إعادةترتيب جدول الأعمال الأمني التركي وإعادة توصيف الأعداءوالأصدقاء

19-02-2009

إعادةترتيب جدول الأعمال الأمني التركي وإعادة توصيف الأعداءوالأصدقاء

الجمل: ارتبطت توجهات السياسة الداخلية والخارجية التركية بتلازم التوجهات على خط أنقرة – تل أبيب وتأسيساً على ذلك فقد ظلت استراتيجية الأمن التركي أكثر تطابقاً وانسجاماً مع استراتيجية الأمن القومي الأمريكي ولكن بسبب توتر علاقات خط أنقرة – واشنطن المتزايدة فقد بدا واضحاً أن هذه التوترات قد بدأت بالفعل تلقي تداعياتها على التوازنات الأمنية الداخلية والإقليمية والدولية التركية.
* هل من أبعاد جديدة في استراتيجية الأمن التركي؟
تقول المعلومات والتسريبات القادمة من أنقرة بأن الخبراء الأمنيين الأتراك أصبحوا أكثر إدراكاً لحقيقة أن هناك ضرورة قصوى لإعادة تشكيل طريقة تنظيم الهياكل المؤسسية والوظيفية الخاصة بالأمن الوطني التركي. تقول المعلومات والتسريبات بأن التطورات الجارية الجديدة في بيئة الأمن التركي أصبحت تجد محفزاتها في الآتي:
• تزايد المخاطر بسبب تزايد رغبة محور تل أبيب – واشنطن في استهداف حكومة حزب العدالة والتنمية ولكن لما كان هذا الحزب يتمتع بالتأييد والسند الشعبي فإن دائرة الاستهداف على الأغلب أن تتسع بحيث تشمل ليس الحزب وزعماؤه وحسب وإنما كامل النظام السياسي التركي.
• تزايد مخاطر التوترات الداخلية بين القوى الإسلامية التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية الحاكم، والقوى العلمانية التي يتزعمها حزب الشعب الجمهوري.
• تزايد مخاطر احتمالات لجوء القوى السياسية التركية المعارضة إلى الأساليب غير الدستورية، وتحديداً العمل من أجل الانقضاض على السلطة من خارج دائرة الشرعية السياسية والدستورية.
• تزايد مخاطر أن يشهد حزب العدالة والتنمية الإسلامي نفسه انقلاباً داخلياً، لأن الكثير من الجماعات والعناصر الأصولية الإسلامية التركية قد سعت إلى محاولة الاندماج والتماهي ضمن حزب العدالة والتنمية واستخدامه كغطاء سياسي بما يتيح لها إمكانية الانقلاب داخل الحزب على قيادته الحالية التي تتميز بالاعتدال.
• تزايد مخاطر تداعيات الأوضاع الإقليمية على الأمن التركي وعلى وجه الخصوص ملف إقليم كردستان – القوقاز – آسيا الوسطى – البلقان – الشرق الأوسط.
* إعادة ترتيب أولويات جدول الأعمال الأمني التركي:
أشارت بعض التحليلات الأمنية التركية إلى أن توجهات السياسة الداخلية والتركية خلال فترة ما قبل صعود حزب العدالة والتنمية كانت توجهات الأمن التركي الداخلي والخارجي تتبنى مذهبية تنسجم مع تلك التوجهات السياسية الداخلية والخارجية ولكن حالياً فإن التغييرات التي أحدثها حزب العدالة والتنمية تتماشى مع مذهبية توجهات الأمن الداخلي والخارجي التركي وعلى سبيل المثال لا الحصر:
• تعريف خصوم تركيا الداخليين والخارجيين يجب أن يتغير أو بالأحرى أن يتم تعديله.
• تحديد قواعد الاشتباك وتحديد التعامل مع المهددات الأمنية والخارجية يجب أن يتغير طالما أن هذه المهددات قد تغيرت.
هذا، وتقول التحليلات بأن متابعة الخبراء الأمنيين الأتراك لطبيعة التطورات السياسية الداخلية والخارجية أشارت إلى الآتي:
• التطورات الجارية في عمليات حزب العمال الكردستاني أكدت بما لا يدعو إلى الشك أن الحزب يقوم بشن عملياته العسكرية ضمن إطارين نوعيين، الأول يتمثل في اعتماده لمذهبية الانفصال الكردي والثاني في اعتماده مذهبية شن حرب الوكالة ضد تركيا لصالح خصوم تركيا الدوليين وتحديداً محور واشنطن – تل أبيب.
