ما هي أجندة هيئة الأركان التركية الجديدة تجاه التمرد الكردي

21-04-2009

ما هي أجندة هيئة الأركان التركية الجديدة تجاه التمرد الكردي

الجمل: ألقى رئيس الأركان التركي الجنرال إيليكر باشبوق قبل بضعة أيام خطاباً في أكاديمية القيادة الحربية في اسطنبول تطرق فيه إلى القضايا الرئيسية الماثلة أمام المؤسسة العسكرية التركية: العلاقات المدنية – العسكرية، الهوية الوطنية، دور الدين، الحرب ضد الإرهاب. هذا، ويكتسب هذا الخطاب أهميته بسبب حساسية المؤسسة العسكرية التركية إزاء خصوصية بنود الدستور التركي لصياغة معادلة توازن القوى المدني – العسكري على أساس اعتبارات التزام الجيش التركي باعتماد علمانية الدولة والدفاع عنها.
* أجندة هيئة الأركان التركية الجديدة:
برغم أهمية المحاور والقضايا التي تطرق إليها خطاب الجنرال باشبوق فقد كان الأكثر لفتاً للانتباه ما ورد في حديثه إزاء ملف الأزمة الكردية والذي تضمن النقاط الآتية:
• إن الزعيم أتاتورك قال أن تركيا تم تأسيسها بواسطة شعوب تركيا التي تمثل الأمة التركية ولم يقل أن تركيا تم تأسيسها بواسطة الأتراك.
• الإرهابيون الذين يشنون الاعتداءات ويمارسون الإرهاب هم أشخاص لا يمكن إلقاء صفة الإنسانية عليهم وبالتالي فإن مهمة الدولة التركية أن تنظر في الأساليب الجديدة التي تعيد مسلحي حزب العمال الكردستاني إلى عائلاتهم عن طريق تغيير التشريعات القائمة بما يفسح المجال أمام عودتهم.
على خلفية تصريحات رئيس الأركان التي أوردها خطابه برزت المزيد من التسريبات التي أكدت أن موقف المؤسسة العسكرية التركية إزاء ملف الأزمة الكردية وملف توجهات حزب العدالة والتنمية قد بدأ يتغير لجهة تحويل علاقات الصراع المدني – العسكري إلى علاقات تعاون مدني – عسكري وستشهد الفترة المقبلة المزيد من التعديلات والتغييرات والخطوات الجديدة.
* ماذا يحمل جدول أعمال الأمن العسكري التركي؟
تقول المعلومات بأن منظور هيئة الأركان التركية إزاء الأمن العسكري التركي تغير باتجاه تجاوز التوجهات التقليدية المتشددة إزاء التعامل مع مصادر الخطر والتهديد إلى توجهات أكثر براجماتية وذرائعية بما يشير إلى أن منظور المؤسسة العسكرية التركية تحول باتجاه أجندة الأمن العسكري الوقائي بدلاً عن أجندة الأمن العسكري العلاجي وتأكيداً لذلك نشير إلى المعلومات الآتية:
• أعدت هيئة الأركان التركية خططاً لإقامة قاعدتين عسكريتين تركيتين في شمال العراق.
• موافقة هيئة الأركان التركية على إجراء المزيد من التعديلات الدستورية بما يحقق المرونة إزاء التعامل مع الأزمة الكردية.
أضافت المعلومات أن طارق الهاشمي الذي يتولى منصب نائب الرئيس العراقي جلال طالباني أطلق تصريحاً لمح فيه إلى وجود صفقة عسكرية جارية على خط أنقرة – بغداد، وتضمن تصريح الهاشمي قوله أنه يتوجب إما إيقاف أنشطة حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية أو السماح لتركيا بإقامة قاعدة عسكرية في الأراضي العراقية بما يتيح للقوات التركية القيام بالدور الكامل في مهمة تنظيف الشمال العراقي من أي وجود لحزب العال الكردستاني فيه.
