سيناريو الصراع السياسي العراقي بعد الانتخابات

27-03-2010

سيناريو الصراع السياسي العراقي بعد الانتخابات

الجمل:  شهدت العاصمة العراقية بغداد مساء أمس الجمعة 26 (مارس) 2010م, قيام المفوضية العليا للانتخابات, بالإعلان رسميا عن نتائج جولة الانتخابات العامة العراقية الثانية, فما هي دلالة النتائج؟ وما هو شكل سيناريو الصراع السياسي المحتمل؟ وما هي تداعياته الداخلية والإقليمية والدولية؟
الخارطة السياسية العراقية الجديدة:
توقعت الأوساط السياسية عدم قيام المفوضية بإعلان النتائج النهائية للانتخابات حسب الموعد المحدد, وذلك بسبب الخلافات المتزايدة حول مدى نزاهة عملية الفرز, وتزايد الشكاوي والطعون, ولكن برغم ذلك, فقد تمكنت المفوضية من إكمال عملية فرز الأصوات, ورصد النتائج, وإعلانها رسميا في التاريخ المحدد.
جاءت نتائج الانتخابات العراقية العامة الجديدة, تعكس خارطة سياسية جديدة, تحمل المزيد من الملامح والتحولات الجديدة, عن الخارطة السياسية العراقية السابقة لها, وفي هذا الخصوص نشير إلى أن التوزيع الجديد لمقاعد البرلمان العراقي, قد جاخارطة التقسيمات السياسيةءت على النحو الآتي:
• القائمة العراقية (إياد علاوي): 91 مقعدا.
• ائتلاف دولة القانون (نوري المالكي): 89 مقعدا.
• الائتلاف الوطني العراقي (ابراهيم الجعفري): 70 مقعدا.
• التحالف الكردستاني (البرزاني-الطالباني): 34 مقعدا.
• التوافق العراقي (حارث العبيدي: تم اغتياله قبل فترة قريبة): 6 مقاعد.
• الحزب الإسلامي الكردستاني: 3 مقاعد.
• الأكراد المسلمين: 3 مقاعد.
يبلغ مجموع المقاعد التي تم إعلان نتائجها 296 مقعدا, ومن إجمالي العدد الكلي البالغ 325 مقعدا, فقد تبقت المقاعد التعويضية, إضافة إلى بعض المقاعد المشكوك في مدى صحة نتائجها, وبرغم ذلك تشير التوقعات إلى أن النتائج المتبقية قد لا تؤثر بشكل واضح في شكل النتيجة.
سيناريو الصراع السياسي العراقي الجديد:
عشية الانتخابات, كانت التوقعات تشير إلى أن نتيجة الانتخابات العامة العراقية الجديدة, سوف تسفر عن الخطوط الآتية:
• حصول الائتلاف الوطني العراقي (الجعفري) وائتلاف دولة القانون (المالكي) على أكبر مجموعتين من النواب الجدد.
• حصول القائمة العراقية (إياد علاوي), وائتلاف وحدة العراق (جواد البولاني) على مجموعتين صغيرتين من النواب.
• حصول الائتلاف الكردستاني (البرزاني-الطالباني) على نفس مجموعة مقاعده السابقة.
ولكن, بعد إعلان النتائج مساء الأمس, ظهرت المفاجأة, والتي تمثلت في صعود القائمة العراقية (إياد علاوي) إلى المركز الأول, يليها ائتلاف دولة القانون (المالكي) في المركز الثاني, ثم بعد ذلك في المركز الثالث جاء الائتلاف الوطني العراقي (ابراهيم الجعفري), أما الائتلاف الكردستاني, فقد حصل على نسبة تعادل وزنه السابق, مع صعود طفيف لقائمة التغيير الكردي الجديدة.
تشير التوقعات, إلى أن نتيجة الانتخابات بشكلها الجديد, سوف تؤدي إلى تعزيز مفاعيل صراع النخب السياسية العراقية, إضافة إلى تفعيل حركية الأطراف الثالثة, وعلى وجه الخصوص السعودية وإيران, على المستوى الإقليمي, والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا على المستوى الدولي.
• السعودية: راهنت منذ البداية على القائمة العراقية, وتقول المعلومات, بأن الرياض قد زودت نخبة هذه القائمة بتدفقات المال السياسي الضخمة, بما تجاوز المليار دولار.
• إيران: راهنت منذ البداية على الأغلبية السكانية الشيعية, مع التركيز على الوقوف بقدر أكبر إلى جانب الائتلاف الوطني العراقي (الجعفري) وبقدر أقل مع ائتلاف دولة القانون (المالكي).
• أميركا: اعتمدت مبدأ المعايير المزدوجة, بما أتاح لواشنطن لعبة الرهان المزدوج, ففي حين أبدت واشنطن تأييدها المعلن الخافت لصالح ائتلاف دولة القانون (المالكي) فإنها أبدت تأييدها القوي غير المعلن لصالح القائمة العراقية (إياد علاوي) وذلك عن طريق استخدام وتوظيف السعودية لجهة القيام بدور البروكسي الانتخابي في الساحة السياسية العراقية.
• بريطانيا: اعتمدت مبدأ اللعبة السرية, وذلك بما أتاح لبريطانيا, تحقيق المزيد من المنافع والمزايا, منها على سبيل المثال لا الحصر, عدم إغضاب واشنطن أو السعودية, عدم استعداء أي طرف عراقي, تأمين أكبر عدد من العراقيين الموالين لبريطانيا.
