أمريكا النازية: جرائم الحرب المرتكبة "باسم 9/11" (ج 2)

27-11-2012

أمريكا النازية: جرائم الحرب المرتكبة "باسم 9/11" (ج 2)

الجمل- بروفسور ميشيل تشوسودوفسكي- ترجمة: مالك سلمان:
 
المؤتمر الدولي حول "9/11 مرة أخرى – البحث عن الحقيقة"
"مؤسسة بردانا للسلام العالمي"
كوالالمبور, تشرين الثاني 2012

 



 



تقرير فرانك تيلر الغامض
جاء القرار الأخير بتفعيل المادة 5 بخصوص هجمات 9/11 بعد ذلك بثلاثة أسابيع بعد أن تلقت "هيئة" الناتو تقريراً غامضاً سرياً من مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية يُدعى فرانك تيلر. تم تسليم التقرير إلى الناتو في 2 تشرين الأول/أكتوبر, قبل 5 أيام من الشروع في قصف وغزو أفغانستان.
كان فرانك تيلر يعمل في وزارة الخارجية الأمريكية. وقد تم ائتمانه على كتابة تقرير ملخص لإثبات إن كانت الولايات المتحدة "قد تعرضت لهجوم من الخارج", بعد قرار "هيئة شمال الأطلسي" في 12 أيلول/سبتمبر 2001.
قام سفير الولايات المتحدة, المفوض على نطاق واسع ومنسق "مكافحة الإرهاب", فرانك تيلر بتقديم تقريره إلى "هيئة شمال الأطلسي" في 2 تشرين الأول/أكتوبر, قبل بدء القصف بخمسة أيام.
في 2 تشرين الأول/أكتوبر سلم تقريرَه للناتو "حول نتائج التحقيقات في هجمات 11 أيلول/سبتمبر ..."
لم يتم تسريب التقرير السري إلى وسائل الإعلام. وإلى هذا اليوم, حسب معرفتنا, لا يزال هذا التقرير سرياً.
وقد لخص الأمين العام لحلف الناتو, الجنرال لورد روبرتسون, محتوى تقرير فرانك تيلر بشكل عَرَضي وسريع في تصريح للصحافة:
"هذا الصباح, قدمت الولايات المتحدة تقريراً إلى ‘هيئة شمال الأطلسي’ حول نتئج التحقيقات المتعلقة بالمسؤولين عن الهجمات الإرهابية المرعبة التي وقعت في 11 أيلول/سبتمبر.
تم تقديم التقرير من قبل السفير فرانك تيلر, منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية.
يلي التقريرُ الذي تم تسليمه هذا الصباح التقاريرَ التي قدمها نائب وزير الخارجية الأمريكية ريتشارد آرميتاج و نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفويتز, ويشير إلى التزام الولايات المتحدة بالتعاون الوثيق مع ‘الحلفاء’.
كان تقرير اليوم سرياً, لذلك لا أستطيع أن أزودكم بأية تفاصيل.
تقدم الولايات المتحدة أيضاً مذكرات مباشرة لدول ‘الحلفاء’ في عواصمها.
تحدث التقرير عن أحداث 11 أيلول/سبتمبر نفسها, والنتائج التي توصل إليها التحقيق حتى هذه المرحلة, والمعلومات المتوفرة عن أسامة بن لادن ومنظمة ‘القاعدة’ وتورطهما في الهجمات وفي عدة أنشطة إرهابية مختلفة, والعلاقات بين ‘القاعدة’ و نظام ‘طالبان’ في أفغانستان.
الحقائق واضحة وقوية. المعلومات المقدمة تشير بشكل قاطع إلى دور ‘القاعدة’ في هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
نعرف أن الأشخاص الذين نفذوا هذه الهجمات جزء من الشبكة الإرهابية العالمية لتنظيم ‘القاعدة’, الذي يرأسه أسامة بن لادن ومساعدوه الرئيسون والذي تحميه "طالبان’.
استناداً إلى هذا التقرير, تم إثبات أن الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 أيلول/سبتمبر موجهة من الخارج ولذلك سيتم اعتبارها بمثابة عمل تغطيه المادة 5 من ‘معاهدة واشنطن’, والتي تنص على أن أي هجوم مسلح على واحد أو أكثر من ‘الحلفاء’ في أوروبا أو شمال أمريكا سيتم التعامل معه على أنه هجوم على ‘الحلفاء’ كافة.
أكرر وأقول إن بمقدور الولايات المتحدة الاعتماد على الدعم الكامل ل ‘حلفاء الناتو’ ال 18 في الحملة على الإرهاب."
بكلمات أخرى, قبل يومين من الشروع الفعلي في حملة القصف في 7 تشرين الأول/أكتوبر, قررت "هيئة شمال الأطلسي", اعتماداً على المعلومات المقدمة من فرانك تيلر إلى "الهيئة",  أن "الهجمات كانت موجهة من الخارج" من قبل ‘القاعدة’, التي يرأسها أسامة بن لادن, وبالتالي فإنها تستدعي رداً من قبل الناتو تحت المادة 5 من "معاهدة واشنطن".
تم رسم خطة عمل الناتو تحت المادة 5 في قرار 4 تشرين الأول/أكتوبر, قبل ثلاثة أيام من بدء القصف.
بعد يومين, في 4 تشرين الأول/أكتوبر, اتفق أعضاء الناتو على 8 إجراءات لدعم الولايات المتحدة شكلت إعلاناً غير قانوني للحرب على أفغانستان:
- تعزيز تبادل المعلومات والتعاون, بشكل ثنائي وفي هيئات الناتو المناسبة, فيما يتعلق بالتهديدات الإرهابية والأعمال التي يجب القيام بها رداً على ذلك؛