وما كان لافتاً للانتباه أن وكالة أنباء إيه إن إف الكردية نشرت تقريراً قبل تصريحات الهاشمي بأسبوعين ذكرت فيه أن تركيا تقوم بإجراء الاستعدادات والترتيبات اللازمة لبناء قاعدتين عسكريتين في شمال العراق:
• القاعدة العسكرية الأولى: سيتم بناؤها في منطقة "ديانا" القريبة من منطقة "هاكوري-هينيدي" التي تمثل المعقل الرئيس لقواعد ومعسكرات حزب العمال الكردستاني.
• القاعدة العسكرية الثانية: سيتم بناؤها في منطقة "رانيا" القريبة من المعسكر الرئيسي لحزب العمال الكردستاني في منطقة جبل قنديل.
التقارير والتسريبات المتعلقة بالقاعدتين العسكريتين تكتسب وضوحاً أكبر من خلال التطورات السياسية الجارية حالياً في أوساط النخبة الكردية العراقية المسيطرة على أربيل وتقول المعلومات أن الزعماء الأكراد العراقيين ينشطون حالياً من أجل تنظيم مؤتمر كردي تقرر مبدئياً عقده خلال شهر أيار 2009 القادم من أجل التوصل إلى قرار كردي يطالب حزب العمال الكردستاني بشكل حاسم بالإعلان رسمياً عن وقف عملياته العسكرية ضد تركيا.
* التطورات الميدانية ومسار ملف الأزمة التركية – الكردية:
تقول المعلومات أن أجهزة الأمن التركية قامت بشن حملة مداهمات واعتقالات واسعة النطاق في يوم 14 نيسان الماضي مما أسفر عن اعتقال 40 عنصراً من حزب المجتمع الديمقراطي التركي الحليف في البرلمان والحكومة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، وتقول المعلومات أن من بين العناوين التي استهدفتها عمليات المداهمة كان 27 منزلاً من بينها منازل زعماء في حزب المجتمع الديمقراطي إضافة إلى مبنى قناة «غون» الكردية في ديار بكر. وبالنسبة للأشخاص الين تم اعتقالهم فقد كان من بينهم:
• سلمى إيرماك النائب السابق لرئيس حزب المجتمع الديمقراطي.
• كاموران يوكسيك رئيس حزب المجتمع الديمقراطي.
• بايران التون زعيم كردي تركي.
• سيراسيتين إيرماك محامي كردي وعضو في هيئة الدفاع عن عبد الله أوجلان.
• ابيرو غوناي محامي كردي و عضو في هيئة الدفاع عن عبد الله أوجلان.
• هيفان ايرديملي مدير محلية «باتمان».
وأفادت بيانات الشرطة التركية أن حملة المداهمات والاعتقالات هدفت إلى قطع الروابط بين مثلث: محامين عبد الله أوجلان – حزب المجتمع الديمقراطي – حزب العمال الكردستاني. وقد أدت المداهمات إلى التداعيات الآتية:
• توتير علاقات حزب المجتمع الديمقراطي مع حزب العدالة والتنمية.
• توتير علاقات حزب العدالة والتنمية مع أجهزة الأمن التركية.
وتقول التحليلات والتفسيرات أن موقف هيئة الأركان التركية كان قد تم الترتيب له منذ بضعة أسابيع بالتنسيق بين الهيئة ومجلس الأمن القومي التركي وكان من المتوقع أن يتم وضعه موضع التنفيذ خلال الفترة القادمة.
حملة المداهمات الأخيرة كانت بسبب بعض الخلافات بين المؤسسة الأمنية التركية والمؤسسة العسكرية التركية، وتقول التسريبات أن المؤسسة الأمنية حاولت عن طريق المداهمات والاعتقالات توجيه ضربة استباقية لعلاقات حزب المجتمع الديمقراطي مع حزب العدالة والتنمية ولكن بالمقابل فقد جاء رد المؤسسة العسكرية على لسان رئيس الأركان عندما دفع باتجاه إبراز رغبة المؤسسة انتهاج منظور جديد إزاء الأزمة الكردية.
