تأثير العامل السوري على خارطة العلاقات التركية – الإسرائيلية

18-10-2009

تأثير العامل السوري على خارطة العلاقات التركية – الإسرائيلية

الجمل: أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو عن عدم رغبته إزاء قيام أنقرة بدور الوسيط في أي مفاوضات دبلوماسية مستقبلية إسرائيلية – سورية، وعلى أساس اعتبارات التفاعلات الإقليمية الجارية فإن موقف نتينياهو وإن كان يحمل أكثر من دلالة ومعنى وتفسير فإنه ينطوي بشكل واضح على أن أطراف حكومة ائتلاف الليكود- إسرائيل بيتنا ما زالت أكثر تمسكاً بمذهبية عدم السعي من أجل السلام وتحين الفرصة لإغلاق نوافذ السلام الممكنة.
* توصيف الوقائع الجارية:
جاء رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو ومعه وزير خارجيته ميغيل أنخيل موراتينوس إلى دمشق زائراً، ثم ذهب بعد ذلك إلى إسرائيل حيث التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي وخلال الحديث تطرق نتينياهو لموضوع الوساطة التركية في المحادثات السورية – الإسرائيلية غير المباشرة وأكد أنه يعارض استئناف تركيا لدورها كوسيط وأنه لا يعتقد أن تركيا ستكون قادرة على القيام بدور الوسيط النزيه بين إسرائيل وسوريا.
أكد كل من رئيس الوزراء الإسباني ووزير خارجيته لنتينياهو عن رأيهما القاطع بأن القيادة السورية جادة ومسؤولة بالقدر المطلوب لإنجاز السلام ورغم ذلك فقد أصر نتينياهو على رفض ذلك.

     
* خلفيات موقف نتينياهو:
تشير الوقائع الجارية إلى أن علاقات أنقرة – تل أبيب وصلت إلى مستوى غير مسبوق من التدهور ومن أبرز الدلائل الأخيرة نشير إلى الآتي:
• إلغاء تركيا لمناورات «صقر الأناضول» العسكرية الجوية تأكيداً لرفضها القاطع السماح لإسرائيل بالمشاركة.
• سعت تل أبيب إلى تفسير إلغاء أنقرة للمناورات على أنه بسبب تأخير في تسليم إسرائيل لتركيا طائرات اليواف (بدون طيار) المتفق عليها، ولكن سرعان ما جاء الرد التركي بأن سبب الرفض يعود لرفض تركيا للجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة خلال عملية "الرصاص المسكوب" وإلى رفض الرأي العام مشاركة إسرائيل في هذه المناورات.
• قدّم السفير الإسرائيلي في تركيا غابي ليفي أول من أمس الجمعة احتجاجاً شديد اللهجة لتركيا مطالباً بتدخل السلطات التركية لوقف حلقات من مسلسل درامي تركي يعرض مشاهد لجنود إسرائيليين يقتلون الفلسطينيين والتي اعتبرها الإسرائيليون مسيئة لهم. وقد رفضت السلطات التركية الطلب.
وعلى خلفية الموقف الإسرائيلي الأخير إزاء الوساطة التركية في المحادثات السورية – الإسرائيلية يمكن الإشارة إلى التفسيرات الآتية:
• التفسير الأول يقول أن تل أبيب سعت للانتقام من أنقرة رداً على المواقف التركية المتزايدة ضد إسرائيل.
• التفسير الثاني يقول أن نتينياهو ظل بالأساس رافضاً لإجراء المحادثات مع سوريا وقد استغل توتر علاقات أنقرة – تل أبيب كفرصة للتخلص من مسؤولية المحادثات مع سوريا.
ولتوضيح الحقيقة أكثر فأكثر نشير إلى الآتي:
• طالب وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك بضرورة تجاوز الخلافات مع أنقرة والعمل لتعزيز الروابط واستعادة الثقة المتبادلة على خط أنقرة – تل أبيب.
• طالبت زعيمة المعارضة الإسرائيلية (ووزيرة الخارجية السابقة) تسيبي ليفني بضرورة الحفاظ على الروابط التركية – الإسرائيلية وتجاوز الخلافات.
• أخبرت الإدارة الأمريكية بعض المسؤولين الأتراك والإسرائيليين بأن استمرار وتطوير العلاقات التركية – الإسرائيلية سيظل يمثل أمراً هاماً للمصالح الحيوية الأمريكية.
• صرح داني إيعالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي قائلاً أن العلاقات التركية – الإسرائيلية تمر بحالة صعبة ومن الممكن استعادة استقرار هذه العلاقات عن طريق الجهود الدبلوماسية الهادئة.
* سيناريو تدهور العلاقات التركية – الإسرائيلية: تأثير العامل السوري:
لعبت الدبلوماسية السورية خلال الفترة الماضية دوراً هاماً في تحفيز السياسة الخارجية التركية على المضي قدماً في تفعيل برنامج إدماج نفسها ضمن بيئتها الشرق أوسطية حيث ظلت هذه الفكرة مجرد فكرة نظرية مطروحة على أجندة حزب العدالة والتنمية، وقد ركزت توجهات الدبلوماسية السورية على مبدأين:
• طي خلافات الماضي وإرث التوترات السابقة مع تركيا.
• الانفتاح عل توجهات أنقرة الإيجابية.
بالفعل فقد أدى ذلك لتعزيز شعور أنقرة بمصداقية تفعيل توجهاتها إزاء مشروع الاندماج التركي، ومن الواضح أن خارطة العلاقات الإسرائيلية – التركية ستشهد الآتي:
• المزيد من الضغوط الأمريكية على أنقرة لتحسين علاقاتها مع إسرائيل.
• المزيد من الضغوط التركية على إسرائيل لاحترام حقوق شعوب المنطقة.
على ما يبدو، أن شكل صراع أنقرة – تل أبيب سيأخذ طابع من سيقوم بدور الدولة الرئيسية في الشرق الأوسط، هل هي تركيا أم إسرائيل، وعلى هذه الخلفية فإن تهرب تل أبيب عن جهود الوساطة التركية من أجل السلام مع سوريا هو تهرب وتخلي لن يجد قبول ورضا أنقرة وبالتالي فمن الممكن توقع المزيد من الضغوط التركية على إسرائيل وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقيات التعاون الاستراتيجية الإسرائيلية – التركية التي سبق أن وقعها الرئيس التركي السابق تورغوت أوزال حليف إسرائيل، وبالتالي لن يكون أمام تل أبيب سوى خيار التعاون مع أنقرة لمواصلة جهود السلام التركية أو مواجهة خسارة الاتفاقيات الاستراتيجية التركية – الإسرائيلية التي تتضمن من بين ما تتضمن تمديد خطوط أنابيب النفط والغاز والمياه العذبة من تركيا مروراً بالبحر المتوسط وصولاً لإسرائيل وهي المشاريع التي حلم بها الإسرائيليون طويلاً والتي على ما يبدو ستتبدد على يد أنقرة هذه المرة!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...