الرأسمالية الإسلامية والغرب التأثير المتبادل والتقدم المشترك

05-02-2011

الرأسمالية الإسلامية والغرب التأثير المتبادل والتقدم المشترك

هل نستطيع أن ندرس التاريخ الاقتصادي للإسلام من دون أن ندرس الفقه القائم عليه، لقد بنى علماء الفقه قوانين اقتصادية كانت هي الخلفية التي قامت عليها حركة التجارة الإسلامية الممتدة عبر الطرق البحرية والبرية من الصين إلى أوروبا، هذا يقودنا إلى عدم استطاعة المختصين في تاريخ العمارة الإسلامية تقديم تفسير لإطلاق مصطلح وكالة على خانات مدينة القاهرة، هذا المصطلح المستمد من رؤية الفقهاء لعلمية قيام وكيل بالوساطة سواء في بيع سلعة أو نقلها لآخر.

مؤخراً توفى رائد التاريخ الاقتصادي العربي الدكتور عبدالعزيز الدوري الذي ألف «مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي» وله مؤلف آخر مهم هو «العصر العباسي الأول... دراسة في التاريخ السياسي والمالي والإداري»، لكن ما دعاني لإثارة هذا الموضوع هو صدور الترجمة العربية لكتاب جين هيك «الجذور العربية للرأسمالية الأوروبية».

يقدم كتاب جين هيك رؤيته عبر ثلاثة محاور رئيسة هي:

- أن المسلمين لم يساهموا في إدخال أوروبا الغربية في العصور المظلمة التي دخلتها في القرون الأولى للإسلام، بل إنهم قدموا بعد ذلك لأوروبا دفعة اقتصادية وأعطوها الكثير من الوسائل التجارية التي ساعدتها على النهوض من العصور المظلمة. وهكذا، فإنهم مدوا الغرب بالكثير من الركائز الأساسية للرأسمالية.

- ازدهرت الدولة الإسلامية، في الوقت الذي غرقت أوروبا الغربية الكارولنجية في مستنقع الإقطاعية في القرون الوسطى، لأن الفقهاء المسلمين كانوا أكثر قدرة من نظرائهم المسيحيين على تطوير وتقديم تفسيرات تستوعب المبادلات المالية التي تتطلبها العمليات التجارية والتي تستوجب التعامل بالفائدة في التشريعات الدينية والتي تم تصنيفها من قبل الفريقين بأنها ربوية.

- لقد عُزي خروج أوروبا من العصور المظلمة – وبشكل كبير – إلى الطلب المتزايد على السلع من التجار العرب، ولأن التجار العرب الأوروبيين اعتمدوا وسائل إقامة الشركات والأساليب المصرفية وأخرى متعلقة بالتوكيلات التي تم ابتكارها أصلاً من قبل فقهاء المسلمين الذين استخدموها ليتأقلموا مع منع الربا وكل ما يتطلبه من أساليب تخدم التبادل التجاري السائد. وهكذا تم نقل ركائز الرأسمالية إلى أوروبا في عصر النهضة.

نتج من هذا الانتقال للوسائل التكنولوجية العملية تحول اقتصادي مهم. فمع إعادة تثبيت حوافز الربح لدى تجارها انطلقت أوروبا الغربية منذ القرن 11 م في صعود مضطرد مستعينة بالوسائل التجارية الشرقية التي انبعثت منها لاحقاً أساليب تجارية غربية حديثة.

لكن الدور التجاري العالمي للمسلمين ساعد عليه احتواء الدولة الإسلامية، في ذروة العهد العباسي، على واحدة من أكبر وحدات الأراضي الواقعة تحت إدارة واحدة، وكانت تمتد من الصين إلى أفريقيا، كانت الرحلة من أقصاها إلى أقصاها في ذلك العصر تستغرق عشرة أشهر، وجاء تأسيس بغداد لتكون مركز التجارة الدولي، الذي ورثته لاحقاً القاهرة.