• التطورات الجارية في الأزمات السياسية الداخلية أشارت إلى أربعة نقاط رئيسية، الأولى تمثلت في محاولة الإطاحة بالحكومة عن طريق عرقلة انتخاب عبد الله غول لمنصب الرئيس بما أدى إلى جولة الانتخابات المبكرة وقد تبين أن انتخاب غول كان ممكناً لكن تدخل بعض الأطراف الخارجية كان السبب وراء تشدد المعارضة داخل البرلمان، والثاني يتمثل في محاولة تحريض المؤسسة العسكرية التركية تحت مزاعم ومبررات أن حكومة حزب العدالة والتنمية قد تباطأت في إصدار الموافقة النهائية على العملية العسكرية ضد شمال العراق، والثالث تمثل في محاولة استخدام الممر الدستوري لحظر حزب العدالة والتنمية وحل حكومته وقد تبين أن بعض الأطراف الداخلية والخارجية كانت تقف وراء إجراءات المدعي العام التركي، أما الرابع فيتمثل في المواجهة الدائرة حالياً بين حزب الشعب الجمهوري التركي وحزب العدالة والتنمية حول مشروع تعديل الدستور التركي.
• تطورات الصراع الدبلوماسي حول مشروعات النفط والغاز في مناطق بحر قزوين وآسيا الوسطى وتحديداً مكانة تركيا في خارطة الاستراتيجية النفطية الأمريكية وخارطة الاستراتيجية الروسية.
على خلفية هذه الحقائق فإن جدول الأعمال الأمني التركي يجب أن يشهد تغييراً في بنوده الداخلية وبنوده الخارجية وبكلمات أخرى يرى بعض الخبراء الأمنيين ضرورة:
• الربط بين مواقف محور تل أبيب – واشنطن واحتمالات تدهور الأوضاع الأمنية الداخلية طالما أن عداء محور تل أبيب – واشنطن يندرج ضمن المهددات الخارجية التي تلعب دوراً في تهديد الاستقرار الداخلي.
• الربط بين مخاطر ملف التمرد الكردي ومخاطر تزايد عمليات العنف السياسي الداخلي.
• الربط بين مستقبل الأوضاع في آسيا الوسطى ومستقبل استقرار العلاقات التركية – الروسية، وذلك لأن تعزيز روابط موسكو مع دول آسيا الوسطى سيؤدي إلى القضاء على نفوذ أمريكا على نفط آسيا الوسطى وبالتالي فإن تعزيز علاقات خط موسكو – أنقرة لن يترتب عليه أي مخاطر إضافية على خط واشنطن – أنقرة.
• الانتباه إلى تزايد ظاهرة العداء لأمريكا وإسرائيل في أوساط الرأي العام التركي لجهة احتمالات أن تسعى بعض الجماعات إلى استهداف المصالح الأمريكية الموجودة في تركيا.
• الاهتمام بالحفاظ على إقامة علاقات خارجية متوازنة مع القوى الكبرى والعظمى، حتى لا تكون تركيا هدفاً لأحد هذه القوى، بما يدفعها إلى التبعية لهم وتشير معطيات الخبرة أن النفوذ الأمريكي السابق في تركيا كان بسبب مخاوف تركيات من النفوذ السوفيتي، وبالتالي فإن العلاقات المتوازنة مع كل الأطراف ستردع عقدة الخوف التركي.
عموماً، من الواضح أن المذهبية التركية الأمنية الجديدة سوف لن تكون مثل سابقتها لجهة التركيز على التعاون مع محور تل أبيب – واشنطن لسببين:
• إن محور تل أبيب – واشنطن بدأ يدرك التحولات السياسية التركية الجارية حالياً باعتبارها تحولات معادية وتندرج ضمن إطار مهددات المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
• إن أنقرة أصبحت تدرك طبيعة مواقف محور تل أبيب – واشنطن باعتبارها تتميز بالعدائية وتندرج ضمن مهددات النظام السياسي التركي.
تأسيساً على ذلك، نشير إلى أن المعركة الدبلوماسية الجارية حالياً بين واشنطن وموسكو التي تساندها إيران ستحدد بقدر كبير مصير وشكل خارطة التحالفات الإقليمية في الشرقين الأوسط والأدنى، وبكلمات أخرى، فقد استطاعت موسكو بمساعدة إيران والصين النجاح في دفع كيرغيزستان باتجاه إخراج النفوذ الأمريكي وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية في أراضيها والآن بقيت تركمانستان التي إذا نجحت موسكو المدعومة إيرانياً في دفعها باتجاه عدم السماح بالسيطرة الأمريكية على مشروعات النفط والغاز فإن أمريكا تكون قد خرجت نهائياً من آسيا الوسطى وستجد تركيا نفسها أكثر استقلالية في اتخاذ وصنع القرار والمضي قدماً في مشروع التحالف الإقليمي المرتقب الذي سيجمع طهران وأنقرة وموسكو وربما بغداد إذا خرجت القوات الأمريكية..


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...