي كان سائداً في أيام الاتحاد السوفييتي، وينظر الروس لأمريكا حالياً على أساس الاعتبارات الآتية:
-         سعي الولايات المتحدة إلى فرض الهيمنة على العالم.
-         سعي الولايات المتحدة لإضعاف روسيا عسكرياً واقتصادياً تمهيداً لإضعافها سياسياً ودولياً.
-         يريد الأمريكيون تحويل الاقتصاد الروسي إلى اقتصاد تابع للغرب.
-         يسعى الأمريكيون إلى السيطرة على المناطق المجاورة لروسيا تمهيداً لمحاصرة روسيا بسلسلة من القواعد.
-         يسعى الأمريكيون إلى الإضرار باستقرار روسيا عن طريق تشجيع الحركات والتيارات الانفصالية الناشطة في بعض مناطق الاتحاد الروسي، عن طريق تشجيع الأقليات على التمرد والعصيان مثل الشركس في جمهوريتي ابخازيا وشركسيا، وأيضاً لتشجيع قوميات الأنغوش في أنغوشيا، إضافة إلى تمردات داغستان، والشيشان، وأوسيتيا العليا والسفلى.
-         التحركات العسكرية الأمريكية الدولية والإقليمية تهدف إلى الاقتراب بأكثر ما يمكن باتجاه حدود روسيا، وكان آخرها محاولات أمريكا نشر الشبكات والمنصات الصاروخية والرادارات العملاقة على مقربة من حدود روسيا مع دول شرق أوروبيا السابقة، وأيضاً إلى نشر القواعد الأمريكية في دول آسيا الوسطى.
-         تسعى أمريكا إلى قطع الطريق أمام تعاون روسيا مع بقية دول العالم، وقد بذلت جهوداً كبيرة في عرقلة مشروع تمديد أنابيب النفط والغاز من الحقول الروسية إلى مناطق الاستهلاك في غرب أوروبا، وعلى وجه الخصوص فرنسا وألمانيا.
-         تسعى أمريكا لاستقطاب دول الكتلة الشرقية السابقة مثل بولندا، بلغاريا، المجر، تشيكوسلوفاكيا، وتحويلها إلى قواعد عسكرية متقدمة للقوات الأمريكية في مواجهة روسيا.
·       تضارب المصالح الروسية- الأمريكية:
يشكل الملف النفطي أبرز النقاط التي تتضارب وتتنافر فيها المصالح الروسية مع المصالح الأمريكية، ويعتبر المخزون الروسي من النفط والغاز هو الأكبر في العالم حالياً.. كذلك ماتزال روسيا المصدر الأول للنفط والغاز في العالم، ومن ثم فإن محاولات أمريكا الضغط على الدول المصدرة للنفط لكي تقوم بتخفيض الأسعار عن طريق رفع معدلات الإنتاج، هي محاولات تصطدم دائماً بالحاجز الحديدي الروسي.
كذلك تفرعت عن الملف النفطي جملة من الملفات الأخرى، من أبرزها الملف النووي الإيراني، وحالياً تمثل إيران إحدى مناطق تضارب المصالح الأمريكية- الروسية الأكبر في العالم:
-         يريد الأمريكيون ضرب إيران من  أجل إسقاط نظامها وإقامة نظام بديل يساعد في استقرار سيطرة أمريكا على العراق، وأيضاًَ من أجل الاستحواذ على مخزونات النفط الإيراني، إضافة إلى قطع الطريق على مشروع خط أنابيب نقل النفط الذي وقعت على اتفاقيته روسيا وايران، بحيث يتم تمديد الخط من روسيا إلى إيران، ثم إلى باكستان، فالهند.
-         تجاهد أمريكا من أ جل التأكيد على رهان تمديد أنابيب النفط من السعودية والخليج والعراق عبر الأردن إلى إسرائيل على النحو الذي يمكن الدول الغربية من الحصول على احتياجاتها النفطية مباشرة من ساحل إسرائيل المطل على البحر الأبيض المتوسط.
وعموماً، هناك الكثير من الملفات الخلافية التي لا تحصى ولا يمكن حصرها بين روسيا وأمريكا، وبرغم ذلك فهناك الكثير من المواقف المفاجئة (المريبة) التي ظلت تقوم القيادة الروسية الحالية باتخاذها، ومن أبرزها:
-         عدم إيفاء روسيا بالتزاماتها التعاقدية مع إيران إزاء البرنامج النووي الإيراني.
-         حالة الدفاع التراجعي التي تمارسها الدبلوماسية الروسية في مقاومة مشروعات القرارات الأمريكية فمندوب روسيا يبذل جهداً كبيراً في انتقاد ورفض المشروعات والاقتراحات الأمريكية، ولكنه عند لحظة التصويت إما أن يؤيد أو في أحسن الأحوال يمتنع عن التصويت.
وعموماً، تقول بعض التقارير بأن التراجع الروسي إزاء التقدم الأمريكي هو مخطط روسي يهدف إلى عدم الوقوف في طريق أمريكا طالما أنها تندفع بأقصى سرعة باتجاه التورط في النزاعات والمشاكل التي لن تجلب لها سوى الخسارة وكراهية الشعوب، وهو أمر سوف يؤدي إلى الإضرار بقوة أمريكا على المدى القريب وإضعافها تماماً على المدى البعيد، وفي الوقت نفسه تكسب روسيا الوقت وتقوم بالمضي قدماً في تطور التكنولوجيا والاقتصاد.
ويقول بعض آخر بأن هناك اتفاق وتوافق أمريكي- روسي من أجل إعادة القطبية الثنائية كأمر واقع طالما أن روسيا تتمتع حالياً بكل قدرات الاتحاد السوفييتي العسكرية السابقة، والمقصود في هذه الحالة هو عرقلة صعود الصين والتي يتخوف منها الروس قبل الأمريكيين.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...