أيها الأميركيون كفوا عن وعظ العراقيين

31-08-2010

أيها الأميركيون كفوا عن وعظ العراقيين

من السهل أن نشكك بطبيعة التغيرات التي تحصل في العراق اليوم. تغيير اسم المهمة، ووصف القوات الباقية بأنها غير قتالية، خطوات يمكن اعتبارها زائفة. الاحتفال بهذا التحول على أنه «وفاء بالوعد»، بالرغم من أن الحكومة العراقية تمر بأزمة، يشبه الحنين إلى ماض مليء بوعود وتوقعات لم تتحقق.
لكن هناك أمرا ما يتم العمل عليه حاليا ستكون له نتائج مهمة، ليس فقط لبغداد بل لواشنطن أيضا، لأنه لم يتم «ربح» أو «خسارة» العراق بعد. سيكون للسنوات القليلة المقبلة دور مهم في تحديد النتائج الإستراتيجية للغزو في العام 2003 والمعارك التي وقعت حتى اليوم. وستكون الأسئلة المحورية، من وجهة النظر الأميركية على الأقل: هل سيكون للولايات المتحدة في العراق حكومة صديقة أو على الأقل معتدلة في توجهاتها نحونا؟ هل أدت هذه الجهود ليس فقط لتحقيق الاستقرار بل إلى خلق لاعب في المنطقة يكون شريكا بناء، أو محايدا، أو سيقف عائقا أمام السلام في المنطقة؟
ربما يمكننا قياس النجاح في المستقبل انطلاقا من إبقاء قوات عسكرية في العراق، أو وفقا لطبيعة العلاقات بين العراق ودول الجوار، والتي تؤدي دورا حيويا في المنطقة. ولكن مهما كانت الموازين، فإن النتائج ستتحقق عن طريق الوسائل الدبلوماسية أكثر من العسكرية، وأكثر عن طريق وزارة الخارجية الأميركية بدلا من البنتاغون.
إن التوصل إلى «السلام» في العراق مهمة كبيرة أمام وزارة الخارجية، وهي مهمة محفوفة بالمخاطر، ليس أقلها أنها تحتاج إلى القدرة على تحقيق الاستقرار بعد انتهاء الحرب، وهو أمر لا تتوافر المصادر المطلوبة لتحقيقه.
ومع تركيز وزارة الخارجية على أفغانستان وباكستان بالإضافة إلى إيران وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، فإنها تبدأ مرحلة جديدة من تورط واشنطن في المنطقة، حيث يؤدي فيها الدبلوماسيون والمتخصصون في التنمية دورا أهم من الجنود، للمرة الأولى منذ عقد مضى. ويمثل هذا الأمر عودة قوية لوزارة الخارجية لأداء دورها، وهو أمر كان من الصعب تخيله على أيام الرئيس السابق جورج بوش وسلفه بيل كلينتون.
وسيتطلب الدور الواسع لوزارة الخارجية نمط تفكير جديد، وبذل جهد من أجل حصول أميركا على أفضل واسطع رد على خدماتها الخارجية، وابتكار أفكار جديدة حول كيفية التوصل إلى إيجاد توازن بين القوى في بيئة معقدة، وموارد وتجهيزات جديدة مخصصة للمهمات الطارئة لحفظ الاستقرار، بالإضافة إلى إيجاد نوع من التعاون مع الوكالات المدنية الأخرى. وتدرس القيادات في البيت الأبيض ووزارة الخارجية هذه المهام الجديدة حاليا، غير أن المشكلة تبقى حول سرعة تحركهم واستعداد الكونغرس لتبني هذه التغييرات وتنفيذها.
بالتأكيد، يبقى مفتاح نجاح المهمة الجديدة في العراق هو في معرفة ما يمكننا السيطرة عليه وما لا يمكننا، والفرق بين الاثنين. كل هذا يعتمد بنسبة كبيرة على إرادة الشعب العراقي، وهي النقطة التي كان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن يحاول إيضاحها مؤخرا، باستعماله لمرات عديدة كلمة «هم» حول ضرورة أن يتحمل العراقيون مسؤوليتهم لاستعادة سيادتهم في المستقبل.
هذا الكلام مخيف. لأنه وبالرغم من أن إدارة أخرى قررت الغزو، فان الولايات المتحدة هي التي انتهكت سيادة العراق. أن نعظ العراقيين كيف يجب عليهم استعادة سيادتهم...منا... هو نوع من الدبلوماسية غير الصادقة التي يجب علينا تعلم تجنبها إذا أرادت الولايات المتحدة الفوز بقلوب العراقيين وعقولهم.

المصدر: السفير نقلاً عن «فورين بوليسي» بتصرف

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...