- تقديم المساعدة [العسكرية] ل "الحلفاء, بشكل فردي أو جماعي, بما هو مناسب وتبعاً للإمكانيات المتوفرة, والدول الأخرى التي تتعرض – أو يمكن أن تتعرض – إلى تهديدات إرهابية متزايدة نتيجة دعمها للحملة على الإرهاب؛
- اتخاذ الإجراءات المناسبة لتعزيز أمن منشآت الولايات المتحدة و "الحلفاء" الآخرين على أراضيهم؛
- دعم أصول "الحلفاء" الأخرى في المناطق الواقعة تحت مسؤولية الناتو والمسؤولة عن تقديم الدعم المباشر لعمليات مكافحة الإرهاب؛
- تأمين الغطاء الجوي لطيران الولايات المتحدة ودول "الحلفاء", تبعاً لترتيبات وإجراءات الحركة الجوية الضرورية, للطلعات الجوية العسكرية ضد الإرهاب؛ وتأمين الدخول للولايات المتحدة و "الحلفاء" الآخرين إلى المطارات والحقول الجوية في أراضي دول "الناتو" من أجل العمليات المضادة للإرهاب, بما في ذلك التزود بالوقود, تبعاً للإجراءات الوطنية؛
- أن "الحلف" جاهز لنشر قطع "القوات البحرية الدائمة في شرق المتوسط" لتأمين وجود الناتو والتعبير عن الجاهزية والتصميم؛ وأن "الحلف" جاهز أيضاً لنشر قطع "قوة الإنذار المبكر المحمولة جواً" والتابعة للناتو لدعم العمليات ضد الإرهاب.
كانت التقارير الصحفية عن مذكرة فرانك تيلر ل "هيئة الناتو" شحيحة وهزيلة. كما أن تفعيل المادة 5, قبل بدء عمليات القصف بخمسة أيام, لم يُذكر إلا بشكل عابر. كان هناك إجماع في وسائل الإعلام على أن: "جميع الطرق تقود إلى بن لادن", وكأن بن لادن كان دولة قومية قامت بالهجوم على أمريكا.
البارز في الموضوع هو هذه الأكاذيب والفبركات. وفوق ذلك, قبل 2 تشرين الأول/أكتوبر, لم يكن للناتو أي ذريعة للتدخل العسكري في أفغانستان تحت المادة 5 من "معاهدة واشنطن".
تم تقديم الذريعة بواسطة تقرير فرانك تيلر السري, والذي لم يتم الإعلان عن مضمونه.
لم يقدم القراران اللذان تم تبنيهما في "مجلس الأمن" في "الأمم المتحدة" خلال شهر أيلول/سبتمبر 2001 أية ذريعة كانت لتبرير غزو واحتلال غير قانونيين لدولة عضو في "الأمم المتحدة" يبلغ عدد سكانها 28 مليون إنسان.
دعا قرار "مجلس الأمن" 1373 (2001) إلى منع وإحباط الأعمال الإرهابية, بالإضافة إلى إحباط عمليات تمويل الإرهاب:
"(ح) ضمان تقديم أي شخص يشارك في التمويل أو التحضير أو التنفيذ لأعمال إرهابية, أو في تقديم المساندة للأعمال الإرهابية, إلى العدالة, وإضافة إلى أية إجراءات يتم اتخاذها ضد هذه الأعمال الإرهابية, ضمان تأسيس هذه الأعمال بصفتها أعمال إجرامية خطيرة في القوانين والأنظمة الداخلية بحيث تعكس العقوبة خطورة مثل هذه الأعمال الإرهابية؛
...
"3. دعوة جميع الدول ل:
"(أ) إيجاد الطرق لتكثيف وتسريع تبادل المعلومات العملياتية, وخاصة فيما يتعلق بأعمال وتحركات الأشخاص الإرهابيين أو الشبكات الإرهابية, ووثائق السفر المزورة أو المزيفة, والاتجار بالأسلحة أو المتفجرات أو المواد الحساسة, واستخدام تكنولوجيا الاتصالات من قبل المجموعات الإرهابية, والخطر الذي يشكله امتلاك أسلحة الدمار الشامل من قبل المجموعات الإرهابية؛
"(ب) تبادل المعلومات تبعاً للقانون الدولي والمحلي والتعاون في القضايا الإدارية والقضائية لمنع ارتكاب الأعمال الإرهابية؛
"(ت) التعاون, وخاصة من خلال الترتيبات والاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف, لمنع وإحباط الأعمال الإرهابية واتخاذ الإجراءات اللازمة للرد على مثل هذه الأعمال؛
...
"4. ملاحظة العلاقة الوثيقة المقلقة بين الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة العالمية, والمخدرات الممنوعة, وغسيل الأموال, وتهريب السلاح, وحركة المواد الكيماوية والبيولوجية والنووية القاتلة, والتأكيد في هذا الخصوص على الحاجة إلى تعزيز تنسيق الجهود على المستويات القومية والمحلية والإقليمية والدولية بهدف تعزيز رد فعل كوني على هذا التحدي الخطير وهذا التهديد للأمن الدولي؛
"5. الإعلان أن الأعمال والوسائل والممارسات الإرهابية تخالف أهداف ومبادىء الأمم المتحدة, وأن التمويل والتخطيط والتحريض على الأعمال الإرهابية مخالف أيضاً لأهداف ومبادىء الأمم المتحدة."
ليس هناك أي ذكر في هذا القرار للعمل العسكري ضد دولة عضو في الأمم المتحدة.
إن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد أفغانستان, باستخدام 9/11 كذريعة ومبرر, هي حرب إجرامية وغير قانونية.
إن رؤساء دول وحكومات الولايات المتحدة والناتو من 2001 حتى الوقت الحاضر متواطئون في شن حربٍ إجرامية وغير قانونية.