هذا, وبالنسبة للنقطة المتعلقة ببريطانيا نشير إلى أن بريطانيا قد سعت إلى شن عملية سرية, من أجل دعم وتعزيز القائمة العراقية, والتي كما تقول المعلومات, تتضمن العديد من المرشحين الذين, وإن كانوا عراقيين, فإنهم وبسبب بقائهم الطويل في بريطانيا, حصلوا على الهوية وجواز السفر البريطاني, ومن أبرزهم زعيم القائمة إياد علاوي, والذي فيما إذا تولى منصب رئيس الوزراء فسوف يكون أول بريطاني من أصل عراقي يصعد إلى هذا المنصب, ونفس الشيء ينطبق على مستشارة علاوي الدكتورة رند رحيم, والتي سبق أن تولت منصب السفير العراقي في أميركا, ولا توجد معلومات دقيقة إن كانت الدكتورة بريطانية من أصل عراقي, أم أميركية من أصل عراقي, أم أنها حصلت على الجنسيتين وأصبحت بريطانية-أميركية من أصل عراقي!!!
تقول المعلومات والتسريبات, بأن الضغوط الخارجية لجهة التأثير على تشكيل الائتلاف الحاكم العراقي الجديد, سوف تتمثل في الآتي:
• واشنطن والسعودية سوف تضغطان من أجل إقامة تحالف بين القائمة العراقية (إياد علاوي) والتحالف الكردستاني (الطالباني-البرزاني) وذلك بما يتيح تأمين كتلة (89+43) والتي تعادل 132 نائبا, وفقط يتبقى بعد ذلك تأمين 31 نائبا وعلى الأغلب أن يلجأ محور واشنطن-الرياض إلى تأمين مساندة مقاعد الأقليات, إضافة إلى الضغط باتجاه إحداث الانقسامات في أوساط أنصار المالكي, وأوساط أنصار الجعفري, لجهة الحصول على العدد المطلوب الكافي لتشكيل الأغلبية بحيث تكون في حدود 163 مقعدا, وهو العدد المطلوب لجهة تشكيل أغلبية برلمانية هشة يتم الاستناد عليها لتشكيل الحكومة الائتلافية.
• إيران سوف تلجأ إلى تأييد المزيد من الرهان على الأطر الدينية الشيعية, وفي هذا الخصوص, تقول المعلومات, بأن طهران قد باشرت القيام بتحركات لجهة بناء ائتلاف شيعي واسع يضم ائتلاف دولة القانون (المالكي) والتحالف الوطني العراقي (الجعفري). وذلك بما يؤمن الحصول على كتلة (89+70) والتي تعادل 159 نائبا, و يتبقى لطهران تأمين الحصول على مساندة أربعة نواب فقط, بحيث يصل حجم الكتلة إلى 163 نائبا وهو العدد المطلوب لتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة.
من المتوقع أن ينطوي سيناريو الصراع السياسي العراقي-العراقي, على العديد من المفاجآت, منها على سبيل المثال لا الحصر:
• 3 من قائمة نواب القائمة العراقية (علاوي) أصبحوا من المطلوبين قضائيا.
• 16 من قائمة نواب القائمة العراقية (علاوي) أًبحت تشملهم إجراءات قرارات هيئة المساءلة العراقية.
وهذا معناه, أن قائمة العراقية (علاوي) أصبحت مهددة بفقدان 19 نائبا, وحتى إن نجح علاوي في تشكيل التحالفات التي تسمح له بتشكيل الحكومة الائتلافية, فإن التوازنات داخل البرلمان, يمكن أن تنقلب ضده في أي لحظة, خاصة وأن السياسيين العراقيين الحاليين قد أتقنوا لعبة المناورات والانقلابات البرلمانية, وبالتالي من الممكن, وبفعل تأثير المال السياسي, أن يتحول بعض نواب قائمة علاوي لجهة التصويت داخل البرلمان من أجل رفع الحصانة عن الـ19 نائبا, وإيقافهم.
تقول المعلومات والتسريبات, بأن التفاهمات الجارية التي بدأت طهران القيام بها لجهة "نحر" القائمة العراقية وزعيمها إياد علاوي عن طريق الجمع بين الائتلاف الوطني العراقي (الجعفري) وائتلاف دولة القانون (المالكي), هي تفاهمات أًصبحت تجد المزيد من الرفض والممانعة من جانب الزعيم الشيعي مقتضى الصدر, وحاليا تقول المعلومات بأن معظم النواب الفائزين في قائمة الائتلاف الوطني العراقي هم من أتباع وأنصار مقتضى الصدر, وبكلمات أخرى فإن مقتضى الصدر أًصبح يمثل الرجل الأقوى داخل كتلة الائتلاف الوطني العراقي البرلمانية, وأضافت المعلومات, بأن مقتضى الصدر قد أكد بأنه لا يمانع التحالف مع ائتلاف دولة القانون, ولكنه يرفض رفضا قاطعا تولى المالكي منصب رئيس الوزراء العراقي مرة أخرى, أما على جانب ائتلاف دولة القانون, فتقول المعلومات والتسريبات بأن نوري المالكي, قد اشترط عدم الدخول في أي تحالف مع الائتلاف الوطني العراقي, إلا إذا كانت الصفقة تقوم على أساس احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء, وإلا فإنه سوف يلجأ إلى التحالف مع القائمة العراقية (إياد علاوي) وربما قد يقبل بالتنازل عن منصب رئيس الوزراء, عقابا لتعنت مقتضى الصدر!!!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...