وثقت المصادر القروسطية المجموعة الواسعة من أدوات التجارة، وإدارة الأعمال التي أجازتها الشريعة الإسلامية واستخدمها الحكام والتجار المسلمون الأوائل توثيقاً جيداً. في الواقع، يوضح الفصلان الثاني والثالث من الكتاب أن الحكام المسلمين القروسطيين لم يفهموا ما يعتبر اليوم سياسة ضرائبية واقتصادية معاصرة فقط، بل كان لديهم أيضاً كتيبات إرشادية حول تطبيقها.

فعلى سبيل المثال، خصّص البلاذري القسم الأخير من كتابه التاريخي الشهير، «فتوح البلدان»، في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي لعمليات عملة ذلك العصر وتفاعلاتها وللسياسة النقدية. وفي ذلك القرن عينه، أصدر الجاحظ كذلك الكتاب الذي غالباً ما ينُسب إليه بعنوان «التبصّر في التجارة» بالإضافة إلى مقالة متبصّرة للغاية تحت اسم «في مدح التجار وذمّ البيروقراطيين».

في كل من العملين، يعبّر الجاحظ عن هموم السوق في تلك الفترة، مشدداً على أهمية الحفاظ على استقلالية القطاع الخاص بعيداً من سيطرة مسؤولي الدولة. ويسعى الجاحظ إلى صون حُرمة السوق الذي يتبع سياسة عدم التدخل، فيما ينصح في الوقت عينه أصحاب المتاجر بأن يضمنوا النوعية العالية لبضائعهم.

في غضون ذلك، يخصّص أبو عبيد كتاب «الأموال» لمواضيع متنوعة مثل تأثيرات الأنواع المختلفة من الضرائب، ومنفعة سياسة القطاع العام في النمو الاقتصادي. وتتضمن مساهمات أخرى من النوعية عينها الاختبارات القانونية لأبي يوسف وقدامة بن جعفر ويحيى بن آدم التي تحمل كلها الاسم عينه: كتاب الخراج؛ والأقسام الاقتصادية في مقدمة ابن خلدون وصولاً إلى تاريخه التحليلي الضخم: كتاب «العبر ودواوين المبتدأ والخبر»؛ والفصول المالية المفصلة لـ «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» للقلقشندي؛ وكتاب ابن مماتي للشؤون الحكومية بعنوان «قوانين الدواوين»؛ ودراسة المخزومي حول السياسة الضرائبية في مصر باسم «كتاب المنهاج في علم خراج مصر».

وكتب «الحيل والمخارج» المتنوعة، كما أشير، هي أيضاً ضرورية لإدراك النشوء المحدد لعقيدة السوق الحرة الإسلامية المبكرة؛ إذ إن الحيل كانت فعلياً مخارج بررها الفقهاء المسلمون بوضوح من أجل تحقيق غايات اقتصادية لم يكن بالإمكان تحقيقها بالطرق التقليدية.

ويعتبر أبو فضل الدمشقي فيلسوفاً اقتصاديا آخر ذا صلة خاصة بهذا التحليل. فهو معروف كرائد في اقتصادات عدم التدخل الإسلامي ويتناول كتابه «الإشارة إلى محاسن التجارة» عدداً وافراً من الشؤون المركنتيلية المعاصرة، من بينها:

- الأسس المنطقية لتقسيمات العمل.

- التمييز بين السعر والقيمة، والقيمة وسعر السوق.

- الشروط المسبقة الأساسية لتشكيل الحد الأقصى من الرأسمال.

- الوظائف المتنوعة للعملة وتقلباتها (بما فيها التبصر المبكر المحتمل في سرعة المال وقانون غريشام.)

- أسباب هروب رؤوس الأموال والحلول المقترحة له.

- العلاقات الثابتة العامة بين سعر السوق والتوفر في السوق، أي قانون العرض والطلب.

- تأثيرات الاحتكار على الأسعار.

- إشراك السوق من خلال الممارسات التجارية المخادعة.

ويسعى الفصل التاسع، على وجه الخصوص، إلى رسم أدوار فعلية للحكومة في تدفقات الشؤون الاقتصادية، متناولاً تعقيدات التدخل المباشر للسوق وحسنات المنافسة في سوق القطاع الخاص.

