كيف أدى الهوس بإسقاط الأسد إلى صعود داعش

02-06-2015

كيف أدى الهوس بإسقاط الأسد إلى صعود داعش

الجمل * الكساندر ميركوريس ـ ترجمة: ستاليني
ابتدأت الإحتجاجات ضد الحكومة السورية في سنة 2011. وعلى عكس إدعاءات وسائل الإعلام الغربية فإن هذه الإحتجاجات لم تكن سلمية ولم تكن واسعة النطاق لكنها مع ذلك عكست إراد ة أصيلة في معارضة الحكومة السورية ، هذه الحكومة التي استمرت رغم ذلك تتمتع بدعم شعبي. كان الرد المناسب الوحيد هو فعل كل شيء ممكن لإيجاد مخرج سلمي عن طريق التفاوض وهو الموقف الذي اتخذته كل من حكومتي روسيا والصين اللتان قامتا بدعوة الحكومة السورية للبدء بالحوار مع معارضيها وهو ما وافقت عليه.
إن قصة النزاع السوري تكمن في عدد المحاولات لإقامة هذا الحوار والتي قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بإحباطها. لنعد قليلاً ونستذكر أنه: في بداية العام 2011 صرحت حكومة الولايات المتحدة علناً أن بشار الأسد، رئيس سوريا، قد "فقد شرعيته".ليس للولايات المتحدة أية سلطة شرعية لإصدار هكذا إعلان ورغم ذلك فقد خضعت سياستها تجاه سوريا لهذا الإعلان منذ ذلك الحين وفي سبيل ذلك استخدمت كل الوسائل الممكنة للإطاحة بالرئيس الأسد.كانت المحاولة الأولى في شهر تشرين الأول اكتوبر 2011 عندما حاولت الحكومة الأمريكية الحصول على قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع لمهاجمة سوريا وحين فشلت بذلك قامت بالتعاون مع حلفائها في الخليج بإفشال خطة الجامعة العربية في تشرين الثاني نوفمبر والتي كان بإمكانها أن تجلب السلام. وفي شهر أيار مايو 2012 قامت الولايات المتحدة بإنهاء خطة السلام التي وضعها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان وذلك عبر إصرارها على تنحي الرئيس الأسد كشرط مسبق للبدء بالمفاوضات. وهذا ما سيحول مسار المفاوضات إلى مجرد آلية بسيطة لتسليم السلطة لحكومة تختارها الولايات المتحدة بدلاً من الأسد. وحين تم رفض تلك الآلية قامت الولايات المتحدة بدعم الهجوم العسكري الذي أطلقته المعارضة في شهر تموز يوليو 2012 و الذي أطلقت عليه تسمية "عملية بركان دمشق"، وعلى غرار "عملية فجر ليبيا" التي أدت إلى إسقاط الحكومة الليبية قبل عام، كانت البصمات الأمريكية في الإعداد والتخطيط واضحة و جلية. بعد فشل " عملية بركان دمشق"كانت هناك محاولة أخرى لمهاجمة سوريا في شهر آب أغسطس 2013 وهذه المرة بذريعة استعمال السلاح الكيميائي في الهجوم على الغوطة. تم إحباط هذا الهجوم بفعل المعارضة الروسية والمعارضة الشعبية في الدول الغربية مما نتج عنه ميلان الكفة لصالح الحكومة السورية وهذا بالطبع غير مقبول للولايات المتحدة وقد تحدثت التقارير عن زيادة الدعم الأمريكي للمخربين في الفترة ما بين 2014 و 2015 وهذا ما نجم عنه تقدم المخربين في عدة مناطق خلال الأسابيع الأخيرة وكذلك نجم عنه استيلاء مخربي داعش على مدينة تدمر الأثرية و آثارها الآن مهددة بالتخريب.
إن الناتج الإجمالي لهذه السياسة هو وقوع ما يقارب نصف الأراضي السورية تحت سيطرة داعش التي تدعي الولايات المتحدة أنها في حالة حرب معا (وليس كما الحكومة السورية).
إنه لمن الصعوبة بمكان تخيل سياسة بمثل هذه السلبية وانعدام الإنتاجية. وكما كان الأمر منذ العام 2012 فقد أضحى جلياً  أن النتيجة الحتمية لإسقاط الحكومة السورية لن تكون انتقالاً بسوريا إلى ديمقراطية على النمط الغربي بل ستكون جهادية مقاتلة ضد الغرب.
لقد ثبت إذن أن خيار الحوار أو المفاوضات الذ ي كان بإمانه تجنب هذه النتيجة لم يتم الأخذ به أبداً.
وبدلاً من ذلك اختارت الولايات المتحدة خيار التصعيد في كل جولة متابعةً هدفها في إسقاط الرئيس الأسد وسط سيطرة لفكرٍ أحادي وسواسي وجنوني بكل وضوح في ضوء النتائج المتوقعة بشكل كامل.
لا تلومن أحداً سواك إن كنت تحصد العاصفة بعد أن زرعت الريح.

 
*كاتب مقيم في لندن مختص بالشؤون الدولية وعلى الأخص بالشؤون الروسية والقانون. كتب الكثير حول الجوانب القانونية للتجسس الذي تقوم به وكالة الأمن القومي الأمريكية وعن أحداث اوكرانيا فيما يتعلق بحقوق الإنسان وبالدستور والقانون الدولي. معلق تلفزيوني كثير الظهور ومتحدث في المؤتمرات. عمل 12 عاماً في محاكم لندن بصفته محامٍ مختص بقضايا حقوق الإنسان والقانون الدستوري.

المصدر
http://sputniknews.com/

رابط المقال

http://sputniknews.com/columnists/20150527/1022618747.html

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...