حلب: الفصائل تستبق عملية الجيش؟ والقوات السورية تتقدم نحو الطبقة وفي محيط تدمر

04-06-2016

حلب: الفصائل تستبق عملية الجيش؟ والقوات السورية تتقدم نحو الطبقة وفي محيط تدمر

تتنافس مدينتا حلب والرقة على سرقة الأضواء؛ فبينما كان الجيش السوري يتقدم ويحط رحاله بالقرب من الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، منطلقاً من أثريا في ريف حماه الشرقي، كانت مدينة حلب على موعد مع معركة ضخمة شنتها فصائل «جيش الفتح» في ريفها الجنوبي، الذي اعتاد مؤخراً على مثل هذه المعارك، لكن هذه المرة يبدو أن الطموحات أوسع من أي وقت سابق.
وواصل الجيش السوري تقدمه على محور أثريا ـ الطبقة، حيث سيطر، أمس، على نقاط جديدة، تمثل أهمها بالوصول إلى مفرق قرية زكية وتلة السيريتل، ما يعني أنه أصبح على مسافة 40 إلى 50 كيلومتراً من مطار الطبقة. كما يعني أنه بات يقف بمحاذاة الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. وقد وقعت بين الطرفين اشتباكات عنيفة تمكن خلالها الجيش من إفشال هجوم بسيارة مفخخة كان يستهدف قواته المتقدمة على محور زكية، كما غنم عربة «ب م ب» واعتقل عنصرَين من تنظيم «داعش».
وأفاد مصدر عسكري، في تصريح لوكالة الأنباء السورية ـ «سانا» أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية وَسَّعت نطاق عملياتها في منطقة أثريا بريف حماه الشرقي، وأحكمت سيطرتها على عقدة طرق الزكية ـ مفرق دير حافر». وبَيَّن المصدر أنه بإحكام وحدات الجيش السيطرة على مفرق الطرق تكون بذلك «قطعت أهم خطوط إمداد تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة».
وأحكمت وحدات من الجيش سيطرتها على جبال أبو الزين ومنطقة المسبح خلال عملية عسكرية في منطقة أثريا، بدأتها أمس بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية، وإسناد جوي سوري روسي.
وتعتبر قرية زكية، التي بات الجيش يقف على مشارفها، ذات موقع استراتيجي مهم، حيث تتوسط محافظات عدة، هي حماه، الرقة، دير الزور، حلب، حمص، الأمر الذي يجعلها عقدة مواصلات مهمة للغاية. وتبعد زكية عن مطار الطبقة حوالي 40 كيلومتراً، وهي عبارة عن مساحات صحراوية خالية، إلا من بعض التجمّعات السكنية الصغيرة. ومن المتوقع أن يتخذ الجيش قرية زكية مركزاً له بهدف التحشيد والانطلاق منها في عملياته العسكرية المستمرة في المنطقة.
معركة ريف حلب الجنوبي
 في هذه الأثناء، أعلن «جيش الفتح» في حلب عن معركة جديدة في ريف حلب الجنوبي، استهدفت مناطق جنوب وشرق بلدة خان طومان التي سيطر عليها «جيش الفتح» في هجوم سابق.
وقد تمكن المهاجمون بعد معارك عنيفة من التقدم والسيطرة أولاً على مستودعات خان طومان ثم قرية معراتة وتلال الخلاصي، لتنتقل المعارك إلى قرية حميرة وخلصة ذات الأهمية الإستراتيجية. وقد قامت «جبهة النصرة» بتنفيذ عمليتَين انتحاريتين في قرية خلصة، نفذ إحداهما سوري يدعى أبو أحمد الحموي. وتأتي أهمية هذه القرية من كونها تشرف على ريف حلب الغربي وعلى أوتستراد حلب - دمشق، واستمرت الاشتباكات فيها حتى وقت متأخر من دون أن يحسم أمر السيطرة عليها.