علاوة على ذلك، يظهر فيلسوف اقتصادي مسلم مبكر آخر ميولاً قوية نحو السوق الحرة وهو الدارس الذي عاش في القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي، محمد بن حسين الشيباني (توفي عام 188هـ/ 804م) ففي كتاب «الاقتصاد في الرزق المستطاب»، يعبر عن أفكاره حول العلاقة بين العمل والمداخيل، وحول طبيعة دافع الربح والحقوق الفطرية للمرء بأن يُكافأ على جهوده المثمرة.

في الواقع، ليس الكسب – بنظر الشيبانى – مجرد رزق سخيّ وغاية منشودة، بل هو واجب على جميع المؤمنين الحقيقيين، ويرى، كما الجاحظ والدمشقي، أن المكاسب الناتجة من التجارة أشرف من تلك المكتسبة من خلال النشاطات في المجال العام التابع للدولة.

ويخصص ابن خلدون كذلك الفصل الخامس في كتابه «المقدمة» للشؤون الاقتصادية الملحة في ذلك العصر. والمسائل التي تثير اهتمامه هي:

- كيف يحقق التاجر ربحاً.

- مبدأ الحرية الاقتصادية المضلّل وتأثير الاحتكار في التجارة.

- عناصر أساسية من المناخ التجاري، وتأثيرها في تدخل الحكومة في السوق.

- القيود على سير العرض والطلب.

- العمل وقيمته الاقتصادية.

- التوسع النقدي وعلاقات النمو الاقتصادي.

- فرضية السعر.

- التشعبات الاقتصادية طويلة الأمد للنمو السكاني.

على غرار الدمشقي، يهتم ابن خلدون اهتماماً شديداً بمسألة هروب رؤوس الأموال المزعجة، لا سيما بسبب الدرجة العالية من سهولة الحركة داخل المجتمع الإسلامي. فهو يؤكد أنه إذا لم تُضبط هذه الهجرة غير المرغوبة للرأسمال، فهي ستجر بلا شك الدول الإسلامية إلى كساد اقتصادي متزايد، ما سيؤدى إلى حلّ السلطة القائمة من خلال عملية متتابعة تتألف من أربع خطوات:

- التسبب أساساً بشكّ واضطراب اقتصادي.

- الذي بدوره يقود إلى خسارة الإنتاج الصناعي.

- ما يؤدى بالتالي إلى تراجع متسارع لعائدات الدولة.

- وهذا ما سُيحدث في مآل الأمر دماراً اقتصادياً للدولة.

عبر تفصيل هذه العملية التطورية، يقدم ابن خلدون نظريته الشهيرة التي تنصّ على أن حجم العائدات الضرائبية الناتجة من فرض الرسوم ستتراجع باطّراد مع اقتراب موعد استحقاق الضرائب. وهي نظرية غالباً ما توصف على أنها تصف مسارات مداخيل القطاع العام خلال القرن الواحد والعشرين بدقة متناهية.

بالتالي، تتناول كل من الأعمال المذكورة مجموعة واسعة ومتنوعة من الشؤون الاقتصادية السائدة آنذاك والتي تعتبر اليوم حديثة. فالمصادر المبكرة الدقيقة التي تقارن نماذج التجارة وإدارة الأعمال مع نظيراتها الغربية، على غرار كتاب «المبسوط» لشمس الدين السرخسي؛ وكتاب «المخارج في الحيل» لمحمد بن حسين الشيباني؛ وكتاب «الأصل» و «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» للكاسانى؛ وكتاب «الحيل والمخارج» للخصاف، هي أعمال ذات قيمة عالية.

لم تكن أوروبا الغربية وأراضيها مجهولة بالنسبة إلى المسلمين خلال العصور الوسطى. فإن من الخطأ الادعاء بأن مسلمي القرون الوسطى المبكرة تآمروا بنشاط لإعاقة التجارة في أوروبا المسيحية، كذلك من الخطأ التأكيد بأن التجارة بين الشرق والغرب توقّفت في تلك الفترة.

