حملة تشهير ضد أوباما: «مسلم» و«غير ملتزم إسرائيلياً»

27-02-2008

حملة تشهير ضد أوباما: «مسلم» و«غير ملتزم إسرائيلياً»

مع احتدام السباق الرئاسي الأميركي، يتلقى المرشح الديموقراطي باراك أوباما ضربة تلو الاخرى من الفريق الانتخابي لغريمته، هيلاري كلينتون: فتارة هو مسلم «متستر»، وطوراً هو مدعوم من «إرهابيين»، «مبتدئ»، «قليل الخبرة»... والآن تركز الحملة الكلينتونية على اتهام أوباما بأنه دون السيدة الاولى السابقة «التزاماً» بالقضية الاسرائيلية. وهي حملة لقيت أصداء سريعة في إسرائيل.
وفي مؤتمر شارك فيه قادة كبرى المنظمات اليهودية الاميركية في كانون الثاني الماضي، بدا التعليق كأنه عرضي. آن لويس، المستشارة الابرز لهيلاري كلينتون، تعمدت الاشارة، خلال مقارنتها بين الالتزامين الكلينتوني والاوبامي تجاه إسرائيل، إلى أن «رئيس مستشاري السياسة الخارجية» لأوباما هو زبيغنيو بريجينسكي، مستشار الامن القومي السابق للبيت الابيض في عهد الرئيس الاسبق جيمي كارتر، والذي يحظى بسمعة تكاد تكون «سامة» في أوساط يهود الولايات المتحدة، على حد وصف مجلة «نيوزويك» الاميركية.
المفارقة هنا أن بريجينسكي لا يشغل هذا المنصب، الذي يضطلع به ثلاثي سابق من فريق بيل كلينتون: أنطوني لايك، سوزان رايس وغريغ كرايغ. وهو ما أكده بريجينسكي بنفسه لـ«نيوزويك»، مضيفاً أنه قدم الاستشارة لأوباما «في المناسبات فقط».
لكن «التباس» لويس هذا لم يكن عرضياً. فمع احتدام السباق بين أوباما وكلينتون، خلال الاشهر الاخيرة، باشر فريق كلينتون الانتخابي نشر مواد سلبية حول علاقات أوباما بإسرائيل، عبر رسائل بريدية نشرت «نيوزويك» بعض مضمونها.
وتتضمن هذه الرسائل، إضافة إلى مسألة بريجينسكي، هجوماً على مستشاري أوباما مثل روبرت مالي (مستشار الرئيس السابق بيل كلينتون الخاص للشؤون العربية ـ الاسرائيلية) الذي عمل مع بيل كلينتون في محادثات كامب ديفيد عام ,2000 وكتب منذ حينه دراسات ومقالات «تتعاطف» مع وجهة النظرالفلسطينية والعربية عامة.
كما طرحت الرسائل علامات استفهام حول علاقة أوباما بالقس جيريماي رايت، الراعي السابق لكنيسة الثالوث الاقدس التي يرتادها أوباما في شيكاغو، والذي سبق له أن انتقد إسرائيل داعيا إلى شن حملة ضد «الظلم والعنصرية اللذين عاش الفلسطينيون في ظلهما جراء الصهيونية». كما منحت مجلة «ترومبت»، التي تديرها ابنة رايت، جائزة لـ«سماحة» قائد «امة الاسلام» لويس فرخان، الذي وصف اليهودية مرة بأنها «دين يمتص الدماء».
وفيما لم يؤيد أوباما منح الجائزة لفرخان (74 عاماً) في حينه، خصص هذا الاخير معظم خطاب امتد لساعتين أمام 20 ألف شخص، يوم الاحد الماضي، لمديح «الشاب» أوباما «الذي يفتن جماهير السود والسمر والحمر والصفر»، مؤكداً أن أوباما هو «أمل العالم بأسره، بحيث إن أميركا ستتغير وستصبح أفضل».
ومع التزام مستشاري أوباما بالصمت حيال الحملة الكلينتونية المتنامية ضده في المسألة الاسرائيلية، رفض المتحدث باسم كلينتون هاورد وولفسون مجرد التعليق على الاتهام.
ما يهم في هذا الجدل، هو إعلان قادة اليهود الاميركيين مباركتهم لأوباما، إضافة إلى كلينتون والمرشحين الجمهوريين جون ماكين ومايك هاكابي، الذين «أثبتوا دعمهم لعلاقة أميركية ـ إسرائيلية قوية»، وفق ما أكد رئيس منظمة «أيباك» هاورد فريدمان في رد مكتوب لـ«نيوزويك». وليس سراً أن حملة أوباما تلقت دعماً مالياً وسياسياً من شخصيات يهودية أميركية بارزة، بينها مشاهير مثل ستيفن سبيلبرغ وجورج سوروس.
لكن صحيفة «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية تساءلت، أمس، في ما اذا كان يجدر «باليهود، هنا في إسرائيل، وفي أميركا، وأصدقاء إسرائيل الآخرين، أن يخاطروا بالتصويت لأوباما في تشرين الثاني المقبل؟»، محذرة من أن «نظرة سريعة إلى الحقائق يجب أن تحيلنا إلى ضوء أحمر كبير في معظم أذهان الناس».
تشير «جيروزاليم بوست» إلى الشبهة في مستشاري أوباما، التي يترأسها الرئيس الاسبق جيمي كارتر «القائل إن إسرائيل هي دولة أبارتهايد (فصل عنصري)»، وبريجينسكي «الذي ظل ينتقد إسرائيل طوال ثلاثة عقود، ودعا بلاده مؤخراً إلى فتح حوار مع حماس» الفلسطينية، ووصف «حرب تموز» الاخيرة في لبنان بأنها حملة قتل ضد رهائن مدنيين، وزار الرئيس السوري بشار الاسد في وقت سابق من الشهر الحالي.