* تداعيات وجود القواعد العسكرية التركية في شمال العراق:
إن وجود قواعد عسكرية تركية في شمال العراق هو أمر لا يمكن النظر إليه على أساس اعتبارات الرغبة في مكافحة حزب العمال الكردستاني، فهذا أمر تكتيكي معلن، وإنما على أساس اعتبارات ما يطرحه الوجود العسكري التركي من تعديلات في معادلات الأمن العسكري العراقي وتوازن القوى في الشرق الأوسط. بكلمات أخرى، نشير إلى النقاط الآتية:
• ترتبط تركيا بتحالفات استراتيجية أمنية – عسكرية مع الولايات المتحدة.
• يرتبط العراق بتحالف أمني – عسكري مع أمريكا على ضوء اتفاقية وضع القوات الأمريكية التي صادق البرلمان العراقي علينها مؤخراً.
• ترتبط النخبة السياسية الكردية العراقية بعلاقات وروابط استراتيجية مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وجود القواعد العسكرية في العراق معناه أن التنسيق على خط أنقرة – واشنطن – أربيا – بغداد قد أصبح أمراً واقعاً ولما كانت إسرائيل هي الاسم المشترك الأعظم لجهة روابطها مع أربيل وواشنطن فإنها ستكون حاضرة بقوة ضمن هذا التنسيق وبالتالي فإن المقصود لن يكون مجرد تصفية للحزب وإفساح المجال أمام زعامة البرزاني، وإنما سيكون جولة صراع جديدة داخل الساحة التركية طالما أن القضاء على حزب العمال الكردستاني سيترتب عليه حدوث فراغ في توازن القوى الكردي – الكردي داخل تركيا بما يؤدي إلى تحول قاعدة حزب العمال الكردستاني إلى حزب المجتمع الديمقراطي وهو أمر سيترتب عليه أن يصبح حزب المجتمع الديمقراطي المعتدل أكثر راديكالية وبالتالي سيكون حزب العدالة والتنمية في مواجهة أحد أمرين/ فإما خيار الاستمرار في تحالفه مع حزب المجتمع الديمقراطي التركي وفق صيغته الراديكالية وهو أمر سيترتب عليه الدفع باتجاه المواجهة مع المؤسسة العسكرية الرافضة لأي توجهات كردية راديكالية، أو خيار المواجهة مع حزب المجتمع الديمقراطي وهو ما سيترتب عليه تعديل توازن القوى داخل البرلمان التركي في غير مصلحة حزب العدالة والتنمية طالما أن حزب المجتمع الديمقراطي سيتحول إلى المعارضة.
معالم الأزمة السياسية التركية الجديدة القادمة بدأت تظهر في جنوب تركيا على خلفية المظاهرات التي حركتها الجماعات الكردية التي سعت قياداتها إلى تفسير حملات الاعتقال والمداهمة باعتبارها مؤامرة من حزب العدالة والتنمية سعى من ورائها للانتقام من حزب المجتمع الديمقراطي بسبب نتائج الانتخابات المحلية التركية التي استطاع فيها حزب المجتمع الديمقراطي الفوز في العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرة حزب العدالة والتنمية، وتقول التسريبات أن حزب المجتمع الديمقراطي الكردي وإن كان حليفاً برلمانياً لحزب العدالة والتنمية فإنه في  الانتخابات المحلية الأخيرة دخل في تحالفات مع حزب الشعب الجمهوري الخصم اللدود لحزب العدالة والتنمية على النحو الذي صوت فيه أنصار حزب الشعب لمرشحي حزب التجمع في بعض المناطق بما أدى إلى فوز حزب التجمع، كما أنه في بعض المناطق (الساحلية خاصة) صوت أنصار حزب التجمع لمرشحي حزب الشعب بما أدى إلى فوز الأخير..

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...