فقد استمر التبادل الميركانتيلي بمختلف أنواع البضائع بنشاط، على رغم أن الخليط الإثني لطبقات التجار المحترفين الذي ساهم فيه ربما شهد تغيراً. ولإدراك طبيعة هذه التجارة متعددة الأطراف بين دار الإسلام ومناطق أوروبا الغربية والامتداد الكامل لها، من المفيد دراسة الأدلة المتبقية حول تركيبه وحجمه، إضافة إلى طبيعة هؤلاء الوسطاء الذين تم التبادل من خلالهم.

إن عوامل الموارد الإستراتيجية التي شكَلت ديناميكية السياسة الإسلامية الاقتصادية ضرورية لفهم اتجاه التجارة المسلمة خلال القرون الوسطى المبكرة وتدفّقها. على رغم أن الدولة الإسلامية غطَت مساحة واسعة من الأراضي التي كانت غنية بمجموعة متنوعة من المواد الأولية، فإن صلاحها السياسي والاقتصادي، توقَف بشكل غير ثابت على توافر موارد أساسية عدة: من أهمها الرقيق للعمل، الخشب لبناء السفن، والفولاذ لصناعة الأسلحة. في بعض النواحي، كانت أوروبا الغربية والوسطى مؤهلتين لإشباع العديد من هذه الحاجات التجارية الرئيسة.

كان العالم القروسطي الإسلامي، إلى درجة كبيرة، حضارة تحكمها العبودية الإلزامية، تألفت يداها العاملة – وحتى أحياناً، أجزاء مهمة من جيشها، في غالبيته من الرقيق.

إلا أنه لم يكن هناك، من الناحية العقائدية، رقيق محليون داخل دار الإسلام، فبعد الفتوحات الإسلامية الأولى، باتت الدولة الإسلامية تتألف من المسلمين وأهل الذمة، وهما طبقتان من المواطنين لا يمكن جعلهما رقيقاً من الناحية القانونية. بالتالي، كان استيراد الرقيق من الخارج أمراً حيوياً وأساسياً لتأمين اليد العاملة الضرورية لسير الصناعة الإسلامية بنجاح.

وكان هناك ثلاث مناطق رئيسية يتم الحصول على الرقيق منها: بلاد الصقالبة في أوروبا الوسطى، بلاد الأتراك في آسيا الوسطى، وبلاد السود في شرق ووسط أفريقيا.

توضح المصادر أنه خلال القرون الوسطى المبكرة، كان الصقالبة من شمال غربي أوروبا ووسطها مطلوبين بكثرة في الشرق المسلم، والاتجار بهم كان يتم مباشرة بيد التجار الغربيين، ويؤكد موريس لومبار:

«كانت تجارة الرقيق مع الغرب بيد التجار الإفرنج لا سيما اليهود من الدانوب العلوي والرين، وكذلك التجار من موز أو سون – دهلبز رون، ومن بوهيميا، حيث كانت براغ مركز إخصاء ضخم».

في الجنوب، كانت البندقية محور تجارة الرقيق. فالرقيق الصقالبة من الدانوب العلوي ومن رينلاند عبر معابر ألبين، بالإضافة إلى هؤلاء الذين أسروا في مكان أقرب، في الألب الشرقية أو إستريا أو دلماسيا كانوا كلهم يجمعون في البندقية.

من هناك، كانوا يصدرون من قبل البحارة البندقيين إلى مرافئ المشرق المتوسطي وشكلوا تجارة مربحة للغاية زادت من العائدات التي كانت تحصل عليها البندقية أصلاً من تهريب الأخشاب والأسلحة. كانت تجارة ضخمة حققت أرباحاً خيالية.

كانت احتياطات الغابات كذلك قليلة جداً في العالم الإسلامي، إذ أنها كانت محدودة بشكل أساسي ببقع متفرقة من الغابات في منطقة ضيقة تبدأ من الشواطئ الجنوبية لبحر قزوين وتمتدّ جنوباً نحو المناطق الجبلية في المشرق. كان هناك أيضاً عدد قليل من الغابات المعزولة في صقلية والمغرب والأندلس.