وإضافة إلى كارتر وبريجينسكي، انتقدت الصحيفة الاسرائيلية مالي لأنه مدافع «لا يعرف الخجل» عن الفلسطينيين، وسوزان رايس (مستشارة الشؤون الخارجية للمرشح الرئاسي الخاسر في انتخابات العام ,2004 جون كيري) لأنها «اختلقت» فكرة حلّ مشكلة الشرق الاوسط عبر تعيين كارتر وجيمس بيكر، ولا أحد سواهما، كمفاوضين في الازمة.
وتعدد «جيروزاليم بوست» نماذج «قليلة» من مواقف أوباما التي «تطرح عدداً من المسائل المقلقة لليهود وأصدقاء إسرائيل»:
1 ـ انفتاح أوباما إزاء تواصل دبلوماسي مع إيران، التي وصفت إسرائيل بأنها «جرثومة قذرة»، ودعت إلى «محوها عن الخريطة» (وكان سفير إسرائيل السابق في واشنطن، داني أيالون، اعتبر أن إيران ستستغل «سذاجة» أوباما وعرقه الاسود، لتحرز تقدماً في برنامجها النووي).
2 ـ قوله «لا أحد عانى أكثر من الشعب الفلسطيني».
3 ـ قوله إن جدار الفصل العنصري «هو مثال آخر على تجاهل هذه الإدارة (جورج بوش) لوساطة السلام».
4 ـ قوله «أعارض المحاولة المضحكة لريتشارد بيرل وبول ولفوفيتز وغيرهما من أصحاب المناصب... في إقحام برامجهم الايديولوجية في حناجرنا» (استهجنت الصحيفة حصر النقد بالرجلين اليهوديين في البيت الابيض، من دون جميع أشخاص ادارة بوش).
5 ـ قوله إن «الموقّر (آل) شاربتون هو صوت الذين لا صوت لهم، وصوت المجردين من أملاكهم. وما فعلته شبكة التحرك الوطنية هو مهم جداً لتغيير أميركا، ويجب تغييرها من الجذور» (»شبكة التحرك الوطنية» التي يرأسها شاربتون، هي حملة ضد الملاكين اليهود لسوق فريدي فاشين في نيويورك. ولفتت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات التي شارك فيها شاربتون بنفسه في السوق، تضمنت قدحاً باليهود مثل «مصاصي الدماء» و«الانذال»).
وختمت «جيروزاليم بوست» بالقول انه «ليس في الرئاسة اي مكان للمبتدئين، في عصرنا هذا، وإن كانوا يتمتعون بالكاريزما. والاميركيون منا الذين يعيشون في الدولة اليهودية، يفهمون جيداً الوضع، ونوع التهديد الذي يمثله أوباما للمنطقة والعالم»، آملة «أن يؤيد هذا مواطنونا في الولايات المتحدة، وأصدقاء إسرائيل والحرية عامة».
رغم حرصه على الاعلان دوماً عن دعمه لإسرائيل، يبقى أوباما المرشح الرئاسي الوحيد الذي قال إن على إسرائيل أن تغير سياساتها حيال الفلسطينيين، بهدف التوصل إلى السلام. وقد حذّر المرشح الديموقراطي، خلال لقاء مغلق مع زعماء يهود في كنيس كليفلاند في ولاية أوهايو يوم الاحد الماضي، من أنه «إذا لم نطرح أبداً أي أسئلة صعبة حول كيفية تحريك السلام قدماً أو ضمان أمن إسرائيل.. فنحن لن نصنع تقدماً».
وأوضح أوباما «هذا ليس أمراً عسكرياً، ولا عدائياً، ونحن لا نتحدث عن مجرد سحق الاعتراضات المعادية لإسرائيل»، مضيفاً أن لا تقدم «من دون حوار صادق»، ومشيراً إلى أنه استمع إلى وجهات نظر متباينة خلال لقاءاته مع إسرائيليين وأميركيين.
وللمرة الاولى، عرف أوباما بعض الشيء طبيعة دعمه لإسرائيل، راسماً حدوداً بين «المدافعين عن إسرائيل» عامة، وبين الذين يتبنون سياسة حزب «الليكود» اليميني. وقال «ثمة نغمة في أوساط المدافعين عن إسرائيل، تقول بأنه ما لم تتبنَّ مقاربة ليكودية ثابتة في الشأن الاسرائيلي، فهذا يعني أنك معادٍ لإسرائيل، وهذا لا يمكن أن يكون مقياساً لصداقتنا مع إسرائيل».
وذكرت «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن أوباما حذّر في اللقاء من شن الهجمات على كل من لا يشاطر آراء «الحق الاسرائيلي»، موضحاً أنه فاز بدعم بريجينسكي لاعتقادهما المشترك بأن حرب العراق كانت «حماقة استراتيجية ضخمة»، ومستدركاً أنه لا يشاطر وجهات نظر الاخير حيال إسرائيل، وإن كان يحترمها.
وكان المرشح الرئاسي «المستقل» اللبناني الاصل رالف نادر، وصف أوباما، عبر تلفزيون «أن بي سي» يوم الاحد الماضي، بأنه «كان مدافعاً عن الفلسطينيين.. وصار الآن يدعم سياسات جناح اليمين الاسرائيلي الذي قاوم تقدم عملية السلام في الشرق الاوسط».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...