وتحدثت مصادر إعلامية من المعارَضة أن الهدف النهائي من هذه المعركة هو محاولة فتح خط إمداد جديد نحو الأحياء الواقعة تحت سيطرة المسلحين في مدينة حلب، بعد أن قام الجيش السوري بإغلاق طريق الكاستيلو عبر استهدافه جواً، والذي كان يعتبر خط الإمداد الوحيد لهذه الأحياء. وفي هذه الحالة يفترض أن تتجه المعارك نحو الوضيحي ومن ثم معمل الاسمنت للوصول إلى طريق الشيخ سعيد، ما يعني أن المهمة ليست سهلة، خصوصاً أن الجيش السوري يبسط سيطرته على القسم الأكبر من ريف حلب الجنوبي، كما أن حماية هذا الطريق في حال التمكن من فتحه تبدو مهمة أكثر تعقيداً.
وتأتي هذه المعركة الجديدة إثر تسريبات تحدثت عن إمكانية قيام الجيش السوري وحلفائه بأخذ زمام المبادرة، وتحريك جبهة حلب، عبر عملية واسعة، نتيجة تدهور الوضع الأمني والعسكري في المحافظة مؤخراً. ويبدو أن خشية «جيش الفتح» من هذه المعلومات، بالإضافة إلى الضغط الذي شكله إغلاق طريق الكاستيلو كانا وراء مسارعته إلى استباق الجيش السوري وقيامه بفتح معركة تناسبه من حيث الزمان والمكان، بدل أن يجره الجيش إلى معركة مجهولة بالنسبة إليه.
في غضون ذلك، توقف النشاط العسكري لـ «قوات سوريا الديموقراطية» في ريف الرقة الشمالي من دون صدور أي بيان لتفسير ذلك، علماً أن حملة إعلامية ضخمة واكبت انطلاق العملية. وكان مسؤولون أكراد يعلقون عليها الكثير من الآمال، لدرجة أن بعضهم بدأ يتحدث عن وجوب ضم الرقة إلى مشروع الفدرالية الكردية. ومن غير الواضح هل لتوقف الهجوم الكردي على الرقة علاقة بالهجوم الذي بدأه الجيش السوري باتجاه الطبقة؟ أم كما قالت بعض وكالات الأنباء أن السبب هو الخسائر الفادحة التي لحقت بـ «قوات سوريا الديموقراطية»؟.
لكن المشهد كان مختلفاً على جبهات القتال في ريف مدينة منبج، حيث واصلت «قوات سوريا الديموقراطية»، التي يهيمن عليها الأكراد، تقدمها في المنطقة وسيطرت على عدد من القرى التي جعلتها تقترب لمسافة 12 كيلومتراً من مشارف المدينة الإستراتيجية، وذلك وسط اشتباكات عنيفة نفذ خلالها تنظيم «داعش» عمليتَين انتحاريتين في قرية قبر إيمو، كما قام بقصف بعض القرى بصواريخ «غراد»، ما أدَّى إلى وقوع إصابات في صفوف «لواء جند الحرمين». ومساء أفاد مصدر ميداني أن «قوات سوريا الديموقراطية» شرعت في فتح محور جديد للهجوم على مدينة منبج من جهة الشمال الشرقي، حيث وقعت اشتباكات في قريتَي قراطة والتوخار.
وقد حاول تنظيم «داعش» فتح جبهات قتال جديدة بهدف تشتيت القوات المهاجمة، حيث هاجم بلدة سلوك بواسطة مجموعة من الانغماسيين، إلا أن «قوات سوريا الديموقراطية» تمكنت من صد الهجوم، فيما لا يزال يحاول توسيع هجومه في ريف الحسكة بعد سيطرته على قريتَين، أمس الأول.
إلى ذلك تمكنت قوات الجيش السوري من التقدم في محيط مدينة تدمر، حيث سيطرت على منطقة الصوامع والتلال المحيطة بها التي كان «داعش» يسيطر عليها، وذلك بالتزامن مع اشتباكات بين الطرفين في منطقة المحطة الثالثة شرق مدينة تدمر، وفي محيط حقل آراك ببادية تدمر. في المقابل، أكد تنظيم «داعش»، عبر وكالة «أعماق» التابعة له، أن «مجموعاته تمكنت من السيطرة على نقطة مهمة في جبل ثردة تمكنها من الإشراف على كامل مطار دير الزور العسكري».

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...