لكن أقرب المراكز الكثيفة بالأخشاب الضرورية للحفاظ على الأساطيل المسلمة الحربية والتجارية، كانت تقع على الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط، في جبال أووربا الغربية، كما في بعض المناطق الأخرى، مثل البلقان داخل الإمبراطورية البيزنطية.

لإشباع الطلب على مثل هذا المورد الذي لا يمكن الحصول عليه بسهولة محلياً، كان المسلمون مجبرين على التعاطي بصورة مختلفة مع تجارة الأخشاب. كان يمكن الحصول على قطع الشجر الكبيرة من المشرق وآسيا الوسطى، على سبيل المثال، ومن ثم تنقل في السفن عبر نهر دجلة إلى بغداد. لكن مصدراً مهماً أخر للأخشاب كان أوروبا المسيحية التي بعثت الأخشاب من أبينيس وألب وإستريا ودامالسي بواسطة تجار البندقية وأمالفي، إلى ساحل الخشبات المركزي في بغداد.

علاوة على ذلك، عانى العالم الإسلامي من نقص نسبي في بعض الموارد المعدنية الأساسية. كان يتم إحضار معدن رئيسي وهو الحديد من مصادر خارجية لتحويله إلى أسلحة. كانت كميات متفرقة من الحديد متوافرة داخلياً، فقط في شبه الجزيرة العربية ولبنان وشمال أفريقيا والمناطق المسلمة في إسبانيا. من جهة أخرى كانت أوروبا الغربية، غنية بالحديد الخام، لا سيما في شمال شرقي مناطق الألب التي كانت، في ذلك العصر، مراكز ناشطة في صناعة الأسلحة.

بالتالي، بات السيف الإفرنجي والترس الجنوي معروفين في الشرق العربي، ولقد كانا يستوردان من إسبانيا والمناطق السلافية من قبل التجار اليهود الراذانيين، ومن حوض المتوسط عبر التجار الإيطاليين.

نظرياً، اشتركت دار الإسلام وأوروبا المسيحية بمجموعة من المصالح التجارية والاقتصادية. فكل واحدة من السلع الثلاث الإستراتيجية الرئيسية التي طلبها المسلمون عبر التجارة الخارجية لتقوية دولتهم وحمايتها – الرقيق والخشب والمعادن الرئيسة – كانت متوافرة لدى الأوروبيين بكميات وافرة.

لا بدّ أن تصدير بعض المواد الخام مثل الخشب والحديد والنحاس والقصدير والقار كان متكرر الحدوث أكثر بكثير مما ورد في المصادر. فمثل هذه التجارة لا تتمتع باهتمام البشر مثلما يهتمون بتجارة الرقيق. إلا أنها كانت تتمتع بالأهمية نفسها عند البيزنطيين الذين لم يكن لديهم قصدير وكانت لديهم كمية قليلة من الحديد، وعند المسلمين الذين لم يكونوا يملكون أياً من هذه السلع.

من دون مواد بناء السفن التي حصلوا عليها من البنادقة وغيرهم من التجار الأوروبيين، كان من الصعب على الأغالبة والفاطميين الاحتفاظ بأساطيلهما الضخمة التي أعطتهما، أحياناً، القدرة على التحكم بالبحر؛ كما أن استيراد السيوف الإسكندينافية والهندية قد عوض ندرة معدن الحديد في العالم الإسلامي إذا لم يستخدم صانعو السلاح المسلمون الحديد الذي حصلوا عليه من أوروبا الكاثوليكية.

لكن الاتجار بالحديد والخشب والعبيد هو الذي أعطى البنادقة الرأسمال الذي كانوا يحتاجونه لبناء سفن أكبر وأفضل، والتي تصارعوا بواسطتها مع المسلمين على سيادة البحر. وهكذا كانت التجارة مع العدو – البارحة واليوم - سلاحاً ذا حدين.

بالتالي حصل تبادل نادر بين مصالح العرض والطلب التجارية بين الشرق المسلم والغرب المسيحي، إضافة إلى تجارة حيوية للغاية وثنائية متواصلة يبدو أنها تطورت نتيجة لذلك، كما يوضح القسم الثالث من الفصل الخامس من الكتاب.

خالد عزب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...