مهرجان الشام المسرحي يتآخى مع احتفالية دمشق

17-03-2008

مهرجان الشام المسرحي يتآخى مع احتفالية دمشق

بالتناغم مع احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية افتتح مساء يوم الخميس الماضي على خشبة مسرح الحمراء بدمشق مهرجان الشام المسرحي (الدورة الثالثة) (كان اسمه في دورتيه السابقتين)(مهرجان الهواة المسرحي) والذي تقيمه سنوياً شركة العين الثالثة للإنتاج الفني بالتعاون مع منظمة الشبيبة ومجموعة ماس الاقتصادية ومديرية المسارح والموسيقا..

على خلفية لوحة مضاءة تعرض علينا أحياء وحارات دمشق ألقى الفنانون (يوسف المقبل ورغدا شعراني ومروان أبو شاهين) قصائد شعرية مهداة إلى دمشق تم اختيارها من أشعار الشاعرين الكبيرين محمود درويش ونزار قباني، كانت قصائد كلا الشاعريين تتلاقى مع المشاهد الفوتوغرافية لدمشق لتعطي الإيحاء بنبض الأحياء الموغلة في القدم والحضارة والمدينة الأقدم التي منها انطلقت المدينة وعليها يعول الحاضر، ألقى الثلاثة الشعر بحسٍ عالٍ كان أقرب إلى تجسيد الشعر منه إلى إلقاءه ضمن مستويات درامية للصوت تفرضها مقاطع الشعر ومشاهد الصور، لذلك كنا أمام مدينة مشتهاة أكثر منها مدينة واقعية شبيهة بإحساسنا بها في آخر الليل ونحن على شرفة قاسيون! 
 في الفقرة الثانية من الحفل قدمت لوحة مسرحية بعنوان (عريس الشام) شخّصها كل من الفنانين: جمال العلي، أسامة جنيد، طالب عزيزي، وهاشم علي، وفرقة سيف الحرمين للعراضة الشامية... ‏

تسرد اللوحة قصة (أبو خليل القباني) رائد المسرح السوري وبداياته التأسيسية لفن المسرح وحرق مسرحه بتحريض من الأصوليين والمشايخ وبتنفيذ من الاحتلال العثماني ومن ثم هجرته إلى مصر.. ‏

معدو الفقرة اتخذوا من أسلوب الحكواتي وجمهور السميّعة وتعليقاتهم ومقاطعاتهم للحكواتي شكلا لحكاية القباني مع تنويع للسرد (فصحي ـ مصري ـ بدوي ـ شامي..) مع ضخ جرعة كبيرة من الكوميديا في اللوحة أداها ببراعة جمال العلي وزملاؤه .. وجمال العلي أحد نجوم المسرح السوري الذي نادرا ما يغيب عن عروضه وهذا الممثل يمتلك حسا عفويا وإمكانات جسدية تعبيرية هامة جداً لكن تركيبته الريفية العفوية والشعبية ظلمته كثيراً وأبعدته عن فن العلاقات العامة ليبقى في الظل رغم تميزه كممثل كبير حقاً . ‏

رغم ذلك حافظت الفقرة على تقليديتها بشكل عام ففرقة العراضة مع الحكواتي شاهدناها ربما آلاف المرات بالشكل نفسه ونفس المدائح النبوية وهذا الشكل نفسه نراه في الأعراس واستقبال الحجاج وحفلات الطهور وافتتاح كثير من المهرجانات.. ‏

تميز حفل افتتاح المهرجان بالتنظيم الدقيق والحضور الكثيف للفعاليات الفنية والأهلية والفنانين والمكرمين والجمهور الكبير من الشباب وهذا أمر يبشر بالخير، ففي بعض العر وض المسرحية الأخيرة بدأنا نرى جمهورا مختلفا عنا نحن جمهور المهتمين ذوي الوجوه المألوفة.. ‏

وهذا الإتقان بتنظيم هذه التظاهرة المسرحية المميزة وراءه التضافر الجدي بين الجهات الحكومية والأهلية(شركة العين وماس من جهة والشبيبة ومديرية المسارح من جهة أخرى) وهذا الأمر الهام كفيل إن تكرس بتجاوز العقبات المالية التي تواجه نشوء حركة مسرحية مستمرة تفرز باستمرارها عروضا ذات مستوى فني وفكري عاليين.. ‏

الكلمات التي ضمها (كراس) المهرجان تؤكد على دعم المسرح ففراس طلاس مدير عام مجموعة ماس يقول: (... نعد أن نفسح المكان لأي قادم يضيء الخشبة ولكن بيدي لن أطفئ الخشبة...) في حين يؤكد عدنان عربش رئيس منظمة الشبيبة على أن (المسرح جزء من الحال الثقافية والحضارية فهو فعل إنساني تنبثق إنسانيته من وطنيته وتنمو وتزدهر بالفعل والممارسة ....... وإن النهوض المسرحي في سورية الحديثة جزء متمم للنهوض الوطني الحضاري الشامل....) هذا الكلام يحمل المنظمة مسؤولية ثقافية وتربوية كبيرة تتجاوز الحالة الكرنفالية لنشاطاتها.. ‏

كثيراً ما كرم الممثلون والمخرجون في سور ية (مسرحيين وتلفزيويين وسينمائيين) لكن ما يلفت أحيانا في حفلات التكريم الكثيرة هو تكريم الفنيين وجماعة الكواليس الذين يفنون أعمارهم بصمت خلف (الديمر والمكسر وعلى سلالم المسارح..ومنهم بالتأكيد أهم فنيين في مديرية المسارح مصمم الإضاءة نصر الله سفر ومهندس الصوت فؤاد عضيمي واللذين أفنوا ثلاثة أرباع عمريهما وهما في كواليس مسارح الحمراء أوالقباني والعمال ومدرج بصرى ومهرجان المحبة .. فنصر بدأ في المسارح عام 1976 وفؤاد1975 وبالتالي أصبحا بحق من أعمدة مديرية المسارح فاستحقا التكريم فعلا... ‏

تشكلت لجنة التحكيم من (د.عجاج سليم مدير المسارح والموسيقا ـ الفنان بسام كوسا ـ د. نبيل الحفار ـ د. نزهة الياس ـ فنان الديكور والمخضرم وصاحب ديكور أكثر من مئة وعشرين عرضاً مسرحياً نعمان جود ‏

يقول الفنان نضال صواف مدير شركة العين الثالثة: (الحب.. وحده فقط وراء هذا المهرجان دوما) كلام صواف يعبر تماماً عن أسرة المهرجان الذين يصرون على إسناد المسرح ودعمه ليبقى واقفا كفن حضاري يزيد من متانة المجتمع ويقوي جذوره في الأرض .. ‏

تضافر على صنع هذا الحب المسرحي (زيناتي قدسية مدير المهرجان، ويوسف المقبل ومحمود خليلي، وقصي قدسية وبسام حميدي مصمم الإضاءة المجتهد والزميلة أمينة عباس، إضافة لمجموعة العلاقات العامة ومجموعة التنظيم.. ‏

بعد انتهاء حفل الافتتاح قدم الفنانان قصي قدسية ونضال صواف وخلدون قاروط عرضاً بعنوان العقرب مأخوذ عن نجيب محفوظ أعده وأخرجه وصمم السينوغرافيا الفنان زيناتي قدسية وصمم له الإضاءة الفنان بسام حميدي... ‏

أحمد الخليل

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...