الكذبة الكبيرة: "القاعدة" صناعة أمريكية
هناك وثائق كثيرة نادراً ما تأتي وسائل الإعلام على ذكرها تشير إلى أن "سي آي إي" هي من صنعت القاعدة خلال الحرب السوفييتية-الأفغانية. كانت هذه الحقيقة معروفة وموثقة في العديد من المصادر بما في ذلك الوثائق الرسمية ل "الكونغرس" الأمريكي, والتي قررت وسائل الإعلام الرسمية المهيمنة رفضَها أو تجاهلها. وقد اعترفت الأجهزة الأمنية مرات عديدة بدعمها الفعلي لأسامة بن لادن, لكنه "انقلب ضدنا" بعد انتهاء "الحرب الباردة".
تبنى "تقرير لجنة 9/11" ووسائل الإعلام الغربية أسطورة "العدو الخارجي", مصورين القاعدة بصفتها المنظمة "المدبرة" لهجمات 9/11. لم يعمل السرد الرسمي لأحداث 9/11 فقط على تحريف الأسباب التي أدت إلى انهيار بنائي "مركز التجارة العالمية" بل قام أيضاً بإزالة السجل التاريخي للدعم الأمريكي السري للإرهاب الدولي, مع خلق الوهم بتعرض الولايات المتحدة و "الحضارة الغربية" للخطر.
لولا "العدو الخارجي" لما كانت هناك "حرب كونية على الإرهاب". كانت أجندة الأمن القومي برمتها ستتداعى "مثل رزمة من ورق اللعب". ولما كان لمجرمي الحرب في المناصب العليا أرجل يقفون عليها.
بعد 9/11, لم تساهم حملة التضليل الإعلامي في إخفاء الحقيقة فقط, بل أيضاً في تدمير معظم الدلائل التاريخية حول كيفية فبركة هذا "العدو الخارجي" القاعدة وتحويله إلى "العدو رقم واحد".
لهذا السبب تنشأ الحاجة الماسة إلى اتخاذ إجراءات بحق المنفذين الفعليين ل 9/11.

