الحرب الباردة بين أنقرة وتل أبيب

24-01-2008

الحرب الباردة بين أنقرة وتل أبيب

الجمل: يحاول الإسرائيليون كثيراً التفاؤل بأن تركيا الإسلامية سوف تظل حليفة لإسرائيل اليهودية، ومن الممكن أن تتوقع هذا التفاؤل طالما أن السياسة هي فن الممكن، لكن وعلى أساس اعتبارات معطيات خبرة الأداء السلوكي بالاستناد إلى الوقائع الجارية يومياً في ملف علاقات أنقرة – تل أبيب نلاحظ، أن هذه العلاقات قد بدأ يصيبها الوهن والشيخوخة. وبكلمات أخرى، كلما هدأت الخلافات والتوترات على خط أنقرة – تل أبيب أطلت خلافات وتوترات أخرى جديدة برأسها، فهل سيتحقق تعادل "تل أبيب" اليهودية أم تمد سخرية القدر لسانها لتل أبيب مؤكدة بأن طبيعة الكيان الإسرائيلي لا يمكن أن تؤهله للوقوف بجانب القامة التاريخية الحضارية لعاصمة مثل أنقرة.
* أبرز التطورات: توصيف الحدث:
نشرت صحيفة زمان اليوم التركية تقريراً عن تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التي انتقد فيها توجهات إسرائيل في التعامل مع قطاع غزة، وتمثل أبرز ما ورد في تصريحات أردوغان في الآتي:
• ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة هو أمر غير مقبول.
• صواريخ القسام الفلسطينية لم تقتل الإسرائيليين ولكن صواريخ الجيش الإسرائيلي هي التي يومياً تقتل الفلسطينيين.
أثارت تصريحات أردوغان المزيد من ردود الأفعال الإسرائيلية الغاضبة وتمثل أبرزها في الآتي:
• تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية قررت الاتصال تلفونياً بنظيرها التركي علي باباكان.
• الإعلان عن توقعات بأن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بالاتصال تلفونياً بنظيره التركي.
• تقدمت الخارجية الإسرائيلية للسفارة التركية في إسرائيل طالبة من السفير التركي ناميك تان تقديم الإيضاحات حول تصريحات رئيس الوزراء التركي الأخيرة.
• علق مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية قائلاً بأن هذا التصريح لم تكن إسرائيل تتوقع صدوره من بلد يواجه مثله مثل إسرائيل خطر الإرهاب.
* ما وراء أحداث المشهد:
يقول الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد بأن الحكومة التركية الحالية تمارس المزيد من الضغوط ضد إسرائيل لجهة دفعها لإقناع المنظمة اليهودية الأمريكية بإلغاء قرارها الذي اعترفت فيه بقيام تركيا بتنفيذ المذبحة ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى. وقد سبق أن التقى الرئيس التركي الحالي عبد الله غول (عندما كان وزيراً للخارجية) بالسفير الإسرائيلي في أنقرة بينهاس أفيغي وعبر له عن مدى استياء وخيبة أمل تركيا إزاء سلبية إسرائيل في القيام بحث المنظمات الصهيونية الأمريكية عن توجهاتها التي أضرت كثيراً بعلاقات تل أبيب – أنقرة.
* حقيقة النوايا الإسرائيلية: التعامل مع تركيا عبر بوابة أنقرة واستهدافها عبر نافذة كردستان:
تطور العلاقات على خط أنقرة – تل أبيب وعلى وجه الخصوص أصبح يتضمن فجوة إدراكية مزدوجة داخل وبين الطرفين:
• تل أبيب تنظر لتركيا كـ"صديق وحليف" وتتعامل معه على المستوى المعلن عبر بوابة أنقرة عن طريق القنوات الدبلوماسية الرسمية أما على المستوى غير المعلن فإن تل أبيب تنظر لتركيا كـ"خصم وعدو مؤكد" وبناء على ذلك تكثف الجهود لاستهداف تركيا عبر نافذة كردستان.
• أنقرة تنظر لتل أبيب كـ"خصم وعدو مؤكد" لتوجهاتها الإسلامية وتتعامل معه على الصعيد المعلن عبر بوابة تل أبيب أما على المستوى غير المعلن فحتى الآن لم تستطع أنقرة التخلص من قيود اتفاقياتها السابقة مع تل أبيب لكي تقوم باستهداف هذا الخصم عبر النافذة، وكل ما يوجد حالياً هو قيام أنقرة بترتيب وتمهيد المسرح من أجل انقلابها الجيوبوليتيكي الكبير القادم في الشرقين الأوسط والأدنى خاصة إذا:
* فشلت جهود ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
* إصرار ساركوزي الفرنسي وميركل الألمانية على مواقفهم العدائية إزاء تركيا.
إصرار أمريكا وإسرائيل على دعم الحركات الكردية الانفصالية وضم كركوك الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان العراقي.
• إصرار أمريكا وإسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي على دعم الموقف اليوناني إزاء أزمة انقسام جزيرة قبرص ضمن حكومتين هما حكومة قبرص التركية التي تعترف بها تركيا وترفض دول الاتحاد الأوروبي الاعتراف بها، وحكومة قبرص اليونانية التي لا تعترف بها تركيا بينما دول الاتحاد الأوروبي تعترف بها.
* الصراع التركي – الإسرائيلي ما زال صراعاً ناعماً منخفض الشدة ويمضي على غرار منهجية الحرب الباردة، وعلى ما يبدو فإن خلافات أنقرة – تل أبيب ما تزال تطلب الانتظار إلى حين نضوجها على "نار هادئة" وذلك بسبب وجود العامل الأمريكي. أما احتمالات التهدئة والتوافق والتفاهم بين تركيا الإسلامية وإسرائيل اليهودية فهي ليست واردة على المدى القريب المنظور طوال ما كانت إسرائيل تقوم بممارسة الاعتداءات والتعنت وعدم الإقرار بحقوق الغير العادلة والمشروعة. وبالتأكيد سوف تأتي اللحظة الفاصلة مهما طال الزمن لأن صراع أنقرة الإسلامية مع تل أبيب اليهودية هو قادم لا محالة مهما طال الزمن ولكن متى وكيف؟ والإجابة على هذا السؤال قد تأتي مع التصعيدات القادمة في ملف الأزمة الكردية التي يبذل الإسرائيليون قصارى جهودهم الاستخبارية والعسكرية من أجل توظيفها بما يؤدي إلى جعل الجيش التركي يواجه الهزيمة العسكرية في كردستان بما يترتب عليه إسقاط حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي في تركيا.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...