تاريخ "القاعدة"
إذا أردنا أن نفهم 9/11 يجب أن نعرف أن الاستخبارات الأمريكية هي المهندس السري ل "الإرهاب الإسلامي" في ذروة الحرب السوفييتية-الأفغانية.
كان بن لادن في الثانية والعشرين من العمر وتلقى التدريب في معسكر للتدريب على حرب العصابات تديره "سي آي إي". كان التعليم علمانياً بمعظمه في أفغانستان في السنوات التي سبقت الحرب السوفييتية-الأفغانية. لكن مع الكتب المدرسية الدينية المطبوعة في نبراسكا, ازداد عدد المدارس الدينية التي ترعاها "سي آي إي" من 2,500 في سنة 1980 إلى أكثر من 39,000.
"تم نشر الإعلانات, التي قامت ‘سي آي إي’ بتمويلها, في الصحف والنشرات الإخبارية حول العالم التي تشجع وتحرض على الالتحاق بالجهاد [الإسلامي]." (برويز هيدبوي, "أبحاث السلام", 1 أيار/مايو 2005)
"أنفقت الولايات المتحدة ملايين الدولارات لتزويد أطفال المدارس الأفغان بالكتب المدرسية المليئة بالصور العنيفة والتعاليم الإسلامية المتطرفة. ... وقد شكلت الكتب التمهيدية, المليئة بالحديث عن الجهاد ورسومات البنادق والرصاص والجنود والألغام, منذ ذلك الوقت المنهاجَ الأساسيَ للنظام المدرسي الأفغاني. وحتى ‘الطالبان’ أنفسهم اعتمدوا على هذه الكتب التي أنتجها الأمريكيون ... ." ("واشنطن بوست", 23 آذار/مارس 2002)
في مفارقة ملتوية, وخلال الفترة التي تلت 9/11, تستمر الاستخبارات الأمريكية – بالتعاون مع [جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية] "إم آي 6" و "الموساد" الإسرائيلي – بتقديم الدعم السري للمنظمة الإسلامية المتطرفة التي تتحمل المسؤولية المزعومة عن هجمات 9/11. تقوم الولايات المتحدة وحلف الناتو بتقديم الدعم المباشر للقاعدة والمجموعات المختلفة المرتبة بها, مثل "المجموعة المقاتلة الإسلامية الليبية" وبعض الفصائل داخل "الجيش السوري الحر".
وفي مفارقة مريرة, تزعم الولايات المتحدة وحلفاؤها أنهم يشنون "حرباً على الإرهاب" ضد المهندسين المزعومين لهجمات 9/11, بينما يقومون باستخدام عناصر القاعدة بمثابة جنود لهم على الأرض.


 
(الصف  (الصف الأول: الفريق حميد غول, المدير العام لإدارة الاستخبارات الداخلية الباكستانية, مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي". وليام وبستر, المدير المساعد ل "عمليات كلير جورج", عقيد في "إدارة الاستخبارات الداخلية  الباكستانية", و المسؤول الرفيع في "سي آي إي" ميلتون بيردن في معسكر تدريبي للمجاهدين في محافظة باكستانية حدودية في الشمال الغربي, 1987)الأول: الفريق حميد غول, المدير العام لإدارة الاستخبارات الداخلية الباكستانية,
مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي".
وليام وبستر, المدير المساعد ل "عمليات كلير جورج", عقيد في "إدارة الاستخبارات الداخلية
 الباكستانية", و المسؤول الرفيع في "سي آي إي" ميلتون بيردن في معسكر تدريبي
للمجاهدين في محافظة باكستانية حدودية في الشمال الغربي, 1987)

 

 

 

 

(رونالد ريغان يلتقي بقادة المجاهدين الأفغان في البيت الأبيض في سنة 1985 – أرشيف ريغان)

(رونالد ريغان يلتقي بقادة المجاهدين الأفغان في البيت الأبيض في سنة 1985 – أرشيف ريغان)

 

 

 

 

 

 

 

 

العراق: الدولة المزعومة الداعمة لهجمات 9/11
لم يكن تشكيل حرب انتقامية باسم 9/11 مقتصراً على أفغانستان.
فخلال سنة 2002, وصولاً إلى غزو العراق في آذار/مارس 2003, انتشرت بكثرة عبارات مثل "أسامة بن لادن" و "أسلحة الدمار الشامل" في السلاسل الإخبارية. بينما نَصَ موقف واشنطن الرسمي على أن صدام حسين لم يكن وراء هجمات 9/11, إلا أن التلميحات إلى ذلك غزت الخطابات الرئاسية ووسائل الإعلام الغربية. وتبعاً لبوش, في مؤتمر صحفي أقيم في تشرين الأول/أكتوبر 2002:
"التهديد يأتي من العراق. ينبع مباشرة من أفعال النظام العراقي نفسه – من تاريخه العدواني, وسعيه إلى الحصول على ترسانة من الرعب. ... كما يجب ألا ننسى الأحداث الأخيرة الحاضرة بشكل قوي. في 11 أيلول/سبتمبر 2001, شعرت أمريكا بضعفها – حتى تجاه التهديدات التي تتجمع في الطرف الآخر من الأرض. عقدنا العزم آنذاك, كما نحن عازمون اليوم, على مواجهة أي تهديد, من أي مصدر [العراق], يمكن أن يجلب الرعبَ المفاجىء والألمَ لأمريكا."
قبل غزو العراق بأقل من أسبوعين, أتى الرئيس بوش على ذكر 11 أيلول/سبتمبر 2001 بشكل متكرر وكثيف. وخلال الأسابيع التي انتهت بغزو آذار/مارس, كان 45% من الأمريكيين مؤمنين أن صدام حسين كان "متورطاً بشكل شخصي" في هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
في هذه الأثناء, كان قد ظهر عقل مدبر إرهابي جديد: أبو مصعب الزرقاوي.
في خطاب كولن باول التاريخي في "مجلس الأمن" في الأمم المتحدة, في شباط/فبراير 2003, تم تقديم "توثيق" مفصل لعلاقة شيطانية بين صدام حسين و أبي مصعب الزرقاوي, مع التركيز على قدرته على إنتاج أسلحة مميتة كيماوية وبيولوجية وإشعاعية, مع الدعم الكامل لنظام "البعث" العلماني. كان مضمون تأكيدات كولن باول, المفبركة برمتها, أن صدام حسين ومنظمة مرتبطة بالقاعدة يتعاونان في إنتاج أسلحة دمار شامل في شمال العراق وأن حكومة صدام حسين "دولة داعمة" للإرهاب.
  

استمرت حملة التضليل الإعلامي بُعيدَ غزو الولايات المتحدة للعراق في آذار/مارس 2003. وكانت مكونة من تصوير حركة المقاومة العراقية بصفتها مجموعة من "الإرهابيين". وقد ظهرت صورة "الإرهابيين المعادين للديمقراطية" الذين يحاربون "قوات حفظ السلام" الأمريكية على شاشات التلفزيون والصحف الجماهيرية في كافة أرجاء العالم.

 

إيران: أدينت من قبل محكمة في مدينة نيويورك بتهمة دعم القاعدة في هجمات 9/11
بُعيدَ غزو العراق, ظهرت الاتهامات المزعومة نفسها ب "رعاية الدولة" للإرهاب فيما يتعلق بإيران.
في كانون الأول/ديسمبر 2011, تمت إدانة جمهورية إيران الإسلامية من قبل محكمة في مانهاتن لدورها المزعوم في دعم القاعدة في هجمات 9/11.
تم إطلاق التحقيق في دور إيران المزعوم في سنة 2004, وذلك بعد توصية من "لجنة 9/11" "بخصوص رابط واضح بين إيران و "حزب الله" وخاطفي 9/11". وكانت توصية "اللجنة" أن هذا "الرابط الواضح" بحاجة إلى "تحقيق أدق من قبل حكومة الولايات المتحدة."
في "حكم المحكمة (هافليش ضد إيران)", "قرر قاضي المقاطعة جورج ب. دانيلز أن إيران وحزب الله قدما الدعم المادي والمباشر للقاعدة في هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 ويتحملان مسؤولية قانونية عن الضرر الذي لحق بالمئات من أفراد عائلات ضحايا 9/11 الذين يمثلون جانب الادعاء في هذه القضية."
وتبعاً لمحامي الادعاء "شكلت إيران وحزب الله والقاعدة حلفاً إرهابياً في بدايات التسعينيات من القرن العشرين. وبعد أن قدم المحامون شهادات خبرائهم الأمنيين والاستخباراتيين, وضحوا "كيف قام القادة الإرهابيون البراغماتيون بتجاوز الانقسام السني-الشيعي لمواجهة الولايات المتحدة ("الشيطان الأكبر") وإسرائيل ("الشيطان الأصغر")". كما زعموا أن إيران وحزب الله قد قدما "التدريب لأعضاء القاعدة في استخدام المتفجرات, من بين أشياء أخرى, لتدمير الأبنية الضخمة."
لم يكن هذا الإجراء القضائي أكثر من سلاح وسخ آخر في "الحرب على الإرهاب" المفبركة بغية استخدامه ضد بلد مسلم آخر, مع التخطيط لزعزعة استقرار إيران وتبرير التهديدات العسكرية القائمة. كما يقول هذا الإجراء أشياءَ عن أولئك الأشخاص الواقفين وراء الدعوى القضائية أكثر مما يقوله عن المتهمين. فالشهود الخبراء الذين شهدوا ضد إيران نشطون جداً في دوائر المحافظين الجدد الساعين إلى الحروب. فهم ينتمون إلى شبكة من مهندسي حروب الشرق الأوسط في القرن الواحد والعشرين, ابتداءً من مروجي الدعايات البارزين ووصولاً إلى ضباط الاستخبارات والجيش, بما في ذلك مسؤولين أمريكيين سابقين.
لكن ما يجعل هذه القضية عبثية أنه في أيلول/سبتمبر 2001, وقبل الحكم بعدة أشهر, تم اتهام الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد, الذي شكك في السرد الرسمي ل 9/11, من قبل قادة القاعدة ب "الترويج لنظريات مؤامرة حول هجمات 9/11". فقد أكدت الوسائل الإعلامية شبه الرسمية الناطقة باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على أن القاعدة "كانت وراء الهجمات وانتقدت الرئيس الإيراني للانتقاص من أهمية المجموعة الإرهابية."


القاعدة: جنود المشاة التابعون للولايات المتحدة والناتو
من المفارقة أنه بينما تتهم واشنطن أفغانستان والعراق وإيران بالتورط في هجمات 9/11, فإن الدلائل والسجلات التاريخية تشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى "رعاية الدولة" للقاعدة من قبل ال "سي آي إي" وال "إم آي 6" ونظرائهما الاستخباراتيين في باكستان وقطر والسعودية.
يجري قلب الحقائق رأساً على عقب. فقد تم تجنيد فرق الموت التابعة للقاعدة بهدف شن حروب أمريكا الإنسانية في كافة أرجاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ففي سورية, تم تجنيد وحدات القاعدة من قبل الناتو و "القيادة العليا" التركية: 
"كما تمت في بروكسل وأنقرة, حسب تقارير مصادرنا, مناقشة حملة تجنيد الآلاف من المتطوعين الإسلاميين في بلدان الشرق الأوسط والعالم الإسلامي للقتال إلى جانب المتمردين السوريين." 
(http://www.debka.com/article/21255/  Debkafile, August 31, 2011).
وفي ليبيا, تم إرسال الجهاديين من أفغانستان, والمدربين من قبل "سي آي إي", للقتال إلى جانب المتمردين "المؤيدين للديمقراطية" تحت لواء عبد الحكيم بلحاج, القائد "السابق" ل "المجموعة المقاتلة الإسلامية الليبية":
اعترف صناع السياسة الغربيون أن عمليات الناتو في ليبيا قد لعبت الدور الرئيس في تعزيز فصائل "القاعدة في المغرب الإسلامي". كما اعترف بروس ريدل, من "مؤسسة بروكينغز", في مقال له بعنوان "خطر القاعدة الجديد", أن تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" مسلح بشكل كبير الآن نتيجة تدخل الناتو في ليبيا, وأن قاعدة هذا التنظيم في مالي, في شمال أفريقيا, تؤدي دور نقطة انطلاق الأنشطة الإرهابية في كافة أرجاء المنطقة."

"جرائم ضد الحضارة"
شكلت أسطورة 9/11 الدعامة الأساسية للدعاية الحربية التي تشكل, بحد ذاتها, عملاً إجرامياً تبعاً للقانون الدولي.
يهيمن الخيال على الواقع. فمن أجل أن تكون الدعاية فعالة, يجب على الرأي العام أن يتبنى السردَ الرسمي ل 9/11 الذي ينطوي على مسؤولية القاعدة عن الهجمات. ويتطلب ذلك بنية عالية التنظيم من التضليل الإعلامي للوصول إلى هذا الهدف. كما تحتاج استمرارية "أسطورة 9/11" إلى مواجهة "حركة حقيقة 9/11" وتشويه صورتها.
خلال الفترة التي تلت 9/11, تم تقديم غطاء من الأحداث والظروف المتعلقة بالقاعدة إلى الرأي العام بشكل يومي. وقد تضمن ذلك التهديدات الإرهابية, والتحذيرات والهجمات, وتحقيقات الشرطة, والعصيان وإجراءات مواجهة العصيان, وتغيير الأنظمة على مستوى الدول, والنزاعات الاجتماعية, والعنف الطائفي, والعرقية, والانقسامات الدينية, والفكر الإسلاموي, والقيم الغربية, إلخ.
يتم تقديم المسلمين بصفتهم المسؤولين عن هجمات 9/11, ولذلك يتم إطلاق حملة شيطنة عالمية.
وبالمقابل, فإن الكلام البلاغي حول 9/11 والقاعدة و "الحرب على الإرهاب" يغزو الخطابَ السياسي على كافة المستويات الحكومية, بما في ذلك الحوار الحزبي [الديمقراطي-الجمهوري] في "كابيتول هيل", وفي لجان "البيت الأبيض" و"مجلس الشيوخ", وفي "مجلس العموم" البريطاني, و كيلا ننسى في "مجلس الأمن" في "الأمم المتحدة". كل هذه المؤسسات متواطئة في مشروع إجرامي.
إن لمفهومي 11 أيلول/سبتمبر والقاعدة, المكررين بشكل يبعث على الغثيان, تأثيرات خطرة على العقل الإنساني وقدرة الكائنات البشرية العادية على تحليل واستيعاب "العالم الخارجي الحقيقي" للحرب والسياسة والأزمة الاقتصادية.
الرهان هنا على الوعي الإنساني والفهم المبني على المفاهيم والحقائق.
فيما يتعلق ب 11 أيلول/سبتمبر, ليست هناك أية "حقائق" أو "مفاهيم" قابلة للإثبات, لأن 9/11 والقاعدة أصبحا أسطورة إعلامية, بنية إيديولوجية مبتكرة, يتم استخدامها كأداة فجة في الدعاية الحربية. [قارن ذلك مع أسطورة "الهولوكوست" اليهودي]
تشكل القاعدة تجريداً متسقاً ومزيفاً وفولكلورياً للإرهاب يتخللُ الوعيَ الداخلي للملايين من الناس في كافة أنحاء العالم.
أصبحت الإشارة إلى القاعدة بمثابة العقيدة, أو الإيمان الذي يعتنقه الناس بشكل غير مشروط. وتبعاً لوسائل الإعلام, "كان المسلمون وراء الهجمات", مبررة بذلك حرباً انتقامية ضد البلدان الإسلامية.
تشكل العرقية ورهاب الإسلام ("إسلاموفوبيا") جزأ لا يتجزأ من الدعاية الحربية.
هل هو تلقين سياسي؟ هل هو غسيل دماغ؟ وإذا كان الأمر كذلك, فما هو الهدف الكامن وراءه؟
إن قدرة الناس على تحليل الأحداث العالمية بشكل مستقل, وكذلك قدرتهم على تناول العلاقات العَرَضية المتعلقة بالسياسة والمجتمع, محدودة بشكل كبير. هذا هو الهدف!
إن الاستخدامَ الروتيني ل 9/11 والقاعدة بهدف توليد تفسيرات تمويهية لأحداث سياسية معقدة يهدف إلى خلق الإرباك والفوضى.
فذلك يمنع الناسَ من التفكير. كما يضرب على الوتر الحساس للقيم الإنسانية. وبمعنى من المعاني, يدمر الحضارة.
يتم شرح كل هذه الأحداث المتعلقة بالقاعدة من قبل السياسيين, ووسائل الإعلام الرسمية المهيمنة, و هوليوود, ومؤسسات الدراسات الأمريكية تحت غطاء وحيد عنوانه "الأشرار", حيث تتم الإشارة العَرَضية والمتكررة إلى القاعدة بصفتها "السبب" وراء العديد من الأحداث الإرهابية حول العالم.
تتمتع الجُرمية الكامنة وراء دعاية 9/11 بطبيعة أكثر اتساعاً, إذ تؤثر على البنى العقلية للبشر, حيث تعمل على إعادة تعريف العلاقات المؤسساتية والسياسية والاجتماعية الأساسية.
لقد تم ارتكاب "جرائمَ ضد الحضارة".
تدفع أسطورة 9/11 العالمَ نحو البربرية.

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...